خلال ورشة عمل نظمها منتدى الإعلاميين -الدعوة لإرساء لغة الحوار في الإعلام الفلسطيني
نشر بتاريخ: 02/06/2008 ( آخر تحديث: 02/06/2008 الساعة: 21:34 )
غزة - معا عقد منتدى الاعلاميين الفلسطينيين بالتعاون مؤسسة فريدرش ايبرت الالمانية اليوم الاثنين الورشة الثانية ضمن مشروع دور الاعلام في التصدي لظاهرة التعصب الحزبي بعنوان " دور الحوار في التخفيف من التعصب الحزبي " ، وذلك في قاعة مارنا هاوس بمدينة غزة بحضور مدير البرامج في مؤسسة ايبرت الالمانية د. أسامة عنتر ومدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان خليل ابو شمالة وعشرات الصحفيين والاعلاميين .
وقالت الصحفية أسماء أبو ناموس مديرة اللقاء إن هذه الورشة هي الثانية التي يعقدها المنتدى ضمن المشروع الممول من مؤسسة فريدريتش ايبرت مشددة على أن الانقسام السياسي باتت هما يؤرق الإعلاميين .
نحو جهود صادقة
وقال الإعلامي سمير حمتو المحرر بصحيفة الحياة الجديدة :"مما لاشك فيه كان للإعلام دور بارز في زيادة حدة التوتر في الساحة الفلسطينية، مما زاد من حدة الانقسامات في هذا المجتمع، و تعميق الخلافات بين الحركتين.
وأضاف حمتو أن هذه الانقسامات ترتب عليها فقدان الثقة لدى المواطن الفلسطيني في ظل إصرار كل طرف على تحميل مسئولية ما حدث ويحدث للطرف الآخر، وكان ذلك جليا وبارزا من خلال التغطية الإعلامية في وسائل الإعلام التابعة لكل من حركة حماس وفتح، نتيجة تزايد الاتهامات من قبل الطرفين، أدى إلى عدم تقبل كل طرف للآخر.
وأعرب الصحفي حمتو عن أسفه لفشل كافة المحاولات التي بذلت من أحزاب وهيئات سياسية وأكاديميين ورجال إعمال وإعلاميين بالإضافة إلى الجهود العربية في جمع الشمل الفلسطيني وإقناع الطرفين بالعودة للحوار.
وأضاف رغم ذلك يجب ألا ييأس الصحفيون ،وعليهم المضي في جهودهم في هذا المجال حتى نصل إلى خطاب إعلامي بعيد كل البعد عن التعصب والحزبية.. خطاب إعلامي هادف .
وثمن دور منتدى الإعلاميين في محاولة الارتقاء بالجهد الإعلامي وطرح قضية نبذ التعصب الحزبي في الإعلام لأهميتها الكبيرة مشددا على اهمية توحيد جهود الصحفيين ليكونوا عامل وحدة وبناء وليس عامل تفريق وهدم بالإضافة إلى المحافظة على آداب وأخلاق مهنة الصحافة ومبادئها السامية والمساهمة في الحفاظ على السلم الاجتماعي و حقوق الإنسان وتوعية الرأي العام وتنمية المجتمع .
أسباب التعصب
بدوره قال د. فضل أبو هين أستاذ علم النفس المشارك بجامعة الأقصى ومدير مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات أن التعصب ظاهرة أصبحت شائعة في أنحاء المعمورة، منوهًا إلى أن التعصب ليس هو المشكلة بل المشكلة تكمن في الظروف والأوضاع التي أنجبت لنا التعصب وترعرع وسطها حتى أثمر بصورةٍ جيدة وبدا واضحًا في سلوكنا اليومي وتوجهاتنا تجاه بعضنا البعض.
وأشار د. أبوهين إلى أسباب التعصب قائلاً" إن التعصب هو نتيجة لطرق تربوية معينة وأساليب حياتية أنشأتاها وخلقناها بأيدينا لأنفسنا بإرادتنا ووصلنا الآن لما وصلنا إليه، مضيفًا" التعصب ليس قدرًا مسلطًا علينا من الخارج بقدر أنه مساهمات نحن أصحابها التي أنشأتاها وسهرنا طويلاً عليها وأنفقنا عليها من أموالنا حتى ترعرعت وسطنا وبين أبنائنا، والآن ها نحن نحصد ثمار ما زرعناه وارتضيناه بأيدينا".
وأوضح أبو هين أن الفشل في تصريف طاقة العدوان والعنف المتراكم داخلنا، يعتبر من الأسباب الرئيسية في إثارة التعصب الحزبي، منوهًا إلى المثل الشعبي الذي يتناقله العامة على ألسنتهم والذي يقول" بأن الجنة بدون ناس ما بتنداس"، حيث يلخص القيمة والأهمية الكبرى لوجود الآخرين في حياتنا حتى غدا ذلك دافعًا لعلماء النفس والصحة النفسية لأن يقولوا أن الصحة النفسية للإنسان تتحدد في أساسها بنوع العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الإنسان مع محيطه الاجتماعي من حوله".
