الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير لـ" مفتاح" يوصي قناتي "الاقصى" و" فلسطين" الفضائيتين بتبني خطاب توفيقي

نشر بتاريخ: 30/04/2008 ( آخر تحديث: 30/04/2008 الساعة: 20:54 )
رام الله -معا- أوصى تقرير أعدته وحدة الرصد الإعلامي في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية "مفتاح" تلفزيون فلسطين، و"فضائية الأقصى" إلى تبني خطاب إعلامي توفيقي بعيداً عن التخوين والتحريض، والالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية في تغطيتهما الإعلامية للأوضاع الداخلية.

ويقع التقرير الذي أصدرته "مفتاح" في 105 صفحات، ويرصد أداء القناتين على مدى شهر كامل بعد سيطرة "حماس" على قطاع غزة في الرابع عشر من حزيران 2007.

وفي التوصيات الموجهة الى "تلفزيون فلسطين" دعا التقرير إلى وضع سياسة واضحة تترجم شعار التلفزيون وتعريفه لهويته الوطنية باعتباره وسيلة إعلامية وطنية عامة تعبر عن المجموع الوطني الفلسطيني كما ورد في تعريف التلفزيون لنفسه عشية تأسيسه.

كما دعا إلى إعادة النظر في السياسة التحريرية المعمول بها حالياً، ووضع ضوابط مهنية ترتكز إلى قواعد موضوعية تجعل من الإعلام رسالة تساهم في خلق حالة من الحوار والسلم الأهلي، وتحترم حقوق الفرد والجماعة في الحصول على المعلومات، وحقه أيضاً في إبداء رأيه بحرية تامة.

وفيما يتعلق بالطواقم العاملة في التلفزيون أوصى التقرير بتوفير التدريب المهني لهؤلاء خاصة لمقدمي البرامج، وتعزيز قدراتهم المهنية، وتعزيز البرامج الموجهة نحو قطاعات واسعة ومتنوعة من شرائح المجتمع، والتوقف عن توظيف هذه البرامج في خدمة غايات سياسية لفصيل بعينه، وتوظيفها في خدمة القضايا العامة للمواطنين.

كما دعا التقرير إلى تعزيز مصادر المعلومات والاعتماد على مصادر موثوقة في التغطية الإخبارية، وفي نقل المعلومات واعتماد روايات مستندة إلى حقائق، وإعادة النظر في برامج "الموجة المفتوحة" أو وضع ضوابط تمنع تحول هذه البرامج إلى ساحات مفتوحة للسباب والشتائم والتحريض والتشهير، وإساءة استخدام الحق في التعبير. وكذلك إعادة النظر في المصطلحات الإعلامية المستخدمة حاليا في لغة الخطاب الإعلامي، والعمل على تلافي الأخطاء الفنية والمهنية خلال البث، والتقيد بمواعيد بث النشرات الإخبارية، بما في ذلك الاستخدام الصحيح لساعات البث على الهواء وتغطيتها بصورة مهنية، حيث لوحظ خلال عملية الرصد كثير من الأخطاء الفنية في هذا المجال، ويمكن ملاحظتها من مثل: رداءة صورة البث، وصدور أصوات رنات الهواتف المحمولة أو أصوات الأبواب داخل الأستوديو، وغير ذلك من الأصوات.

وكان تقرير وحدة الرصد خلص في متابعته لتغطية أحداث مرحلة ما بعد سيطرة "حماس"على قطاع غزة إلى جملة من النتائج، أشارت إلى أن الخطاب الإعلامي ل"تلفزيون فلسطين" في تلك الفترة تميز بالانفعالية وبالانحياز، ولم يلتزم بالموضوعية، وهو إعلام تعبوي أقرب إلى الإعلام الحزبي الذي يدافع عن سياسة الحزب، لم ينفتح على جميع الآراء، ولم ينجح في التعبير عن ذاته كوسيلة إعلام رسمية وطنية كما جاء في تعريفه لنفسه.

وبغض النظر عن موقع حركة "فتح" سواءً كانت في الحكم أو في المعارضة، فالانحياز لهذه الحركة كان واضحاً في تغطية التلفزيون، خلال الفترة المشمولة بالرصد والواقعة ما بين 17-6-2007 ولغاية 17-7-2007، مروراً بحكومة الوحدة الوطنية، وصولاً إلى سيطرتها عسكرياً على قطاع غزة، وإقالة الحكومة.

