الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض يلتقي الرئيس الأندونيسي ويلقي كلمة في إفتتاح المؤتمر الدولي في جاكرتا

نشر بتاريخ: 14/07/2008 ( آخر تحديث: 14/07/2008 الساعة: 19:30 )
نابلس - معا - إلتقى رئيس الوزراء د.سلام فياض صباح اليوم مع الرئيس الأندونيسي "يودهويونو" في العاصمة الأندونيسية جاكرتا، حيث يُعقد المؤتمر الدولي للمساعدة في بناء قدرات السلطة الوطنية.

وقد اطلع رئيس الوزراء د.فياض الرئيس الأندونيسي على تطورات الوضع الفلسطيني، والجهود الكبيرة التي تبذلها السلطة الوطنية لتعزيز صمود المواطنين، من خلال تطوير دور وتقوية مؤسسات السلطة الوطنية لتكون قادرة على تلبية إحتياجاتهم، وذلك وفقاً للخطة الفلسطينية الثلاثية للتنمية والاصلاح للأعوام 2008-2010.

كما أوضح فياض للرئيس يودهويونو العقبات التي تواجه عملية السلام، سيما في ظل تصعيد اسرائيل للأنشطة الإستيطانية، وخاصة في مدينة القدس، إضافة للإعتداءات اليومية على مختلف المدن الفلسطينية، والتي كان آخرها في مدينة نابلس، والتي تهدف الى تقويض جهود الحكومة، والإنتقاص من مكانتها لدى أبناء الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يسبب مزيداً من إضعاف مصداقية عملية السلام، ويعرض الجهود الدولية المبذولة في هذا السياق للخطر.

وإعتبر فياض أن رعاية وتنظيم أندونيسيا هذا المؤتمر يشكل دعماً مباشراً لجهود السلطة الوطنية في بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، إلاّ أن الأهم، أن ذلك يعتبر إنتصاراً ودعماً للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وسعيه لنيل الحرية والاستقلال.

من جانبه أكد الرئيس الأندونيسي دعم بلاده ووقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني، وحقه في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، الأمر الذي يتطلب وقف كافة الأنشطة الاسرائيلية في مختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوقف عن وضع العقبات أمام جهود السلطة الوطنية وبرامجها الأمنية والاقتصادية والادارية.

وقد إلقى رئيس الوزراء في إفتتاح أعمال المؤتمر الذي يشارك فيه وزراء من حوالي "53" دولة،كلمة هذا نصها :

إنه لشرف كبير أن أكون بينكم اليوم، واسمحوا لي بداية أن أتوجه بالشكر إلى جمهورية إندونيسيا التي نظمت هذا المؤتمر وسيادة الرئيس يودهويونو على استضافة هذا المؤتمر.

السيدات والسادة:

على مدار الأشهر الأخيرة شاركنا في مفاوضات مع الإسرائيليين، جوهرها بالنسبة لنا إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وحل النزاع بيننا، والبحث في حل عادل لقضية اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار 194، وكما طرحتها المبادرة العربية للسلام. الشعب الفلسطيني يتطلع إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

هذه الدولة تحتاج إلى ما هو أكثر من أرض وشعب، فهي تحتاج كذلك إلى حكومة قوية قادرة وفعالة في إدارتها، حكومة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار والعدالة. بدون هذه المقومات لا يمكن لأي تنمية أو 'بناء قدرات' أن يتحقق.

فالدولة الفلسطينية يجب أن تنهض بالاقتصاد الفلسطيني، وتقدم الخدمات الضرورية للشعب الفلسطيني وتخلق المناخ المناسب لتحقيق الرفاهية. لهذا كله قدمت حكومتي لدى تسلمها مهامها خطة أو رؤية تُنظم برنامج عمل الحكومة، وتسيّر عملها.

هذه الرؤية تتلخص في تحقيق سيادة فلسطينية على قطاع غزة والضفة الغربية في حدود عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها. هذه الرؤية تتمثل في دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتعمل على تحقيق المساواة لكل المواطنين.

