الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اصحاب مصانع الخياطة في غزة .. سرحوا عمالهم واغلقوا مصانعهم وباعوا ماكيناتهم للإنفاق على أولادهم

نشر بتاريخ: 28/05/2008 ( آخر تحديث: 28/05/2008 الساعة: 19:53 )
غزة- معا- الخياطة في غزة كانت مهنة لدى معظم الغزيين في الثمانينات حتى فتحت المصانع على مصراعيها للقماش المحلي و الإسرائيلي و الأجنبي اما اليوم فقد بات أصحاب المصانع الكبيرة في فقر شديد بعد أن سرحوا عمالهم وباعوا ماكيناتهم حتى ان بعضهم باع مصاغ زوجته لينفق على أسرته.

خسارة غير مسبوقة:

فأصحاب مصانع الخياطة في غزة يعانون من خسارة غير مسبوقة نتيجة الإغلاق التجاري وعدم دخول البضائع إلى القطاع ومماطلة الجانب الإسرائيلي في صرف شيكات سابقة لأصحاب هذه المصانع مما دفع العديد منهم إلى إغلاق مصانعهم بشكل تام وتسريح جميع العمال بمن فيهم أبناؤهم الذين يعملون معهم وفي ظل هذا وذاك بدأ عدد منهم بالتهرب من مسؤولياته نحو بيته حيث أصبح يهرب من المنزل تخوفا من زوجته وكثرة طلباتها.

"أبو محمد" صاحب مصنع للخياطة في غزة تحدثنا إليه عن سبب وجوده في متنزه الجندي المجهول فأجابنا بجواب غريب لم نتوقعه منه قائلا:"بعدما توقف مصنع الخياطة الذي أملكه منذ عدة سنوات وساءت بي الحال بدأت أهرب من المنزل ومن طلبات زوجتي وأطفالي حيث داومت أنا وصديقي "أبو يوسف" بالخروج من المنزل واعتدنا على المشي في الأسواق والمتنزهات لان بقائي في البيت يعني الكثير والكثير ..." هات" وما أدراك ماذا تعني كلمة"هات" في ظل عدم وجود أي دخل حيث استنفذت رأس مالي بانتظار أن تفتح الطرق والمعابر ويرفع الحصار حتى أعيش أنا وأولادي كحياتنا السابقة, لقد دمر عمل الخياطين فبات يوجد عمل للإسرائيليين ولا للداخل الفلسطيني ".

لادخل ولا مساعدات:

في تنهد وحسرة أجابنا على سؤال حول ما اذا تلقى مساعدات من قبل الحكومة في غزة أو الضفة أجاب " "من وين يا حسرة" منذ بداية الحصار لم أتلق سوى كوبونة غذائية واحدة بقيمة مئة شيكل" .

وفي حديث أشبه بالعتاب النفسي قال: كان دخلي شهريا , أكثر من تسعة آلاف شيكل حيث كنت صاحب مصنع , الآن لا يدخل علي أي شيء, وقد نفذ رأس مالي والآن أنتظر أنا وأولادي المصير المأساوي .

افكر بالرحيل:

وفي استطراد في الحديث معنا قال :" أنا الآن أفكر في الرحيل والهجرة من هذه البلد لأني أصبحت لا أستطيع عيالة أولادي وفي ظل كبر أبنائي بعد أن بلغوا ثلاثة منهم الثانوية متطلباتهم زادت وأنا سأعجز خلال الأيام القادمة عن تلبية احتياجاتهم .

سألته كم عدد عيالك فأجاب لدي تسعة من الأبناء جلهم في المدارس .وحول كيفية اعالتهم قال بقي القليل من رأس مال المصنع وأنا أعولهم به والآن أنتظر نفاذه ,وفي حال عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضة والحصار قال لن يعمل مصنعي بسبب عدم وجود رأس مال لعمله.

"أبو يوسف" صديق "أبو محمد" والذي لديه مصنع متواضع للخياطة قال أن وضع الخياطة في غزة مأساوي حيث أصبحت غزة بلا مصانع خياطة وحرفة الخياطة أصبحت حرفة غير موجودة في القطاع إلا ما ندر.

وأضاف منذ الحصار الأخير داومنا على الخروج من المنزل لأن الحصار قاتل والبقاء في البيت يصيبا بالأمراض حيث إذا بقيت في المنزل فإني سأصاب بالأمراض النفسية والعصبية حيث لم أتعود منذ عشرين عاما على البقاء في المنزل.

من جهته قال د. درداح الشاعر الخبير النفسي أن هذه الظاهرة تعتبر من أسوأ الظواهر التي يمر بها الشخص وخاصة عندما يصبح غير قادر على تلبية حاجات من يعولهم حيث يؤدي هذا الأمر إلى الهروب من المسئوليات ما يضفي على واقع المجتمع المشاكل النفسية والأسرية.