الثلاثاء: 26/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

السيارات الكلاسيكية في فلسطين بقلم : خالد قدورة **رئيس الاتحاد الفلسطيني لرياضة السيارات

نشر بتاريخ: 22/08/2008 ( آخر تحديث: 22/08/2008 الساعة: 11:04 )
بيت لحم - معا - يعد اقتناء السيارات الكلاسيكية واحدة من الهوايات المميزة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، حيث تشغل اهتمام العديد من المواطنين في شتى أنحاء العالم، ويوجد العديد من المتاحف التابعة لأندية السيارات والخاصة بمثل هذه السيارات أما هنا في فلسطين فيوجد العديد من السيارات القديمة (الكلاسيكية ) الأمر الذي حدا بنا في نادي رياضة السيارات والدراجات النارية الفلسطيني ، منذ فترة بايلاء السيارات الكلاسيكية اهتماما خاصا لما لهذه الهواية من محبين وعشاق في فلسطين .
لأجل ذلك قرر النادي تنظيم معارض للسيارات الكلاسيكية ومسابقة سنوية لاختيار أفضل سيارة برعاية شركات ومؤسسات فلسطينية، وتقديم جوائز لأصحابها في مختلف المدن الفلسطينية لإظهار أهميتها ولإرشاد أصحابها حول الطرق المثلى للعناية بها والمحافظة عليها.
ولذلك أعطت وزارة النقل والمواصلات اهتماما كبيرا بهذه السيارات والتعاون وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة من اجل النجاح في إقامة معرض سنوي ومتحف دائم يحوى جميع السيارات القديمة بجهود أصحاب هذه السيارات وتهدف إقامة معارض للسيارات الكلاسيكية إلى إجراء إحصائية حول أعداد السيارات الكلاسيكية في فلسطين، وبعد موافقة وزارة النقل والمواصلات على إعادة ترخيص هذه السيارات وتخفيض رسوم ترخيصها برسوم رمزية وإعطائها لوحة خاصة ليتم ترخيصها بشكل سنوي والسماح لها بالسير داخل المدن والمشاركة في المعارض السنوية .
ونذكر هنا أن السيارات الكلاسيكية دخلت فلسطين منذ مائة عام تقريباً، ما يعني وجود عدد من السيارات القديمة في حوزة البعض, ونظرة بسيطة على هذا الجانب تعطي حقائق مهمة فيما يتعلق بهذا الموضوع.

تعريف السيارات الكلاسيكية

السيارات الكلاسيكية هي تلك السيارات التي مضى على صناعتها أكثر من 30 عاماً، ولا تزال بحالة تشغيلية جيدة, فهذه السيارات التي تتمتع بكل هذه المواصفات كنز وثروة قومية في كثير من البلدان، فعلي سبيل المثال فإن الحكومة الفرنسية تمتلك مجموعة من سيارات الفيراري النادرة التي تعود إلى فترة الخمسينيات, علماً بأن الفيراري هي سيارة إيطالية.
وهناك العديد من الأشخاص الذين يحبون السيارات القديمة والتاريخية، كما أن هناك نوادي ومتاحف حول العالم تُعنى بشؤونها، وتعقد لقاءات ومنتديات عديدة للحديث حولها ومالكي هذه السيارات يبذلون جهدا كبيرا في سبيل المحافظة عليها وإبقائها بحالة ممتازة.
جدير بالذكر أن أكبر مجموعة من السيارات القديمة الموجودة في بلد واحد توجد في كوبا, ومعظمها أميركي الصنع, ويقدر المهتمون أعدادها بعشرات الآلاف, حتى أن بعضهم أشار إلى أن الولايات المتحدة نفسها لا يوجد فيها هذا العدد من السيارات الأميركية القديمة.

وقفة مع السيارات الكلاسيكية في فلسطين

في فلسطين، فلا توجد إحصائية محددة حول أعداد أو أنواع السيارات القديمة الصالحة للعمل على الطرقات, حيث أن أعدادها آخذة بالتناقص سنوياً ولسوء الحظ توجد السيارات قديمة في فلسطين بالمخازن والكراجات منذ عشرات السنين, ويمكن مشاهدة جميع الأنواع تقريباً بما فيها ماركات توقف إنتاجها, وما يميز فلسطين أن هناك ماركات تعد من معالم مدن معينة. ففي مدينتي رام الله والبيرة أوشكت هذه السيارات على الانقراض بسبب وجود السيارات الجديدة والحديثة ورغم ذلك يوجد اهتمام من بعض هواة هذه السيارات في المدينة وتتميز مدينة نابلس بانتشار السيارات الألمانية أكثر من غيرها, ويمكن ملاحظة سيارات مرسيدس وأوبل وفلوكس فاجن كما يعد موديل بيجو 404 أحد المعالم الرئيسية التي تميز مدينتي الخليل وغزة, بحيث لا يوجد أعداد من هذا الموديل في مدينة مثلما يوجد في الخليل وتُقدر أعدادها بالمئات. كما ان أكبر عدد للسيارات الأميركية القديمة موجود في مدينة بيت لحم في حين تبقى أعدادها غير معروفة في مناطق أخرى, وما يميزها هو أنه لا يوجد تركيز على موديل معين, بل يمكن مشاهدة عدة سيارات في شوارعها من مختلف الماركات والبلدان والفترات التاريخية (من سنوات الأربعينات حتى أواخر السبعينات من القرن الماضي )

