الإثنين: 07/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس عباس: درس السنوات الـ 15 الماضية يتلخص بان سلاما عادلا وحده الذي يستطيع جلب الأمن لإسرائيل وفلسطين

نشر بتاريخ: 20/09/2008 ( آخر تحديث: 20/09/2008 الساعة: 00:19 )
بيت لحم -معا- وفا- قال الرئيس محمود عباس، إنه ما زال بإمكان إسرائيل وفلسطين تحقيق السلام.

وأضاف في مقال نشرته الجمعة صحيفة 'الوول ستريت جورنال':" إنني ما زلت مؤمنا بأننا نستطيع تحقيق سلام عادل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، يعيشان في دولتين مستقلتين، لكن إذا لم ننجح، وننجح قريبا، فان معالم الجدل تصبح عرضة للتحول على نحو دراماتيكي.

وحث سيادته الشعب الإسرائيلي وقادته على صنع خيار يضمن مستقبلا آمنا وزاهرا لكلا الشعبين.

وفيما يلي ترجمة غير رسمية للمقال بقلم السيد الرئيس:

يسجل هذا الشهر مرور 15 عاما مؤلمة منذ مصافحة عرفات - رابين الشهيرة في حديقة البيت الأبيض.

إن أطفال فلسطين الذين بدأوا دراستهم أثناء التوقيع على اتفاق أوسلو في 1993 أصبحوا الآن شبانا، ولم يعرفوا يوما من الحرية الحقيقية أو سلامة حقيقية لأرواحهم.

لقد قدم أوسلو السلام وفق جدول زمني، فيما نفقت الحرية على مراحل وتحطم وعد (أوسلو) عبر زيادة البناء الاستيطاني الإسرائيلي، والقيود على حرية حركة الفلسطينيين، وبالتوازي مع مقاومة عنيفة للاحتلال من بعض الفلسطينيين.

إن العملية التي بدأها الرئيس الأميركي جورج بوش في 'انابوليس' في العام الماضي تعطي فرصة أخرى للوصول إلى سلام دائم، وإن التاريخ لن يحكم علينا بلطف إذا أضعنا هذه الفرصة.

ما زلت مؤمنا بأننا نستطيع تحقيق سلام عادل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، يعيشان في دولتين مستقلتين، لكن إذا لم ننجح، وننجح قريبا، فان معالم الجدل تصبح عرضة للتحول على نحو دراماتيكي؛ إذ أن التوسع الاستيطاني الإسرائيلي المتواصل وضم الأراضي في الضفة الغربية يجعل الفصل المادي يبين شعبينا مستحيلا على نحو متزايد؛ فعدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية نما بنسبة 85% بعد توقيع اتفاق أوسلو.

إننا قلقون على حريتنا وبالتالي فإن السلام الجزئي كما يقترحه محاورونا الحاليون، لا يشكل الطريق السليم للتقدم إلى الأمام، فالحرية المجتزأة تشكل تناقضا مع جوهر المعنى، فإما أن يعيش الفلسطينيون بحرية، أو يواصلون العيش تحت نير الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

نريد لأطفالنا أن يعيشوا بالأمل وفرصة تحقيق طموحاتهم، وبالتالي فإن حقيقة حياتنا اليومية تسوء، إننا محاطون بجدران ونعيش بمعازل في أرضنا، تذكر 'بالبانتوستانات' في جنوب إفريقيا، وتسجننا إسرائيل بطرق فصل والتفافية.

ويصر قادة إسرائيل على أن القدس لا يمكن أن تقسم ماديا، أوافق، مع ذلك فان السيادة على القدس يجب أن تقسم، فالمدينة يمكن أن يتم التشارك فيها كعاصمة للدولتين - الشرقية لفلسطين والغربية لإسرائيل. وبينما لا توجد رغبة في تقسيم المدينة إلى قسمين، فان إسرائيل مع ذلك تقسم المدينة من خلال جدرانها وأنفاقها وقوانينها التي تميز على نحو عنصري بين الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين والإسرائيليين اليهود، وتواصل إسرائيل إحاطة المدينة المقدسة بالمستوطنات اليهودية التي تفصلها عن بقية الضفة الغربية المحتلة.