رؤيتنا تتمحور حول حق الشعب الفلسطيني يعيش في بيئة مستقرة تحت سيادة حكم القانون، في دولة تحترم نسيجها الاجتماعي وتتآلف مع الثقافة العربية الفلسطينية، القيم الإنسانية، و'احترام الديانات'. دولة تقدمية تحترم وتقيم عالياً العلاقات مع شعوب ودول العالم كافة. رؤيتنا تتضمن أيضاً رفاهية لفلسطين واقتصاد مفتوح على أسواق مختلفة في العالم.

نحن ملتزمون ببناء سلطة قادرة على تحقيق الرؤية لشعبنا، ونحن نحتاج إلى مساعدتكم في هذا المجال، ومؤتمركم الذي يعقد اليوم يرمي إلى مساعدتنا تحقيق هذه الأهداف.

لتحقيق رؤيتنا هذه قدمنا الخطة الفلسطينية الثلاثية للتنمية والإصلاح للأعوام 2008-2010 والتي تجمل الأهداف والأولويات والخطط لكافة قطاعات الحكم الرئيسية، متماشية مع الجهود التي نبذلها لبناء دولتنا.

الخطة الفلسطينية للتنمية والإصلاح حصلت على تأييد المجتمع الدولي في مؤتمر باريس الذي عقد نهاية العام الماضي وحصد حواليّ 7.7 بلايين دولار.

السيدات والسادة:

منذ تسلمنا الحكم العام الماضي، بذلت الحكومة جهوداً كبيرة في تحسين وزيادة ثقة المواطنين الفلسطينيين من خلال 'بناء القدرات' والإصلاح في كافة القطاعات، والتي تنصب في الوقت الراهن على تعزيز جهودنا في مجاليَ الأمن والعدل لبناء بيئة داخلية مستقرة وآمنة بحيث يمكن للتنمية وبناء القدرات أن يتحقق.

لقد استضافت ألمانيا مشكورة مؤتمر برلين لدعم الشرطة الفلسطينية وسيادة القانون حيث قدم المانحون حواليّ 240 مليون لمساعدتنا في تدريب وتأهيل وتعبئة، وتوفير مهاجع ومقرات لقوات الشرطة.

المانحون يساعدوننا أيضاً على تنظيم وإعادة هيكلة وتطوير قدرات قطاع العدالة لإعادة ثقة المواطنين في النظام القضائي وخفض عدد القضايا وفرض، وتنفيذ قرارات المحاكم. في الوقت الذي نستمر فيه ببذل جهودنا في هذه القطاعات، نأمل من مؤتمركم هذا أن يركز على قطاعات أخرى تتطلب الاهتمام ذاته.

'النزاهة والشفافية':

نحن مهتمون بأن نقدم دوماً حكومة منفتحة وتعمل بنزاهة أكبر بين مواطنيها، وكذلك نحن ملتزمون بمبدأ فصل السلطات، وبالمراقبة القوية من قبل السلطة القضائية والتشريعية على السلطة التنفيذية، ونهدف إلى أن يكون لدينا نظام حكم صالح ورشيد، في إدارة كافة مناحي الحياة وحينها فقط نستطيع أن نستجيب لمطالب الشعب.

نحن الآن بحاجة إلى 'بناء القدرات' في دمج ميزانياتنا الجارية مع ميزانيتنا التنموية والعمل على إعداد ميزانيات للبرامج. كما نحتاج إلى تحديد الأهداف والغايات بخصوص سياساتنا في قطاعات التعليم والصحة وقطاعات حيوية أخرى من أجل التخصيص الجيد لهذه الميزانيات.

إن الإصلاح في مجال إعداد وتخصيص الميزانيات يمهد الطريق لضمان أن النفقات العامة يتم توجيها بآليات نموذجية.