في حين قدم "تلفزيون فلسطين" رسالة إعلامية واضحة ومحددة إزاء "حماس" وحكومتها ونزع الشرعية عنها، واقتصرت متابعته على رصد ردات الفعل والمواقف الانفعالية كما اتضح من مضامين برامجه وأداء المقدمين.

وكثر في هذا الخطاب إطلاق النعوت والتوصيفات التي لم يعرفها الإعلام الفلسطيني عموماً حتى في خطابه المتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

واعتمد التلفزيون في مصادره الإعلامية بشكل أساسي على وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، وعلى المصادر الرسمية التي كانت ترفده بالمعلومات والتقارير عن مجريات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة نظراً لتوقف بثه هناك وإغلاق مقره، وعدم تمكن مراسليه من مواصلة مهام عملهم، وندرة التقارير الإخبارية التي مصدرها وكالات أنباء دولية، إضافة إلى تقارير مراسليه الميدانيين في الضفة الغربية.

بينما وظفت جميع البرامج الإخبارية الحوارية، والبرامج الأخرى المختلفة في حملة التعبئة الإعلامية ضد "حماس"، وضد الحكومة المقالة في غزة، وغاب عن المحطة التنوع السياسي ما أبقاها أسيرة الانتماء الفصائلي والحزبي الواحد.

ولعبت بعض البرامج دوراً توتيرياً كما هو الحال بالنسبة لبرنامج "الموجة المفتوحة" الذي مورس فيه التحريض والتشهير، وتقديم معلومات ومعطيات تستند إلى شهود عيان مشكوك في صحة معلوماتهم، وقطع الطريق على من كان يدلي برأي يخالف سياسة المحطة.

واتسم أداء مقدمي البرامج بالضعف وعدم إدارة الحوار بحيادية، من خلال تدخلاتهم وفرض وجهات نظرهم الخاصة على محاوريهم، ومحاولة توجيه الحوار إلى وجهة معينة تخدم طرفاً ووجهة سياسية بعينها.

وجرى توظيف الأغنية في الصراع الذي أعقب سيطرة "حماس" على غزة، وهو توظيف يتم لأول مرة في صراع داخلي، بعد أن كان هذا التوظيف يقتصر على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ولم يكن هذا التوظيف للأغنية في تعزيز السلم الأهلي، بقدر ما كان توظيفاً لغايات سياسية.

كما جرى توظيف في غير محله للمشاهد المصورة التي استخدمت بكثافة في حملة التعبئة الإعلامية، وتجنيد الرأي العام ضد "حماس"، وعلى نحو غير موضوعي بحيث رُكبت كثير من المشاهد على أحداث تم الإكثار من بثها وساهمت أيضا في إشاعة التوتر والانقسام.

في حين تراجع الاهتمام بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتركز هذا الاهتمام على الصراع الداخلي وعلى المواجهة المفتوحة مع الحكومة المقالة.

فضائية الاقصى:

وفيما يتعلق ب"فضائية الأقصى" أوصى تقرير "مفتاح" بضرورة تبني تلك الفضائية خطاباً محايداً بعيداً عن التخوين والتوقف عن توظيف الدين والآيات القرآنية في الصراع الداخلي لما لهذا التوظيف من انعكاسات خطيرة على السلم الأهلي.

كما دعاها إلى الالتزام المهني والموضوعي واعتماد سياسة تحريرية تحترم الحق في التعبير والاستماع للرأي الآخر، وعدم نفي هذا الآخر وإلغائه، بما في ذلك الاستخدام الموضوعي للمصطلحات، والتوقف عن إطلاق النعوت والتوصيفات التي تحط من كرامة الخصوم السياسيين، وتشجع على العنف والاحتراب.
والتوقف عن التوظيف السلبي للأغاني والومضات التلفزيونية سواءً في الصراع الداخلي أو في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتحديداً تلك التي تشجع على العنف والقتل واستباحة دماء الآخرين تحت مبررات وذرائع الصراعات والحروب.

