روني شاكيد في "يديعوت احرونوت": عروس يافا.. دلال المغربي في طريقها للحرية
نشر بتاريخ: 09/07/2008 ( آخر تحديث: 09/07/2008 الساعة: 19:16 )
بيت لحم - معا- "عروس يافا ...دلال المغربي في طريقها للحرية".. تحت هذا العنوان كتب الصحفي الاسرائيلي روني شاكيد مقالا في صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية يتناول فيها حياة الشهيدة دلال المغربي وكيف ينظر اليها الفلسطينيون باعتبارها رمزا من رموز البطولة .. كما يصف شاكيد وقايع العملية التي قادتها دلال حتى استشهادها . وفيما يلي النص الكامل للمقال :
عروس يافا . هكذا يلقب رجال فتح دلال المغربي المقاتلة التي قادت خلية عملية الساحل قبل 30عاما والتي من المقرر ان تنقل جثتها الى الجانب العربي ضمن صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحزب الله .
الشارع الفلسطيني ينتظر عودة دلال منفذة العملية الاخطر والاقسى في تاريخ الدولة بفارغ الصبر ويتعهدون باقامة حفل زفافها الذي كان مقررا بعد عودتها من العملية لكنه تأخر لثلاثين عاما والان يخططون في رام الله لزفافها لفلسطيني .
يبدو ان سمير القنطار هو اساس وصلب صفقة التبادل من وجهة نظر الاسرائيليين وحزب الله لكن بالنسبة للفلسطينيين فان " اطلاق " سراح دلال المغربي هو اساس وصلب هذه الصفقة التي اتفق خلال الايام الماضية على تفاصيلها وصياغاتها .
وفي بيت عائلة المغربي في بيروت تجري التحضيرات لاستقبال البنت العائدة ويستعد الفلسطينيون وبالتعاون مع حزب الله لتنظيم جنازة جماهيرية مهيبة تليق بها وكذلك في رام الله يحضر رجال فتح لاقامة حفل كبير يخططون لتحويله الى " عرس" تزف فيه عروس يافا الى فلسطين .
العملية التي قادتها دلال المغربي حصدت 35 قتيلا اسرائيليا وعشرات الجرحى كان معظمهم في الحافلة التي سيطرت عليها مجموعة دلال يوم السبت الموافق 11/3/1978 وصبيحة اليوم الثاني للعملية قال مراسل "يديعوت احرونوت" ان اعضاء المجموعة الاحد عشر كانوا سكارى بالنصر ووزعوا الحلوى على ركاب الحافلة التي اختطفوها وفقط دلال المغربي التي احتفظت بصرامتها وجديتها واجبرت الركاب على التزام الصمت بطريقة شديدة ومنعت الجرحى من تلقي العلاج .
احتلال تل ابيب
كل شعب على وجه الارض يحتاج الى اسطورة وبحث الفلسطينيون خلال الاعوام التي اعقبت عملية الساحل عن بطل جدير بالتقليد وتحولت دلال المغربي الى ذلك البطل ليس فقط لدورها في عملية الساحل تلك العملية التي استقرت في الذاكرة والوعي الجماعي الفلسطيني كأحدى عمليات فتح البطولية ولكن لكونها ايضا اولى مقاتلات فتح التي اشتركت الى جانب الرجال في عملية مركبة ومعقدة .
ان البطولة التي اظهرتها دلال والاسم الحركي الذي اختارته قبيل الخروج للعملية " جهاد " غذيا الخيال الفلسطيني الذي طور القصص الاسطورية التي تناولت البطلة وحكايتها وقيل عنها بانها اول ضابطة فتحاوية نالت رتبتها مباشرة من يد قائد قوات العاصفة ابو جهاد وقالوا بانها كانت قائدة عملية الساحل حيث قادت المقاتلين الاحد عشر وهبطت بهم على الساحل ولكن اكثر القصص الاسطورية تلك التي بثتها قبل ايام احدى القنوات التلفزيونية اللبنانية حيث قالت مقدمة البرنامج " جيزايل " بان دلال المغربي احتلت تل ابيب واعلنتها دولة فلسطينية على مدى 16 ساعه حتى استشهادها .
واسطورة المغربي لا تنتهي هنا فياسر عرفات الذي دأب في كل خطاب وكلمة على ذكر اسماء الشهداء لم يتنازل عن ذكر اسم دلال المغربي وصورتها كانت تغطي احد جدران مكتبه على الدوام واطلق اسمها على مدارس عديدة في المناطق الفلسطينية وخصها الشاعر السوري نزار قباني بلقب " الرئيسة الفلسطينية " ولا زالت اسطورة دلال تتهادى في ذاكرة الفلسطينيين حتى اليوم فقبل شهر قال فيها الشاعر الفلسطيني سامي خلف من طولكرم " قومي مجددا واصرخي في وجههم لاننا بحاجة اليك " وحتى احد اجنحة فتح العسكرية العاملة في غزة والضفه الغربية اختصت نفسها باسم " كتائب الشهيدة دلال المغربي " التي نفذت قبل شهر عملية اطلاق نار بالقرب من مستوطنة حومش .
القاتل اهود باراك
ولدت دلال المغربي عام 1958 في مخيم اللاجئين صبرا القريب من بيروت لام لبنانية واب فلسطيني من لجأ من يافا وعلقت الصحافة الفلسطينية اكاليل الغار والثورة على رأس والد دلال مدعية بانه قاتل تحت امرة الشهيد عز الدين القسام شخصيا .
