الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ردا على فكرة الملياردير تشوفا .. د. العتيلي:فكرة ردم حوض الميت درب من الخيال د. قبعة : فكرة الردم مجرد تكتيتك

نشر بتاريخ: 08/09/2008 ( آخر تحديث: 08/09/2008 الساعة: 18:30 )
أريحا - معا - يعكس التناحر السياسي بين الأطراف الإقليمية المتشاطئة على ضفتي نهر الأردن والبحر الميت نفسه بشكل كبير من خلال التضارب بوجهات النظر حول مستقبل هذين التجمعين المائيين اللذين يتوسطان منطقة تعاني أكثر الصراعات تعقيدا وصعوبة.

فالجانب الإسرائيلي ومنذ الساعات الأولى لاحتلاله الأرض الفلسطينية فرض نفسه ليس فقط كشريك في الحقوق المائية بل إنما كصاحب حق بالتصرف بالمخزون المائي متجاهلا بذلك التشريعات والقوانين الدولية الخاصة بالمياه الدولية كما هو حال نهر الأردن والبحر الميت .

لقد حاول الكثيرون طرح رؤى وأفكار وتصورات حول مستقبل البحر الميت ، فكان بعضا من هذه الرؤى يستند على رؤى عقائدية مثلتها رؤية بن غريون وهناك قابلتها أيضا رؤى سياسية إقليمية.

لكن الرؤية الأردنية لمشروع قناة البحرين المدخل الرئيس الذي استندت إليه الإطراف الدولية لقبول تمويل دراسات الجدوى بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية أبرزها تخليص المنطقة من أزمة مياه حادة وخانقة وتوفير كميات كبيرة من الطاقة المتولدة نتيجة سقوط المياه من البحر الأحمر أو الأبيض المتوسط إلى اخفض بقعة على سطح الأرض .

واستنادا لرؤية كل طرف من الأطراف الإقليمية المتشاطئة للبحر الميت فان فكرة مشروع قناة البحرين أصبحت مثار خلاف وذلك لاعتماد مختلف الرؤى على مرتكزات قانونية وإيديولوجية متعارضة.

فالسلطة الفلسطينية ارتأت ان الموافقة على مشروع دراسة الجدوى لشق قناة البحرين والممولة من البنك الدولي وإطراف دولية أخرى هو الخطوة السليمة لتحديد الموقف النهائي من مشروع حفر قناة تربط البحر الميت بالبحر الأحمر بطول 180 كم لتزويد البحر الميت بملياري متر مكعب من المياه المالحة ، على ان تستكمل دراسة الجدوى خلال عامين للوقوف على مدى قيمة السلبيات والايجابيات الناجمة عن المشروع لاسيما على المستويين البيئي والاقتصادي .

وفي خضم التجاذب والتناحر بين الأطراف المختلفة اطل الملياردير اليهودي إسحاق اتشوفا بفكرته الداعية إلى ردم جزء أو كل مساحة البحر الميت والشروع بإنشاء مدينة استثمارية على غرار مدينة دبي لتشجيع الاستقطاب الاستثماري والسياحي مستندا بحسب وسائل الإعلام إلى ان هذه الفكرة لقيت قبولا لدى العديد من الأطراف الدولية ، والتي وصفها مساعدو تشوفا بأنها اقتنعت بالمبررات البيئية التي توصل اليها طاقم خاص والتي أكدت عدم نجاعة مشروع شق قناة البحرين .

