اهالي طولكرم يبدأون موسم قطف الزيتون في ظل استمرار اعتداءات الاحتلال على اراضيهم
نشر بتاريخ: 09/10/2008 ( آخر تحديث: 09/10/2008 الساعة: 12:09 )
طولكرم - تقرير معا - عندما منّ الله على المسلمين بنعمة الإسلام، وهبهم من النعم " وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها"، وخصّ أهل بيت المقدس بالبركة "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله "، تلألأت بركات السماء على أهل الأرض، وتوهجت في ربوع الوطن الحبيب بزيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ".
وكانت الزيتونة المنارة التي أنارت هذه الأرض، وغمرت أهلها بالبركة والخير، وبينما يدخل الفلسطينيون أبواب تشرين الاول يبدأ ذاك العرس الفلسطيني بالتجمع على موائد القطاف التي جمعت القاصي والداني، والصغير والكبير حول تلك الشجرة المباركة التي قال فيها الله تعالى " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار، نور على نور، يهدي الله لنوره من يشاء ".
ومع بزوغ فجر يوم جديد في موسم القطاف، يتجمع أفراد العائلة للإحتفال بقطف الزيتون، الحماس يبدو واضحاً على الجميع، فالكل يريد أن يساهم في هذه المناسبة الجميلة التي يحرص الكبار تحديداً على إعطائها شكلاً خاصاً يذكرهم بسنين قد خلت، فموسم قطف الزيتون وبشهادة الكثير من الفلاحين، هو "جامع" لافراد الأسرة، بل وأكثر من ذلك، حيث يلتف حول الزيتونة الأقارب والجيران والأحباب ويستظلون بظلها.
ومع وجود مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في الضفة الغربية، يصبح العمل في الزيتون أمراً محبباً للآلاف من الأسر، إلا أن الحال تغير كثيراً في السنوات الأخيرة، والتي شهدت تجريفا لعشرات الآلاف من شجر الزيتون، حيث اصبح الفلاحون يعتمدون على مصادر رزق أخرى من أجل تغطية الإحتياجات اليومية لأسرهم.
موسم قطف الزيتون، هو فرصة مناسبة لكسب الرزق للكثير من العاطلين عن العمل، بل وللطلبة الجامعيين الذين يسعون لجمع المال من أجل دفع الأقساط والإستمرار في الدراسة حتى تحصيل الشهادات التي يطلبونها.
الطالب الجامعي لواء شتيوي من بلدة دير الغصون شمال طولكرم، اسير محرر من سجون الاحتلال بعد اعتقال دام 3 سنوات ونصف السنة، وجد في موسم قطف الزيتون فرصة لجمع ولو قليل من المال، من أجل العودة الى دراسته الجامعية التي انقطع عنها طيلة فترة إعتقاله، حيث عمل هو وأفراد أسرته لضمان مساحة من الأرض مزروعة بشجر الزيتون، ليوفر بذلك القليل من المال، وكمية من زيت الزيتون.
وكذلك الحال بالنسبة للشبان والآباء العاطلين عن العمل، جراء الإغلاق الإسرائيلي وقلة فرص العمل، فقد فرّج موسم قطف الزيتون عنهم، وجمعهم بأسرهم وعائلاتهم، وأدخل الفرحة والإبتسامة الى قلوبهم، بعد ان إجتمعوا سوية تحت هذه الشجرة، يقطف الكبار ثمارها، ويلعب الصغار تحت ظلها.
وعلى الرغم من السعادة التي أدخلها موسم قطف الزيتون الى نفوس الكثير من الأسر الفلسطينية، سواء في محافظة طولكرم أو بقية محافظات الوطن، إلا ان الإحتلال الإسرائيلي سعى لكسر فرحة المزارعين والمواطنين، وذلك من خلال بناء جدار الضم والتوسع، وتبعه مصادرة الآلاف من الأراضي الزراعية، وحرمان المزارعين من الوصول الى اراضيهم والإعتناء بها وقطف ثمارها، وعمل على الفصل بين السكان ومزارعهم المليئة بشجر الزيتون، وبات هؤلاء المزارعين بحاجة لإذن رسمي من الإحتلال لقطف زيتونهم.
ووصف سعيد هرشه رئيس بلدية قفين شمال طولكرم ما يجري بأنه "جريمة كبرى يجب على العالم الحر أن يتحرك لإيقافها"، مضيفا " لقد قضى هذا الجدار الذي يلتف كالأفعى في الأرض الفلسطينية على المصدر الوحيد للدخل في هذه المنطقة، أصبحنا في حال لا يمكن وصفه، مزارعنا لا تبعد سوى أمتار قليلة عنا ونحن غير قادرين على الدخول إليها.. لك أن تتخيل رؤية الثمار التي انتظرت طويلاً لكي نقطفها وهي تتعفن أمام أعيننا دون أن نتمكن من فعل أي شيء ".
وفي ظل هذه المعاناة، انتشرت مؤخراً ظاهرة مشاركة المتضامنين ودعاة السلام الأجانب في قطف الزيتون جنباً إلى جنب مع المزارعين الفلسطينيين، رغم مضايقات جيش الاحتلال والمستوطنين، حيث شهدت العديد من المدن والقرى والبلدات الفلسطينية مشاركة العشرات من الشبان والشابات الأوروبيين والأمريكيين في قطف الزيتون مع المواطنين، في تحد واضح للمضايقات الإسرائيلية.
وعلى الرغم من كل ما سلف، مديرية زراعة طولكرم قالت في بيان صحفي " ان محافظة طولكرم تعتبر من المحافظات التي تتركز فيها زراعة الزيتون على مستوى الوطن، حيث تبلغ مساحة الزيتون فيها ما يقارب (120) الف دونم موزعة على أرجاء المحافظة، موضحة انه قدّر معدل إنتاج الدونم الواحد بحوالي (150) كغم، وهذا يبشر بموسم جيد جداً، حيث من المتوقع الحصول على حوالي (3) آلاف طن من الزيت لهذا الموسم ".
وتبقى كلمة " أرض رزقها الله من هذه الطيبات"، ارض صامدة أمام الحصار والاعتداءات الإسرائيلية ".