السبت: 05/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

د. الطيبي لـ "معا": مراسم تشييع الشاعر الراحل محمود درويش الاربعاء- الحكومة تعقد جلسة خاصة وفاء لدرويش

نشر بتاريخ: 11/08/2008 ( آخر تحديث: 11/08/2008 الساعة: 14:11 )
رام الله- معا- أعلن الدكتور أحمد الطيبي صديق الشاعر الكبير المرحوم محمود درويش, في حديث خاص لوكالة "معا" ان مراسم تشييع درويش ستكون بعد غد الاربعاء, خلافاً لما أُعلن في السابق أنه سيكون يوم غد الثلاثاء.

وقال الطيبي "ستكون جنازة مهيبة شبيهة بالتي حصلت آنذاك للرئيس الراحل ياسر عرفات, وسيكون الرئيس محمود عباس ( أبو مازن) في استقبال الجثمان وسوف تطلق 21 طلقة تكريماً للراحل الكبير".

وحول مراسم الجنازة أكد الطيبي أنها ستقام في باحة المقاطعة ثم سينقل الجثمان الى قصر الثقافة ليوارى الثرى.

وعقدت الحكومة الفلسطينية برئاسة رئيس الوزراء د. سلام فياض اليوم الاثنين جلسة خاصة، وفاءً لروح الراحل الكبير وأحد أعلام فلسطين، فقيد الشعب والثورة، شهيد الوطن والثقافة الإنسانية، محمود درويش وتلا رئيس الوزراء بياناً خاصاً هذا نصه:

برحيل فارس الوطن والكلمة العذبة والجميلة، يفقد الشعب الفلسطيني واحداً من أبرز بناة الهوية الثقافية والوطنية لشعب فلسطين، والذي خلّد بأشعاره الجميلة كفاح شعب، ومعاناة امة أُريدَ لها ولثقافتها الطمس والتهميش والتبديد ... وملأ الدنيا بجرح فلسطين وأملها وإصرارها ونبضها ... وجبالها ووديانها وسهولها ... وعبير زهر اللوز أو أبعد.

لقد سجل درويش بكلماته فصول النكبة، وصراع البقاء وملحمة البطولة الطويلة في الصمود، وباتت أشعاره جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية الحية، فقد دوّن محمود تفاصيل حياة الناس، وأحلام الأطفال، وآلام الأمهات وآمالهن... وتطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية.

لقد نقش درويش بقلمه أحلام وطموحات شعب فلسطين، وإرادته الصلبة العنيدة في بيان وثيقة الإستقلال، ودشن فيض مفرداته من روح شعب الانتفاضة الشعبية في العام 1987، وتوقه للحرية والاستقلال والسيادة، ليرسم بها لحظة النهوض والقوة والإصرار على حياة بلا حروب، وخالية من الاحتلال والقهر....

لقد حرر محمود الحروف والكلمات وهو يسعى مناضلاً من اجل حرية شعبه، عاش النكبة وتفاصيل حرمان الطفولة في قرى الجليل، ترعرع في كنف رواية شعب سطر بطولات البقاء، وحرس الزيتونة ليجعل من زيتها شعلة انبعاث الهوية، واعتلى مع نخيلها الباسق في سمّوٍ حمل درويش منتصراً لإنسانيته، محلقاً يحمل إنتصاراً لحق الانسانية لقضية شعب ينقش على صخرة الحياة، ورسم ملامح وطن لكل أبنائه. لقد انتصر محمود درويش لانسانيته بإنسانيته، وانتصر بذلك لإنسانية الشعب الفلسطيني.

فتجربته الكفاحية، وثقافته الانسانية نمت واعتلت عرش الكون، مجبولة بعرق الفلاحين الطيبين وأنّات الأسرى، وقلق انتظار الأمهات، حارسات نارنا الدائمة... مع حنينه لقهوة أمه في الصباح.

