ما لم يستطع فعله الاحتلال.. قد يفعله الماء.. مواطنون في الخليل يفكرون بهجر بيوتهم جراء نقص المياه
نشر بتاريخ: 24/10/2008 ( آخر تحديث: 24/10/2008 الساعة: 17:04 )
الخليل- تقرير معا- شح المياه في مدينة الخليل دفع بالعديد من العائلات التي تسكن بجوار البؤر الاستيطانية في قلب الخليل للتفكير بالهجرة عن منازلهم، هذا الحال وسط المدينة، وكذا الحال على الطرف الشمالي للمدينة بالقرب من مستوطنتي كريات أربع وخارصينا عدة عائلات تعد العدة للرحيل لعدم تمكنهم من توفير مياه الشرب لأطفالهم.
وذكر مفيد الشرباتي أحد سكان شارع الشهداء" لا نستطيع الاستمرار أكثر، تعبت من حمل زجاجات الماء ، والمرور عبر الحاجز للتفتيش ، أريد حماية عائلتي ، لا توجد مياه في الخزانات ولا تسمح سلطات الاحتلال بدخول صهاريج المياه للشارع".
وأضاف الشرباتي " المصدر الرئيس للمياه هو بلدية الخليل ، من خلال الأنابيب التي جفت منذ نحو الشهر ، وأفكر ملياً بترك منزلي واللجوء لمكان آخر استطيع إيصال المياه لعائلتي فيه ، لا أريدهم أن يموتوا عطشاً ..".
ومدخل شارع الشهداء مغلق أمام حركة عبور السيارات ، ولا يسمح بدخول البوابة الالكترونية إلا سكان الحي فقط وطالبات مدرسة قرطبة الأساسية للبنات ، ويضطر الشرباتي ومعه بقية العائلات لحمل عدد قليل من زجاجات الماء للشرب ، نظراً للتعقيدات الأمنية التي يتذرع بها جنود الاحتلال المتمركزين على البوابة .
ما يزيد عن 200 ألف مواطن هم عدد سكان المدينة ، يصلها يومياً من سلطة المياه الفلسطينية قرابة 4500 كوب ، وهذه الكمية لا تكفي لتعبئة شبكة المياه الأساسية لبلدية الخليل أو تزويد حي من إحياء المدينة بالمياه لعدد من الساعات ، وكانت تتزود المدينة فيما مضى بنحو 18500 كوب يومياً ، وتقدر احتياجات المدينة اليومية بنحو 40 ألف كوب على الأقل ليتسنى للمواطن الاستفادة من المياه الواصلة إليه عبر شبكة بلدية الخليل في تلبية احتياجاته من ماء الشرب و الاستخدام اليومي للمنازل و المصانع و المحال التجارية و يستثنى من ذلك استخدام المياه للزراعة و ري المزروعات .
و أوضحت بلدية الخليل أن كمية المياه التي تقوم بتزويدها للمواطنين تأتي عن طريق سلطة المياه و عن طريق بئر الصافي التابع لبلدية الخليل و الذي لا تتجاوز قدرته الإنتاجية عن 2000 متر مكعب في اليوم مؤكدة أن الاعتماد الكلي يقع على عاتق سلطة المياه .
و حول سبب الأزمة الحقيقة أكد خالد العسيلي رئيس بلدية الخليل أن سلطة المياه تملك 7 آبار ارتوازية في المنطقة الجنوبية و القادرة على إنتاج ما معدله 42 ألف كوب يوميا بحيث تكفي بشكل معقول كافة الاحتياجات لسكان محافظة الخليل .