وكذلك التوقف عن بث المشاهد القاسية لضحايا العنف والاقتتال الداخلي ولضحايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي احتراماً لكرامة الإنسان، ولمشاعر ذوي الضحايا، ومنعاً لتكريس ثقافة الاقتتال وتعميق مشاعر الكراهية والعداء.

وكذلك التوقف عن استغلال الأطفال واستخدامهم مادة إعلامية في الصراع الداخلي، وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لما يشكله هذا التوظيف والاستخدام من تشويه صورة الشعب الفلسطيني، وانتهاكاً لحق الأطفال في الحياة باعتباره أحد الحقوق الأساسية في قانون حقوق الأنسان.

ودعاها أيضا إلى تحري الدقة والموضوعية في تغطية الأحداث وعدم المبالغة فيها، واعتماد مصادر متنوعة في التغطية، وعرض روايات متوازنة، في موضوع يؤثر على السلم الأهلي ووحدة المجتمع، كحالة الصراع الداخلي التي تركت تداعيات وتأثيرات على العلاقات الداخلية.

وخلصت وحدة الرصد في "مفتاح" إلى مجموعة من النتائج فيما يتعلق بتغطية "فضائية الأقصى" لفترة ما بعد سيطرة "حماس"على قطاع غزة في الرابع عشر من شهر حزيران 2007.

فقد شكلت "فضائية الأقصى" رأس الحربة لحركة "حماس" وكانت لسان حال الحركة، بيد أنها لم تتحل بالمهنية في التغطية وبالتوازن في عرض الروايات والعدالة في المصطلحات، فكان خطابها تحريضياً فئوياً وأشبه بالنص المقدس.

أما المتابع لخطاب "فضائية الأقصى" فيخرج بنتيجة مؤداها عدم موضوعية هذا الخطاب، وبأنه خطاب يعكس منظومة فكرية ودينية، مستنداً في أدائه إلى التحريض والتشهير، كما هو الحال في التعرض للشخصيات السياسية والقيادية مثل التعرض لشخص الرئيس "محمود عباس"، ولقيادات أخرى في حركة "فتح" وفي بعض الوزراء في الحكومة برئاسة د.سلام فياض.

وفيما يتعلق بالبرامج الإخبارية، فقد حظي الصراع الداخلي بالأولوية وبحجم أكبر في تغطية نشرتي الأخبار الرئيسية والموجزة، وحتى في الأخبار العاجلة دون إغفال أنباء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واحتل صدارة تلك النشرات، مع الإشارة إلى أن الحدث المتعلق بالعثور على وثائق في مقرات الأجهزة الأمنية احتل مساحة وحيزاً في الأخبار العاجلة.

في حين وظفت الفضائية الأغنية الوطنية والدينية الحماسية والحمساوية في الصراع الداخلي بحيث عكست مضامين هذه الأغنية نظرة ضيقة جداً اتجاه الخصم السياسي ونفياً له بل تحريضاً عليه وتشهيراً به، كما هو الحال في العديد من الأغاني.

وفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اشتملت عملية التوظيف هذه تمجيداً "بحماس" وقياداتها وأجهزتها العسكرية مثل "كتائب القسام" و"القوة التنفيذية" مستندة إلى مدلولات ورموز دينية مجدت القتال والشهادة والشهداء.

كما كثفت " فضائية الأقصى" من بث "الومضات التلفزيونية" ولعبت دوراً مماثلاً لدور الأغنية، وعالجت ذات المضامين والمواضيع بما اشتملته من طغيان الرموز الدينية والحزبية، واقتطاع مشاهد وأقوال من سياقها وإعادة تركيبها وتحريرها لخلق مضمون جديد يتوافق مع توجهات "الفضائية" وحركة "حماس".

وقدمت الفضائية في تلك الفترة كما كبيراً من البرامج التحليلية والحوارية التي تعالج الصراع الداخلي وتداعياته، وحملت هذه البرامج أسماء عديدة ومتنوعة، واستضافت رموزاً وقيادات من لون سياسي واحد، أي من قادة "حماس" ونوابها، ومن قادتها العسكريين ومسئوليها الأمنيين، وفي حالات نادرة جداً استضافت قيادات من غير "حماس" لكنها تتماثل مع سياسة "حماس" وفكرها، وغلب على أداء مقدمي هذه البرامج الانحياز، وعدم الموضوعية.