ولم يغفل أبو هين خلال حديثه دور الاحتلال الإسرائيلي في تنبيه كمٍ كبير من الطاقات العدوانية التي كانت تصرف دومًا في مكانها الصحيح وهو مقاومة الاحتلال بشتى الصور والإمكانيات، مسترسلاً في حديثه بالقول" لكن برحيل الاحتلال عن غزة وفي جو تسابق التنظيمات الفلسطينية للتسلح والتجييش لنفسها وتسابقها نحو تعزيز الانتماءات الحزبية وتقوية سطوة التنظيم وهو ما أوصلّ المجتمع إلى نتائج خاطئة".
لا بد من وقفة حازمة
ودقّ أستاذ علم النفس ومدير مركز التدريب المجتمعي لإدارة الأزمات أجراس الخطر بقوله" لهذا الخطر الداهم يجب من وقفة حازمة تعيد للمجتمع مجده، خاصة وأن مجتمعنا يحمل داخله رسائل متعددة أولها رسالة الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل سمو ورفعة المجتمع،ورسالة المعتقلين الذين اعتقلوا من أجل رسالة سامية وليس من أجل أن تسود الخلاعة والتعصب، ورسالة ثالثة وهي أن مجتمعنا ذو طبيعة عشائرية قبلية والكلمة في الأصل وفق ما قال" آتية من العشرة والمودة وحسن الجيرة والترحاب وليس من النفور والجزع من الجار" مختتمًا حديثه بالقول:" وهذا ما يدعونا للتكاتف لمنع استشراء الظاهرة التي إن تفاقمت قتلت مظاهر الخير فينا وفي أنفسنا".
إعلام الحوار وحوار الإعلام
من جانبه قال حازم بدارو مدير تحرير وكالة رامتان للأنباء أن هناك فرق بين إعلام الحوار وحوار الإعلام معللاً ذلك بقوله" الأول يعني أن نسخر الإعلام ووسائله المختلفة في خدمة الحوار "وهنا نعني الحوار الوطني الفلسطيني"، أما حوار الإعلام يكون في الغالب حوار لتبادل الاتهامات والسب والقذف والتحريض وغيره، لذلك حوار الإعلام يفتقد إلى المصداقية واحترام الرأي الآخر.
وأكد بدارو على أهمية إدارة الحوار الإعلامي على أرض خصبة لنمو حرية الكلمة بعيدا عن ممارسات التعصب الحزبي، مبديًا أسفه لميل مقدمي البرامج في المؤسسات الإعلامية المختلفة "الفلسطينية خاصة" إلى توجيه الحوار مع الضيف، إلى الطريق التي يريدون، بحيث تخلو تلك المقابلات من المحاولات الجادة لجسر الهوة بين الفرقاء، ومحاولة إيجاد قواسم مشتركة تجمع بين الأطراف المتنازعة، منوها إلى النقطة الثالثة التي تقود إلى ذلك وهي ثقافة الحوار التي تعتبر حسب قوله جديدة على مجتمعنا وغير مكتملة أو تكاد تكون ضئيلة جدا إذا لم تكن غير موجودة أصلا.
وأوضح بدارو إلى أن ثقافة الحوار يجب أن تكون منذ الصغر ومن الأسرة نفسها كونها اللبنة الأساسية في إرساء قواعد الحوار الديمقراطي الهادئ الواعي، مرورا بالمواطن العادي في الشارع، وصولا إلى المثقف والسياسي وغيرهم من الشخصيات،.
وعرجّ بدارو إلى العلاقة بين الحوار والإعلام قائلاً" للأسف هي علاقة هشة وغير ناضجة بحيث أن الإعلام والمؤسسات الإعلامية لا تعطي للحوار الجاد حقه في التواجد على الساحة الإعلامية بالشكل المطلوب".
واختتم حديثه بالتطرق إلى دور المؤسسات الإعلامية في تعزيز ثقافة الحوار والتخفيف من التعصب الحزبي، ولم يغفل الحديث عن فضائية الأقصى وفلسطين وبعض الإذاعات المحلية والصحف ومواقع الإنترنت التي حملّها مسئولية تعزيز الإنقسام والتشرذم، آملاً تغيير لغة الخطاب الإعلامي بلغة إيجابية تدعو إلى الوحدة والمصالحة وبالتالي تخفيف التعصب الحزبي.
هذا وتخللّ الورشة العديد من المداخلات التي انصبت حول تفعيل لغة الحوار والمنطق بدلاً من لغة الحدة والشدة والتعصب والإنقسام.
تغليب لغة الحوار
بدوره استهلّ صالح المصري مدير إذاعة صوت القدس حديثه بتذكير الحضور بحالة السجال الإعلامي التي شهدها القطاع في مثل هذه الأيام من العام الماضي، آملاً أن يعم الوفاق والوئام وينتهي الانقسام ونكون صوتًا واحدًا على عدونا".
