صفقات التبادل فتحت الجرح- ذوو الشهداء في مقابر الأرقام الإسرائيلية يبحثون عن قبور لابنائهم تطفئ نيران الشوق
نشر بتاريخ: 08/07/2008 ( آخر تحديث: 08/07/2008 الساعة: 13:28 )
غزة- تقرير خاص معا- "اعيدوا لي ذراعه، او قدمه، فليكن أي قطعة من جسده، احب أن اقرأ عليها السلام وأهديها التحية وأدفنها في قبر قريب لتكون لي مزاراً". كلمات والدة الشهيد المحتجز محمود زهير سالم من جباليا منفذ عملية ميناء أسدود البحرية مع رفيقه الشهيد نبيل مسعود وقد اختلطت دماؤهما في البحر في الرابع عشر من مارس 2003.
تضيف أم محمود "أعلم أن جسده قد تحلل بعضه، وقد اكلته الكلاب الضارية والوحوش في مقابر الأرقام, ولكن كم أرغب أن أزوره في قبر قريب واحتضن التراب الذي يحميه".
اما شقيقة الشهيد ربحي أحمد الكحلوت من جباليا فتقول ان جثمان شقيقها حكم بالمؤبد منذ 13 عاماً وهي لا تعرف أين يدفن وقد توفيت والدته فور استشهاده.
والشهيد ربحي الكحلوت كان قد نفذ عملية كفار داروم في العام 1995 وقد استشهد مع رفيقه الذي نفذ تلك العملية محمد أبو هاشم من محافظة رفح وتحفظت اسرائيل على جثمانيهما وأصدرت بحقهما عدة احكام.
قبورهم التي دفنوا فيها بأكياس سوداء لا تحمل أسماء ما تحمله رقماً مدوناً في ملف خاص مختبئ في أدراج المخابرات الاسرائيلية، هم فقط من يعرف لمن ذاك القبر ولمن ذاك الرفات، في حين تستميت عائلاتهم الفلسطينية والعربية لدفن أبنائها في مقابر اسلامية يقرأ عليها السلام في كل حين.
ثلاجات ومقابر " قذرة" وأحياناً ألواح زجاجية تحيط بجثامين محنطة لبعضهم، تلك الأماكن التي تحفّظ فيها الاحتلال الاسرائيلي على أجساد وجثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، وقد كشفت في الآونة الأخيرة عن ثلاث مقابر لتدحض الزعم الاسرائيلي بأنه لا مقبرة أرقام سوى واحدة.
الفصائل والعائلات الفلسطينية والعربية من ذوي الشهداء المختطفين من قبل الاحتلال ناشدت دوماً الإفراج عن رفات أبنائها في حين استعملها الاحتلال الاسرائيلي كورقة سياسية للضغط والمساومة.
مجموعات الشهيد أيمن جودة التابعة لكتائب شهداء الأقصى باركت صفقة التبادل الاسرائيلية مع حزب الله والتي تنص على الافراج عن رفات الشهيدة دلال المغربي وباقي رفاقها.
وطالبت المجموعات المقاومة اللبنانية وقيادة حزب الله بأن يشمل الإفراج عن جثث وأشلاء الشهيدين فادي أحمد حسن العامودي من سكان بيت لاهيا، منفذ عملية تفجير معبر إيرز بتاريخ 17/4/2004، والشهيد نائل محمد أحمد عمر من مخيم الشاطئ بمدينة غزة، منفذ عملية كفار داروم بتاريخ 18/4/2004.
وقالت مجموعات ايمن جودة أن هذا أقل ما يمكن أن يقدم لأهالي الشهداء الذين ينتظرون تسليم أشلاء أبنائهم ودفنها في مقابر المسلمين.
شهداء الأرقام من غزة
وتحتجز اسرائيل جثامين عدد من قطاع غزة ممن قضوا إما في عمليات فدائية أو في مواجهة عسكرية مع قوات الاحتلال، حيث قدّر مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين صابر ابو كرش عددهم من القطاع بما لا يتجاوز 40شهيدا، فيما قدر نشأت الوحيدي من لجنة اهالي الشهداء الاسرى العدد بـ 88 شهيداً، آخرهم الشهيدان محمد فروانة وحامد الرنتيسي اللذين استشهدا في عملية الوهم المتبدد حيث ربط الاحتلال الإفراج عنهما بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط والأمر ذاته ينطبق على احتجاز جثث شهداء حزب الله في حرب تموز من العام الماضي.