'الإصلاح في مجال الإدارة والخدمات المدنية':

إن الحكومة معنية وملتزمة بتطوير كفاءة عمل مؤسساتها عن طريق تحديث الإدارة العامة وإدارة الخدمات العامة. وإن جوهر هذه الإستراتيجية تتمثل في سلسلة من الإصلاحات الإدارية والمؤسساتية في القطاع العام، الأمر الذي يزيد من مستوى مهنية واستقلالية الجهاز الحكومي، لهذا فنحن نعمل على إصدار وتحديث القوانين والتشريعات التي تضبط مهام الوزارات والإجراءات الداخلية، والقطاع العام بحاجة إلى إعادة هيكلة وتنظيم.

إن أكفأ الإجراءات يجب أن تنفذ في:

§ التعيينات المبنية على أسس الكفاءة

§ آليات تقييم أداء الموظفين

§ إصلاحات في مجال الرواتب والتعيينات

§ تدريب للقيادة



'إصلاحات في مجال الحكم المحلي':

تعمل الحكومة بشكل دؤوب، لتعزيز العلاقة مع الشعب، ولضمان تعزيز دور الحكم المحلي في خدمة الجمهور. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، فإننا بحاجة إلى تشريع جديد ينظم العلاقة بين الحكم المركزي والمحلي، حيث يتم الإعداد لخطط عمل جديدة لتطوير الاستقلال المالي والتنظيمي على المستوى المحلي. ونعمل كذلك على تمكين مجالس الحكم المحلي عن طريق تحفيزها لجمع الضرائب وتقديم الخدمات للمواطنين، كما أن ' بناء القدرات ' يعدُ مهماً لأجهزة الحكم المحلي لتحسين مهامها الإدارية وإدارتها المالية.

'التربيـة':

إن رأس مالنا البشري هو أهم مواردنا الرئيسية. فالمجتمع الفلسطيني يعتبر مجتمعاً فتياً حيث إن أكثر من نصف السكان هم دون سن الثامنة عشرة، لهذا فالتركيز على قطاع التربية أكثر من القطاعات الأخرى يعد أمراُ جوهرياً، ونحن نتطلع إلى نظام تربوي حديث ينجح في تأهيل الفلسطينيين خاصة إعداد الشباب للمستقبل.

وإن 'بناء القدرات' في هذا المجال سيواجه تحديات كبيرة في إعداد جيل الشباب وتقديم الخدمات لمجتمع فتيّ، ولهذا فإن وزارة التربية والتعليم العالي ومجلس التعليم العالي سينخرطان في برنامج موسع لبناء القدرات في قطاع التربية والتعليم.

'الصحـة':

بفعل ممارسات الاحتلال انخفضت مؤشرات الصحة في الأراضي الفلسطينية. ونتطلع إلى عكس هذه المؤشرات وتحسين نوعية الخدمات الصحية العامة وجعلها في متناول الجميع.

لهذا فنحن نعمل على بناء إدارة إستراتيجية وإلى إصلاح مالي يطال قطاع الصحة. الخطة الفلسطينية للإصلاح والتنمية ببرامجها الصحية المختلفة ستركز على بناء قدرة السلطة الفلسطينية وتعزيز دورها في قطاع الصحة.

وهي تعمل أيضاً على تنمية السياسات والأنظمة والبرامج لضمان شراء الأدوية والتجهيزات الطبية بأسعار معقولة.

'البنية التحتية':

إن هدف السلطة الوطنية على المدى الطويل بخصوص البنية التحتية العامة هو ضمان إدارة ممتلكات الشعب على أسس مالية وتجارية قابلة للتطبيق، كما نهدف إلى زيادة معدلات استثمار القطاع الخاص في هذا المجال، ومشاركته في بناء البنية التحتية والخدمات.

فبناء وتوسيع قدرات الحكومة في مجال البنية التحتية يتضمن زيادة فعالية الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية مما يساعد على إعادة تأهيل البنية التحتية التي عانت من الإهمال خلال الخمسين سنة الأخيرة. حيث أن ما يزيد عن نصف شبكة الطرق في الأراضي الفلسطينية في حالة سيئة و 10 % من السكان ليس لديهم مياه، ما يجعلنا في حاجة ماسة إلى خطط فعَالة لتحديث وتطوير البنية التحتية إلى مستوى يتناسب مع بلد متوسط الدخل.