ونوه المصري إلى تجربة إذاعته قائلاً" من خلال تجربتنا تبين لنا أن لغة الحوار والمنطق والوحدة هي اللغة الأقرب إلى الناس وهي اللغة التي يريد أن يسمعها الجميع في زمن التعصب والحزبية".
وأشار إلى أن إذاعته تعتمد استضافة الشخصيات الوطنية التي تتحدث بنفس وحدوي ولها تأثير إيجابي في نفوس المستمعين".
.وبحسب المصري فإن الشارع الفلسطيني لم يأسف أو لم يبد ضجرا كبيرا على إغلاق بعض الإذاعات الفلسطينية في قطاع غزة سيما تلك التي أغفلت الوحدة وبدا التعصب نهجها الواضح وكان يتمنى إغلاق إذاعات أخرى طبعا مع تحفظنا على آلية إغلاق هذه الإذاعات.
وأقرّ مدير إذاعة القدس بتعطش الشعب الفلسطيني للوحدة مشيرًا إلى أن ذلك يظهر جليًا من خلال البرامج والموجات المفتوحة التي تناقش هذا الموضوع حيث تلقى إقبالاً كبيرًا من المواطنين الذين سئموا الانقسام".
وأشار المصري إلى بعض النقاط أبرزها أن الشارع الفلسطيني يتحدث بإيجابية عن فضائية القدس قبل أن تطلق كونها تتحدث بلغة الحوار ونبذ التعصب، منتقدًا في ذات الوقت تدني لغة الحوار وبدلاً من المجادلة بالتي هي أحسن تتحول إلى نوع من السب والشتم والصوت الصراخ، وانتقد أيضًا مبدأ إذا لم تكن معي فأنت ضدي، آملاً أن ينتهي السجال الإعلامي طالبًا في ختام حديثه من منتدى الإعلاميين استضافة مديري فضائية الأقصى وفلسطين كونهما محور السجال الإعلامي وفق قوله.
مجموعة من التساؤلات
من جانبه طرح محمود البيك مدير البرامج في إذاعة الأقصى مجموعةً من التساؤلات أبرزها" لماذا هذا الغياب في الحوار الفلسطيني الداخلي؟ من الذي يعيق هذا الحوار،؟
وربط البيك بين الخطاب الإعلامي والحالة السياسية التي يشهدها المجتمع الفلسطيني بقوله"في الوقت الذي نشبت فيه" حوار صياغات بين ممثلي فتح وحماس خلال جلسات الحوار الوطني فيما يتعلق بمرجعية التفاوض مع" إسرائيل" كما نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني، كان هناك حوار ساخن ارتفعت درجة حرارته بارتفاع وتيرة الحوار والأحداث وصولاً إلى الوضع الحالي" طارحًا سؤالاً آخر وهو" هل الإعلام هو الذي يقود السياسة أم أن السياسة هي التي تقود الإعلام؟".
وقال البيك "في الحقيقة التعصب داء يبحث عن دواء، وهو في اللغة والإصطلاح يحمل معنى الشدة والتشدد بصحة الرأي وعدم الاستعداد لتقبل الرأي الآخر حتى لو كان على صواب".
وبينّ مدير البرامج في إذاعة الأقصى إلى أن معالجة آفة التعصب يتطلب بالتأكيد البحث عن الأسباب دون الخلط بينها وبين المظاهر والأنواع، ولا يتحقق ذلك إلا بإعادة النظر في فلسفة وأهداف التربية التي نتبعها في بناء المنظومة القيمية في مجتمعنا، ولفت إلى أنّ الجميع متفق على أن لا مستقبل للقضية الفلسطينية بدون وحدة الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن التناقض التناحري هو مع العدو المحتل ولا مكان له بيننا على الإطلاق، وأضاف" وعلى هذا الأساس فإننا جميعًا أبناء رسالة وقضية وأهداف وطنية واحدة، مهما اشتدت وتفاقمت خلافاتنا السياسية أو غيرها فلابد من حلها في إطار التناقض أو التعارض السياسي الديمقراطي".
واختتم حديثه بالقول" إما الحوار والإتفاق أو نتحولّ جميعًا إلى عبيد أذلاء في بلادنا بعد أن نخسرها ونخسر أنفسنا وقضيتنا، ويحق علينا قول محمود درويش" أيها المستقبل" لاتسألنا من أنتم؟ وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضًا لا نعرف!!".
وتخللت الورشة عدة مداخلات تركزت في مجملها على ضرورة ان ياخذ الصحفيون زمام المبادرة في تغليب لغة الحوار بين الفرقاء المتخاصمين وتقديم نموذج فريد وصالح للمجتمع يذيب الخلافات ويقرب وجهات النظر .