الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون **موسوعة الكرة الفلسطينية بقلم - فايز نصار

نشر بتاريخ: 20/05/2008 ( آخر تحديث: 20/05/2008 الساعة: 12:33 )
بيت لحم - معا - من منا لا يعرف الكابتن لطيف ، نجم كرة القدم المصري ، الذي أمتع عشاق القلعة البيضاء في أمّ الكنانة ، وبلغ أمجادا كروية ، أسمعت عشاق المستديرة في القارة السمراء ، ووصل صيته قلب القارة العجوز ، ودخل قلوب الرياضيين العرب "بقفشاته" غير المسبوقة ، في التعليق الإذاعي والتلفزي!
الكابتن لطيف ، لاقى ربه عالي الكعب منذ سنوات ، ويومها لم يترك المحتلون الرجل يلقى ربه هانئاً ، حين أصر أحد محلليهم الرياضيين ، على تقليب مواجع الرجل في قبره ، مذكرا بان الراحل كان - كما ادعى الكذاب الأشر - لاعبا مع منتخب مصر ، الذي لاقى منتخب " إسرائيل" في تصفيات كأس العالم سنة 1934م .... وكان هذه "الاسرائيل" كانت دولة ، لها منتخبها الوطني ، ولها اتحادها العضو في سلك الفيفا ، كما يعتقد المحتل ، وكما حاول مسوغو الاحتلال الفبركة في سجلات الاتحاد الدولي !
هذه القصة ، التي وقف عندها أستاذنا الإعلامي الكبير سليم حمدان ، تضاعف المسؤولية ، الملقاة على عاتق جنود كرة القدم في بلادنا ، وتحتم على العاملين - لوجه الله - في سلك اتحادنا الفتي تنفيذ هجوم معاكس ، يضع النقاط الصحيحة ، على حروف أمجادنا الكروية ، ويسترجع ما سلب الأعداءُ من مقدراتنا الرياضية ، في حملة السلب والنهب ، التي نفذها الغرباء ، تزامنا مع المجازر ، التي أدت إلى اغتصاب الوطن ، وتشريد الشعب .
قصة كابتن لطيف ذكرتني بقصة عمو بابا ، المدرب العراقي ، الذي لا يشق له غبار ، والذي وضع اسم العراق ماجدا ، في سجلات الملاعب الخضراء ، حيث روى لي عمو أنه يدين بالفضل في أمجاده الرياضية لفسطيني سماه ليّ ، لأن الفلسطيني هو الذي وضع مواهب العمو على السكة الصحيحة ، لاعبا ومدربا !
والقصة نفسها ، مع تكررت في مجال الإعلام الرياضي ، حيث روى لي كبير المعلقين الرياضيين السعوديين ، المرحوم زاهد قدسي كيف تتلمذ معلقو السعودية على يديّ رائد التعليق العربي ، الفلسطيني أكرم صالح .... ويتوافق مع ذلك ما أكده لي أمير التعليق السوري ، الراحل عدنان بوظو عن المعلقين الفلسطينيين المرحومين أكرم صالح وموسى بشوتي ، ومآثرهما في ريادة تعليق العرب الرياضي !
نعم إنها حرب مفتوحة ، يشنها المحتلون على تراثنا الرياضي ، تزامنا مع إهمال مدان من القائمين على العمل الرياضي في بلادي ، ممن انشغلوا عن أحياء هذا التراث ، وكأنهم لم يحسنوا تقدير مكامنه النفيسة ، وأثر احيائه في تحفيز الأجيال ، وتعميد أسس دولتنا الفتية !
وفي خضم إحياء شعبنا لذكرى مرور ستين عاما على الجريمة الكبرى ، حاول بعض المهتمين تسليط الأضواء على محطات من سجلنا الرياضي المظفر ، ولكن الأمر لم يزد عن محاولات معزولة ، كانت تنقصها الشمولية والمنهجية ، فتسللت المغالطات إلى متونها وأسانيدها ، في كثير من الأحايين ، والأكثر مرارة أن من تناول القضية رياضيا ، لم يحسن ضبط الأسماء والتواريخ والمواقع ، حتى أنني سمعت تقريرا أرشيفيا ، أغفل معده ريادة نادي الدجاني لكرة القدم في قدسنا !
واليوم ... وقد أصبح لنا اتحاد كرة قدم ، باركت الفيفا خطواته ، وشهدت على نزاهة تشكيله ، نضع على طاولة المجلس الجديد ، ورئيسه اللواء جبريل الرجوب ملف أرشيف كرة القدم الفلسطينية ، وما يضمه هذه الأرشيف من تراث يجب استرجاعه ، وحفظه في مواجهة محاولات التهويد !
ويبدو أن هذا الملف سيأخذ حقه غير منقوص في أجندة المجلس الجديد ، وخطة الرئيس الرجوب ، الذي أعلن عن تأسيس مجلة رياضية ، تحمل أسم عاصمتنا التاريخية ، والأمر لا بدّ سيكون بتعاون مع رابطة الصحفيين الرياضيين ، والمجلة لا بدّ ستعنى بأرشفة سجلات الملاعب ، وتحقيق المعلومات الرياضية ، وتصحيح المغالطات ، التي ارتكبت عن سبق إصرار ، وترصد بحق العملية الرياضية بأسرها !
ولكن الأمر لا يجب أن يتوقف هنا ، لأن المطلوب من المجلس الجديد تشكيل لجنة تحقيق وأرشفة ، تضم في صفوفها الضالعين في شؤون تاريخ الكرة الفلسطينية ، والإعلاميين الرياضيين ، الذين لهم علاقة بالموضوع ، ولتكن مهمة اللجنة الأولى جمع المعلومات غير المكتوبة من صدور من تبقى من الرعيل الأول ، قبل أن يرحل هؤلاء ، وترحل مهم الكنوز الرياضية التي يحتفظون بها .
ويجب على مجلس الاتحاد أن يفتح قنوات المشورة ، للتوافق على أعضاء هذه اللجنة الحساسة ، وتمحيص كل ما تستطيع رصده في مختلف المجالات ، والنصيحة التي لا بدّ منها هنا بان يكون لأستاذنا سليم حمدان ، الذي يختزن مقدارا هاما من موروثنا الرياضي المعاصر ، مكانا في هذه اللجنة ، لان الرجل قضى العمر كدا في جمع مفردات هذا الملف ، من غرفته الفلسطينية الصغيرة في شارع خلفي بمخيم الوحدات .
ولا بدّ من أن تتضافر الجهود في هذا المجال ، وأن تجد اللجنة الدعم والمساندة من الدائرة ذات الصلة في وزارة الشباب والرياضة ، ومن المهتمين بمواريثنا الحضارية ، الرياضية والإعلامية الرياضية في الجامعات والمعاهد والمؤسسات المختلفة ، وأيضا من وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها ، ومن الهيئة الوصية على الإعلام الرياضي ، رابطة الصحفيين الرياضيين .
مهم جدا أن تكون لاتحادنا لجنة جمع وتدقيق وتمحيص لتراث الكرة الفلسطينية العتيد ، وليكن أمر هذه اللجنة من أولويات الاتحاد الجديد ، وليشمل عمل اللجنة رصد كل الأحداث الرياضية الفلسطينية ، قديما وحديثا ، في الوطن وفي الشتات ... في الطريق نحو إعداد موسوعة كرة القدم الفلسطينية ، التي ستكون مصدرا للمعلومات حول تراث ملاعبنا .
والحديث ذو شجون