طواحين روسية بخبرة هولندية
نشر بتاريخ: 19/06/2008 ( آخر تحديث: 19/06/2008 الساعة: 11:17 )
بيت لحم - معا - منتصر إدكيدك - نعم.. لقد تمكن المدرب الهولندي غوس هيدينك من تحويل الدب الروسي إلى طاحونة لا تتوقف لتسعون دقيقة عن التسديد وتهديد منتخب الفايكنغ الذي بدا هزيلا ولا يملك روحا قتالية للفوز، ففي هذه المباراة كان واضحا أن البطل الأول للنسخة الأولى من البطولة الأوروبية عام 1960 في فرنسا يمكنه أن يستعيد مجده وان يعود لجو البطولة الحقيقي بلاعبيه الطواحين الذين يمتلكون روحا جماعية في اللعب وتشكيلة متكاملة من حارس المرمى ايغور اكنفيف الذي لم يتجاوز 22 عاما إلى الدفاع اليقظ الذي لم يسمح بأي اختراق حقيقي للمنتخب السويدي وللاعبة اهيومفيتش، وكذلك الوسط الديناميكي الذي لم يتوقف عن الحركة والتمرير لتحقيق الفوز وبشكل خاص اللاعب يوري جيركوف الذي يحمل خبرة تنافس نجوم العالم بتحركاته وتمريراته، ولا ننسى الهداف الروسي بافيلوتشنكو الذي أبهر الجمهور باقتناصه للأهداف المباغتة.
والأجمل أن الخبرة الهولندية عندما نقلت للاعبين الروس نقلت بشكل بسيط وتكتيك اعتيادي غير معقد لنجد بأن التشكيلة الروسية لم تكن بالتشكيلة الفلسفية بل قسمت بشكل دراماتيكي لتكون 4-4-2 ولتشكل ضغط وقوة لم يتوقعا أحد من المتابعين، مع أن التاريخ القديم يؤكد بأن روسيا تستحق الوصول للنهائي وإحراز اللقب، لأنها كانت لثلاث مرات في المباراة النهائية لتخرج بالمركز الثاني وحققت اللقب لمرة واحدة.
ولو دخلنا إلى جو المباراة فسنلاحظ أن الفريق الروسي قد توجه للمباراة وهو متأكد بأن الفوز هو كفيله الوحيد للتأهل، مما دفعه لأن يقاوم منذ اللحظة الأولى ويشن الهجمات المتكررة وأن يسمح في الدقائق الأربعة الأولى للمنتخب السويدي باللعب، ليحول كفة المباراة لصالحه، وليسجل الهدف الأول في الدقيقة 24 بعد تمريرات مركزة وذكية من لاعبي المنتخب الروسي مخترقين دفاع الفايكينغ لتصل الكرة القدم بافليوتشنكو الذئب ليودعها بتسديدة في شباك الحارس أندرياس إيساكسون تصدى لأكثر من عشرة أهداف روسية بمساعدة القوائم والعارضة اللتان رحمتاه من هدفين حقيقيين.
وبالنسبة للشوط الثاني، فلم يشعر المتابع لهذه المباراة أن المدرب السويدي لارس لاغرباك الذي أجرى تبديلا واحدا حتى الدقيقة 78 أنه قد أمسك بزمام المبارة أو استطاع أن يحللها بالشكل المطلوب، فلم نلاحظ أي تحركات سويدية وتحضيرات كما كنا نأمل، بالإضافة لاقتصار التسديدات السويدية على اللاعب اهيومفيتش الذي سدد أكثر من 5 ضربات ولكن بدون أي فائدة، وهذا "باعتقادي" كان أحد أسباب الهزيمة السويدية التي اعتمدت بجميع تسديداتها على هذا اللاعب عداك عن التسديدة الصاروخية للاعب هانريك لارسون التي أبعدتها العارضة في الدقيقة 41، وكذلك للتسديدة الرأسية التي أبعدها المقص في بداية المباراة.
وهنا لا نقول بأن الفريق السويدي لا يملك أي مفتاح من مفاتيح اللعب الجميل أو الخبرات، فتمريراته كانت تحمل شيئا من الفنون والخبرة المبنية على سنوات اللعب الطويلة في الملاعب الأوروبية للاعبي المنتخب، ولكن لم تنسجم هذه الخبرة أمام الدب الذي تحول لطاحونة في المباراة، عداك عند الأعمار الروسية الشابة والتي لم يتجاوز أكبرها الخامسة والعشرون، وبالمقابل الأعمار السويدية التي تراوحت من سن 22 عاما و37 عاما، وهذا ما أظهر السرعة في الحركة والتمريرات بين لاعبي المنتخب الروسي، والأهم أن معظم لاعبي الوسط السويدي كانون من أصحاب الأعمار الكبيرة، عداك عن عدد من لاعبي خط الدفاع الذين معظمهم من مواليد السبعينات من القرن الماضي.
في النهاية المنتخب الروسي وجه رسالة أوروبية في هذه المباراة بان لاعبيه الشبان سيكون لهم وطأة قدم في الكرة الأوروبية والعالمية، فإن لم تكن في هذه البطولة فستكون بالبطولات القادمة لأن أعمارا لم تتجاوز الخامسة والعشرون ستحمل مستقبلا مشرفا مع هذا المستوى الرائع.
ولا ننسى أن المباراة القادمة ستكون أمام هولندا والتي ستكون مباراة كاملة الإدارة الهولندية والسيادة الهولندية سواء إن فارز الروس أو الهولنديين لأن المدربين على نفس الأرض، وكلاهما سيحاول تحويل لاعبيه لطواحين تحصد الفوز بالنهاية.