الجمعة: 20/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

غازي الصوراني: لا خيار أمام شعبنا سوى الالتزام بمبادئ وآليات الحوار الوطني

نشر بتاريخ: 31/07/2008 ( آخر تحديث: 31/07/2008 الساعة: 11:08 )
غزة- معا- قال الباحث والمفكر الفلسطيني غازي الصوراني "إن لا خيار أمام الشعب الفلسطيني في كافة القوى والفعاليات والمؤسسات الوطنية عموماً وحركتي فتح وحماس خصوصاً من التصدي للمأزق الحالي المسدود وكسره عبر الإعلان الصريح بالالتزام بمبادئ وآليات الحوار الوطني والمبادرة العاجلة إليه كملجأ وحيد انطلاقا من الحرص على أرضنا وشعبنا وقضيتنا الوطنية من أجل تحقيق أهداف شعبنا في تقرير المصير وحق العودة وإزالة المستوطنات وبناء الدولة الديمقراطية كاملة السيادة وعاصمتها القدس، كحل مرحلي على طريق إقامة دولة فلسطين العربية الديمقراطية".

وأضاف الصوراني في ورقة له مقدمة إلى المؤتمر الدولي الأول الذي أقامه اليوم معهد بيت الحكمة بمدينة غزة بعنوان" رؤية اليسار الفلسطيني لآفاق السلام ... الفرص والمعوقات" إن المرحلة الراهنة، بكل محدداتها ومتغيراتها العربية والإقليمية والدولية لصالح دولة العدو الإسرائيلي، ما يشير بوضوح على أن آفاق النضال القطري الفلسطيني من أجل السلام العادل ما زالت بعيدة مملوءة بالمخاطر والتعقيدات مهما كانت بطولة المناضلين ، فكيف إذا كانت البنية والنهج يعانيان من أزمات مستعصية ناجمة عن صراعات تناحريه بين فتح وحماس أدت إلى إزاحة وتغييب الوحدة الوطنية بمثل ما أدت إلى تدمير التجربة الديمقراطية.

واعتبر الصوراني في مداخلته أن تأسيس إستراتيجية النضال الوطني والديمقراطي الفلسطيني ، مرهونة أولاً بتجاوز حالة الانقسام والصراع التناحري القائم بين الإخوة في حركتي فتح وحماس انطلاقاً من الحقيقة الموضوعية التي تؤكد على انه ليس بمقدور احدهما هزيمة الآخر ، محذراً من أن استمرار هذا الوضع بين طرفي الصراع - فتح وحماس- سيدفع بالمزيد من الخطى المتسارعة لتوجيه الوضع الفلسطيني كله صوب المخطط أو المسار الأمريكي - الإسرائيلي بوعي منهما أو بدون وعي.

وأضاف بأنه يتوجب على حركتي فتح وحماس الانطلاق من الأسس والقواعد المشتركة التي تم التوصل إليها عبر العديد من الأفكار المقترحة عبر أوراق ومبادرات متنوعة من كافة القوى واللجان الوطنية عموماً، ومن قوى اليسار (الجبهتين وحزب الشعب) خصوصاً وهي مبادرات تتقاطع في العديد من نصوصها مع الأفكار المطروحة من الإخوة في فتح وحماس،

وكشف الصوراني أن هناك بعض القوى داخل حركة فتح قد أسست مصالح لها استناداً إلى أنها هي التي شكّلت السلطة، ورفضت أو لم تعرف كيف تتعاطى مع السياسة من أرضية المعارضة، مضيفاً بأن وجودها أصبح يقتضي الاستمرار في السلطة واستمرار التفاوض العبثي مع الاحتلال رغم الجدار والمستوطنات ومصادرة الأراضي والمياه في الضفة الغربية، محذراً من أن تصبح الحلول المشبوهة المقترحة مثل "الدولة القابلة للحياة"، أو "الدولة المؤقتة" أو "التفاهمات" الناجمة عن "أنا بوليس"، أو الحكم الذاتي الموسع أو "دويلة غزة" عناوين تخدير على هذا الطريق طالما بقي ميزان القوى (العربي والفلسطيني) مختلاً مع العدو الإسرائيلي.

