الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

ندوة في جامعة بيرزيت حول مسببات وتداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة

نشر بتاريخ: 16/10/2008 ( آخر تحديث: 16/10/2008 الساعة: 18:08 )
بيرزيت-معا- أوضح المشاركون أن الخوف من تأثير الازمة المالية العالمية الراهنة على الإقتصاد الفلسطيني مبالغ فيه، خاصة وأن الإقتصاد الفلسطيني إقتصاد صغير ومحاصر.

جاء ذلك خلال الندوة التي عقدت في جامعة بيرزيت يوم الخميس 16 تشرين الاول 2008، حول: "مسببات وتداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة، والدروس المستفادة من وجهة النظر الفلسطينية"، بمشاركة محافظ سلطة النقد الفلسطينية د. جهاد الوزير، ورئيس مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال أ.ماهر المصري، ورئيس دائرة المحاسبة في جامعة بيرزيت د. نصر عبد الكريم. وبحضور رئيس الجامعة د. نبيل قسيس ونائبه للشؤون المجتمعية د. غسان الخطيب، وعميد كلية التجارة والإقتصاد د. نضال صبري.

وفي كلمته أشار د. الوزير الى أن الأزمة المالية العالمية الراهنة ورغم تمثلها بأزمة العقارات تعود إلى عدة عوامل، حيث بدأت الأزمة عام 1982 عندما قامت شركة شبه حكومية بمنح القروض، ومن ثم تجميعها في السوق وفقاً لما يعرف "بعملية التوريق"، الأمر الذي أدى إلى نمو في الإقتصاد الامريكي وارتفاع نسبة الفائدة في الفترة التي امتدت ما بين 1992-2000، وما رافقها من ارتفاع في التداول في السوق المالي وظهور طفرة التكنولوجيا والإنترنت.

وأوضح د. الوزير انه ومع بداية العام 2000 بدأت المخاطر بالظهور مع تراجع في الإقتصاد الامريكي، واكبه اعتياد السوق على الفوائد العالية. بالإضافة إلى تطبيق نظرية السوق التي تأسست على عدم التدخل أوالرقابة على المؤسسات المالية والتجارية، واعتماد مبدأ "السوق لا يخطىء وهو قادر على أن يحكم نفسه بنفسه". ومن هنا ارتفع مستوى الأزمة عندما بدأت البنوك بمنح القروض لمن لا يستطيع سدادها وتعاظمت الخسائر وتزايدت المخاطر .

واضاف: "رغم الإجراءات الدولية المتخذة لوقف التدهور ولجوء البنك المركزي إلى ضخ السيولة في الأجهزة المصرفية إلا أن الأزمة ما زالت موجودة، فالإقتصاد الامريكي والعالمي آخذ بالإنحسار، الأمر الذي سيضعف من نمو الأسواق الناشئة مما ينعكس على الإقتصاد العربي وخاصة الخليجي."

واكد أن تأثير الازمة على الإقتصاد الفلسطيني لن يكون تأثيراً مباشراً خاصة وان سياسات سلطة النقد الفلسطينية في هذا المجال كانت سياسات محافظة لحماية أموال المودعين.

من ناحيته عزى أ.المصري أسباب الازمة إلى الجهات الدولية المتنفذة التي عملت ومنذ اكثر من 25 عاما على اخراج صياغة جديدة للرأسمالية أو ما يعرف بـ"الرأسمالية الليبرالية"، التي حدت من دور الحكومات والاجهزة الرقابية، الأمر الذي أدى إلى ظهور سياسة الإقراض المفرط حيث عملت المؤسسات على تقديم القروض دون أية ضمانات وهو ما تمثل بأزمة العقارات.

وقدم أ. المصري لمحة حول السوق المالي الفلسطيني المكون من 37 شركة ذات المجالات المختلفة، مؤكداً ان تأثير الأزمة الراهنة سيكون تأثيراً غير مباشر على الإقتصاد الفلسطيني، وحجمها متعلق بمقدار الإرتباط مع الإقتصاد الدولي ، فالإقتصاد الفلسطيني سيتأثر من ناحية المساعدات الخارجية المقدمة، ومدى ارتباطه بالإقتصاد الإسرائيلي الذي تأثر بما يجري في الاسواق العالمية.

من جانبه قدم د. عبد الكريم قراءة استكشافية لما يجري على المسرح العالمي والإقليمي، مؤكداً ان الترابط الموجود بين القطاعات الإقتصادية المختلفة عمل على تفاقم الأزمة وتوسعها من ازمة رهن عقارات إلى ازمة في سوق رأس المال، ودخول العالم في حالة ركود اقتصادي، فالعولمة الإقتصادية نقلت الأزمة وعولمتها لتخرج من نطاق الولايات المتحدة إلى بقية العالم.

ونوه الى ان خطط الإنقاذ لم تنجح حتى الآن في تدارك الأزمة، فالأزمة ليست أزمة سيولة وإنما ركود اقتصادي، واعرب عن اعتقاده بأن الإقتصاد العالمي لن ينهار بنهاية الازمة خاصة وأنه لا يوجد له نظام اقتصادي بديل له.

كما قدم د. عبد الكريم استشرافاً للنظام المالي العالمي القائم بعد الازمة، مشيراً الى انه وفي حال فوز المرشح الامريكي باراك أوباما في انتخابات الرئاسة الامريكية فإن ذلك سيفتح مجالاً لدول العالم بالمشاركة في اتخاذ القرار، عدا عن كونها فرصة لحدوث بعض التكتلات الإقتصادية، داعياً إلى ضرورة تشديد الرقابات خاصة على الإدارات المصرفية التي كانت وراء اندلاع الأزمة، بعد ان اتخذت قراراً بتعظيم الربح دون تقدير مخاطر ذلك.

وفيما يتعلق بالصعيد العربي، فأوضح ان تأثير الأزمة مبالغ فيه وأن التراجع الملحوظ في الأسواق المالية العربية ناجم عن خلل في طبيعة هذه الأسواق، ومدى شفافيتها وعملها الداخلي، أما على الجانب الفلسطيني فإن ذلك سينعكس على حجم المساعدات المالية، فمن الممكن أن ينخفض حجم المساعدات عام 2009 وفقاً للقيمة السياسية التي يضعها المانحون على مساهماتهم ومدى حجمها، ومع ذلك سيبقى يعاني الإقتصاد الفلسطيني من الازمة كما ستعاني اقتصاديات الدول الآخرى.