الصعوبات التي تواجه أصحاب السيارات الكلاسيكية في فلسطين

أما أبرز الصعوبات والعقبات التي تواجه أصحاب هذه السيارات تتمثل في تغير مواصفات ومقاييس المركبات المعتمدة لدى سلطة الترخيص الفلسطينية باستمرار نتيجة التطور الهائل الذي طرأ على صناعة السيارات, ما يجعل السيارات التي صُنعت في فترة الخمسينيات مثلاً غير مطابقة لبعض المواصفات مثل عرض المحاور ومدى إضاءة المصابيح ونسبة انبعاث الغازات من العادم, والنتيجة رفض ترخيصها وبالتالي تأمينها, مما يدفع مالكيها إلى تخزينها في بيوتهم وعدم استعمالها.
وللأسف هناك نظرة دونية من قبل بعض أفراد المجتمع الفلسطيني إلى السيارات القديمة بحيث يعتبرونها خردة حتى لو كانت بكامل أناقتها وبهائها ويعتبر امتلاكها فضيحة لدى البعض والسبب الغريزة الطبيعية لدى الإنسان الذي يحب التغيير والتبديل واقتناء الجديد.
وأكبر مشكلة يعاني منها مالكو هذه السيارات هي قطع الغيار, وخصوصاً بالنسبة للسيارات التي أغلقت مصانعها نهائياً, ويعد تأمين قطع الغيار صعب جدا من داخل فلسطين.
ويتحتم على مالك السيارات الكلاسيكية تخصيص جزء كبير من وقته لإبقائها بحالة جيدة وتوفير قطع الغيار والصيانة والإطارات والاعتناء بالمحرك والهيكل والطلاء والكهرباء والوقود، ونتيجة للوضع الاقتصادي الخانق في فلسطين أجبر بعض هؤلاء على التوقف عن استخدامها أو حتى بيعها وشراء سيارات جديدة.
كما تتعرض بعض السيارات القديمة في فلسطين لمعاملة غير لائقة من أصحابها الذين لا يقدرون قيمتها أو من العابثين لدى توقفها في الشارع العام مما يفقدها قيمتها باستمرار, وتعد شبكة الطرق السيئة أحد عوامل تقصير أعمار السيارات القديمة.
وأشير هنا إلى أن اهتمام نادي رياضة السيارات والدراجات النارية الفلسطيني بالسيارات الكلاسيكية يأتي من خلال تبني النادي هذا النوع من السيارات وفتح باب الانتساب للنادي لمن يرغب من مالكيها ومحبيها, وسيتم التعريف بالسيارات القديمة في فلسطين عبر وسائل الإعلام المختلفة من حيث أعدادها وإظهار قيمتها التاريخية وزيادة الوعي لدى الجمهور تجاهها, بالإضافة إلى مساعدة أصحابها في البحث عن القطع التي يحتاجونها والسعي لتأمينها سواء من داخل فلسطين أو من الأسواق الخارجية.
وتنتشر متاحف للسيارات الكلاسيكية في دول مختلفة من العالم, وهي تقام بتبرعات مختلفة سواء لإنشاء المتحف نفسه أو السيارات التي يتبرع بها أصحابها لعرضها. تطبيق هذه الفكرة صعب إلى حد ما في فلسطين لأن أغلبية السيارات القديمة يستعملها مالكوها بشكل يومي
فكرة تنظيم معرض سنوي للسيارات الكلاسيكية في فلسطين هي فكرة جيدة مع توفر عناصر التنفيذ, فالسيارات وأماكن العرض من ساحات وقاعات موجودة, وهذا المعرض عامل تنشيط اقتصادي وسياحي مهم.
ويعمد محبو وأصحاب السيارات الكلاسيكية في الدول العربية والأجنبية إلى استثمار السيارات التاريخية بشكل تجاري مربح, كتأجيرها لشركات الإنتاج الفني لاستعمالها في تصوير الأفلام والمسلسلات والأغاني القديمة, ونظراً لعدم وجود حركة فنية نشطة في فلسطين, يمكن استغلال السيارات القديمة في اتجاه آخر كتأجيرها في حفلات الأعراس لمن يرغب, ويعد هذا عاملاً آخر من عوامل ترويج هذه السيارات في فلسطين.
كما أن هناك نية لإصدار نشرات مطبوعة لعرض السيارات القديمة الفلسطينية على صفحاتها, سواء من حيث مواصفاتها وعدد المالكين الذين تعاقبوا عليها وعدد دوائر الترخيص والسلطات التي سُجلت في عهدها وذكريات أصحابها معها وإبراز السيارات التي كانت طرفاً في أحداث مهمة في التاريخ الفلسطيني وسيارات أشهر الشخصيات الفلسطينية العامة والاعتبارية.
وفي هذا السياق نسعى لفتح قنوات الاتصال مع متاحف ونوادي السيارات الكلاسيكية العربية والعالمية للاستفادة من خبرتهم في هذا المجال وتقديم السيارات الكلاسيكية الفلسطينية على نحو أفضل للعالم، وإبراز أن الشعب الفلسطيني يهتم بالمحافظة على تاريخه حتى لو كان متحركاً على عجلات.