الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون التحليل الفني ***** بقلم :فايز نصار

نشر بتاريخ: 16/09/2008 ( آخر تحديث: 16/09/2008 الساعة: 20:36 )
بيت لحم - معا - " انتم الإعلاميون تنتقدون كل شيء.. فمن ينتقدكم ؟ " سؤال استنكاري طرحه إداري فاهم ، من احد الأندية ... " الإعلام الرياضي الفلسطيني ما زال ضعيف المستوى " قال إداري آخر .. تاركا لمدرب معروف صب جام غضبه على فرسان القلم الرياضي ، لأنهم يتحملون - على ذمة صاحبنا - مسؤولية تخلفنا الرياضي !
هو كلام كبير، طالما سمعناه في ردهات الملاعب ، يقابله كلام معاكس ، يطري على عمل جند الكلام الرياضي الموزون ، لان معظمهم - كما تأكد هؤلاء - يعملون طوعا بدون دراهم ، ولا يملك سوادهم الأعظم سيارة ، ولو من طراز " رينو 4 موديل 1970 " .
وبين هؤلاء وأولئك يجتهد المخلصون من الإعلاميين في أداء رسالتهم غير منقوصة ، متطلعين للعب دور أكثر تأثيرا في الترقية الرياضية ، ومساهمين بفعالية في دفع الحالة الرياضية قدما 1
وحتى لا نقع في شراك الذاتية المقيتة ، نعترف من البداية أن الإعلام الرياضي الفلسطيني ، الذي طالما كان يسبق كل أوجه المنظومة الرياضية الأخرى ، على مختلف الصد قد تراجع بشكل لا يسر الخيرين ، والأسباب تمزج بين الموضوعية والذاتية ، وستكون لنا وقفة حولها ، في حلقات قادمة إنشاء الله .
المهم ... مع تواصل عرض حلقات مسلسل الدوري التصنيفي ، الذي يحمل اسم معلم الإعلاميين ، من رياضيين وغير رياضيين ، محمود درويش ، وجد الإعلاميون مادة حركت المداد في شرايين أقلامهم ، التي ضربت عليها العنكبوت بنسجها ، على خلفية الجدب الكروي في السنوات العجاف ، فامتلأت أعمدة الصحافة الرياضية بالتقارير الرياضية حول مختلف المباريات ، وتفنن رجال القلم ، في متابعة فنون رجال القدم ، وساهم الإعلاميون في إحداث هذا الحراك الناضج ، الذي يبشر بطيّ صفحات العذاب الرياضي !
ورغم تقديرنا لمعظم ما يكتب عن مباريات الدوري ، فالإشادة يعوضها الله لمن يدخلون بيوتهم عند مطلع الفجر ، حتى يضمنون لذواقتنا وجبات طازجة حول السهرات الرياضية ... إلا أن ذلك لا يمنعنا من القول : إن كثيرا مما يكتب يحتاج إلى مزيد من الجهد لتحسين الأداء ، حتى لا تبقى التقارير الرياضية ، حول المباريات مجرد اجترار لوصف تفصيلي للمباريات ، وحتى يتحول التقرير إلى قصة رياضية ، يتفاعل المتذوقون مع تشويقها ، ويحرصون على قراءتها أكثر من مرة !
لعلكم تتفقون معي أن أسلوب "في الدقيقة الفلانية حصل كذا" ، "وفي الدقيقة العلانية حصل كذا" يحتاج إلى تطوير ، ولا يعقل أن نقرا في تحليل لمباراة ما يلي " في الدقيقة الثانية من الشوط ، سجل فريق كذا هدف التعادل د47" لأن في الأمر تكرارا يذكرنا بمن يطلبون التقدم إلى الأمام ، وكأن في الأفق تقدم إلى الخلف!
يجب أن يتحسن الأداء ، ويجب أن يرتقي الجميع بأساليبهم ، لأنه لا يجوز لنا أن ننقل المباريات ، بالأساليب التي كنا ننقل بها مباريات شباب الخليل و"الواي" في السبعينات ، والمطلوب أن يبحث الإعلاميون عن أساليب تحمل بصماتهم ، وتحويل التقرير إلى قصة مشوقة ، تساهم في التحول الكبرى لمستوى اللعبة ، وتلعب الدور المنتظر في تطور كرتنا الفلسطينية ! .