و أضاف العسيلي أن 5 آبار من الآبار السبعة معطلة و لا تعمل و بعضها معطل منذ سنوات دون اهتمام من أحد ، مبينا أن الأعطال ناتجة عن توقف عدد من المضخات عن العمل لبعض الآبار و عدد آخر محركات الدفع للمياه معطلة ، إضافة إلى نسبة الفاقد الكبيرة في المياه على طول الخط الواصل من الآبار الواقعة في محافظة بيت لحم إلى محافظة الخليل، بسبب استخدامها بشكل غير مشروع من قبل بعض الجهات والتي يمر خط المياه من أراضيها أو يقيمون مزارعاً بجوارها .
وحذر العسيلي سلطة المياه منذ شهر شباط الماضي من خطر الوصول إلى المرحلة القائمة اليوم من خلال أكثر من 25 كتابا رسميا إلا أن الاستجابة كانت معدومة ولم تتحرك سلطة المياه لتفادي ما قد حصل مؤكدا أن تفادي هذه الإشكالية كان بالإمكان لو تحركت سلطة المياه مبكرا .
ويضيف العسيلي بأنه أرسل مجموعة من الرسائل المستعجلة ، تم إبراقها لمكتب الرئيس محمود عباس ولرئيس الوزراء الدكتور سلام فياض و لوزير الحكم المحلي المهندس زياد البندك و لرئيس سلطة المياه الدكتور شداد العتيلي ، تفيد بالأزمة الخانقة التي تعاني منها مدينة الخليل و تداعياتها و المطالبة بسرعة إيجاد حل فوري قبل تفاقم الوضع بشكل اكبر
و أعرب العسيلي عن قناعته التامة بان الرئيس و الحكومة الفلسطينية لن تقبل بالواقع الحالي و أنهم سيجدون حلا قريبا لازمة المياه التي تعانيها المدينة .
وطالب العسيلي الجهات المعنية التحرك بشكل سريع لإدارة موضوع المياه و الحفاظ على إنتاجية الآبار من المياه بالشكل السليم و المتابعة الحثيثة لمعدات و محركات و مضخات هذه الآبار و الاهتمام بشكل جدي بعملية الصيانة و التجديد و اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المقصرين و احترام حق المواطن بالحصول على الكمية الكافية من شريان الحياة و العمل على إيقاف عمليات سرقة المياه من الخطوط الرئيسة و التي تجاوزت 80% من كمية المياه الواصلة للمدينة و تقديم المتجاوزين للقضاء و إيقاف هذه الأعمال غير المشروعة .
وكانت اخر كمية وصلت للخليل اليوم حسب ما صرح به العسيلي حوالي 2800كوب وهذه الكمية لا تكفي الامر يشكل تهديدا حقيقيا على سكان المجاورين للبؤر الاستيطانية في الخليل.
من جانبه قال الدكتور شداد العتيلي رئيس سلطة المياه الفلسطينية لمعا ان خلال طرا على مضخات الآبار، وأن إحداها سيبدأ بضخ المياه خلال الـ 48 ساعة القادمة على الأكثر بمعدل 6000 كوب يومياً .
وشدد العتيلي أن قضية أزمة المياه لجنوب الضفة تتابع من رئيس الوزراء لأهميتها ، وطالب الأجهزة الأمنية بملاحقة سارقي المياه من خطوط النقل ، مشيراً الى انه يتم سرقة 4 مليون كوب سنوياً ، حتى أن بئر بني نعيم والذي تم تشغيله حديثاً يسرق منه 2000 كوب يومياً.
وأضاف بأنه تقدم بطلب للدول المانحة لتزويد السلطة الفلسطينية وسلطة المياه بمضخات وبعض الآليات الاحتياطية لما هو موجود لدى سلطة المياه والتي تفتقر الى وجود بدائل.
ومدينة الخليل كمثيلاتها من المدن والبلدات والقرى في جنوب الضفة الغربية تعاني من شح كبير بمياه الشرب الواصلة للمواطنين ، و وصلت الأزمة ذروتها خلال الأسبوع الحالي نتيجة توقف عدد إضافي من آبار سلطة المياه عن العمل بفعل أعطال في المضخات.