الأربعاء: 20/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

من يقول الحقيقة ابو مازن ام ايهود اولمرت ؟

نشر بتاريخ: 25/09/2008 ( آخر تحديث: 25/09/2008 الساعة: 20:00 )
بيت لحم - معا- تحت عنوان "من يقول الحقيقة من بين الاثنين" تناول الكاتب الاسرائيلي الوف بن في مقال نشرته صحيفة هارتس، تناقض التصريحات الفلسطينية والاسرائيلية حول احتمالية التوصل الى اتفاق نهائي حتى نهاية العام الحالي.

يقول اولمرت "من الممكن ان نتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين حتى نهاية العام الحالي، مقترحا الاسراع باغلاق الملف ليرد عليه ابو مازن بتصريح يقول فيه :"ان اقتراحات محاورينا الاسرائيليين تؤدي الى سلام جزئي وغير كامل وهذه ليست الطريقة التي تقود الى تحقيق تقدم ".

وبعد المقدمة السابقه تساءل الوف بن قائلا " من منهم صادق ومن الكاذب ؟ وهل الاتفاق التاريخي لاقامة دولة فلسطينية في متناول اليد؟ ام انه لا زال بعيد المنال ؟ كيف يوصف الاثنان واقعا محددا بطريقة مختلفة هكذا بعد كل اجتماع بينهما ؟".

واضاف الوف بن " الفجوة بين تصريحات ابو مازن واولمرت خلال الايام الاخيرة لا تعكس مشكلة في الثقة، ولكنها فجوة عميقة بين الرؤيتين الاساسيتين للطرفين واي رؤية او اقتراح يطرحها طرف كحل للقضية يرى الطرف الاخر مناورة او محاولة للهرب من الحسم، وهكذا الحال منذ ايام المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية منذ يومها الاول ".

وتقوم الرؤية الاسرائيلية التي تمتد جذورها الى بداية الاستيطان اليهودي في البلاد على ان التقدم يتحقق من خلال فرض الوقائع على الارض، وعلى هذا الاساس اقيمت وتطورت الدولة "دونم اخر وغنمة اخرى وكيبوتس اخر ومستوطنة اضافية ودبابة اخرى وطائرة اخرى واصبحت كل الارض خاضعه لسيطرتنا " ذا هو بالضبط ما تعرضه اسرائيل على الفلسطينيين "ما نعطيكم اياه خذوه وسنرى كيف نتقدم ابدأوا بدولة صغيرة منزوعة السلاح ومحاطة بالجدران وجنود الجيش، وحينها سنرى ماذا سيحصل ".

لكن الفسطينيون يعتقدون شيئا اخر ويصرون على اتخاذ قرار حاسم بخصوص حقوقهم المكفولة بقرارات الامم المتحدة، وحينها فقط يبحثون بالتفاصيل " على اسرائيل ان تقر اولا وقبل كل شيء بمبدأ دولة فلسطينية في حدود عام 1967 دون قيود امنية بما في ذلك القدس الشرقية كعاصمة للدولة وبحق عودة اللاجئين لبيوتهم ودفع التعويضات عن سنوات الاحتلال وبعد ذلك نبحث كيف نطبق ذلك ".

ومثله مثل ياسر عرفات قبل ثمان سنوات يرفض ابو مازن الاقتراحات الاسرائيلية ويصر على القاعدة التي تفضل الاحتلال على اي سلام منقوص اوجزئي وعلى الفلسطينيين ان استمروا بالوقوف على الحواجز الاسرائيلية طالما لم يحصلوا على سيادة كاملة لدولتهم الامر الذي يجد الاسرائيليون صعوبة في فهمه ولسان حالهم يقول "عباس يواصل الشكوى من استمرار الاستيطان ومصادرة الاراضي فلماذا لا يقبل بشيء اقل من تطلعاته ويجبر اسرائيل على وقف عمليات البناء والبدء بالتراجع في الضفة؟ ".

والاجابة الفلسطينية على التساؤل الاسرائيلي السابق تمثل بقولهم بانهم تنازلوا ن 78% من مساحة وطنهم التاريخي لذلك فهم غير مستعدون للمساومة على المساحة المتبقة والتي تقل عن 22% والواقعه في الضفة الغربية وقطاع غزة، مستعينين بطرحهم هذا بخرائط تظهر تراجع نصيب الفلسطينيين بشكل تدريجي منذ ايام الانتداب البريطاني وحتى الجزر الحالية التي تشكل الضفه والمغلقة بالجدران والحواجز، متناسين رفض قياداتهم لقرار التقسيم الذي يفصل بن خريطة الانتداب والخرطة الحالية وفقا لقول الكاتب .

ان اتفاق " الرف " الذي يعرضه اولمرت على الفلسطينيين افضل بقليل من الاتفاق النهائي الذي عرضه ايهود باراك عام 2000 خاصة وان الفلسطينيين قد خسرا الانتفاضة، وفتح فقدت سيطرتها على غزة لصالح حماس، وهذا الامر هو ثمن الهزيمة .

ويعمد الفلسطينيون في طرحهم هذا على نموذج انتهاء الحكم العسكري والاستعمار في الهند ودول اسيا وافريقيا، وحصول تلك الدول على الاستقلال التام مع اختفاء كافة مظاهر الوجود الاجنبي فيها، ولكن هذا النموذج ليس الوحيد لنهاية الاحتلال والحديث هنا للكاتب، فهناك في ايرلندا يجري صراع ديني وقومي يمتد الى مئات السنين وبعد ثورة الايرلندين خلال الحرب العالمية الاولى، اقترح البريطانيون حلا نفذ عام 1921 يشبه ما يطرحه اولمرت هذه الايام على عباس، حيث احتفظ البريطانيون بكتل استيطانية شمال ايرلندا فيما بقيت السيادة في ايرلندا الجنبية تابعة ومرتبطة بالتاج الملكي البريطاني، وواصل الاسطول البريطاني فرض سيطرته على موانئ ايرلندا وهذه التسوية ادت الى نشوب حرب اهلية قتل فيها زعيم الامة مايكل كولينس الذي وقع الاتفاق مع البريطانيين فيما تراجع منافسه الكبير "امون دا فليراه " الذي يعتبر بن غريون ايرلندا عن مطالبه القصوى، وبعد ان تولى الحكم في ايرلندا تراجعت السيطرة البريطانية تدريجيا، وانتهت باستقلال تام لجنوب ايرلندا فيما بقي الشمال بأيدي البريطانيين وعاد الصراع وانفجر مجددا حتى انتهى قبل عدة سنوات بسلام متوتر، فيما يتمتع سكان ايرلندا الجنوبية بالاستقلال والتطور فلو اصروا على قاعد كل شيء او لاشيء المتمسك بها ابو مازن ومن قبله ياسر عرفات لبقوا حتى الان تحت الاحتلال البريطاني .

وانهى الوف بن مقاله بالقول " لقد تعلمت اسرائيل الدرس من انكشاف الوجه الحقيقي لياسر عرفات خلال مفاوضات كامب ديفيد، وخوفا من انفجار المفاوضات ترفض وصف عباس برافض سلام مطلق رغم تشابه مواقفه مع مواقف سلفه وهذا ما يمكن من استمرار المفاوضات لكنه غير كاف لتحقيق تسوية .