ويجب ان تتضمن القصة الصحفية الرياضية وقوفا على مفاتيح المباراة ، وأهم المواقف التي أحدث التغيرات المؤثرة ، والأمر يقتضي مطالعة لا تتوقف للتطور المطرد في علوم التدريب ، ومبادئ التكتيك الكروي ، لأن الإعلامي الفاهم ، يصل بالبديهة الصائبة وبسرعة إلى فهم التغيرات التكتيكية ، مما يسهل عليه إبداع النسيج الفني لقصته ، كما أن تركيز الحوارات الداخلية للقصة على مجريات الصراع الكروي ، والأفضلية البدنية والمهارية ، وحسن التحضير المعنوي يساعد في نضج التقرير المنتظر .
ولا يعني هذا أن نهمل اللقطات الاستعراضية ، ووصف الهجمات المؤثرة ، والحديث عن الفرص ، ولكن يجب التركيز على اللاعبين ، الذين يشكلون العمود الفقري للفريق ، من حارس المرمى إلى قلب الدفاع ، إلى المهاجم الأول ، مرورا بحامل الماء ، مدافع الوسط الارتكازي ، وصانع الألعاب ، وبيان تأثير هذا الهيكل العظمي في المهمات الكبرى - دفاعا وهجوما - بالتعاون مع الظهيرين والمساك ، وبقية لاعبي الوسط والهجوم .
ويجب التركيز أيضا على الوحدة الموضوعية للفريق ، والوقوف على جوانب النشاز القاصرة ، التي تعتمد اللعب الفردي ، بعيدا عن الجمل التي تحقق الوحدة الموضوعية ... والوحدة العضوية بدورها عاملا هاما في النسيج الفني للفرق ، وضمان الانسجام بين مختلف الخطوط ، وإبراز التضامن الميداني بين جميع اللاعبين ، ويجب على المحلل ان يصل إلى مستوى الوحدة الموضوعية والعضوية ، لأن ذلك يدعم النتائج التي يصل إليها بموضوعية !
ولا يجب على المحلل الرياضي أن يلجا إلى الاطالة والأطناب ، لأن الحشو والإسهاب ، مجلبة للملل والتكرار المعيب ، بل يجب أن يساوي الكاتب الرياضي بين المعاني والأساليب ، فلا تتقدم المعاني ، ويصبح الكلام مختصرا ،لا يعالج كل المواجع ، ولا تتقدم الأساليب ، فيصبح الكلام إطنابا مملا!
وعلى متعاطي الإعلام الرياضي أيضا الاهتمام بالبطاقة الفنية للمباراة ، وهي كما يعتقد الكثيرون هوية المباراة ، التي لا تختلف قراءتها بين كاتب وآخر ،وينصح أن تكتب البطاقة الفنية في زاوية خاصة ، قد تسبق التقرير أو تليه .
ويجب أن تتضمن البطاقة الفنية اسم الملعب ، وتقدير عدد الجمهور ، والحالة الجوية ،وحالة أرضية اللعب ، ومستوى التنظيم والمستوى الفني .
كما يجب أن تعرض البطاقة الفنية أسماء جميع اللاعبين الأساسيين من الفريقين ، وعرض أسماء البدلاء بين قوسين ، لمعرفة البديل والمستبدل ، ودقيقة التبديل ، دون نسيان ذكر أسماء بقية اللاعبين الذين وردت أسماؤهم في كشف المباراة ، لأن ذلك مهم للأرشفة الصحفية ، ولمعرفة اللاعبين الغائبين ، بسبب العقوبة أو الإصابة ، أو لأسباب أخرى .
ويجب أن تعرض البطاقة الفنية أسماء المدربين وكبار مساعديهم ، وتورد أسماء رباعي التحكيم ، ومراقب المباراة ، والدقة في عرض أسماء اللاعبين الذين أشهرت في وجوههم البطاقات الحمراء والصفراء ، واللاعبين الذين سجلوا الأهداف ، والدقائق التي سجلت فيها تلك الأهداف .
لن تتشابه تقارير المباريات من أعلامي إلى آخر ، لأن أمزجة الناس كبصمات أصابعهم ، ولكن البطاقة الفنية يجب أن تكون متطابقة ، أما العنوان ، الذي يشكل "الفترينة" التي تعرض الأفضل ، فيجب أن يعتصر إبداع الكاتب بكلمات مختصرة يشوبها التجلي ، وتعرض جوهر القصة ، وزبدة ما في المباراة .
المختصر المفيد أن الإعلامي الرياضي ، الذي يريد أن يكتب عن مباريات لا تنسى ، يجب أن يحضر لكل هذه الأمور جيدا ، ويجب أن يجتهد في الانخراط بجامعة التكوين المتواصل ، وان يتفنن في عرض النتائج التي وصل إليها بعد المباراة ، بقالب سهل ممتنع ، لا غلو فيه ولا شطط !
والحديث ذو شجون
[email protected]