فاكهة الملاعب--تصنيفي الممتازة يجول الملاعب بسلاسة مبشرا بكرة فلسطينية تعزف على منوال صاحب الظل العالي !
نشر بتاريخ: 03/09/2008 ( آخر تحديث: 03/09/2008 الساعة: 20:24 )
بيت لحم - معا- متابعة فايز نصار - بنجاح كبير اكتملت مباريات الأسبوع الثاني من دوري الممتازة التصنيفي ، ووصل القطار إلى المحطة الثانية وسط تفاعل محمود من مختلف العناصر ، التي لها علاقة بالانجاز الرياضي ، بما يوحي بان الجميع أيقنوا بان الأمر جاد هذه المرة ، وان أيام التسيب الكروي قد ولت ، وشيع جثمانها بهمة الرجال الرجال .
سلاسة الدوري
والحق يقال : إن أشد المتفائلين لم يتوقع هذه السلاسة في تنظيم الدوري ، بالنظر الى الفترة الوجيزة ، التي تلت انتخاب المجلس الجديد ، والتي جعلت البعض يعتقد بان التحضير للدوري لم يكن كافيا ، فخشي الخيرون من عثرات لم يحسب حسابها ، ولكن الطيبين في هذا الوطن كانت لها الغلبة ، فأنجبوا لنا مباريات طيبات ، في تنظيمها ، طيبات في سلاستها ، طيبات في تفاعل معظم الفلسطينيين معها ، طيبات في فهم المسئولين في الأندية بان التراجع عن التصنيف ليس في خلد القائمين على تنظيم الدوري .
اهتمام رسمي
نعم .. لقد أصبح الدوري التصنيفي حديث الشارع الرياضي الفلسطيني ، وأصبح مصير الأندية " الممتازة " محور أحاديث السمر في ليالي الصيف الأخيرة ، والسهرات الرمضانية الأولى ، لدرجة أن هذه الأحاديث وصلت إلى أعالي الهرم ، من خلال الاهتمام الذي يبديه المسئولون في مختلف المواقع القيادية ، حرصا منهم على نجاح هذا الدوري ، وتشجيعا منهم للمثل الكروية ، التي يساهم الدوري في ترسيخها للمفاضلة بين الأندية ، تبعا لعطائها فوق المستطيل الأخضر ، لا تبعا للأفكار المسبقة ، والألقاب ، التي يجب أن تؤكد من خلال النتائج ، عندما تعلن صافرات الحكام انتهاء المباريات .
ملهم القلم والقدم
جولتان مضتا ، وثلاث جولات ستنظم في السهرات الرمضانية ، وفي الأمر إنعاش لكرة القدم الرمضانية ، التي تترافق مع الوفاء لشاعر الثورة محمود درويش ، الذي يعود من لحده كل مباراة ، في إشارة وفاء من شباب فلسطين ، لملهم ثورتهم ، ومرخ نضالها بالكلمات ، التي ليست كالكلمات ، بالأناشيد العذبة ، المغموسة بالغضب ، والمصباح الذي طالما حمله أبو الدراويش من بيت إلى بيت ، بالعرس الفلسطيني الذي لا ينتهي ، في ساعة لا تنتهي ... في ساحة لا تنتهي ... بالعرس .. لا يصل فيه الحبيب إلى الحبيب ، إلا قتيلا أو شهيد ... نعم انه الوفاء لصاحب مديح الظل العالي ، إيذانا بعرس لا ينتهي في الملاعب ، الثرية بالمواهب الكروية ، والمكتظة بالباحثين عن المتعة الكروية في مختلف الملاعب .
وفاء للظل العالي
صحيح أنه لم يكن في أجندة محمود درويش مساحة لمتابعة مبارياتنا ، وقد يكون لم يشاهد يوما في ملاعبنا ، وقد يكون لا يحفظ أسماء أنديتنا ، ولكنه أسمع كل الدنيا صوت الفلسطيني ، عندما طلب من سجانه أن يسجل بأنه عربي ... الم يضرب الرجل أوفى أمثلة الوفاء لقهوة الأم ، بالحنين لفلسطين أم الكل ؟ ألم يقدم نفسه ذخيرة للمنتفضين ،عندما صدح " وسقطت قربك فالتقطني ، وأضرب عدوك بي .. فأنت الآن حر .."؟
هذا هو درويش الذي نحتفي به في ملاعبنا ، تاجا للدوري التصنيفي ... وهذا هو درويش الذي كانت متابعاته لمارادونا وبيليه وبكنباور وبلاتيني ، فاصلا بعث في أشعاره همة فلسطينية متجدد ، بعيدا عن القدر الفلسطيني المسجل .. التهجير .. المخيم .. الحواجز .. الحصار .. والحرمان من الحرية والاستقلال
!