إن المساعدة ضرورية والحاجة باتت ملحه إلى 'بناء القدرات' لتنويع مصادر الطاقة وتوسيع شبكة الكهرباء، وتوحيد نظام توزيعها. كما أن البنى التحتية الأخرى بحاجة إلى تطوير كالإدارات المركزية للمياه العادمة وخدمات الري. كل هذه البنى التحتية بحاجة إلى ظروف أفضل وسياسات متطورة للوزارات والدول المانحة.

السيدات والسادة،

إن تطلعنا الأكيد للاستقلال يوضح مدى التزامنا ببناء حكومة قادرة على إدارة وقيادة الشعب عبر التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. ولكي تتحقق هذه الرؤى ولضمان عدم فشل مساعينا فهناك حاجة كبيرة على ضرورة حث إسرائيل لوقف احتلالها وإنهاء سيطرتها للأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتمكينه من تقرير مصيره، وإدارة أموره وموارده بنفسه.

لقد تعرض شعبنا على مر السنوات لأشكال مختلفة من السيطرة الإسرائيلية، حيث '60% ' من أراضي الضفة الغربية لا زال يتم تصنيفها على أساس أراضي ' 'Cكما الأمر الذي يعني عدم إمكانية تطويرها أو الاستثمار فيها، و '40 % ' من أراضي الضفة تستخدم لأغراض الاستيطان والبنية التحتية التابعة له. وتواصل إسرائيل منع الفلسطينيين من الوصول إلى هذه الأراضي سواء بفعل الحواجز العسكرية التي تقطع أوصال المدن والقرى الفلسطينية، أو بفعل الجدار والقيود التي تفرضها على حركة المواطنين. وخير مثال على ذلك مصادرة إسرائيل أراضي واسعة في غور الأردن التي تحتوي على أهم مصادر المياه الجوفية، كذلك ما يجري من عزل واستيطان مكثف في مدينة القدس التي هي قلب فلسطين السياسي والاقتصادي.

لقد باتت الأراضي الفلسطينية مقسمة إلى أجزاء معزولة أو كانتونات. وإسرائيل تسيطر تماماً على حركة البضائع والأشخاص من خلال حواجزها العسكرية والحصار المشدد المفروض على قطاع غزة يشكل مثالاً حياً على هذا الأمر.

وحتى نتمكن من النجاح في تنفيذ ما ينجزه هذا المؤتمر اليوم وخلال الأشهر المقبلة، فإن على إسرائيل أن تسمح للفلسطينيين بالحرية وإدارة أمورهم وحياتهم بأنفسهم.

وفي الختام، نؤكد لكم أننا ملتزمون تماماً ببناء حكومة لديها مؤسسات حكم، قوية قادرة ونزيهة، ليس لإرضاء المجتمع الدولي، بل لأن شعبنا يتطلع إلى ذلك ويطالب به ويستحقه. هذا هو جوهر بناء الدولة الفلسطينية التي نعمل بأن يكون كل أبناء شعبنا فخورين بها.

على هذه الطاولة مسؤولون يتمتعون بخبرة واسعة ومعرفة كبيرة في متطلبات بناء هذه الدولة القوية. فالكثير من الدول الموجودة معنا اليوم مرت بمرحلة البناء هذه أو لازالت.

نأمل باستمرار الحوار الذي بدأناه هنا اليوم لنتعلم من خبراتكم الواسعة ومعرفتكم الثرية، وأنه بمساعدتكم لنا، ووقوفكم الدائم إلى جانب حقوق شعبنا الوطنية، فإنه وبعد ثلاثة وخمسين عاماً على انعقاده، يؤكد أن روح 'مؤتمر باندونغ' لا زالت حية، وأن منطلقاته لا زالت تعيش في أذهاننا، وسيبقى كذلك إلى أن يتحقق حلم شعبنا بالحرية والاستقلال.