رواية درويش في رحلته القاسية والجميلة، التي حملته طفلاً من البروة الى الجديده، التي كبر فيها وعاش شبابه، لتصبح كل البيوت والقرى والبلدات والمدن والمخيمات مسقطاً لرأسه، منطلقاً في فضاء فلسطين يطرز الكلمات الجميلة، ويعيد كتابة رواية الوجود والحرية، والحياة....

أحضر كل اللغات الى فلسطين ومعاناة اهلها، وإصرارهم على الحياة... استحق درويش مكانته حاملاً قضية شعبه ومكانتها في رحب الانسانية والانتصار للحق والعدالة وحق الحياة ... لقد تجاوزت به فلسطين حدود الجغرافيا وقيود السياسة وقصور الذاكرة، وحمل عاشق فلسطين هموم شعبنا وأمتنا العربية في كل المحافل، وأطلق عصافير الجليل لتحلق عاليا في الذاكرة الانسانية.

قائداً وطنياً ومبدعاً إنسانياً أنت يا محمود، وأحد اركان الوطنية المنبعثة مع قائدنا الخالد أبو عمار.

كطائر الفينيق حلقت مع كل الشهداء القادة. كفراشة جميلة عشت، تبعث الفرحة والطمأنينة في نفس كل من عرفت.

أُدمي قلبك يا محمود بما حل بشعبنا من مأساة الانقسام مستشعراً الخطر على الهوية التي يمزقها الانفصال. قلبك المرهف وكأنه لم يحتمل ما يرى وما يسمع ... توقف قلبك الممتلئ حبا وعشقا وهمًا، ولكن روحك تفيض بالحركة وتملأ سماء فلسطين وتكرس ملامحها الخالدة ... فلا تعتذر عما فعلت.

يرحل محمود كما الفراشة جميلاً، ولكن قلقاً على تضحيات وانجازات شعبه. هل هزمك الخوف على مستقبل ثقافة أنت أحد بناتها بعد أن هزمت الموت أكثر من مرة؟.

غيب الموت فارس الحلم وشيخ شعراء قضية العرب الأولى، المسكون بالتضاريس الخالدة وحلم الوطن ونهاية المنفى ... ولكن عزاءنا بأن الشعراء لا يموتون، ولا يجف مداد أحلامهم بفناء الجسد. فما بالنا والحديث عن محمود.

عهداً لك يا محمود أن نجعل مع شعبنا من حروف وكلمات وثيقة إعلان الاستقلال، سيمفونية جميلة للحن الحياة التي أحببت.

وعدنا لك أن نحمي وحدة الوطن في حبات العيون، ونجعل من لحن الاستقلال في سيمفونية الحياة كما أردت وكما يجب أن تكون.

سيودعك شعبك الذي أحببت بما يليق بك وبشعبك، كما شعوب الأمتين العربية والاسلامية، وكل أحرار البشرية والمدافعون عن العدالة والحرية.

في هذه اللحظات الجليلة، ونحن نودّعك يا آخر الشعراء الكبار، ينهمر الحزن على بلادنا وكل أزقتها.. في الجليل والكرمل والبروة، ..وجبال الخليل ونابلس، وفي غزة وجنين والقدس ورام الله، ... التي تستقبلك في عودتك الأخيرة ... فيتسع المكان للمكان، وتندثر المسافة في عناق الثرى بين رام الله والجليل، وستحتضنك أرض فلسطين، لينمو ربيعها بالثقافة وإبداع الأغاني لكلمات قصائدك الجميلة.

لك منا العهد أن تظل ذكراك نبراساً لذاكرة الشعب وأجياله، وعطرة ابد الدهر، وسيظل سحر شعرك الجميل بوصلة الطريق إلى وطن الحرية لشعب من الأحرار. وسيظل يا محمود " على هذه الأرض ما يستحق الحياة " ، " على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين. صارت تسمى فلسطين".

وداعا يا محمود، يا من انتصر بإنسانيته لإنسانيته، وانتصر بذلك لإنسانية الشعب الفلسطيني.

