السبت: 28/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

شرقي قطاع غزة...مواقع حمراء خطرة وعلى تماس مع الاحتلال الإسرائيلي دوماً

نشر بتاريخ: 16/11/2005 ( آخر تحديث: 16/11/2005 الساعة: 09:01 )
غزة- معا- هذه المنطقة خطيرة، حمراء وسهل القتل فيها ولا احد يرى أو يسمع، فأنت هنا على تماس مباشر مع الحدود المغتصبة لقطاع غزة عام 1967، أنت هنا وجهاً لوجه مع الرادار الإسرائيلي، والمدفعية والمحتل الخطير الذي لا يعرف لغة ليتفاهم مع طفل يصطاد عصفوراً أو مع رجل نافر من الفقر وباحث عن لقمة العيش في الجوار.

أنت هنا على طول 40 كيلومتراً طريق بري جميل ممتد طويل يخترقه التواءات وأسلاك إلكترونية مكهربة وحدود رسمها الاحتلال الإسرائيلي ليمنع مواطناً من بيت حانون، جباليا، غزة، البريج، القرارة، خانيونس ورفح من الإقدام على هذه المنطقة او حتى مجرد التفكير في التقاط أنفاس حبسها الضغط والانفجار السكاني في قطاع غزة.

هذه هي الحدود الشرقية لقطاع غزة فهي تقع على بعد كيلومترات قليلة من مساكن ومنازل مواطني القطاع الذين يبلغ تعداهم قرابة مليون ونصف منتشرين على رقعة من الأرض لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعة مقتطعة من الشرق والشمال والجنوب ويحدهم البحر الأبيض المتوسط من الغرب، وهو بلا شك يعمل كمتنفس وحيد لهذا التعداد الأعلى كثافة في العالم.

النقطة حمراء والمدفعية الإسرائيلية على أهبة الاستعداد دوماً وباستمرار على رشقك بالمزيد من حممها، وتفتيت رأسك وجسدك حتى لو كنت ضال طريق أو طفل تصطاد طيراً اخترق أجواء الحدود.

المنطقة الممتدة من أقصى شمال القطاع إلى أقصى جنوبه تآكلت بفعل التداخل المستمر الإسرائيلي عبر الحدود إلى داخل الأراضي التي تعود لبعض المواطنين خاصة في قرية خزاعة شرقي خانيونس ولعائلات في أقصى شمال القطاع على تماس مع منطقة معبر بيت حانون المتعارف عليه معبر إيرز شرقي بيت حانون.

ونزولاً مع خارطة القطاع فإن الحدود الشرقية له تبدأ من معبر إيرز شرقي بيت حانون ومن ثم جباليا، فمنطقة الشجاعية شرقي مدينة غزة حيث يسمع الكثيرون عن معبر كارني، ومن ثم شرقي البرج ومنطقة الوادي المجفف منذ عام 1967، ثم شرقي مخيم المغازي فشرقي دير البلح المنطقة المتعارف عليها بمنطقة أبو العجين، ثم الحدود مع قرية القرارة فعبسان الكبيرة ومن ثم خزاعة فمعبر صوفا حتى رفح وهناك حيث معبر مفتاحين وهو مدخل الإسرائيليين إلى بئر السبع وهو المعبر الذي يحتل المنطقة الجنوبية الشرقية من القطاع بالقرب من منطقة الدهنية وكل هذا على طول 40 كيلومتراً أقيم عليها السلك الإلكتروني شديد الاستشعار ومن خلفه أبراج المراقبة والثكنات العسكرية التي ترصد حسب رئيس بلدية خزاعة كل المناطق القريبة على بعد 500 متر ليلاً نهاراً ويمكنها رصد حركة أي مواطن على هذا البعد.

المواطن كمال النجار رئيس بلدية خزاعة شرقي خانيونس يؤكد أن الاحتلال مستمر ليل نهار في القصف المدفعي ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000 عمل الاحتلال على التقدم مسافة 300 متر على طول حدود قريته الممتدة على طول 2.5 كيلومتر ونصف ليحكم القبضة بذلك على قرابة 800 دونم زراعي تعود للمواطنين من عائلات النجار، أبو الروك، رضوان، أبو ليلة، أبو رجيلة، القرا وأبو الروك.

المواطن ورئيس البلدية ذاته لم يسلم من اختطاف أرضه امام عينييه وحرمانه من الدخول إليها او زراعتها فيقول:" لي سبعة أعوام لم تطأ أقدامي أرضي المتاخمة للحدود" لافتاً النظر إلى أن قوات الاحتلال اطلقت نيرانها باتجاه المزارع الشيخ سالم عابد قديح "60 " عاماً الذي قتل في أرضه، والطفل لؤي أيمن النجار البالغ من العمر 4 سنوات فقط قتلته المدفعية وهو على بعد 200 منزل من الحدود ملاصقاً لباب منزله أثناء عودته من الروضة ونزوله من الحافلة.

مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس يقول لمعاً أن المنطقة شديدة الخطورة حيث سعت إسرائيل منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2000 لتثبيت حقائق على الأرض وإيقاع أكبر عدد من القتلى والجرحى، حيث طال قصفها المتواصل أبرياء كما دكت غاراتها الوهمية كافة قطاع غزة بكافة مواطنيه.

وحول طبيعة هذه الحدود قال أن اتفاقية أوسلو أكدت ان هذه الأراضي تتبع السلطة الفلسطينية وهي جزء لا يتجزأ من قطاع غزة وتعود بعض أراضيها لسكان القطاع وتستخدم لمنفعتهم، حيث حرموا في هذه السنين من التوجه إليها خاصة بعد انسحاب الاحتلال من القطاع وتكثيف وجوده حوله وفي الحدود ونشر بطارياته المدفعية شمالاً وجنوباً وفرض رقابة شديدة الخطورة ويتعرض فيها أي مواطن قريب لإطلاق النيران.

في هذه المناطق من أقصى الشمال للجنوب سقط العديد من الشهداء آخرهم الشهيد عماد عبد العال 21 عاماً عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية نيرانها باتجاهه شرقي مخيم البريج وبالتحديد في منطقة جحر الديك.

وسابقاً أطقت النيران باتجاه العديد من الأطفال الذين ذهبوا لاصطياد العصافير والطيور ومن بينهم الشاب كريم الكفارنة الذي اعتاد على صيد العصافير كهواية ومصدر رزق، كان برفقة رفاقه ثاني أيام رمضان الشهر المحرم، فأطلقت مدفعية الاحتلال باتجاهه نيرانها فاخترقت صدره وكانت القاضية وفارق الحياة كما أصيب عدد من أصدقائه واحتجز الآخرون إلى أن تم التحقيق معهم وثبت انهم مسالمين رغم حملهم لأدوات الصيد فقط.

ومثل الكفارنة الكثير من الأطفال والشباب والشيوخ الذين عملوا على زراعة أراضيهم رغم الخطر وحتى الآن الذين لم تصدر لهم أي إحصائية ولم يسجل أنهم قتلوا برصاص خطير وعن قرب ولم يقال انهم كانوا مسالمين وباحثين عن لقمة العيش أو هواة صيد طيور.