الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة- البعض باع ذهب زوجته وبنى "عريشة" لبيع البطيخ

نشر بتاريخ: 26/05/2008 ( آخر تحديث: 26/05/2008 الساعة: 11:54 )
غزة- معا- "على السكين يا بطيخ", تصدح بها حنجرة "أبو محمد" كل يوم الاف المرات, علّه يوفر قوت عياله بعد أن أضنى الحصار كاهله كما أضنى كاهل مواطني قطاع غزة الذي يئن تحت وطأة حصار شديد منذ منتصف حزيران عام 2006.

ربما بيع البطيخ غدا مهنة من لامهنة له في قطاع غزة, فاختلط الحابل بالنابل, واصبح العارف وغير العارف "باسرار" هذه المهنة يقدم على امتهانها سعياً لتوفير فرصة عمل يعيل اسرته من خلال مردودها "المتواضع".

والاقدام على هذه المهنة ليس بالامر السهل في غزة, فـ "أبو محمد" اضطر الى بيع ذهب زوجته التي كانت تخبئه لنائبات الدهر, حتى يتمكن من نصب عريشة على رصيف الشارع يضع تحتها اكوام البطيخ, الذي يبيعه بعد أن يكتشف داخله بالسكين كي يطمئن المشتري.

ويؤكد "أبو محمد" أن "ما رماه على بيع البطيخ" وهو يعترف بقلة خبرته في هذا المجال, هو انعدام فرص العمل والحاجة الى توفير مستلزمات اسرته, ولا يخفي قلقه من نتائج هذا "الاستثمار" فاذا ما حدثت خسارة "لا سمح الله" فإن ذهب زوجته سيذهب سدى وبعدها لن يكون بمقدوره البحث عن مهنة جديدة في مواسم الانتاج القادم, ولا احد يعلم فلربما بعد البطيخ يكون العنب؟.

والذي يسير في شوارع قطاع غزة, يعرف أن "أبو محمد" ليس وحده من اتجه لمهنة بيع البطيخ, بل اصبحت جنبات الشوارع تعج بالمعرشات التي تحوى تحتها اكواماً من البطيخ, وأصوات الباعة تصدح "على السكين يا بطيخ" و"حلا حَمَار يا بطيخ".

ويعاني قطاع غزة من ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت وفق بعض الاحصائيات حوالي 80%, فيما قالت منظمات انسانية إن مالا يقل عن 85% من سكان القطاع يعتمدون في معيشتهم على المساعدات الانسانية التي تقدمها وكالة الغوث ومؤسسات المساعدات الانسانية المختلفة.

وبين كل هؤلاء "المتاجرين بالبطيخ" تجد من تجذّر في مهنته, كـ "أبو نضال المسارعي" من مدينة غزة في العقد السادس من عمره وما يزال يبيع البطيخ منذ كان في العاشرة من عمره حتى غدا لقبه بين زبائنه "ملك البطيخ".

وعند حديث "معا" معه افتخر "أبو نضال" ببطيخه الذي وصفه بالحلو كالسكر, مشيراً الى أن زبائنه ألفوه ولا يشترون البطيخ من غيره.

ويبدو أن الزحام الذي يشهده سوق بيع البطيخ يُقلق اصحاب المهنة, فيحاولون افهام الناس أن البطيخ ليس مجرد هواية بل هو "مهنة" تحتاج الى فهم ودراية بطبيعتها.

ويقول "أبو نضال", هناك انواع متعددة من البطيخ, حيث يوجد (البطيخ البعلي) الذي يزرع في في نهاية شهر نيسان ويباع في الاسواق في شهر تموز, ايضا هناك ( بطيخ الدفيئات) والذي تبدأ زراعته في شهر كانون الاول ويباع في السوق في شهر نيسان, ايضا هناك نوع آخر وهو ( بطيخ النايلون) والذي تبدأ زراعته في شهر كانون الثاني وهذه الزراعة المتقدمة".

ويعود "أبو نضال" ليؤكد أن البطيخ لا يمكن أن يباع بدون معرفة بائعه بخصائصه وميزاته, ففي نظره لا يكفي بيع ذهب النساء أو ما شابه لتصبح جالسا الى جانب "ملك البطيخ" او تحلم باعتلاء عرش المهنة.