فروانة: استمرار معاناة مبعدي كنيسة المهد جريمة ضد الإنسانية وشكل من أشكال العقاب الجماعي
نشر بتاريخ: 17/10/2008 ( آخر تحديث: 17/10/2008 الساعة: 13:56 )
غزة - معا - ناشد الباحث المختص بقضايا الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية، لا سيما ذات العلاقات والإمتدادات الدولية منها الى التحرك الفوري، والعمل من أجل وضع حدٍ لسياسة الإبعاد أو النفي القسري التي تمارسها سلطات الإحتلال كشكل من أشكال العقاب الفردي والجماعي بشكل عام، أو تهديدها باستخدامها بحق المعتقلين بين الفينة والأخرى كنوع من أنواع الضغط والإبتزاز والمسامة .
وبين فراونة في تقرير له أن سلطات الاحتلال تنتهج هذه السياسة بشكل ممنهج وبغطاء قانوني، وهي تعكس بذلك استهتارها بحقوق المدنيين، وعدم احترامها للمواثيق الدولية ذات الصلة، لا سيما المادة 147 والمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر النقل الجبري أوالفردي داخل الأراضي المحتلة أو خارجها، وتعتبره ممارسة محرمة ومحظورة وغير مشروعة في أي حال من الأحوال، أما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فكان واضحاً في نصه (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً)، فيما قانون روما الأساسي ' للمحكمة الجنائية الدولية ' اعتبر الإبعاد القسري على أيدي قوة الاحتلال جريمة حرب، تستدعي الملاحقة والمحاسبة .
واعتبر فروانة ان سياسة الإبعاد الجماعي والفردي اعتمدت عليها سلطات الاحتلال منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، وأبعدت بموجبها الآلاف من النشطاء من كافة التنظيمات الفلسطينية خارج الوطن، وسارت بشكل متعرج، وتراجعت بعد قيام السلطة الوطنية في مايو /آيار 1994، لكنها عادت وتصاعدت خلال انتفاضة الأقصى .
وأشار إلى أن كافة قرارات الإبعاد كانت تحظى بقرارات من أعلى هيئة قضائية وهي المحكمة الإسرائيلية العليا، ما يعني إضفاء الشرعية القضائية والقانونية على جرائم الاحتلال، ويعكس أيضا مدى تواطؤ القضاء الإسرائيلي مع الجهات الأمنية وعدم استقلاليته، ليصبح قضاء شكليا مزيفاً وشريكاً في هذه الجرائم.
وأضاف فروانة ان إبعاد محاصري كنيسة المهد في العاشر من آيار عام 2002 شكَّل بداية لمرحلة جديدة، مؤلمة وقاسية، شهدت لاحقا إبعاد عشرات المواطنين الفلسطينيين أو من ذوي المعتقلين والإستشهاديين، ممن يسكنون الضفة الغربية إلى قطاع غزة، كعقاب فردي وجماعي.
وذكر فروانة أن سلطات الاحتلال كانت قد حاصرت مجموعة من النشطاء احتموا داخل كنيسة المهد في بيت لحم لمدة 39 يوماً، ووفقاً لاتفاقية فلسطينية - إسرائيلية " لم يكشف عن تفاصيلها " لإنهاء حصارهم أقدمت سلطات الإحتلال على ابعاد ( 39 ) مواطناً فلسطينياً ، منهم (13 ) مواطن تم إبعادهم إلى خارج البلاد ووزعوا على عدة دول أوروبية، والباقي ( 26 ) مواطنا نقلوا بحافلات إلى قطاع غزة، ومنذ ذلك اليوم لم يسمح لأي منهم بزيارة بيته وذويه في بيت لحم، ولا زال جميعهم محاصرون في قطاع غزة رغم مرور أكثر من ست سنوات على إبعادهم ، ودون أن تحدد فترة الإبعاد أو أن يسمح لأي منهم بالعودة لغاية اليوم، مما يعتبر جريمة ضد الإنسانية واستمراراً للعقاب الجماعي لهم ولذويهم .
وبيّن فروانة الى أن الإبعاد محظور وغير مشروع على الإطلاق حتى وإن نفذ بالإتفاق ما بين طرفين، لفترة دائمة أو محدودة، لأن الموافقة على ما يخالف إتفاقية جنيف هو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي الإنساني ( لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئياً أو كلياً عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الإتفاقية - المادة 8 ) ، وان نفذ في ظرف ما فهذا لا يشكل سابقة ولا يعني على الإطلاق منحه الشرعية ، فالإبعاد يبقى غير شرعي وغير قانوني ومحرم دولياً أياً كانت دواعيه ، وبأي شكل من الاشكال وفي أي ظرف كان .
واكد فروانة أن استمرار معاناة مبعدي كنيسة المهد وابقاء الجزء الأكبر منهم محتجزين في " قطاع غزة " وجزء آخر مشتت في أوروبا منذ أكثر من ست سنوات ونيف وعدم السماح لهم بالعودة الى مناطق سكناهم وبيوتهم وأسرهم، فاقم من معاناتهم وشتت شملهم وأحدث شروخاً في الدائرة الإجتماعية الخاصة بهم ، وحرمهم طوال تلك السنوات من رؤية اهلم، والأدهى من هذا وذاك حرم العديد منهم من وداع أعز أحبائهم أمهاتهم وآبائهم، وتقبيلهم قبلة الوداع الأخير قبل أن يواروا الثرى.
واضاف أن والد المبعد حاتم محمود قد توفى يوم أمس الخميس ، ولم تسمح له سلطات الإحتلال بالسفر من غزة والعودة لبيت لحم للمشاركة في تشييع جثمانه ، كما تعامت بالمثل مع الكثير من قبله الذين فقدوا أعز أحبائهم دون السماح لهم بالمشاركة في الجنازة أو في بيت العزاء أمثال المبعد موسى شعيبات ( ابو رائد ) الذي توفى والده ، والمبعد جمال جلغيف الذي فقد اخوه واخته ، فيما المبعد ( ابو جلال ) ياسين الهريمي فقد ابنه في مستشفى الشفاء بغزة بعدما كان يعاني من مرض في الكلى ولم يتمكن من علاجه او السفر به للخارج وفيما بعد فقد زوجته متأثرة ببعض الأمراض وغيرهم ، فيما الباقي ينتظرون اللقاء بأحبتهم قبل ان يفارقوا الحياة .
وعن أوضاعهم وظروف حياتهم يقول الباحث فروانة أن هؤلاء المبعدين محاصرين بقطاع غزة ولا يستطيعون التنقل ، أو زيارة ذويهم و الإلتقاء بهم ورؤية أطفالهم وأحبتهم ، رغم قُصر المسافة ما بين غزة وبيت لحم ، ويعيشون في جو من الألم والإحباط والقلق الدائم واحوالهم النفسية تزداد سوءاً ، فيما بعضهم يعاني من أمراض عدة ، في وقت لم تحديد فيه فترة ابعادهم ودون بصيص امل بعودتهم قريباً ، ويخشون أن تطول فترة ابعادهم ، وناشدوا مراراً الرئاسة والمفاوض الفلسطيني بالعمل على حل قضيتهم وإغلاق ملفهم .
ودعا فروانة كافة المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة الى وسائل الإعلام المختلفة الى تسليط الضوء على معاناة مبعدي كنيسة المهد المتفاقمة والممتدة منذ أكثر من ست سنوات ، ومؤازرتهم والتحرك بشكل فعلي وجدي للمساهمة في إنهاء معاناتهم والسماح لهم بالعودة الى ديارهم وأحبتهم في بيت لحم .