تلقت دلال تعليمها الابتدائي والاعدادي في احدى مدارس وكالة الغوث وانضمت الى صفوف حركة فتح اثناء دراستها الثانوية في مدرسة " حيفا " بمدينة بيروت ومنذ ذلك الوقت تلقت التدريبات العسكرية الاولية ويستشف من نشرات حركة فتح بان دلال تتمتع بقدرات قيادة وحماسة كبيرة لخوض الكفاح الفلسطيني .
كان من المقرر عقد قرانها نهاية عام 1978 ولكن قبل وقت قليل من اقامة حفل الزفاف جرى اختيارها لتنفيذ عملية الساحل خاصة وان حركة فتح رفعت في تلك الفترة رايات العلمانية والمساواة بين الرجل والمرأة لكن مشاركة النساء في العمل المسلح كانت ضئيلة في تلك الفترة الامر الذي اظهر وابرز قصة دلال المغربي وجعلها جزء من الذاكرة الجماعية الفلسطينية .
عملية الساحل بادر وخطط لها ابو جهاد شخصيا الذي حرض على اختيار المشاركين بها بنفسه ومنح المجموعه المنفذه اسم " دير ياسين " .
ويذكر الفلسطينيون صورة جثة دلال المغربي الملقاة على ارض الساحل مرتدية ملابس الكوماندو واهود باراك الذي قاد العملية العسكرية الاسرائيلية المضادة يقف عليها ويحاول فحص ما في جعبتها العسكرية اكثر مما يتذكرون وجهها .
حظيت الصورة بتغطية واسعه جدا في مختلف الصحف العربية في ذلك الوقت وعادت هذه الايام لتحتل مكانة مرموقه على شاشات التلفزة وصفحات الصحف تحت عنوان " هذا دم الشهيدة دلال المغربي يا باراك هل تذكره ؟ ان دماء دلال وبقية الشهداء تنفجر هذه الايام في وجهك ".
وفي محاولة للتذكير بالصورة يكتب احدهم " لم لا يعرف عن ماذا نتحدث " الارهابي اهود باراك قلب جثمان الشهيدة دلال المغربي ويشد شعرها وذلك بعد ان اشرف مباشرة وبشكل شخصي على رش جسدها بالرصاص ولم يكتف بذلك ولم يخجل بل سحب جثمانها امام عدسات المصورين .
وبشكل مفاجيء يتضح اليوم بان الضابط الظاهر في الصورة الشهير ليس اهود باراك الذي لم يكن موجودا اصلا في المكان .
ويعتبر باراك نجما في الصحافة الفلسطينية ليس فقط لدوره المفترض في تصفية الشهيدة دلال المغربي وانما لدوره في عملية اغتيال القادة الثلاثة كمال عدوان وكمال ناصر ومحمد يوسف النجار في بيروت عام 1973 التي خصصت فتح عملية الساحل لذكرى القادة الثلاثة الذين اغتيلوا قبلها بخمس سنوات .
وكتب احدهم يوم امس في احد المواقع الالكترونية التابعه لحركة فتح " القاتل اهود باراك اغتال كمال عدوان وبعدها دلال المغربي وحين كان رئيسا للوزراء تجرأ ومد يده ليصافح ياسر عرفات ودلال المغربي لم تتصور في يوم من الايام ان يتحول قاتلها الى صديق رئيس منظمة التحرير .
وتصف ادبيات حركة فتح لحظة استشهاد دلال بالطريقة التالية " المعركة كانت صعبة وقاسية ونجحت دلال في تفجير الباص الذي كان يقل جنودا قتل اغلبهم وحين نفذت ذخيرة دلال ورفاقها اصدر اهود باراك اوامره بقتلهم ونجحت دلال المغربي قبل استشهادها بقول عبارة " النضال سيستمر حتى تحرير كامل فلسطين .
ادفنوني عميقا في ارض فلسطين
قبل خروجها لتنفيذ العملية تركت دلال المغربي خلفها وصية توصي بها عائلتها دفنها داخل الارض الفلسطينية واوصت الفلسطينيين عموما وقالت " اطلب منكم التسمك بالبندقية وتوجيهها دائما الى صدر العو الصهيوني عليكم تجميد خلافاتكم وتعزيز النضال ضد اسرائيل ".
ويطالب عيس قراقع احد قادة فتح في الضفه الغربية وعضو المجلس التشريعي بضرورة احترام وصية دلال المغربي وقال " سمعت من عائلتها بانها اوصت بان تدفن داخل فلسطين لذلك ادعو ابو مازن الى التدخل ومنع اعادتها الى لبنان " .
واضاف قراقع " هذا ليس طلبا شخصيا مني وانما يمثل رأي كثيرين في فتح ودلال المغربي بطلة فلسطينية حقيقية وصورتها تزين كل بيت فتحاوي وفي كل مكتب من مكاتب الحركة ستجد البوستر الذي تم طباعته تخليدا واحتراما لها ".
ووعد عضو المجلس الثوري لحركة فتح وممثل المنظمة في لبنان عباس زكي بعمل كل ما يلزم بالتعاون مع حزب الله والوسيط الالماني لضمان نقل جثة دلال الى رام الله او القدس او بيت لحم لقد طلبت دلال ان تدفن في فلسطين وعلينا الاستجابة لهذا الطلب وتنفيذ وصيتها ، اضاف عباس زكي .