مركز بدائل في رام الله يختتم مؤتمر "المفاوضات والمقاومة: البحث عن المقاربة الجديدة"
نشر بتاريخ: 11/05/2008 ( آخر تحديث: 11/05/2008 الساعة: 19:03 )
رام الله -معا- اختتم اليوم في رام الله، مؤتمر "المفاوضات والمقاومة: البحث عن مقاربة جديدة"، والذي نظمه المركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات، على مدى اليومين الماضيين، وسط دعوات من المشاركين إلى وضع حد لحالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، وإعادة النظر في المسار التفاوضي مع الجانب الإسرائيلي، والعديد من آليات المقاومة المعتمدة حاليا.
وأكد المشاركون على ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية تكفل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته، مشيرين في الوقت نفسه إلى أهمية تفعيل أسلوب المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وتطرقوا إلى أنه لا بد من إجراء عملية تقييم للنضال الفلسطيني لتحديد جوانب القوة والضعف، إلى جانب التركيز على الوضع الداخلي، وتجاوز كافة الاختلالات والقصور فيه.
وانقسمت مداولات المؤتمر اليوم عموما، إلى ثلاث جلسات، جاءت الأولى تحت عنوان "المقاومة: رؤية نقدية"، حيث قدم خلالها الكاتب فيصل حوراني، مداخلة بهذا الشأن.
وركز حوراني في مداخلته على تاريخ تطور المقاومة الفلسطينية بدءا من فترة الانتداب البريطاني، وما تخللها من هبات وثورات، واستحضر نشأة منظمة التحرير، ومحاولات بعض الأنظمة العربية للسيطرة عليها، وصولا إلى هيمنة حركة فتح عليها.
كما تطرق إلى التطورات والأحداث التي قادت إلى اندلاع الانتفاضة الثانية، مبينا أن اللجوء إلى عسكرتها نجم عن "حسبة خاطئة".
وأضاف: توهم مستخدمو السلاح أن المجتمع الإسرائيلي لا يحتمل الخسائر البشرية".
وأردف: هذه الحسبة استحضرت تجربة المقاومة اللبنانية الوطنية والإسلامية، وضيق الجمهور الإسرائيلي بارتفاع عدد القتلى من جنود جيشه، وتأثير هذا الضيق في إملاء القرار الإسرائيلي بالانسحاب من جنوب لبنان، (...) بيد أنه غاب عن هذه الحسبة الفهمُ السديد لسلوك المجتمع الإسرائيلي".
ورأى أنه وقع في زمن هذه الانتفاضة المتجددة، ويطلق عليها اسم "انتفاضة المطوقين"، ما وقع في موجات المقاومة الفلسطينية التي سبقتها كلها، من تعدد مصادر التوجيه؛ وتشرذم القوى المقاومة؛ والتنافس في الاستحواذ على الأمجاد والمنافع المادية؛ والتنابذ حد التصادم، بسبب الاختلافات السياسية كما بسبب عوامل أخرى؛ وكذلك الفساد الذي فاق هذه المرة ما كان في كل مرة سابقة- كما قال.
وقال: "أخطر الأخطاء وأشدها فتكاً بمسار العمل الفلسطيني تمثل في إتباع نهج القتل بلا تمييز، هذا الذي تسمّيه الأدبيات المتداولة قتل المدنيين، وإذا كانت "فتح" أو السلطة التي تهيمن عليها "فتح" هذه قد وقعتا في هذا الخطأ بمقدار أو غيره، لسبب أو سواه، فإن حركة "حماس" جعلت القتل بلا تمييز منهجاً للمقاومة تسوّغه بفلسفة وتقرع الأجراس لتمجيده، وتنسب إلى الإسلام أنه يجيزه أو حتى يحث عليه".
وتابع: أساء استخدام السلاح في هذا النحو إلى الانتفاضة، حتى لقد أطفأ فعالياتها، وزوّد إسرائيل بما يسوغ ليس إفراطها في البطش فقط، بل إمعانها في خلق الحقائق على الأرض لتشكيل قواعد للحل المنفرد الذي تقوم بتنفيذه، كما مكن حكومات إسرائيل من الاستمرار في التفلّت من أي التزام، وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني وحاجات الفلسطينيين."
وتطرق إلى تصاعد حضور وقوة حماس، وخاصة بعد الانتخابات التشريعية الثانية، وصولا إلى الصدامات والاقتتال الداخلي بينها وبين حركة فتح، وما أفضى إليه من سيطرة حماس على القطاع بالقوة، مضيفا "إن الجمهور الفلسطيني عالق بين طرفين يشير كل شيء إلى عجز كل منهما عن إقصاء الآخر أو إلغاء وجوده".
واستدرك: ولأن هذا الوضع يوفر لإسرائيل فرصة العمر لاستكمال حلها المنفرد، ولأنها أفلحت هي وحاميتها الولايات المتحدة في خلق الوضع الذي يمكنهما إدامته، فمن المشكوك فيه أن ينتهي هذا الانقسام في الزمن المنظور".
