نشر بتاريخ: 22/04/2008 ( آخر تحديث: 22/04/2008 الساعة: 17:19 )
بيت لحم - معا - مساء الاثنين التقيت فريقا تلفزيونيا من الأرجنتين ، كان يجول البلاد متلمسا معاناة شعب فلسطين ، وراصدا لآثار العدوان الإسرائيلي على شعبنا المسكين .
وقد أجرى صحفيو الفريق - وعددهم سبعة من الجنسين- معي لقاءا تلفزيونيا حول الموضوع ، وكالعادة كان الحديث ذا شجون ، وتناول تطلعات الشعب الفلسطيني نحو السلام العادل والشامل ، وإصرار الحكومة العبرية على ذبح الحلم الفلسطيني في العيش ، كبقية أبناء آدم وحواء!
ولما طلب مني كبير صحفيي الفريق توجيه رسالة إلى الشعب الأرجنتيني ، قلت له : إنني اقتطع من قلبي وردة حب ، أهديها لكل الشعب الأرجنتيني ، وخاصة لمارادونا وميسي ، سفراء الفن الكروي الجميل ... فضحك كل أفراد الطاقم الارجنتيني حتى بانت كل أسنانهم !
وبعد اللقاء سألت احد أفراد الطاقم عن سبب ضحكهم ، فقال لي : إنها ضحكة التعجب من هذا الشعب العظيم ، الذي يجد في زحمة الأحزان ، والبؤس الذي يفرضه المحتل مساحة لمتابعة أخبار ميسي ومارادونا ، وهذا يؤكد أنكم - قال الأرجنتيني - شعب يستحق الحياة !
نعم إنها شهادة آتية عبر القارات ، من مثقفي البلاد الفضية ، الذين جربوا العدوان في جزر الفوكلاند ، من قبل ممثلة الاستعمار القديم بريطانيا ، وتابعوا بأم أعينهم الانحياز الفاضح للعم سام ، إلى جانب بريطانيا ، تماما كما يحصل عندنا !
نعم لقد خاضت بلاد البوكا والريفر حربا ضروسا في جزر المالوين ، أمام أسطول بريطانيا ، ويومها لم تستطع الكف مناطحة المخرز ، تماما كما يحدث عندنا ، وجاء الردّ الأرجنتيني الأزرق من الشقي مارادونا ، الذي زلزل الأرض تحت أقدام رفاق الهداف لينيكر في مونديال المكسيك الثاني ، بهدف راوغ فيه مارادونا نصف الفريق الانجليزي ، أمام انبهار الحكم التونسي علي بن ناصر ، الذي كان ضحية مراوغة مارادونا الثانية ، عندما سجل هدفا بيده من زاوية أدمت قلب من يعتقدون أن كرة القدم امتياز لهم دون غيرهم !
والحق يقال : إن كرة القدم - وغيرها من الرياضات - تستطيع عمل العجايب ، حتى على الجبهات السياسية ، في النزاعات بين الشعوب ، والصراعات بين الأمم ، شريطة أن يحسن قادة الشعوب استغلال الآفاق الرحبة التي تتيحها الرياضة ، التي يستطيع الفاهمون تحويل مدرجات ملاعبها إلى منتديات لخدمة قضاياهم ، عندما يخططون جدا ، وعندما يعلمون أن رحلاتهم الرياضية هي مهام وطنية ، لا نزهات سياحية !
لقد أصبحت الرياضة ، وخاصة كرة القدم مدخلا لقلوب الشعوب ، ويمكن للفاهمين تمرير رسائلهم ، حول عدالة قضاياهم في ثنايا المباريات ، وبين أشواط المنافسات ، لأن الجماهير الرياضية ، التي ترتاد الملاعب تمتاز بالعفوية ، وتتصف بالبساطة ، مما يجعل قلوبها مفتوحة لفهم الحقائق !
قبل أيام شاهد العالم محتجين إسبان يحملون علمنا المفدى ، في مباراة سلوية بين البارشا وفريق عبري ، فكانت الرسالة ، أبلغ من آلاف الخطب ، التي فقدت قدرتها على الإقناع ، في زحمة إعلام دولي ، يهيمن عليه الحريصون على المصالح الصهيونية ... ومنذ أيام شاهدت في ملاعب إسبانيا أعلام فلسطينية ترتفع في مباريات لريال مدريد وفالنسيا ، تماما كما شاهدت علم فلسطين تزدان به المدرجات في هولندا ، وخاصة من قبل جماهير الفينورد ، الذي يكثرون من رايات فلسطين ، في مواجهة جمهور أجاكس ، الذي تعود ان لا تبارحه رايات الدولة المحتلة !
لست وحدي من املك الحقيقة ، ولا أستطيع وحدي تحديد سبل استغلال الملاعب المحلية والدولية لخدمة قضيتنا العادلة ، والأمر يقتضي خطة وطنية شاملة ، تشارك فيها جميع المؤسسات ذات العلاقة ، وخاصة وزارة الشباب والرياضة ، والاتحادات الرياضية ، حتى تأخذ الملاعب دورها في معركة التحرير والبناء ، وحتى يطلع الرياضيون بدورهم كاملا في النضال لدحر الاحتلال ، وانتزاع الاستقلال الوطني ، وإقامة الدولة الحلم على أرضنا المباركة !
ولتكن البداية بفرقنا المحلية ، المطالبة بإبراز عبارات تناهض الاحتلال والاستيطان والحصار ، وتطالب بوقف المجازر ، وباطلاق سراح الأسرى على الأقمصة الرياضية ، وفي محيط الملاعب .. ويجب على الجماهير الرياضية أن تأخذ دورها في المعركة بهتافات صادقة ، ويافطات واضحة ، ترسخ المثل الفلسطينية ، التي تناهض المحتل ، ومخططاته ضد أرضنا وشعبنا !
وبعد ذلك تأتي الخطوة الأهم ، بمشاركة كل الشباب الرياضي ، باستخدام مساحات النت المفتوحة على الشبكة العنكبوتية ، لتمرير الرسائل النضالية لرياضيي العالم ، بدل إضاعة الوقت في دردشات ممجوجة ... والدور الأهم على رياضيينا ، ممن يمثلون الوطن في الاستحقاقات المختلفة ، لوضع خدمة القضية حلقة في آذانهم ، وعدم اليأس من إقناع العالم بعدالة هذه القضية ، التي تحتاج إلى محامين يرتقون إلى مستوى عدالتها !
مدرجات الملاعب في كل البلاد ، التي ينتشر فيها الفلسطينيون والعرب ، وصفحات النت المفتوحة للجميع ، يجب أن تتحول إلى مواقع نضالية ، تساهم في تأكيد عدالة القضية ، وليكن كل الفلسطينيين جنودا في هذه المعركة ، التي أراهن على كسبها ، إن صدقت النوايا ، وتفانى جميع المنخرطين في صفوفها !
والحديث ذو شجون
[email protected]