فياض أمام مؤتمر المانحين في نيويورك: توسيع الاستيطان يحد من النمو الاقتصادي ويقوض حل الدولتين
نشر بتاريخ: 22/09/2008 ( آخر تحديث: 22/09/2008 الساعة: 22:46 )
نيويورك- معا- اكد رئيس الوزراء الفلسطيني د.سلام فياض على أن القيود الاسرائيلية على حركة الافراد والبضائع في الاراضي الفلسطينية فضلا عن إستمرار التوسع الاستيطاني، وما نتج عنه من حد للآمال بامكانية تطبيق حل الدولتين أدى الى عدم تحقيق الاقتصاد الفلسطيني ما هو مأمول منه في العام 2008، مشيرا الى أن القيود المفروضة على التنقل والعبور في الضفة الغربية قد زادت من 580 نقطة تفتيش وحاجز عسكري في نهاية عام 2007 إلى 626 بحلول منتصف أيلول 2008.
وقال د.فياض أمام إجتماع لجنة التنسيق للدول المانحة، الذي عُقد في نيويورك برئاسة النرويج على هامش أعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة "النقص في الاستثمار ناجم عن فرض إسرائيل سلسلة من القيود الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية. القيود المفروضة على التنقل والعبور في الضفة الغربية قد زادت من 580 نقطة تفتيش وحاجز في نهاية عام 2007 إلى 626 بحلول منتصف أيلول 2008. تخفيف بعض نقاط التفتيش مؤخراً خطوة إيجابية ، ولكن كما ستسمعون اليوم من مختلف الوكالات الدولية ، فان أثرها لم يكن كبيرا".
وأضاف في الاجتماع الذي عقد بضيافة الأمين العام للامم المتحدة بان كي- مون، وترأسه وزير الخارجية النرويجي، وحضرته وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، والمبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية توني بلير، ووفود عربية وأجنبية "والأسوأ من ذلك ، أن اسرائيل حرمت المواطنين الفلسطينيين ومجتمع رجال الاعمال من الوصول الى وإستخدام الأراضي والمياه ، وغيرها من الموارد. كذلك تم منع إمكانية وجود نشاط اقتصادي كبير بسبب تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية والأسواق ، وصعوبة إستيراد الآلات والمعدات الثقيلة من خلال القيود الصعبة التي تفرضها إسرائيل".
وقد عقد رئيس الوزراء قبيل الاجتماع سلسلة من الاجتماعات مع الوزراء ورؤساء الوفود العربية والاجنبية تم خلالها بحث العلاقات الثنائية في حين وضع د.فياض الوفود في صورة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية.
واشار د.فياض الى ان "وقف إطلاق النار الذي تحقق في غزة، بفضل الجهود المصرية، أدى بالتأكيد الى تخفيف المعاناة الإنسانية وزيادة بعض الواردات ، ولكن قطاع غزة لا زال تحت الحصار"وقال" لم يسمح باستيراد معظم المدخلات الصناعية ، ولا يسمح لقطاع غزة بالتصدير ، وبالتالي حرم سكانه من مصدر رئيسي للدخل، أضف الى ذلك فان نقص الوقود ، والكهرباء ، والمعدات الطبية وقطع الغيار ، والأوراق النقدية مؤخراً ، أدى الى إنخفاض حاد في قدرة إقتصاد قطاع غزة على العمل".
وأضاف رئيس الوزراء "وهكذا ، في حين أن الجهات المانحة قدمت أكثر من 1.36 بليون دولار لدعم الميزانية في هذا العام، فإن المستثمرين لم يلحظوا إنخفاضاً كبيراً في تكاليف النقل أو امكانية الوصول إلى الأسواق . وبالتالي ، فإن معظم المدخرات الفلسطينية لم يتم توجيهها إلى إستثمارات محلية وانما تراكمت كودائع مصرفية واستثمرت في الخارج ، في حين أن القروض الى القطاع الخاص قد أخذت في الانخفاض".