إننا نعي المصاعب التي يعانيها جيراننا الإسرائيليون، إذ انه لا يجب أن يذهب طفل إسرائيلي للنوم وهو خائف، ومن المثير للدهشة والاستهجان انه بالرغم من أن إسرائيل تمتلك أقوى ترسانة عسكرية في المنطقة فإنها لا تستطيع ضمان امن شعبها. وبالتالي فان درس السنوات ألـ 15 الماضية يتلخص بان سلاما عادلا هو وحده الذي يستطيع جلب الأمن الحقيقي لإسرائيل وفلسطين.

لقد آمنت منذ وقت طويل بأننا يجب أن نحل خلافاتنا على طاولة المفاوضات وليس في الميدان، بيد أن هدف هذه المفاوضات يجب أن يكون اتفاقا عادلا وشاملا وواضحا، فالمفاوضات يجب أن لا تكون غطاء للطرف الأقوى بان يفرض إرادته.

وبعيدا عن الحصيلة الجزئية، فإننا نسعى إلى اتفاقية تنتج عنها دولتان قابلتان للحياة وذات سيادة على أساس حدود 1967 ومن ضمنها القدس عاصمة للدولتين وحل عادل يحترم حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

إن ما يتم تجاهله غالبا هو المساومة التاريخية الكبيرة التي قمنا بها بقبول حل الدولتين وإقامة دولتنا في الضفة الغربية وقطاع غزة؛ فقط على 22% من مساحة وطننا التاريخي، ولا يمكن لأي قائد مسؤول أن يتخلى عن هذه الأرض الضيقة، وأن يتخلى عن مواردها الطبيعية، وأماكنها التاريخية ومناظرها الخلابة، ولا يمكن لأي قائد مسؤول أن يقبل بـ ' خطة سلام' تعيد تغليف الاحتلال وتجعله دائما.

تقول إسرائيل أن هدفها هو دولتين تتعايشان بسلام، لكن هاتين الدولتين يجب أن تكونا دولتان حقيقيتان ذات سيادة ومستقلتان وقابلتان للحياة.

لا استطيع أن أخضع شعبي لدولة إسرائيلية و'لكانتون' فلسطيني، إذ انه لا يمكن أن تكون لدى إسرائيل السيطرة والسلام في آن، إذ لا يمكنها أن تستمر في بناء المستوطنات وعلى نحو دائم وغير قانوني في الضفة الغربية والقدس، ثم تحاجج بأنه يجب أن تحتفظ بالأرض بسبب حقائق قائمة على الأرض.

خلال زيارتها الأخيرة إلى الأراضي المقدسة، أشارت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى أن النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية لا تساعد عملية السلام، وقد أقرت إسرائيل بنفسها هذا في انابوليس، بتطبيق المرحلة الأولى من التزاماتها بخارطة الطريق - وبكلام آخر- تجميد استيطاني. وبالتالي فانه منذ انابوليس تضاعف السباق نحو البناء الاستيطاني الإسرائيلي.

يجب أن تتبدل عقلية إسرائيل الاحتلالية باتجاه الشراكة والسلام، ويجب أن تأتي 'حماس' إلى الطاولة مع الرغبة بالإنخراط في حوار وطني حقيقي على أساس البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، فالإجماع الوطني الفلسطيني والوحدة الوطنية هما حاجة ملحة لشعبنا المتعطش للحرية.

كما أن مؤتمر 'فتح' يجب أن يعقد قريبا، لإتاحة المجال لجيل جديد كي يتبوأ المسؤولية في الحركة الوطنية الفلسطينية.

إنني أتعهد بالتعاون الكامل خلال الأيام والأشهر القادمة، وإنني ممتن لجهود إدارة بوش في المساعدة على رعاية عملية السلام .

ومرة أخرى أمد يدي للشعب الإسرائيلي وأحثهم وقادتهم على صنع خيار يضمن مستقبلا آمنا وزاهرا لكلا الشعبين.