الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد إجراءات قضائية على مدار 17 عاما: المحكمة المركزية تُلغي صفقة بيع مقبرة الجماسين في وسط تل أبيب

نشر بتاريخ: 04/09/2008 ( آخر تحديث: 04/09/2008 الساعة: 14:12 )
القدس- معا - أقرت المحكمة المركزية في تل أبيب يافا في مطلع هذا الأسبوع بقدسية مقبرة الجماسين وسط تل أبيب يافا معلنةً إلغاء صفقة بيع المقبرة التي كانت قد أبرمتها لجنة الأمناء على الأوقاف الإسلامية في يافا " عام 1987 مع شركة "نخسي ههلخة" المقربة من بعض التيارات الدينية اليهودية فبعد محاولات دامت عشرات السنين استطاعت المحكمة الشرعية بموقفها الرافض لأي صفقات لبيع او تصفية المقدسات والمقابر الاسلامية من افشال جميع تلك المحاولات التي حيكت للنيل من الاوقاف الاسلامية في البلاد.

جاء ذلك اعتمادا على موقف المحكمة الشرعية وقرارها الذي أصدره القاضي احمد حسن الناطور في 12/11/1987 عندما اشغل منصب قاضي محكمة يافا الشرعية والذي بموجبه أكد على أبدية قدسية المقابر الإسلامية،

ويذكر ان الشركة المدعية "نخسي ههلخة" قد ابرزت لدعم ادعاءاتها أمام المحكمة المركزية فتوى كان اصدرها قاضي يافا الاسبق توفيق عسلية بالسماح ببيع المقبرة باذن المحكمة، وذلك سنة 1967، مدعية انه بذلك قد ازيلت قدسيتها انذاك.

وتعود القصة الى عام 1987 يوم أبرم رئيس لجنة "الأمناء" في يافا آنذاك أحمد فنجري (قُتل رمياً بالرصاص عام 1989-1990 على ما يبدو على خلفية إبرام هذه الصفقة) اتفاقية لبيع مقبرة الجماسين (قرية فلسطينية مهجرة تقع في قلب مدينة تل أبيب والمعروفة اليوم بمنطقة "شيكون بافلي" على الضفة الجنوبية لنهر جريشة-العوجة "اليركون") والتي لا تتجاوز مساحتها ثلاثة دونمات وذلك لبناء وحدات سكنية فاخرة على ترابها المقدس وقد قبضت لجنة الأمناء على حساب تلك الصفقة مبلغ (350) ألف دولار امريكي.

وقد عُلقت الاتفاقية على ثلاثة شروط لا تكتمل الصفقة بدونها: أولها وهو اهمها الحصول على موافقة المحكمة الشرعية لإزالة قدسية المقبرة، وثانيها توقيع المتولي انذاك علي رشيدي (كان رئيساً سابقاً للجنة "الأمناء" وارتبط اسمه بالعديد من عمليات تصفية للمقدسات الإسلامية في منطقة يافا وتل أبيب والذي كان مُعيناً من قبل القاضي الشرعي الشيخ توفيق عسلية كمتول على مقبرة الجماسين المذكورة) وثالثها موافقة البلدية على تغيير صفة أرض المقبرة من مقبرة إلى أرض للبناء, إلا أن خبر عقد تلك الاتفاقية أثار غضب المسلمين في يافا والبلاد فنظموا المظاهرات والاحتجاجات للحيلولة دون تنفيذ هذه الاتفاقية.

وقد كان لقاضي محكمة يافا الشرعية أنذاك الشيخ أحمد الناطور (حالياً رئيس محكمة الاستئناف الشرعية في البلاد) الدور البارز والأهم في كشف أمر هذه الصفقة التي كان من شأنها أن تدمر المقبرة وتزيلها عن الوجود فقد قام القاضي أحمد الناطور بعد أن كان قد حذر أعضاء "لجنة الأمناء" من أبرام أي اتفاقيات تتعلق بالأوقاف والمقدسات الإسلامية، بإصدار فتوى شرعية بتاريخ 12/11/1987 جاءت على شكل قرار شرعي يحمل الرقم 851/87 تضمن:

"أن مقبرة الجماسين كباقي المقابر الإسلامية في البلاد مقدسة وأن حرمتها أبدية وأن أي إجراء قامت به أو قد تقوم به اللجنة المذكورة على طريق بيع أو إجازة أو رهن للمقبرة المذكورة أو استبدالها إنما هو باطل من أساسه".

كما تضمن القرار الشرعي المذكور أمر مأمور دائرة الطابو في منطقة يافا بتسجيل ملاحظة تحذيرية في سجل القسيمة العائدة للمقبرة المذكورة نصها: "وقف مقدس، ممنوع بيعه أو إجارته أو رهنه أو استبداله".

هذا وقد كان هذا القرار الشرعي المحور الأساس في قرار المحكمة المركزية لإلغاء الصفقة والإبقاء على قدسية ومكانة مقبرة الجماسين كمقبرة إسلامية. حيث أشارت قاضية المحكمة المركزية "روت رونين" في قرارها أن الشروط المذكورة في تلك الاتفاقية والتي أشرنا إليها أعلاه لم تتحقق وبالتالي فإن الصفقة لاغية.

والجدير بالذكر أن القاضي أحمد الناطور كان في تلك الفترة قاضي محكمة يافا الشرعية وقد كان لموقفه الشجاع والمشرف والطلائعي الأثر المباشر في تحول المحاكم الشرعية إلى قلاع حصينة أمام أي صفقات أو مؤامرات تحاك ضد المقدسات والأوقاف الإسلامية كما وكانت قضية مقبرة الجماسين التي تفجرت عام 1987 نقطة تحول في تاريخ مدينة يافا إذ تكاتف مسلمو يافا وتصدوا لأية محاولة لتشكيل لجنة "أمناء" جديدة وانتخبوا هيئة إسلامية تمثلهم وتدافع عن المقدسات والأوقاف الإسلامية وترعاها هي الهيئة الإسلامية المنتخبة بيافا والتي ما زالت تمارس دورها منذ إنشائها في العام 1987م.