الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عائلة في طولكرم تعيش وسط أكياس الخيش والنايلون المهتريء وبقايا أشياء قديمة

نشر بتاريخ: 04/06/2008 ( آخر تحديث: 04/06/2008 الساعة: 17:17 )
طولكرم - معا - همسه التايه - في مكان ما في قلب محافظة طولكرم قرب مدينة الألعاب حيث الرفاهية والحياة ، والبنايات الشاهقة ، والعمارات التي تزهو بتصاميم مبتكرة والأراضي الزراعية الواسعة ، تجذبك شجرة تين معمرة تلقى بظلالها على أكياس من الخيش الممزق وأقاصيص من النايلون المهتريء " والذي أكل عليه الدهر وشرب " اضافة الى بقايا أشياء هي مأوى لعائلة فلسطينية " جار عليها الزمن " .

في ذلك المكان الذي لا يعزله عن الشارع الرئيسي سوى قطعة قماش بالية تحمي ساكنيها من عيون المارة ووحشة الليل و يفتقر الى أبسط متطلبات الحياه الانسانية و الشروط الصحية تسكن المواطنة أم وعد برفقة زوجها وأولادها الثمانية في ظروف سيئة للغاية دون اكتراث من أي كان على الرغم من معرفة العديد من المؤسسات سواء الرسمية أو الاجتماعية أو الاعلامية أو حتى أصحاب رؤوس الأموال في البلد بمأساتها .

معاناة العائلة بدأت قبل أكثر من تسع سنوات بعد أن ضاقت بها الحال وأجبرت تحت التهديد على مغادرة المنزل المستأجر" أملاك غائب " الذي كانت تقطنه وتدفع أجرته بشكل شهري. وأمام قوة المركز والنفوذ لم يكن من خيار أمام الوالدة ام وعد رغم توسلاتها وتقبيل الأيادي سوى مغادرة المنزل بعد أن طلب منها ذلك على لسان شخصية مرموقة في البلد لها وزنها وثقلها ليصبح الشارع مأواها تتوسد وأبناؤها الصخور وتتلحف الخوف وغدر الأيام .

تقول ام وعد المقطوعة من شجرة حسب قولها والتي لا يقوى زوجها على العمل لاستفحال الأمراض بجسده " شو بدي أقلك بطل الحكي ينفع ......رغم كل محاولتي للعيش تحت سقف يحميني تم اجباري على الخروج من المنزل حيث قالت لي احدى الشخصيات المرموقة في البلد " روحي ابني ( معرشية ) بالقرب من وادي الزومر وعيشي فيها " .

أم وعد التي تناضل من أجل توفير قوت يوم أبنائها رغم انقطاع المساعدة المالية من وزارة الشؤون الاجتماعية عنها واعتمادها على مساعدة وكالة الغوث فقط ، استطاعت بصبرها وثباتها وقدرتها على تحدي الظروف القاسية التي تعيشها أن تربى عددا يسيرا من الجاج والحمام تصرف منه على عائلتها رغم عدم قدرتها على توفير أبسط المتطلبات لأبنائها وبناتها الذين يلتحقون بالمدارس اضافة الى اعتمادها على موسم وجود أعشاب الخبيزة والعلك لتبتاعه لتأمين مصروف أبناءها اليومي .

وتنعكس الحياة التي تعيشها العائلة على نفسية الأبناء الذين رفضوا الحديث لنا أو حتى السماح لنا في الدخول الى المكان الذي يأويهم لتفقد أحوالهم خوفا من معرفة ملامحهم وبالتالي معرفة زملائهم بحالهم فيما لا تزال الابنه الكبرى والتي تدرس في الجامعة وتتبناها عائلة ميسورة الحال تخط وعبر رسائل كثيرة ما تشعر به من خوف وألم وضياع بحبر يفيض على ورق علها تجد من يسمع أنينها ويهتم بقضيتها لكن ؟؟؟؟؟؟ لا آذان صاغية .

الأدهى والأمر عدم توفر المياه للشرب و اعتماد العائلة على نقلها من بئر مياه قريب اضافة الى عدم وجود مكان لقضاء الحاجة حيث يضطر كل من يتواجد في ذلك المكان الى الاستتار بين الصخور بما في ذلك البنات .... ناهيك عن انتشار الذباب والحشرات السامة والأفاعي والفئران عدا عن الروائح الكريهة المنبعثة اضافة الى الأجواء التي لا يمكن تحملها والتي من شأنها نقل الأمراض والعدوى .

وتعليقا على وضع الأسرة والمعاناة الحقيقية التي ألمت بها والظروف التي ساعدت على تدهور وضعها اضافة الى عدم انصافها قال مصدر رسمي في وزارة الشؤون الاجتماعية " الى أنه تم شخصنة الأمور في قضية عائلة أم وعد والتي تعتبر قضية رأي عام ، اضافة الى أن طريقة التعامل مع المنتفعين " من العائلة " من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية كانت قاسية للغاية وتفتقر الى التعاطف والسرية المهنية .

وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه " لم يتم استدعاء ام وعد لأخذ افادتها بل كانت عملية اللقاءات تلقائية وعشوائية تتم في ممرات الوزارة وسط استخدام ألفاظ غير لائقة بحقها من قبل الموظفين دون تقديم المساعدة لها بل اشعارها بالاهمال والتعامل مع قضيتها بلا مبالاه .

وأكد المصدر قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بقطع المساعدة المالية المقطوعة والعينية و التأمين الصحي عن العائلة والحجة أنها تعتاش من قطيع الجاج الذي تمتلكه . واستنكر المصدر ذاته قيام مسؤول سابق في المحافظةبرفض التعامل مع القضية رغم أن استقرار العائلة كان يتوقف على قرار منه بعد محاولات ناجحه لبناء منزل للعائلة في ضاحية ذنابة قضاء طولكرم .

وحمل المصدر المسؤولية الكاملة في عدم وجود تأهيل مهني أو حتى تربوي لأي من أفراد الأسرة اضافة الى عدم وجود توعية حول قضايا الانجاب رغم وجود القضية في ملفات الشؤون الاجتماعية لأكثر من 13 عاما .

كثيرة هي الجهات التي تستطيع الوقوف بجوار عائلة أم وعد بدءا من وزارة الشؤون الاجتماعية التي أترك لها القضية لتأخذها على محمل الجد علها تستطيع نشل العائلة من محنتها بانتظار سماع كلمتها حول القضية اضافة الى المؤسسات الرسمية والحكومية والمجتمع المحلي وأصحاب رؤوس الأموال والتي بدورها تستطيع تأهيل العائلة من ناحية السكن اضافة الى التأهيل الصحي والتربوي وبالتالي تقديم المساعدة اللازمة .

ولأن العائلة بحاجة الى الدعم والمساندة ولأن ام وعد تتردد بالتوجه للقاء محافظ طولكرم العميد طلال دويكات رغم معرفتها بقيامهبتقديم العون والمساعدة لكل من يطرق مكتبه من ابناء المحافظة فهذه دعوة للعميد دويكات للاطلاع على أوضاع العائلة واحتضانها وتوفير سبل العيش الكريم لها " عل الفرج قريب " .