الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

أبو شلاش بائع "القطايف العصافيري" في مدينة جنين.. سنة ثامنة قطايف وسنة ثالثة جامعة

نشر بتاريخ: 01/09/2008 ( آخر تحديث: 01/09/2008 الساعة: 10:53 )
جنين- معا- في أحد الازقة الضيقة التي تطل على شارع أبو بكر في مدينة جنين، يقف سلطان رفيق أبو شلاش ( 25 عاما) وبجواره الفرن الخاص به لتسخين وصنع "القطايف"، حيث أضحى الموقع عنوانا يستدل به مواطنو وأهالي جنين لما له من شهرة كبيرة وسمعة طيبة وصل صداها مسامع وقلوب المواطنين، بالرغم من ضيق المكان الذي تقام عليه بسطته "في صنع القطايف".

العمل بعد احتساء القهوة:

يستيقظ سلطان الساعة السابعة صباحا، ويتوجه الى بسطة عمله في سوق مدينة جنين، ويتبادل الحديث وما أن يصل الى مكان عمله على شرف وضيافة فنجان القهوة العربية، وما أن يحتسي المجتمعون فناجين قهوتهم حتى يسارعوا الى مزاولة عملهم كل منهم في حرفته ومهنته المختلفة، فيبدأ سلطان العمل التاسعة صباحا، ويبدأ بالتحضير في صنع العجينة التي تتكون منها القطايف وذلك بمواد ومساحيق متوافرة كثيرا في السوق، ولكن على ما يبدو فان لطريقة التحضير التي يقوم بها سلطان، نكهة خاصة، جعلت شهرته واسعة وصيته ذائع.

سنة ثالثة جامعة:

صانع القطايف وبائعها، سلطان أبو شلاش، والطالب في جامعة القدس المفتوحة في تخصص التربية الاجتماعية، سنة ثالثة، يؤكد لوكالة معا، إن جميع إخوته ال6، قد امتهنوا بحرف ومهن وبمجالات في صنع وتقديم الطعام والمأكولات الى المواطنين، ومن بينهم سلطان، الذي اقتصر عمله على صنع القطايف منذ 8 سنوات تقريبا، وهو يعد ويحضر القطايف بطريقة تلفت أنظار المارة، كيف ولا وهو يقوم بتأدية بعض الحركات المميزة كوسيلة ترويجية لجلب أنظار الزبائن ودفعهم لشراء القطايف.

ويضيف سلطان إن مهنة بائع القطايف هي أفضل مهنة احترفها من بين أبواب عدة كان قد طرقها خلال سنوات حياته السابقة، إلا انه لم يجد الراحة والمستقر إلا في مهنة صنع القطايف وبيعها للمواطنين، حيث توفر له عناء وجهد إلقاء الأوامر من قبل مرؤوسيه الذين يكونون عادة في المهن الأخرى، " أريح راسي " مثلما قال بالعامية، وهو يعتبر نفسه سيدا لمهنته، ومالكها بنفس الوقت، كان هذا احد الأسباب خلف اختياره هذه المهنة، بالإضافة الى ان إخوته يشتهرون بتقديم وصنع المأكولات والأطعمة الزكية للزبائن .

النجاح لا يأتي بتقييم الإنسان لنفسه، بل بمدى إعجاب المواطنين بالشخص نفسه، ومدى رضاهم وقبولهم بما تصنعه أيادي سلطان صانع القطايف وبائعها...بهذه الكلمات المعبرة عن التضحية والوفاء لمهنته وحرفته، عبر شلاميش عن مدى افتخاره وتقديره لمهنته وصنعته في بيع القطايف، حيث أبدى ارتياحه للسمعة العالية والمرموقة التي وصلها سلطان في صنع القطايف وبيعها، مشيدا في نفس الوقت بدور المواطنين وزبائنه الذين يحتشدون كل يوم لابتياع القطايف، والذين عبروا بدورهم عن مدى درجة إتقان وحرفية صنع القطايف التي يبيعها سلطان.

سنة ثامنة قطايف:

يتابع سلطان، إن "بسطة صنع القطايف وبيعها" كان قد فتحها في هذا المحل منذ 8 سنوات سابقة، وهي ما زالت جاثمة على موقعها، مؤكدا انه يبيع القطايف في جميع أشهر السنة منذ 8 سنوات، الأمر الذي لا يحوجه الى عمال لمساعدته في صنع القطايف وبيعها، بينما الصورة في شهر رمضان الفضيل مغايرة كليا عما هو الحال في ظل الأشهر العادية، حيث إقبال الجماهير والزبائن في ازدياد، والحركة أكثر نشاطا وازدحاما، مما يدفع الى استحضار بعض العمال لمساعدته في العمل وذلك مقابل اجر متفق عليه. ويؤكد إن زينة شهر رمضان هي في مأكولاته وأطباقه الشهية وبخاصة حلوى القطايف، والتي تعتبر الأكثر شعبية ورواجا خلال شهر رمضان المبارك.

