الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوم القدس: رمز التلاحم العربي الإيراني والإسلامي المسيحي لتحرير الأرض المقدسة

نشر بتاريخ: 27/10/2005 ( آخر تحديث: 27/10/2005 الساعة: 16:37 )
بقلم: نديم عبده
معا ـ يحتفل المؤمنون في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك في كل عام بمناسبة "يوم القدس العالمي"، وذلك رمزاً لمواجهة "المستضعفين" للمستكبرين" في جميع أرجاء العالم.
وقد أعلن سماحة الإمام روح الله آية الله الخميني هذه المناسبة في أوائل عهد الثورة الإسلاميّة في ايران، في السابع من آب/اغسطس سنة 1979. وقد أتت هذه الدعوة للتدليل على الرمز العالمي لمدينة القدس بالنسبة إلى جميع "المستضعفين" في العالم، حيث أن احتلال القدس يمثل رمزاً مميزاً للظلم الذي تعاني منه الشعوب المستضعفة، وليس الشعب الفلسطيني وحده، ولا المسلمين وحدهم، حيث أن القدس هي "اولى القبلتين وثالث الحرمات" بالنسبة إلى المسلمين، وهي كذلك المدينة المقدسة التي صلب فيها اليهود السيد المسيح، وتمثل المحجة الأولى بالنسبة إلى جميع المسيحيين الحقيقيين في العالم.
ويرتدي "يوم القدس العالمي" أهمية مميزة في هذه السنة بالذات، وخصوصاً لجهة التلاحم بين الشعوب العربية والإيرانية في مواجهة قوى الإستكبار والإستعمار. والحقيقة أن هذا التلاحم كان موجوداً منذ عقود طويلة، حيث أن الحركات الفلسطينية كانت من أول من ساندت القوى الثورية الإيرانية في نضالها ضد النظام الشاهنشاهي التابع للولايات المتحدة والصهيونية العالمية، وذلك إعتباراً من ستينات القرن العشرين الميلادي. وقد تكرس هذا التلاحم بعد إنتصار الثورة الإيرانية، مع للتذكير بأن أحد أول أعمال الثورة الإيرانية بعد سقوط النظام العميل كان الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفتح سفارة فلسطينية في المبنى نفسه الذي كانت تشغله مكاتب القنصلية "الإسرائيلية" لدى الشاه.
وقد مرت العلاقة العربية الإيرانية بمآزق كثيرة بعد إنتصار الثورة، وكان أخطرها حرب الخليج الأولى بين ايران والعراق بين 1980 و1988، مع كل ما تسببت به هذه الحرب من مآسٍ على الشعوب العربية والإيرانية، ومن توتر بين إيران وقسم كبير من الأنظمو العربية. على أن هذه التطورات لم تحل تتسبب ابداً بقطع العلاقة العربية الإيرانية، حيث ظلت العلاقة مميزة بين قادة الثورة الإيرانية ومعظم المنظمات الفلسطينية، وكذلك مع الجمهورية العربية السورية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وتتعرض العلاقات العربية الإيرانية اليوم لتحديات جديدة مع نشوب إضطرابات في منطقة الأحواز شرقي إيران والمحاذية للعراق وتسكمها أغلبية من العرب، وقد أكدت السلطات الإيرانية بأن المخابرات البريطانية هي التي تقف وراء هذه الإضطرابات على خلفية سعي هذه المخابرات تأجيج الإضطرابات بين العرب والإيرانيين من العنصر الفارسي من جهة، وبين المسلمين من أهل السنة وأهل الشيعة من جهة ثانية، علماً بأن القوات البريطانية تحتل جنوبي العراق المحاذي لإيران، ولمنطقة الأحواز بالذات. وفي مطلق الأحوال، يبدو أن هذه المحاولات لم تعطِ النتائج التي توختها الجهات التي وقفت وراءها، ولم تترك أية مضاعفات بفضل وعي الشعب في الأحواز، والسلطات في إيران.
وقد ارتدى التلاحم العربي الإيراني طابعاً مميزاً بمناسبة إنعقاد مؤتمر "عالم من دون الصهيونية" الذي عقدته المنظمات الطالبية في إيران، حيث أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على الملأ بأن الكيان الصهيوني "إسرائيل" يجب أن يزال من الخريطة، وهو ما أدى إلى قيام حملة مسعورة ضد الثورة الإيرانية من قبل "قوى الإستكيار" العالمية، وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، خصوصا وأن البرنامج النووي الإيراني مستهدف في هذه الأيام بصورة مباشرة من قبل هذه القوى "الإستكبارية"...
والمطلوب هو أن يكون "يوم القدس العالمي" هذا العام مناسبة لرص صفوف "المستضعفين" في وجه قوى "الإستكبار"، وذلك عن طريق نبذ جميع أسباب التفرقة والخلافات بين العرب والفرس، وبين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة، وبين المسلمين والمسيحيين، فالكل مستهدف وما يصيب جهة ما بصورة مباشرة يصيب الجميًع بصورة غير مباشرة؛ فليكن ذلك اليوم تجديداً للتحالف الإستراتيجي بين الثورتين الفلسطينية والإسلامية الإيرانية الذي إنطلق في ستينات القرن الميلادي الفائت توصلاً إلى تحقيق الإنتصار الكبير بتحرير القدس الشريف، وكذلك جميع المناطق الفلسطينية.