الإثنين: 16/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ظل نقص الدواء: أدوية مهربة تباع في السوق السوداء وسؤال المواطن "متى الفرج؟"

نشر بتاريخ: 27/04/2008 ( آخر تحديث: 27/04/2008 الساعة: 15:08 )
غزة- تقرير معا- في صيدلية وسط مدينة غزة وقف رجل حائراً يتصبب العرق من جبينه قال لصاحب الصيدلية بحرقة: "أرجو أن أجد هذا الدواء لديك فزوجتي مريضة للغاية ولا تنام ليلها " فكان الرد:" اعتذر دواؤك غير موجود".

وحينها بدأ الرجل المرهق محاولات إقناع صاحب الصيدلية ببذل قصارى جهده لتوفير الدواء المطلوب حتى أنه قال له: "سأدفع أي مبلغ وخذ هذا المبلغ إلى حين يتوفر لديك العلاج وأرجو أن تتصل بي قريباً".

منذ أشهر طويلة أطلقت من غزة تحذيرات طبية ورسمية من بدء نفاد بعض الأودية إلى أن وصل ما نفد منها لتسعين صنفاً، خمسون صنف علاج لأمراض الكلى والقلب والسرطان وأربعون تجهيزات طبية كالمحاليل الطبية والقطن والشاش الطبي والأمصال وبعض الأجهزة الطبية.

وفي كل يوم حسب د. جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار فإن غزة على موعد مع نفاد أحد أصناف العلاج إن استمر إغلاق المعابر دونها، في ذات الوقت الذي يشعر به المواطنون أن أقراص الأكامول حتى أصبحت " في علب العرائس أو تباع في السوق السوداء".

أبو محمود رجل مسن من حي الزيتون بغزة قال: "نفد علاج الضغط من المستشفى وبالتالي اضطررت لشرائه من السوق وهناك تفاجأت بسعر لم أكن قادراً في يوم من الأيام على دفعه إلا أنني استدنت من قريب حتى لا أفقد رأسي من الضغط".

ويقول ضاحكاً: "لقد ساهم ثمن العلاج برفع ضغطي ولكن كل ما أراه أمامي يرفع الضغط".

عندما يلدغك عقرب؟؟
نفد من مخازن غزة خمسة وخمسون صنفاً حيث يقول مدير عام الصيدلة د. منير البرش أن رصيد هذه الأدوية صفر وأنه خلال ثلاثة شهور فإن تسعة وأربعين صنفا آخر سينضم للقائمة، فيما وصل 120 صنفا من المهمات والمستهلكات الطبية كقطع غيار أجهزة غسيل الكلى واصناف خاصة بغرف العمليات والجراحة سيصل مخزونها إلى الصفر ليصل مجموع الأصناف المفقودة من المستهلكات الطبية إلى 106 اصناف خلال شهرين فقط.

وعن البدائل المطروحة قال "ان وزارة الصحة المقالة والإدارة العامة للصيدلة تواصلان الاتصال بالجهات المانحة الدولية لتوفير هذه الأصناف عبر المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية"، مشيرا الى عقبات يضعها الاحتلال أمام إدخال بعض الأصناف المطلوبة في أوقات ضرورية، حيث رفض الاحتلال إدخال مصل العقرب والثعبان واستطاعت الوزارة "مغالبة الواقع"- على حد تعبير البرش- وتذليل العقبات وإدخاله إلى قطاع غزة، قائلاً: "نلجأ إلى بدائل من خلال الواقع المحلي أو امور أخرى".

وفيما إذا كان من بين تلك الأمور تهريب الدواء عبر الأنفاق نفى البرش بشدة قائلاً: " نحن نحارب التهريب لأن مواصفات الدواء لا تسمح بأي حال من الأحوال إدخاله عبر الأنفاق من حيث درجة الحرارة ودائما نعمل على ضبط المهربات ومصادرتها وإتلافها".

المواطنون الذين لا يجدون بديلاً عن شراء الدواء بسعر لم يتخيلوه مسبقاً يقولون:" اللي بتلاقيه اليوم ما بتلاقيه بكرة" كناية عن تآكل يومي بالاحتياجات الإنسانية خاصة أصناف الدواء التي تباع بأسعار خيالية في بعض المؤسسات الطبية والصيدليات أو على قارعة الأسواق والطرق.

البرش يؤكد ان إدارة التفتيش الصيدلي التابعة للدارة العامة للصيدلة تتابع وعن كثب حالة ارتفاع الأسعار والاحتكار والتهريب للادوية ويقول: "نقوم بزيارات ميدانية لهذه الأماكن واتخذنا قرارات كثيرة بإغلاق العديد من الصيدليات ومؤسسات الأدوية التي لا تمتلك الترخيص وقمنا بذلك بالفعل بمحافظة رفح"، مشيراً إلى تعاون ثلاثي بين مكافحة المخدرات وحماية المستهلك وإدارة التفتيش في هذا الإطار حيث تم ضبط كميات من الأدوية المهربة بالأسواق.

ولدى وزارة الصحة بالحكومة المقالة امل بإمكانية تحقيق مشروع "توحيد أسعار الأدوية" الذي يحول دون تطبيقه الظروف التي يمر بها قطاع غزة، دون استبعاد منه ارتفاع أسعار بعض أصناف الدواء طبقاً للتسعيرات التي يضعها المستودع.

وفي هذه الحال التي يتم بها استغلال المواطنين يؤكد البرش أن المواطن ما عليه سوى التوجه لتقديم شكوى بالصيدلية التي استغلته وحينها يتم اتخذا الإجراءات القانونية للصيدلية المخالفة لقانون مزاولة المهنة الذي أقرته الوزارة بغزة مؤخراً ويمكن ان يتم إقفال أي صيدلية مارست الاحتكار او ضاعفت الأسعار كما يؤكد البرش.

الاحتكار لبعض الأدوية في غزة وصل إلى حد قيام صيدليات لها تاريخ بالتوصية على ادوية معينة مفقودة من غزة مع بعض المهربين لتهريبها عبر النفاق وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة على شرف هذه المهنة وجدوى التفتيش في ظل تنامي

ظاهرة الاحتكار التي طالت الدواء.

ويعزي البرش ظاهرة الاحتكار إلى أسباب عدة قال منها غياب القانون وعدم تطبيقه على الجميع وسياسة الاحتلال الذي يدخل أصناف معينة بكميات ضخمة عبر شركاء له بالمنطقة وثالثا الاغلاق الكامل وإدخال الدواء عبر الأنفاق.

وبهذا الإطار يؤكد انه تم ضبط العديد من هذه الأدوية المحتكرة والذي أدخلته بعض المؤسسات الطبية للقطاع عبر التهريب.