محاضرة في جامعة بيرزيت حول "كتابة التاريخ في العالم العربي"
نشر بتاريخ: 06/10/2008 ( آخر تحديث: 06/10/2008 الساعة: 16:10 )
رام الله -معا- عقدت دائرة التاريخ والآثار وبرنامجي الماجستير في التاريخ العربي الإسلامي والدراسات العربية المعاصرة في جامعة بيرزيت اليوم الإثنين محاضرة حول" كتابة التاريخ في العالم العربي" والتي القاها المؤرخ الفلسطيني والأستاذ الزائر في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية د.ماهر الشريف.
وتطرق الشريف خلال المحاضرة إلى موقع التاريخ وأهميته في العالم العربي، وإلى مكانة المؤرخ ودوره الاجتماعي، والعلاقة بين التاريخ وأشكال التعبير الأدبي والفني، كما توقف عند أبرز الإشكاليات التي تواجهها الكتابة التاريخية العربية، مسلطاً الضوء على حقول هذه الكتابة ومصادرها وممارسات المؤرخ، وأنتهى باستعراض آفاق ما يمكن تسميته بتأريخ عربي جديد.
وأوضح الشريف أنه ومنذ بدايات الإسلام تمتع التاريخ بمكانة مهمة في الحياة العربية، كما امتاز العصر الحديث بالارتباط الوثيق بين النهضة العربية التي انطلقت في النصف الأول من القرن التاسع عشر وبين التاريخ، الذي أصبح إلى جانب اللغة العربية، واحداً من المقومات الأساسية للقومية العربية التي انبثقت في مطلع القرن العشرين.
وأشار إلى الموقع الفريد الذي شغله التاريخ في إطار القضية الفلسطينية، خاصة وأن الصهيونية قد انطوت منذ ولادتها، على مشروع سياسي جعل من التراث اليهودي، الحقيقي أو الأسطوري أساساً لبناء أمة ودولة، فأصبحت هناك علاقة وطيدة بين فلسطين وكتابة التاريخ، وبات التاريخ وتفسيره جزءاً لا يتجزأ من المجابهة الدائرة منذ أكثر من قرن من الزمان على الأرض الفلسطينية.
وقال الشريف أن الدراسات حول المجتمعات العربية كانت تعتمد مطلع القرن التاسع عشر كنقطة انطلاق للتاريخ الحديث بشكل عام، ولكن منذ عدة سنوات لوحظ توجه بعض المؤرخين العرب لإعادة النظر في هذا المنطلق لكونه يغفل بحسب وجهة نظرهم، أهمية التطورات التي سبقت الحملة الفرنسية على مصر في عام1798، خاصة وأن الفكر الغربي قد ترك تأثيراً على حقل البحث التاريخي وعلى حقول أخرى للعلوم الإنسانية والاجتماعية.
وأضاف الشريف: ترتسم في العالم العربي آفاق تبلور تأريخ جديد خاصة في بلدان المغرب العربي، و مصر، وفلسطين, فقد تجلت هذه الظاهرة في بلدان المغرب العربي في بروز جيل جديد من المؤرخين يتطرق لموضوعات لم يتم التطرق إليها من قبل، مثل جذور العنف وطبيعة الصراعات الداخلية في معسكر الثورة خلال حرب تحرير الجزائر، وأساليب القمع السلطوي في المغرب إبان سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين.
وقال الشريف: أما فيما يتعلق بمسألة التأريخ الجديد في فلسطين، فقد طرحت هذه المسألة بالارتباط مع ما سمي بالتأريخ الجديد في اسرائيل، الذي برز في ثمانينيات القرن العشرين وطرح على نفسه، عبر القيام بمراجعة نقدية، مهمة التصدي لبعض أساطير الكتابة التاريخية الرسمية في اسرائيل، وبخاصة فيما يتعلق بالأحداث التي رافقت نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948.
واضاف" بغض النظر عن التراجع الذي شهده هذا التوجه التاريخي الجديد في اسرائيل، في أعقاب فشل مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية في كامب ديفيد في تموز 2000، واندلاع الانتفاضة الفلسطينية في نهاية شهر أيلول من العام نفسه، إلا أن النقاشات التي أثارها بين المؤرخين الفلسطينيين والعرب قد ساهمت في طرح السؤال عن الحاجة إلى تأريخ فلسطيني جديد في اتجاه تطوير أساليب الكتابة التاريخية العربية وتنويع وإغناء مصادرها وتوسيع دائرة اهتماماتها".
واشار إلى بروز توجه الانتقال من الماكرو- تاريخ إلى الميكرو- تاريخ في حقل الدراسات التاريخية الفلسطينية، ومن التركيز على "القضية" إلى التركيز على صاحب هذه القضية، بما يضع الشعب الفلسطيني وتجمعاته المتنوعة، في الوطن والشتات، في مركز اهتمام الكتابة التاريخية، وذلك عبر السعي إلى اكتشاف المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون وتدوين أحداثها أو كتابة تجارب تجمعات فلسطينية محددة، أو كتابة تاريخ مدينة أو منطقة بعينها.