تقرير ميليس واستهداف سوريا بقلم: وليد ظاهر
نشر بتاريخ: 24/10/2005 ( آخر تحديث: 24/10/2005 الساعة: 20:07 )
معا- لاشك أن من البساطة أن يلمس المتابع للتطورات السياسية في منطقة الشرق الأوسط أن ثمة علاقة وثيقة بين ما يجري في كل من فلسطين والعراق وما يحاك للبنان وسوريا، فالحالة التبادلية بين الدورين الأميركي والإسرائيلي بارزة للعيان في هذه الدول العربية ذات المواقع الاستراتيجية بالنسبة للمخطط التآمري الأمرو- إسرائيلي في المنطقة.
وهذا ما يقود إلى الجزم بأن السيناريو الأميركي-الإسرائيلي الخاص بالنتائج المترتبة على نشر تقرير ميليس وفق الرؤية الأميركية-الإسرائيلية كان معداً سلفاً لغاية ممارسة مزيد من الضغط على سوريا من أجل تحقيق جملة من الأهداف المشتركة الخاصة بفلسطين والعراق بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
إن ما تعانيه الولايات المتحدة جراء تخبطها في المستنقع العراقي وما يرتبه ذلك عليها من خسائر بشرية ومادية، وعدم وجود مؤشرات لتسوية عراقية داخلية تؤمن لها الاستقرار لترتيب أوراق استراتيجيتها التي غزت من أجلها هذا البلد العربي، جعلها دائماً تلقي بجزء من مسؤولية ذلك على سوريا بذريعة قيامها بتدريب المقاتلين العرب فوق أراضيها وإرسالهم إلى العراق عبر الحدود المشتركة، وإيواء بعض أركان النظام العراقي الذين يتولون حسب ادعائها دعم المقاومة العراقية وتصعيد عملياتها. من هنا جاء استغلال جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري لمضاعفة الضغط على سوريا في عمليةٍ مقصودةٍ لابتزازها.
وقد ترتب على ذلك كما عرفنا استصدار القرار الدولي وتشكيل لجنة دولية برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس الذي أصدر تقريره قبل أيام. وكما كان متوقعاً ، فقد اتسم هذا التقرير بالطابع السياسي الذي بدا عليه لخدمة المخطط الأمرو-إسرائيلي في المنطقة.
فبرغم أن التقرير جاء بوقائع شهود غير مسندة ولم يأت بالدلائل القانونية القاطعة حول الأشخاص أو الجهات التي وقفت وراء اغتيال الحريري، اعتبر أن جريمة كبرى بهذا الحجم لا يمكن أن تتم دون أن يكون هناك علاقة للأجهزة الأمنية اللبنانية-السورية، لأن المستهدف من هذا التقرير هو سوريا ودورها الوطني في المنطقة. وإلا فما معنى أن يزج بأسماء بعض قيادتها الأمنية والجبهة الشعبية-القيادة العامة في هذه الجريمة، لو لم تكن المخيمات الفلسطينية في لبنان مستهدفة ضمن إطار الاستهداف العام لسوريا نفسها والمنطقة بأكملها؟!
فكما هو معروف فإن الشارع السياسي اللبناني منقسم على نفسه بشأن السلاح في لبنان بما فيه سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطينية منذ صدور القرار الدولي 1559. وعلى ضوء هذه الحقيقة فقد أشير للقيادة العامة بشكل متعمد في التقرير من أجل توحيد هذا الشارع ضد سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطينية توطئةً لجمعه سلمياً أو عسكرياً وتمهيد الأرضية من أجل توطين الفلسطينيين في لبنان خدمة للمشروع الإسرائيلي، وهو ما يرفضه الفلسطينيون قبل اللبنانيين.
وقد بدأت مؤشرات بهذا الصدد تظهر إلى العيان من خلال افتعال الاشتباكات في محيط مخيم عين الحلوة. كما أشير عمداً إلى بعض القيادات الأمنية السورية واللبنانية المحسوبة على سوريا من أجل وضع هذه أمام خيارين: إما القبول بـ "النموذج القذافي" وما يترتب على ذلك من انصياع كامل للمطالب الأميركية-الإسرائيلية الخاصة بفلسطين والعراق، وإما اللجوء لـ "النموذج الصدامي" وما يترتب على ذلك من مخاطر مواجهة ما تعرض له العراق، خاصة وأن النظام الرسمي العربي من حول سوريا لا يبدو الآن بأفضل حالٍ مما كان عليه قبل غزو واحتلال العراق عام 2003، إن لم يكن أسوأ. ويدلل على ذلك الدور الجديد للجامعة العربية الذي ما كان له أن يكون بدون موافقة وتشجيع الولايات المتحدة.
لذا أرى أن المنطق الوطني والقومي يرتب على كل عربي شريف أن يقف إلى جانب سوريا وشعبها لإسقاط المؤامرة الأمرو-إسرائيلية التي تحاك ضدهما، حفاظاً على ما تبقى من أمل ومستقبل عربيين.