" إن العين لتدمع ... وإن القلب ليحزن... وإننا على فراقك يا محمود لمحزونون".

وعقد مجلس الوزراء اليوم الاثنين جلسته العادية السابعة والستين في مقر مجلس الوزراء في رام الله برئاسة الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء عقب الجلسة الخاصة التي عقدها وفاءً لروح الراحل الكبير نجم فلسطين وشاعرها الأبرز محمود درويش بالوقوف دقيقة صمت وحداد إجلالاً وإكباراً لروح فقيد الشعب والثورة، وشهيد الوطن والثقافة الإنسانية.

وقرر مجلس الوزراء متابعة التسيق مع مكتب الرئيس للإعداد لترتيبات تشييع الجثمان بشكل يليق بالفقيد الكبير، كما تدارس مختلف الاقتراحات التي تقدم بها الوزراء لحفظ وتخليد إبداعات الفقيد الأدبية كإرث وطني، وتم تكليف أمين عام مجلس الوزراء باتخاذ التدابير اللازمة ليتسنى لموظفي القطاع العام المشاركة في مراسم تشييع الجثمان.

وأطلع رئيس الوزراء أعضاء المجلس على نتائج زيارته الرسمية إلى اليمن على رأس وفد وزاري وبمشاركة ممثلين عن القطاع الخاص الفلسطيني والتي التقى خلالها بالرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وبرئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشورى اليمني، وأعضاء اللجان القطاعية في المجلس بهدف تجنيد دعم عربي فاعل لإنجاح المبادرة اليمنية لتجاوز الأزمة الفلسطينية الراهنة.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه أعرب للرئيس اليمني عن تقديره للمبادرة اليمنية وللجهود الحثيثة التي بذلها الرئيس علي عبدالله صالح لبلورتها، مؤكداً أن حماية المشروع الوطني وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة تتطلب اتخاذ إجراءات فورية لتنفيذها وفق آليات محددة، وبما يضمن استعادة وحدة الوطن ورفع المعاناة المتفاقمة عن شعبنا وخاصة في قطاع غزة، مؤكداً على أن آلية تحقيق ذلك بصورة عملية يتطلب تشكيل حكومة توافق وطني انتقالية من خارج الفصائل، تدير شؤون البلاد تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متفق عليها، بالإضافة إلى توفير مساعدة أمنية عربية، للإشراف على إعادة بناء القدرات الأمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية على أسس مهنية وموضوعية، غير حزبية أو فصائلية وتوفير خدمة للأمن والنظام العام في قطاع غزة في فترة انتقالية إلى حين استكمال بناء هذه القدرات.

وأشار إلى أنه قد تم خلال الزيارة توقيع اتفاقية للتعاون المشترك بين القطاع الخاص الفلسطيني والقطاع الخاص اليمني، منوهاً إلى إن المنتجات الفلسطينية تحظى برعاية واهتمام كبيرين في اليمن من بينها الإعفاء الجمركي والضريبي في السوق اليمني وذلك بقرار من الرئيس علي عبدالله صالح، مؤكداً على أهمية السوق اليمني بالنسبة للمنتجات الزراعية والدوائية والتجميلية الفلسطينية مما يسهل التنافس فيه فلسطينياً، وهو ما تم بحثه بين وفد القطاع الخاص الفلسطيني خلال لقاءاته بنظرائهم من القطاع الخاص اليمني، حيث تم بحث آليات تعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي بين الجانبين، وتم الاتفاق بين الجانبين خلال الزيارة على تشكيل لجنة وزارية عليا مشتركة فلسطينية - يمنية، لتعميق أسس التعاون وتبادل الخبرات في شتى المجالات، وتم توقيع اتفاق على تشكيل مجلس أعمال مشترك لتشجيع الاستثمار المشترك والتبادل التجاري ومأسسة العلاقات الاقتصادية والتجارة البينية لما فيه خدمة مصالح البلدين.