وأشار أيضاً إلى أن خطأ حركة حماس هو أنها دخلت اللعبة ولم تتنبه إلى المشكلات التي سوف تنتج عن ذلك الصراع، وخاصة تفردها في الهيمنة على قطاع غزة والموافقة على مبدأ الهدنة دون امتلاك الإجابة الواضحة - أو البرنامج المعلن- على سؤال : وماذا بعد الهدنة ؟.

وقال الصوراني في هذا السياق " هل تناسى الإخوة في حركة حماس أن كل أوضاعنا الفلسطينية مازالت محاصرة وخاضعة للاحتلال وللدول المانحة ، وهل تبدى لهم أنهم قادرون على الاستمرار بالتفرد أو الانقسام عبر الهدنة أو غير ذلك من الشعارات؟ إن حقائق الواقع تشير إلى انه بالرغم من نجاح حماس بصورة قانونية أو إكراهية ، في فرض حالة من الأمن والاستقرار النسبيين في قطاع غزة ، إلا أن أهمية ذلك مرتبطة بالواقع الداخلي، لأن المشكلة أن دور حماس هذا محشور في مخطط أميركي اسرائيلي يهدف إلى شطب المشروع الوطني الفلسطيني أو تبهيته في كيان ممسوخ، وهو ما يضع حماس في وضع صعب: فإما التوافق -عبر الهدنة أو غيرها- مع الدولة الإسرائيلية والقبول - فيما بعد- بالحوار على أساس الشروط الأمريكية الأوروبية والإسرائيلية والعربية الرسمية وصولاً إلى " إمارة غزة "، أو الاستفراد الإسرائيلي بها واستغلال سيطرتها على قطاع غزة وللصدام مجدداً معها، ولتصعيد الضغط الاقتصادي والمعاشي، وتشديد الحصار، وأيضاً التدمير اليومي، بمعنى أن حركة حماس وضعت ذاتها في الرمال المتحركة أو هكذا تبدو الصورة كما هي اليوم".

وعن المهمة التي تقع على عاتق اليسار الفلسطيني قال الصوراني " تتجلى مهمة اليسار الفلسطيني في إدراك طبيعة هذه المرحلة والقوى السياسية والطبقية المؤثرة فيها، ومن ثم العمل على توحيد صفوفه من أجل استنهاض أوضاعنا الذاتية، في موازاة تفعيل العلاقة الجدلية بين نضالنا الوطني وبعده القومي العربي عبر رؤية وبرنامج وآليات عمل تتطلع للمستقبل ولا ترتهن لضغوطات وأدوات الهبوط في هذه المرحلة، بما يفرض علينا نشر وتوسيع هذه الرؤية على كافة أطراف حركة التحرر القومي العربي بحيث تصبح الفكرة التوحيدية - لدينا جميعاً قائمة على كون الصراع مع الحركة الصهيونية هو صراع ومجابهة بالضرورة للامبريالية الأمريكية والنظام الرأسمالي المعولم برمته، وهذا لا يعني إلغاء أو تجاوز الخاص الوطني لحساب الشعار القومي العام، بل على العكس من ذلك، فقد أكدت ممارسات القوى اليسارية الفلسطينية عموما، والجبهة الشعبية خصوصا، أنها تنطلق في نضالها من أجل السلام العادل، من رؤية وطنية ديمقراطية ترتكز على الربط العضوي بين حق شعبنا في العيش الكريم الآمن وحقه في مقاومة الاحتلال والنضال من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي تضمن حقنا في إقامة دولتنا المستقلة ذات السيادة على كامل الأراضي المحتلة عام 1967، بعاصمتها القدس، وحماية وصون حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها، باعتباره جسراً يربط بين أهدافنا المرحلية في إقامة الدولة المستقلة وتقرير المصير، وحقنا التاريخي الذي يتجسد بإقامة دولة فلسطين الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني، يعيش فيها الجميع بمساواة كاملة دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو اللون أو الجنس".