أما في الجلسة الثانية للمؤتمر وجاءت تحت عنوان "المقاومة: نماذج مقترحة"، فتحدث منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار في بلعين، عبد الله أبو رحمة، واللواء المتقاعد واصف عريقات.
وركز أبو رحمة في مداخلته على تجربة اللجنة الشعبية في مواجهة الجدار العازل في قرية بلعين، غرب رام الله، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال شرعت بإقامة الجدار في القرية خلال شباط العام 2005.
ولفت إلى أن الجدار يضر بمصالح أهالي القرية، وخاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث اقتلع بفعله ما يتراوح بين 10 -15 ألف شجرة.
وأشار إلى أن اللجنة نجحت في فرض نفسها، وتسليط الضوء بصورة واسعة على ما تتعرض له القرية.
وعزا نجاح تجربة اللجنة إلى وجود قيادة شابة واعية، ومشاركة متضامنين اسرائيليين وأجانب بشكل كبير، والدعم والتغطية الإعلامية الواسعة للفعاليات، وما تمتاز به الأخيرة من تجديد وابتكار.
وقال: إن جميع الوسائل وباعتراف بعض قادة الجيش الإسرائيلي لم تجد نفعا، ولم تثن المتظاهرين عن مواصلة نضالهم، فأهالي بلعين ومتضامنيهم من اللحظة الأولى وضعوا نصب عيونهم هدفا مازال مرسوما أمامها، وإنهم لا يرون غيره، وهو هدم الجدار ومستوطناته، وحرية استخدام الأرض والعمل فيها والحركة عليها بحرية وأمان، فرغم الحصول على قرار يقضي بذلك إلا أن المعركة مازالت مستمرة حتى يُهدم الجدار بصورة فعلية.
وأضاف:" إن ما تقوم به إسرائيل هو أشبه بالتلاعب الديمغرافي في المناطق المعزولة حيث تسعى إلى تهجير الفلسطينيين طوعياً من المناطق المعزولة، و تعزيز التواجد الإسرائيلي هناك، حيث أن أكثر من 90% من أعمال البناء و التخطيط، لبناء مستوطنات و زيادة مساحات لمستوطنات أو زيادة عدد الوحدات السكنية أو تأسيس بؤر استيطانية جديدة تقع ضمن نطاق المقاطع التي قام الجدار بعزلها، ما ينفي الادعاءات الإسرائيلية عن أن الهدف من بناء الجدار هو 'أمني'، بل على العكس، فإنه يؤكد أن إسرائيل تسعى عبره إلى إعلان حدودها الشرقية مع الضفة و ذلك باقتطاع حوالي 13% من مساحتها بادعاء أن فيها أغلبية سكانية إسرائيلية".
وختم أبو رحمة قائلا: إن ما تقوم به إسرائيل مخالف لكل الشرائع و المواثيق الدولية، وذلك بتكريس احتلال الأراضي الفلسطينية بخلاف قرارات مجلس الأمن و الداعية للانسحاب الإسرائيلي الكامل من كافة الأراضي التي احتلتها عقب الرابع من حزيران العام 1967، وهذا يتطلب عدم الوقوف مكتوفي الأيدي بل التحرك سريعا وعلى كافة الصعد رسميا وشعبيا فنحن بحاجة إلى انتفاضة شعبية ثالثة، يمكن عبرها أن نصل إلى غايتنا.
وفي المقابل، تناول عريقات مسألة الكفاح المسلح الفلسطيني، مبينا أنه حقق العديد من الإنجازات، رغم التباين في موازين القوى مع جيش الاحتلال.
وقال: راكمت إسرائيل انتصارات عسكرية، لكنها لم تحسم ولم تنه الصراع ولم تتمكن من فرض ما تريد، أنها الطرف الأقوى، خاصة وأن جيشها الرابع من حيث القوة على مستوى العالم، والأول على مستوى الشرق الأوسط.
وتابع: إسرائيل لها دور إقليمي وتطلع امبراطوري، ولكن الشعب الفلسطيني عرقل ذلك بالكفاح المسلح".
وتحدث في الجلسة الثالثة، وجاءت تحت عنوان "الوضع الداخلي الفلسطيني: الواقع والآفاق"، الكاتب زكريا محمد.
وأوضح محمد أنه لا حل سريع للقضية الفلسطينية، مبينا أن الدولة الفلسطينية هدف بعيد، إلا إذا حدثت تغيرات في موازين القوى تتيح إمكانية تحقيقه، وبالتالي فلا بد من إعادة النظر في البنية التنظيمية من جديد.
وقال: السلطة الفلسطينية مثلا كانت الأداة التنظيمية المناسبة لفرض أن الدولة قريبة، (...) وحين يثبت أن الدولة لن تأت سريعا وأن موازين القوى الحالية لا تفرضها، فإن من المفروض أن في الأداة، أي السلطة.
وأضاف: لقد أقيمت السلطة من أجل هدف محدد، ولا يمكن لها أن تستمر، أو على الأقل أن تستمر بالشكل الذي هي فيه.
وقال: إعادة النظر في السلطة تعني من دون شك العودة إلى التفكير في وضع منظمة التحرير، كجبهة وطنية عريضة.