العتيلي: مجرد اوهام:

وردا على سؤال لمعا بهذا الخصوص قال الدكتور شداد العتيلي رئيس سلطة المياه الفلسطينية رئيس لجنة المتابعة لمشروع دراسة الجدوى عن الجانب الفلسطيني بان ما يطرحه إسحاق تشوفا هو وهم وخيال وهو عبارة عن أحلام استثمارية يشجعها لأسباب سياسية شمعون بيريس والمفاجئ ان تشوفا ولفترة قريبة جدا كان من أكثر المتحمسين لفكرة مشروع شق قناة البحرين مضيفا ان الحديث عن مشروع الردم يبدو غير منطقي في ظل التنكر الإسرائيلي لدور السلطة الفلسطينية (الدولة الفلسطينية المستقبلية) في إيجاد الحلول الاستراتيجية لازمة المياه والتي ستتفاقم مطلع عام 2020 مشيرا إلى ان إسرائيل تعرقل مشروع السلام والازدهار الذي تشارك به الأطراف الإقليمية الثلاثة (فلسطين/ الأردن/ إسرائيل) من خلال عدم موافقتها على تحويل قرابة ألفي دونم من الأراضي الفلسطينية من التصنيف C إلى تصنيف A الأمر الذي سيحول دون إقامة هذا المشروع الإقليمي المدعوم والممول من حكومة اليابان ، مؤكدا ان السلطة الفلسطينية قد تبنت الرؤيا الأردنية لمشروع شق قناة البحرين من خلال تبني مشروع دراسة الجدوى أولا وتشكيل مرجعية لهذه الدراسة .

وعن التخوف الذي يبديه البعض من إمكانية حدوث أضرار بيئية خطيرة قد تنجم عن حفر قناة البحرين على طول فالق وادي عربة ولمسافة 180 كم أشار عتيلي إلى ان المياه التي ستجلب إلى البحر الميت والمقدرة بمليار متر مكعب لتعويض الكميات الفاقدة ومليار أخر لتوليد الطاقة هي مياه مالحة ستضخ إلى تجمع مائي مالح ، مع اخذ كافة التوقعات البيئية وفي مقدمتها تأثير هذه الكميات على المياه الجوفية او لا سمح الله غمر الأراضي الزراعية بالمياه المالحة حال حدوث نشاط زلزالي ، مشيرا إلى ان دراسة الجدوى ستتضمن حلول واقعية لسبل التحكم بالمسطح المائي وجريان المياه أي بمعنى أخر الدراسة تتضمن بدائل عملية .

وأكد العتيلي على ان أي مشروع في منطقة حوض البحر الميت يجب ان يكون مقبولا لكافة الأطراف وان ما طرحه اتشوفا فكرة مستحيلية وغير منطقية وفيها استخفاف لحق الأطراف العربية التي لها حق التقرير بمصير ومستقبل البحر الميت إضافة إلى ان المشروع الذي يطرحه اتشوفا لن يكون مقبول عالميا .

بدوره دعا الدكتور سامي مسلم عضو اللجنة التوجيهية للمشروع سابقا إلى ضرورة ان يدرس هذا الطرح بشكل جدي من قبل القيادة السياسية والمسؤولين للوقوف على المصلحة الوطنية العليا خصوصا ان هناك حقوق مائية لابد من التأكيد عليها قبل الحديث عن المشروع مضيفا ان جميع الدول المتشاطئة دون انتقاص لحق أي منها لها الحق في إقرار أو رفض المشروع لاسيما أنها توافقت على عمل دراسة جدوى للمشروع بتمويل من الأسرة الدولية .

وحول الجوانب القانونية للرؤيا التي يطرحها تشوفا قال الدكتور كمال قبعة الخبير في القانون الدولي: أولا يجب التحقق من جدية الفكرة لكن باعتقادي ان هذا الطرح والمتضمن لفكرة التجفيف أو الردم هو طرح تكتيكي تستهدف الضغط على الأطراف المعنية للإسراع بقبول فكرة مشروع شق قناة البحرين أما إذا ما اصبحت الفكرة في حيز التنفيذ فانه حتما سيكون لها أثار وأبعاد قانونية خطيرة جدا ، فالبحر الميت هو الجزء من التراث الثقافي العالمي وفق وثائق منظمة اليونسكو وعلينا الأخذ بعين الاعتبار خطورة الوضع المائي الخطير والصعب لاسيما وان المنطقة قد دخلت المحظور على المستوى المائي .