لا للأحكام المتسرعة
بالوفاء لأمير شعرائنا وصل قار الدوري إلى المحطة الثانية .... ولا نقبل هنا أن يسارع النقاد ، ومحللو المباريات إلى إصدار الأحكام المتسرعة حول حظوظ الفرق ، لأن الأندية التي انطلقت بقوة ، وحصلت على العلامة الكاملة بست نقاط ، لا يجب أن تتيه وتنام في العسل ، لأن الأمر لا يعني إلا إثباتا لجاهزيتها ، ورفعا لمعنوياتها ، ولكن حذار من المبالغة في الاحتفالات يا أمعري ، ويا مركز ، ويا بيرة .. لأن كل فريق لم يلعب إلا 180 دقيقة فقط من 1890 دقيقة ، هي مواقيت المباريات ال 21 ... والأمر نفسه ينسحب على الأندية العاثرة ، التي لم تخرج من اليومين الأولين إلا بنقطة ، أو أنها خرجت خاوية الوفاض ، فهذا لا يعني أنها فقدت فرصتها ، لأن الجولات ال 19 القادمة كفيلة بتغيير كل شيء ، رغم تأكدنا من أن بعض هذه الفرق ضعيف ، ولا يستطيع أن يقدم أكثر مما شاهدنا ، وبالتالي فمصيره بدا يكتب بأقدام لاعبيه ، فيما نؤكد أن بعض هذه الفرق يملك إمكانيات أفضل ممات شاهدنا ، والفرصة سانحة للاستدراك في المباريات القادمة .
أقول هذا .. وأنا اعلم أن المباريات الأولى تشكل مؤشرا على تحضيرات الفرق ، ولكن اكرر ان الفرصة مواتية للاستدراك ، بالإرادة والعزيمة ، وبحسن التسيير ، وحسن استغلال كل مقدرات الأندية ، بعيدا عن الحسابات غير الفنية ، وبعيدا عن الأفكار المسبقة .
قبل فوات الآوان
لم يفت القطار ، نستطيع القول الآن ، ولكننا قد لا نستطيع قول ذلك في المحطات القادمة ، لان تصنيفي الممتازة كما قلنا في الحلقة السابقة هو امتحان للأندية ، وهو يشبه امتحان الثانوية العامة ، وفي الامتحان يدخل المتنافسون إلى القاعات ، فيلاحظ المراقبون ان المجتهدين يسارعون إلى الإجابة على الأسئلة ، فيما ينتظر الكسالى الفرج من ربهم ، وعبثا سينتظرون لأن الوحي لم ينزل بعد المصطفى عليه السلام .. وعندما يتأكد النائمون في العسل من ذلك سيحاولون اللجوء إلى الغش كما يفعل الفاشلون ، ولكن أنى لهم ذلك في أجواء الرقابة المشددة ... وقدر هؤلاء أن ينتظروا قول المراقب : ضع القلم !! والأمر نفسه يسقط على امتحان الدوري ، لأن الأندية الجاهزة دخلت في الموضوع بسلاسة ، فيما ما زالت الأندية التي تأخر استعدادها تبحث من أين تنطلق في حل الأسئلة ، والدوري يا جماعة الخير ، أسئلة صعبة ، لا يجيب عليها إلا كل فطن أحسن الاستعداد والتحضير ، والنتائج ستعلن بعد واحد وعشرين جولة ، عندما يقول الحكام بصوت واحد : ضعوا القلم بصافرات نهاية الدوري ، ويومئذ ستقل نسبة النجاح عن الخمسين في المائة .
تكامل العمل
ولا يجب أن يحسب الواحد منا أن اللاعبين وحدهم يستطيعون تحقيق النتائج الجيدة ، لأنك لو ملكت احد عشر مارادونا ، وعينت على رأسهم مدربا متواضع الخبرة والإمكانيات والتاهيل ، فانك لن تجني إلا الخيبة والفشل .، ولو أنك ملكت احد عشر ميسي ، وعينت على رأسهم المدرب شوستر ، فانك لن تجني النجاح ، أذا لم يكن في الأفق إدارة قوية عارفة بشؤون التسيير الرياضي ، وقادرة على استغلال كل الطاقات الكامنة ، وقادرة على حسم كل العثرات ، من خلال ما تملك من كفاءة ونزاهة والتزام !
صفوة الممتازة
الشهية تأتي أثناء الأكل ... انه شعار الأندية التي بدات الدوري بقوة ، وتلك التي تشحذ الهمة للاستدراك ، ولا عزاء للأندية التي لا تفكر في استخلاص العبر مبكرا ، في هذا الدوري المصيري ، وكل دقيقة تأخير لن تكون في مصلحة الأندية ، التي بدا المحللون في وضعها تحت خط النجاة ، في جدول ترتيب الدوري ، الذي لن يبتسم في نهاية هذا الدقّ لأكثر من عشرة أندية ، ستشكل صفوة الممتازة في الضفة الغربية !