نشأت الوحيدي منسق عام الحركة الشعبية لنصرة الأسرى والحقوق الفلسطينية والتي انبثقت عنها لجنة اهالي الشهداء الأسرى اكد على ان هناك عدد لا يستهان به من جثامين الشهداء العرب والفلسطينيين، مستهجنا عدم الاهتمام بهم من قبل الحكومات العربية مشيراً إلى معاناة ذويهم لا سيما من قطاع غزة.
وقال الوحيدي: "ان الاحتلال يطلق كلابه الضارية نحو تلك المقابر التي وثّق منها ثلاثة مقابر عدا عن أنه يلف جثامين الشهداء بجلود الخنازير اعتقاداً منهم أنها تمنع إدخالهم الجنة وذلك كما ورد في توراتهم كما يقول".
وسبق لحزب الله أن أعاد جثث تسعة وخمسين مواطناً لبنانياً، والكشف عن مصير أربعة وعشرين مفقوداً لبنانياً وتسليم خرائط الألغام في جنوب لبنان وغرب البقاع وذلك ضمن عملية التبادل التي تمت بتاريخ 29 يناير 2004.
كما وسبق أيضاً أن أعادت السلطة الوطنية الفلسطينية رفات 15 شهيداً فلسطينياً استشهدوا خلال تنفيذهم هجمات ضد مواقع وأهداف إسرائيلية، ومن ثم احتجزت قوات الاحتلال جثامينهم، عن طريق معبر بيت حانون "إيرز" الواقع شمال قطاع غزة، وذلك بتاريخ 13 فبراير 2005.
الأسير المحرر والخبير في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة يقول ان أربعة مقابر إسرائيلية قد تضم ما يزيد عن 300 شهيد فلسطيني وعربي كُشف عنها في السنوات الأخيرة، معظمها يقع داخل أراضي عام 1948، وهي مقبرة الأرقام المجاورة لجسر " بنات يعقوب "، التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا ، وهي تضم رفات مئات الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982وما بعد ذلك وفيها قرابة خمسمائة قبر، وليس فيها ما يدل على هويات ساكنيها سوى لوحات معدنية تحمل أرقاماً أكلها الصدأ.
ويشير فروانة إلى حالة "القذارة وعدم الاهتمام التي تحل بتلك المقابر", مشيرا الى تناثر قبور لا فواصل بينها على الجوانب، بالاضافة إلى مقبرة بير المكسور، وأخرى تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وجسر دامية في غور الأردن ، خلف الأسلاك الأمنية المكهربة في منطقة جسر دامية في غور الأردن ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية " مقبرة لضحايا العدو" ويوجد فيها أكثر من مائة قبر، وتحمل هذه القبور أرقام من" 5003 -5107 " ولا يعرف إن كانت هذه الأرقام تسلسلية لقبور في مقابر أخرى أم أنها كما تدعي إسرائيل مجرد إشارات ورموز إدارية لا تعكس العدد الحقيقي للجثث المحتجزة في مقابر الأرقام في حين تقع مقبرة "ريفيديم" في غور الأردن، وتعرف قبورهم عن طريق اللوحات الخاصة والتي تحمل رقماً لكل قبر ومثبتة داخل الرمال ومقبرة " شحيطة" في قرية وادي الحمام شمال طبريا وبالتحديد في سفح الجبل الذي شهد معركة حطين.
وكانت صحيفة يديعوت احرنوت العبرية قد كشفت في أوائل شهر كانون ثاني 1994 وجود مقبرتين للشهداء الفلسطينيين وهي مقبرة جسر بنات يعقوب ومقبرة جسر دامية".
واعتبر فروانة ان احتجاز رفات الشهداء من أكبر الجرائم الانسانية والدينية والقانونية التي ترتكبها اسرائيل وتتعمد في ذلك لإيذاء ذويهم وتعذيبهم كعقاب جماعي ، حيث أن كافة القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة تمنع احتجاز رفات الشهداء وتلزم دولة الاحتلال بتسليمهم الى ذويهم.