وتابع رئيس الوزراء "توسيع المستوطنات، وفي تناقض كامل مع التزامات اسرائيل في اطار خارطة الطريق والتزامات أنابوليس ، لا تزال تحد من الفضاء الاقتصادي الفلسطيني ، ولكنها أيضا تبعد الأفق السياسي بحل الدولتين، وقد أدى ذلك إلى تراجع أي توقعات نمو ايجابية سبق وقد تولدت لدى للمستثمرين. ومما زاد الطين بلة ما يجري مؤخراً من تزايد في عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين ، دون أي رد حازم من جانب القوات الاسرائيلية".
وأشار رئيس الوزراء الى أنه بعد التدهور الأمني الذي عاشته المناطق الفلسطينية في السنوات الأخيرة ، و ظهور الميليشيات المسلحة، وإنهيار كامل للقانون والنظام، فإن انتشار أفراد الشرطة والأمن المدربين بشكل أفضل في مختلف المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية كان إيذانا ببدء بيئة جديدة في الضفة الغربية "وقال: "لقد جرت تحسينات على هيكلية قيادة قوات الأمن الفلسطينية وأُدخلت إصلاحات لتعزيز القدرات الإدارية لكبار الضباط، كما أن إنضباط أفراد الأمن قد تحسن بشكل كبير وكذلك معنوياتهم، ونتيجة لذلك ، تم إنهاء نشاط الميليشيات وظاهرة إستعراض السلاح. وبدأ الناس يشعرون الآن بوجود إطار قانوني يمكن إنفاذه، حيث تجري المحاكمات على الاعمال الاجرامية . ويمكن للمجتمع المدني أن يعمل دون عراقيل أو تهديد أو إبتزاز. قوات الامن في السلطة الوطنية الفلسطينية جلبت معها قدر جيد من الاستقرار ورفعت مستوى الثقة لدى المواطنين ، ولا سيما لمجتمع الأعمال التجارية. على الأقل من الممكن الآن الحصول على كل من التنمية الاقتصادية وبناء القدرات بشكل منظم".
إلا أنه أكد : "ومما يؤسف له أن الغارات المتكررة على المناطق الفلسطينية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تقويض جهود السلطة الوطنية الفلسطينية لضمان استقرار نابلس وجنين وغيرها من المناطق" وقال: " مثل هذه الغارات تشكل انتهاكا لالتزامات اسرائيل بموجب الاتفاق الانتقالي وخارطة الطريق ، وتهدف فقط إلى إضعاف مصداقية السلطة الوطنية الفلسطينية. صحيح أن وتيرة الغارات الاسرائيلية قد تراجعت نسبياً في الأسابيع الأخيرة ، ولكن يجب القول أن الإعتراف من جانب إسرائيل بتحسن أدائنا الأمني إستغرق وقتا طويلاً، ونحن لا نريد أن ننتظر سنة أخرى قبل وقف الغارات وأن تكون قواتنا الأمنية مخولة تماما".
وشدد رئيس الوزراء على أنه" نحن أيضا نعمل على إعادة هيكلة مؤسساتنا القضائية لاستعادة ثقة الجمهور في النظام القضائي ، والحد من تراكم القضايا ولإنفاذ قرارات المحاكم. لقد تم تخصيص الأموال لتعيين 70 قاض جديد ونحو 100 وكيل نيابة. ويجري حالياً بناء مقار محاكم ومرافق احتجاز. وبالفعل هناك زيادة كبيرة في حالات إنفاذ الأحكام".
وذكر فياض ان "مبادرتنا الثانية هدفت إلى تلبية الاحتياجات الفورية للمجتمعات المحلية الفلسطينية من خلال التركيز على المشاريع الصغيرة ، ولا سيما في المناطق الريفية، وخاصة تلك الأكثر تضرراً من الجدار والاستيطان، والتي لا تخضع للقيود والتأخير الاسرائيلي كما هو الامر بالنسبة للمشاريع التنموية الاكبر".
وقال" بدأنا في آذار بنحو 100 مشروع في مختلف المجالات.. مثل إضافة عدد من الغرف الصفية إلى مدرسة ، تعبيد طرق جديدة، ربط قرى بشبكات الكهرباء . عندما أدرك السكان ان هذه المشاريع تم تمويلها وبالفعل تنفيذها ، بدأت تصلنا المزيد من الطلبات ، الان ، تم اقرار 925 مشروعا تم تنفيذ 230 مشروعاً والباقي قيد التنفيذ".