وأشار فياض إلى أن الرئيس اليمني أكد على وقوف اليمن رئيساً وحكومةً وشعباً إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني، مشدداًً على مساندة وتضامن الشعب اليمني مع نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية، وأضاف "أن اليمن ستواصل بذل جهودها لإنهاء حالة الإنقسام والإنفصال لضمان الوحدة الفلسطينية والتي تمثل صمام الأمان لإفشال المخططات الإسرائيلية وإنجاز حقوق الشعب الفلسطيني العادلة وخاصة حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس"، ووعد الرئيس اليمني ببذل الجهود مع جميع الأطراف لتحقيق الوحدة الفورية للضفة والقطاع وبناء المؤسسات على أسس تضمن تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، بما في ذلك المؤسسات الأمنية للسلطة الوطنية الفلسطينية على أسس مهنية وليست فئوية، وأن اليمن ستواصل سعيها وبالتنسيق مع الأشقاء العرب لضمان تنفيذ المبادرة اليمنية التي أقرتها القمة العربية.

ورحب مجلس الوزراء بالبيان الصادر عن رئاسة الاتحاد الأوروبي في الثامن من آب الجاري الذي ينتقد قرار إسرائيل بناء مساكن جديدة للمستوطنين بالضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، وكذلك بالموقف الروسي الصادر في هذا الشأن.

بدوره أطلع وزير الداخلية مجلس الوزراء على الأوضاع الأمنية، مشيراً إلى الاحتفال أول أمس بافتتاح مركز ومخفر للشرطة في بلدتي إذنا وتفوح في محافظة الخليل في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة لتوفير الأمن والنظام وبسط سيادة القانون رغم المعيقات الإسرائيلية.

قرارات مجلس الوزراء:
-قرر مجلس الوزراء الموافقة على توصيات اللجنة الإدارية الخاصة بقطاع الخدمة المدنية.

-قرر مجلس الوزراء المصادقة على طلب وزارة المالية المتعلق بضبط إيرادات المنح والمساعدات الخارجية للوزارات والمؤسسات الرسمية.

-قرر مجلس الوزراء الموافقة على تمديد مدة صلاحية جواز السفر الفلسطيني من ثلاث سنوات الى خمس سنوات.

-قرر مجلس الوزراء الموافقة على تخصيص مجموعة من قطع الأراضي الحكومية التالية للمنفعة العامة:
1.تخصيص قطعة أرض واقعة بالقرب من مثلث الشهداء في محافظة جنين لصالح وزارة الزراعة لإنشاء معهد "الرئيس صالح" للعلوم الزراعية.
2.تخصيص قطعة أرض لصالح قرية رمانة في محافظة جنين لإقامة مركز صحي عليها.
3.تخصيص قطعة أرض من أراضي قرية بيت إيبا في محافظة نابلس لإقامة مدرسة عليها.
4.تخصيص قطعة أرض لصالح مجلس قروي دير قديس.

من جانب آخر تتواصل الاستعدادات لتشييع جثمان الشاعر الكبير محمود دوريش الذي رحل السبت الماضي, في جنازة رسمية يتوقع ان تجري في رام الله لدفن الفقيد في مكان قريب من القصر الثقافي برام الله, بعيداً عن مسقط رأسه في قرية "البروة" التي هجر عنها في اراضي 48.

وتوقعت وزيرة الثقافة الفلسطينية تهاني ابو دقة بان يكون تشييع درويش هو الاكبر، منذ وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004.

وأبدت ابو دقة، قلقاً من تأخير تسليم جثمان درويش. وقالت في تصريح "للشرق الاوسط" ان السلطة تأمل في ان يتم التعامل مع جثمان درويش بشكل مختلف.

وبحسب ابو دقة فان الاجراءات في مشفى "ميموريال هيرمان"، الذي توفي فيه درويش، تقضي بان يتم تسليم الجثمان بعد اربعة ايام من الوفاة. وقالت ابو دقة: "نأمل في ان يتجاوبوا معنا قبل ذلك".