ويبين شلاميش، الى إن حرفة صنع القطايف وبيعها، هي مثيرة للاهتمام بالنسبة لشاب أعزب، فإنها تسد احتياجاته وتفي بالغرض المطلوب منها، بينما نفس المهنة لا يمكن أن تعيل أسرة كاملة فيما لو تزوجت وأنجبت عدة أطفال، نظرا لقلة الدخل الذي تدره هذه الحرفة.

فهي لا تسد ابسط مقومات الحياة من مأكل ومشرب ودواء ولباس، وفي ظل الارتفاع الحاد في المواد الأولية التي تحضر منها هذه القطايف، ونظرا لتدهور الوضع الاقتصادي العام بين أبناء محافظة جنين، فأن المهنة قد تأثرت بشكل سلبي خلال الأعوام الأخيرة وبخاصة في ظل الارتفاعات المتكررة لأسعار الطحين والمواد الأولية التي تصنع منها القطايف. مما انعكس سلبا في جر الدخل بما نسبته 40% تقريبا.

لغة الأرقام:

ويتابع ممتهن حرفة القطايف، سلطان شلاميش، إن الدخل الذي كانت تدره هذه المهنة في الأشهر العادية خلال الأعوام السابقة، بلغ ما مقداره 1500 شيقل شهريا، بينما كانت تدر هذه الحرفة خلال أشهر رمضان السابقة ما مقداره ما بين 5_6 آلاف شيقل شهريا، ولا تدر هذه الصنعة خلال الأشهر العادية في الوقت الحالي سوى ما مقداره 1000 شيقل شهريا،بينما من المتوقع أن تدر هذه الحرفة خلال شهر رمضان الحالي قدرا ضئيلا من الربح، وذلك بسبب كثرة البائعين الذين امتهنوا هذه الحرفة في سوق المدينة، وبسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الأولية التي تصنع منها القطايف، وبخاصة مادتي الحليب والطحين.

كيف تحضر "القطايف العصافيري"؟

أشار شلاميش الى إنه يغلي الماء في بادئ الأمر، ويضع الماء المسخن في طبق ووعاء ليضع بعد ذلك الطحين اللازم في الطبق، وخلطه جيدا، وبعد ذلك يزود الخلطة بقدر من الخميرة والكربونة ومقدار من الحليب، ويتم مزج الخليط جيدا بعد ذلك، لكي تكون أكثر ليونة وسلاسة ويسهل تحريكها، ويمكن سكبها من القالب على فرن التسخين، وتترك الخلطة بعد ذلك لفترة 15 دقيقة، حتى تأخذ الخميرة مفعولها في الخليط. وبعد ذلك نشغل الفرن الخاص بتسخين القطايف على درجة معينة من الحرارة، وسكب الخليط على فرن التسخين لتقدم بعد ذلك منتجا وحلوى رمضانية مشهورة لزبائنها ومرتاديها... وصحتين وعافية .

ينظر مواطنو مدينة جنين، وزبائن سلطان، ورواده، اليه نظرة الاحترام والتقدير،ويمازحونه خلال تحضيره لحلوى القطايف، في إشارة منهم عن رضاهم وإعجابهم بإتقان وحرفية الصنعة التي وصلها سلطان.

وقال شلاميش إن نظرة المواطنين له هي نظرة الشاب الشامخ والمكافح، والذي لا يأل جهدا في سبيل توفير قسط دراسي لجامعته، حيث زاوج بين العلم والعمل، بين النشاط والفكر، وبين التحدي لواقعه المرير، وحلمه بمستقبل أفضل في سبيل بناء وطنه ومساعدة أسرته.

"القطايف" وقت الضيق:

وأضاف شلاميش الى إن هذه الحرفة قد دفعت به الى تكوين صداقات جديدة في إطار عمله وفي نطاق حرفته، ويتفاعل مع جميع طبقات المجتمع الفلسطيني فقيره وغنيه، أميه ومتعلمه ومثقفه، وذلك نظرا لطبيعة العمل الذي تجسد في حياته.

واعتبر شلاميش مهنة القطايف بأنها الصديق الحميم الذي لازمه على مدار الأعوام الثمانية الماضية، وكانت أقرب إليه من أي صديق آخر، ومنوها الى أن هذه الصنعة هي أهم من امتهان الحكم أو الوزارة في إحدى الدول، وذلك لطبيعة القرب الوجداني الذي تكون بينه وبين حرفته التي أحبها.

في متناول ايدي الجميع:

وأجاب شلاميش عن تساؤلنا حول سبب اقبال المواطنين على شراء القطايف خلال شهر رمضان المبارك! الى إن هذه الحلوى تعد بمثابة حلوى خاصة بشهر رمضان المبارك، وهي اقتصادية جدا لجميع المواطنين، ولا تعرف هذه الحلوى الطبقات الاجتماعية بين المواطنين، وإمكانية تحضيرها خلال دقائق معدودة فقط، ولا تحتاج الى كل هذا الجهد والمال اللازم لتحضيرها، بالإضافة الى سهولة هضمها بعد أكلها.

وهنأ شلاميش الأمتين العربية والإسلامية و الشعب الفلسطيني عامة، ومحافظة جنين خاصة، بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، معربا عن أمله بقدوم هذا الشهر وقد تحققت أمنيات الشعب الفلسطيني.