انتخابات... وانتفاضة داخل التنظيمات. بقلم :خالد منصور
نشر بتاريخ: 12/11/2005 ( آخر تحديث: 12/11/2005 الساعة: 21:00 )
معا- لقد حرّكت الانتخابات ما كان ساكنا في جوف التنظيمات الفلسطينية.. ووضعتها أمام الامتحان الصعب.. فإما أن تنال ثقة الجماهير وتحوز على أصواتها لتحقق الوجود الشرعي لها على الخارطة السياسية، ( تلك الخارطة التي من المؤكد أنها ستظهر بعد الانتخابات بشكل جديد ومغاير لما كان مألوفا إبّان مرحلة الثورة ).. وإما أن تتهاوى وخصوصا تلك التي لم تستطع إقناع الجماهير بأهمية ومبررات وجودها ، ولم تحظ بثقة الناخبين-- كثمرة لوجودها الملموس وعملها على الأرض، وتغلغلها الحقيقي بين صفوف الجماهير للدفاع عن مصالحها، وقيادتها في مختلف معاركها.
وقد خلقت الانتخابات حالة شديدة من التنافس باتجاهين: الأول، بين التنظيمات المختلفة على كسب ود الجماهير وأصواتها.. والثاني ،وهو اشد وأكثر ضراوة ،بين كوادر وقيادات كل تنظيمعلى حده ، للحصول على مكان متقدم في قوائمه الانتخابية.
. ومن المؤكد أن التنافس الأول والذي سيحصل بين التنظيمات، سيكون شديدا وطاحنا ستتسع ساحات معاركه لتغطي كل الأراضي الفلسطينية وكل التجمعات السكانية، وستستخدم فيه كل الأطراف، كل ما لديها من أسلحة، لتحقق الانتصار الذي هو ضروري جدا لها، ( وسيكون بمثابة حياة أو موت للكثير منها ).
. وسيلعب المال ،والنفوذ والتاريخ والبعد العائلي والامتداد الخارجي، دورا كبيرا في كل تلك المعارك، وذلك بهدف التأثير على الناخبين ،واستمالتهم لهذا الطرف أو ذاك.
. أما التنافس الثاني والذي سيحدث داخل كل تنظيم على حده فسيكون-- بين القوى المهيمنة على القرار والمقدّرات-- وبين القوى الطامحة للتغيير والتجديد-- بين القديم، والجديد-- بين الشباب، والشيوخ-- بين دعاة الانفتاح على الواقع والاقتراب من الجماهير، وبين الانغلاق والتحجّر والخوف من التوسع والتعالي على الجماهير.. وستصطدم في هذا التنافس الشعارات والقيم، مع الممارسات، وستستخدم الهيئات والشرعيّات أبشع استغلال، وستظهر الديمقراطية كخرقة بالية من كثرة اختراقها، ومن البديهي جدا أن يستهلك هذا الصراع الداخلي جزءا كبيرا من طاقة كل تنظيم، ويعطلها ويحول دون لعبها دورها المفترض مع الجماهير للتأثير بها واستقطابها، وستزداد ظاهرة الحرد بين الكوادر ولجان المناطق والأقاليم، وقد تصل الأمور حد الخروج عن القرارات وعصيانها، وأكثر من ذلك قد تصل حد بناء محاور ذات طابع جهوي أو مصلحي، الأمر الذي يضعف من القدرة على حشد القواعد التنظيمية وتجنيدها لتنفيذ الخطط المركزية، وسيظهر للعيان أن الأمر هو أكثر خطورة، لان أجسام تلك التنظيمات ( التي تم النفخ بعضويتها في مراحل سابقة لخدمة أغراض انتخابية داخلية )-- هي هشة ضعيفة وغير متماسكة-- بسبب تراكم الإهمال لها وتهميشها منذ فترات طويلة.
وفي فجر اليوم الذي سيلي يوم الانتخابات سيبدأ صراع من نوع جديد داخل كل تنظيم، وهو صراع كان قد نشب منذ لحظة بدء التحضير للانتخابات.. وستسرع الصدمة التي ستصيب التنظيمات الخاسرة، عملية الحراك الداخلي فيها، وستتفاقم أزماتها الداخلية وسينتج عن ذلك زوال بعض التنظيمات.. وتوجه لاندماجبعضها مع البعض الاخر أخرى.. وانشقاق تنظيمات.. وولادة اخرى وتشكل اطر جديدة.
لكن الأمر الأكثر أهمية أن تجربة الديمقراطية والانتخابات ستكشف عن المستور في الحياة الداخلية للتنظيمات، وستكشف قدراتها وعمق صلاتها مع الجماهير، وستضع برامجها على المحك، وستسلط الأضواء على ثغراتها، ومواطن قوتها.. وأخيرا والاهم من ذلك انه سيكون هناك من سيتحمل الفشل، ليطاح به، سواء كان فردا أو جماعة أو هيئات، أو كان نهجا و برامج وسياسات.
مخيم الفارعة - 11/11/2005