واضاف"من خلال هذه المشاريع أكدنا وجودنا في المجتمعات المحلية الصغيرة حيث تغيبت السلطة الوطنية الفلسطينية في الماضي، إحياء الاقتصادات الريفية من خلال الاعتماد على المواد واليد العاملة المحلية، إضافة الى تحسين البنية التحتية الريفية. وهذا ولد الكثير من الثقة وعزز علاقات السلطة الوطنية الفلسطينية على مستوى المجتمع المحلي".
وتابع" مع زيادة حدة الطلب على هذه المشاريع ، فان التمويل أصبح أكثر صعوبة. ومنذ البداية اتى التمويل من وزارة المالية كما نفعل عادة للنفقات الصغيرة، ولكن مواردنا محدودة ويمكن دعم الميزانية المباشر لهذه المشاريع من مجتمع المانحين، وهذا من شأنه أن يكون مفيدا جدا لعملية الميزانية كما انه سيكون مظهرا ملموسا من مظاهر التكامل بين النفقات المتكررة والتنمية ضمن ميزانية موحدة".
من جهة ثانية فقد أكد رئيس الوزراء على مثابرة السلطة الوطنية الفلسطينية في إصلاح الإدارة المالية العامة، وإحراز تقدماً ملموساً في عدة مجالات أبرزها إتمام ربط عشرة وزارات في شبكة نظام المحاسبة الجديد، وتعزيز الضوابط المالية، وإجراء مراجعة داخلية لحسابات أربعة وزارات، كما تم الوفاء ومنذ آذار الماضي بما وعدنا به، حيث يتم في الخامس عشر من كل شهر نشر بيانات شاملة عن الإيرادات والنفقات في الميزانية على الموقع الالكتروني لوزارة المالية. كما تم إصدار تعميماً حول ميزانية عام 2009، تم بموجبه الطلب من الوزارات توضيح استراتيجياتها وأهدافها ، حتى يكون إندماج النفقات المتكررة والتنموية أكثر فعالية. إضافة الى العمل على تعزيز قدرات مكافحة غسل الأموال سواء في سلطة النقد الفلسطينية أو في القطاع القضائي.
وقال"كما تعلمون ، فان تنفيذ الميزانية في العام 2008 كان قوياً للغاية، ونتوقع أن العجز في الميزانية بحلول نهاية هذا العام سيكون على المسار المتوقع. مجتمع المانحين ساعدنا على المحافظة على سجل من دون إنقطاع لدفع الرواتب واستدامة الاصلاحات المالية من خلال دعمهم للميزانية الذي بلغ 1.36 بليون دولار منذ بداية هذا العام حتى الآن. الأمر الذي ساعدنا على دفع متسارع لمتأخرات الأجور لموظفي السلطة الوطنية الفلسطينية، والتعامل مع انخفاض قيمة الدولار الامريكى".
ولكنه ذكر" وللأسف ، فإن الاقتصاد الفلسطيني لم يكن جيدا في العام 2008 بالمستوى الذي تم توقعه. تقييمنا للأداء الاقتصادي الفلسطيني في عام 2008 ، بما في ذلك قطاع غزة ، يشير إلى زيادة طفيفة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. التقييمات الأخرى من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تشير إلى الركود أو زيادة طفيفة في الانتاج. مهما كان الامر فإن الاقتصاد الفلسطيني يعمل بما يقل كثيرا عن إمكاناته. اعتمادنا على التمويل من الجهات المانحة قد زاد أيضا".
واضاف"يمكن للمرء أن يذكر العديد من العوامل الكامنة وراء إستمرار ضعف الاقتصاد الفلسطيني مثل التضخم ، وتفريغ قطاع غزة وانخفاض نمو الاقتصاد في اسرائيل. وهناك سبب أكثر جوهرية ، في رأينا ، هو قتامة مشاعر الاستثمار التي أعرب عنها القطاع الخاص الفلسطيني. هناك نقص في الاستثمار الفلسطيني في مرافق الإنتاج الجديدة ، خاصةً في قطاع التكنولوجيا الجديدة وقطاعات التصدير. في الوقت الذي لا يزال هناك استثمار في الإسكان ، وهناك استثمارات ضئيلة للغاية في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة. وهذا النقص في الاستثمار ناجم عن فرض إسرائيل سلسلة من القيود الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية.