الإثنين: 07/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلال افتتاح مؤتمر التنمية- فياض: يرحب بالورقة المصرية ويدعو للابتعاد عن كل اشكال التسويف والمماطلة ووضع الاشتراطات

نشر بتاريخ: 25/10/2008 ( آخر تحديث: 25/10/2008 الساعة: 11:16 )
بيت لحم- معا- جدد د. سلام فياض رئيس الوزراء ترحيبه بالورقة المصرية داعيا الى الابتعاد عن التردد والمماطلة والتسويف والاشتراطات.

وقال إن حكومته ترى في الورقة المصرية "تعبيراً واضحاً عن حرص الاشقاء المصريين والعرب على استعادة وحدة الوطن، ومكانة قضيتنا وحقوقنا العادلة".

ودعا د. فياض الى بذل كل جهد ممكن للتعامل الايجابي مع الورقة المصرية وضمان نجاحها، "وهذا يتطلب في المقام الأول الابتعاد عن كل أشكال المماطلة والتسويف والتردد ووضع الاشتراطات".

جاءت أقوال د. فياض في كلمة خلال افتتاح مؤتمر التنمية المحلية المستدامة في محافظة بيت لحم، والذي يقام ضمن فعاليات "مشروع بيت لحم 21".

وعلى صعيد اخر اكد د. سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني أن السعي لتحقيق التنمية المستدامة يعني تنمية القدرة على الصمود وبناء مؤسسات الدولة والمجتمع بالرغم من الاحتلال وممارساته.

وأشار الى أن الحكومة الفلسطينية وضعت خطة عمل استراتيجية للأعوام الثلاث (2008-2010) في كافة المجالات بما فيها قطاع الحكم المحلي، تشمل مساعدة هيئات الحكم المحلي على ربط خططها بالخطة الوطنية، وتشجيع توحيد الهيئات المتقاربة، وإقامة مجالس الخدمات المشتركة، وكذلك المشاريع المشتركة.

وعلى صعيد عملية السلام رأى رئيس الوزراء أن تصويب مسارها يتطلب التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته وبقرارات الاجماع الوطني، وفي مقدمتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988.

وفيما يلي نص كلمة رئيس الوزراء في افتتاح مؤتمر التنمية المحلية المستدامة:

كلمة رئيس الوزراء الفلسطيني
سلام فياض
في افتتاح مؤتمر التنمية المحلية المستدامة
بيت لحم 25-10-2009

السيدات والسادة..
الأخوات والأخوة جميعاً مع حفظ الألقاب..

إنه لمن دواعي سروري أن أشارككم اليوم في افتتاح مؤتمر التنمية المحلية المستدامة في محافظة بيت لحم، الذي يقام ضمن فعاليات "مشروع بيت لحم 21" كمبادرة فلسطينية رائدة للاستجابة لجدول أعمال القرن الواحد والعشرين، والمنبثق عن أول مؤتمر للأمم المتحدة حول البيئة والتنمية "مؤتمر الأرض" الذي عقد في البرازيل عام 1992.

في الأمس القريب احتضنت بيت لحم مؤتمر فلسطين للاستثمار، الذي نجح في طرح فرص الاستثمار المتوفرة في الأراضي الفلسطينية على مؤسسات استثمارية ومستثمرين عرب وأجانب. وبالفعل، فقد أعلن العديد من هؤلاء المستثمرين عن إتفاقيات مع مستثمرين فلسطينيين لتنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية، في مجالات الإسكان وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى قطاعي التأمين والصناعات الغذائية. وها هي اليوم محافظة بيت لحم تحتضن مؤتمر التنمية المحلية المستدامة، الذي يسعى بدوره إلى عرض جدول أعمال التنمية للسلطات المحلية في المحافظة، محققة بذلك تكاملاً في عملية التنمية، حيث أن الشراكة والتكامل بين القطاعين العام والخاص، والمجتمع المدني تشكلان قاعدة التنمية المستدامة للمجتمع الفلسطيني، وفق الخصوصية الفلسطينية والتي تقوم أساساً على مفهومٍ للتنمية يرمي لإستنهاض طاقات الشعب وقدرته على الصمود، وربط مهمات البناء والتنمية مع مهمات العمل لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، كما تضمنتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988.

واذا كان من الصحيح بأنه لا يمكن تجريد اي بحث جدي في موضوع التنمية المستدامة من البعد السياسي، من حيث الواقع والطموح، بشكل عام، فإن هذا المفهوم في الواقع الفلسطيني يكتسب أهيمة استثنائية ومضموناً خاصاً لاستنهاض طاقات شعبنا، واستثمار مقدراته بطريقة تستجيب لاحتياجاته وتعزيز قدرته على الصمود وحماية أرضه، سيمّا في ظل واقع الاحتلال وتصعيد الاستيطان وآثارهما المدمرة على صعيد التنمية والبيئة معاً.

السيدات والسادة:
يأتي هذا المشروع ليشكل مفهوماً جديداً لملكية التنمية في فلسطين. فمن مفهوم التنمية المستحيلة الذي ساد الحقبة الأولى من الإحتلال الإسرائيلي الذي سعى وبشكل ممنهج إلى تطويع الشعب الفلسطيني، والسيطرة على كل مقدرات التنمية الفلسطينية من مؤسسات الصحة والتعليم والبنية التحية والسلطات المحلية، إلى مفهوم التنمية بهدف الصمود الذي صاحب عقد الثمانينات، ومروراً بمبادرات السلطة الوطنية وخططها المتعاقبة من أجل التنمية، يأتي مشروع بيت لحم "21"، وبانسجام تام مع خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية للأعوام الثلاث (2008-2010)، التي أقرتها الحكومة في نهاية العام الماضي، بمفهوم التنمية المستدامة التي تحقق حاجات وغايات اليوم دون المساس بمقدرات المستقبل.

ان السلطة الوطنية ترى في هذا الجهد وغيره من ورش العمل والمؤتمرات المحلية عنصراً هاماً لتطوير مسيرة التنمية وتعميقها، من حيث المضمون والمفهوم، بما يتلاءم مع الواقع الفلسطيني من خلال ربط عملية التنمية وبناء المؤسسات القوية والفاعلة والقادرة على الاستجابة لاحتياجات المواطنين، مع عملية التحرر والخلاص من الاحتلال. ومن هذا المنطلق فإن السلطة الوطنية تحرص على تمكين هيئات الحكم المحلي للقيام بدروها باقتدار وكفاءة في تأمين الخدمات الاساسية للمواطن وتطوير نوعيتها، وبما يعزز قدرة شعبنا على الصمود والثبات على أرضه.

نعم إن السعي لتحقيق التنمية المستدامة يعني بالنسبة لنا في المرحلة الراهنة تنمية القدرة على الصمود وبناء مؤسسات الدولة والمجتمع بالرغم من الاحتلال وممارساته، لتكون رافعة أساسية لضمان الخلاص من الاحتلال ونيل الاستقلال، وبالتالي للتمكن من السيطرة الكاملة على مواردنا ومقدراتنا.

وفي اطار هذه الرؤية وضعت الحكومة خطة عمل استراتيجية للأعوام الثلاث (2008-2010) في كافة المجالات بما فيها قطاع الحكم المحلي.

ان هذه الخطة تشمل مساعدة هيئات الحكم المحلي على ربط خططها بالخطة الوطنية، وتشجيع توحيد الهيئات المتقاربة، وإقامة مجالس الخدمات المشتركة، وكذلك المشاريع المشتركة، بما يجعل العمل جماعياً، وفي اطار مؤسسي للمشاركة يضمن توزيع الخدمات بطريقة عادلة على التجمعات السكانية.

إن وزارة الحكم المحلي، وبالتعاون مع عدد من هيئات الحكم المحلي وصندوق البلديات ووزارة التخطيط والمؤسسات الحكومية ذات الصلة، بصدد الانتهاء من بلورة مفهوم عام حول التخطيط الاستراتيجي التنموي للهيئات المحلية، بحيث تكون هنالك مرجعية موحدة للمشاركة وتمكين المجتمع المحلي من الاسهام في عملية التنمية.

اننا بحاجة الى خطط مبنية على اسس علمية وعملية تقوم على التفاعل والمشاركة بين أطراف العلاقة في قطاع هيئات الحكم المحلي، تمتاز بالشمولية، وتعمل على رفع الكفاءة لدى القطاع العام، وتعزز مفهوم الادارة الرشيدة، وتحسن مستوى الخدمات العامة، في اطار من التوازن بين مختلف المحافظات.

إن الاستفادة من الخطط التي تم انجازها أو تلك التي يجري العمل على اعدادها من قبل الهيئات المحلية، كمشروع التخطيط الاستراتيجي لبلديات محافظة جنين ومشروع ميتروبوليتان " رام الله - البيرة - بيتونيا "، ستجد من الحكومة كل الدعم والتشجيع، وذلك من منطلق حرص السلطة الوطنية الفلسطينية على توفير الدعم لهيئات الحكم المحلي على مختلف المستويات القانونية والمالية والادراية، وتوفير الاحتياجات الضرورية لتمكينها من القيام بواجباتها وتحمل مسؤولياتها.

السيـدات والسـادة:
الأخـوات والأخـوة:

ان رؤيتنا لذلك كله، وفي إطار التداخل بين عمليتي البناء والتحرر الوطني تتمثل وكما اسلفت في تعزيز وتنمية القدرة على الصمود، ودعم المواطنين في مبادراتهم المختلفة عبر المجالس المحلية وغيرها من المؤسسات من أجل مواجهة مخططات الاستيطان والجدار وحماية أرضهم من ناحية، وتوفير متطلبات الحياة الكريمة ومستوى لائق من الخدمات من ناحية أخرى. ان ما تقوم به الحكومة من اقرار وتنفيذ مئات المشاريع التنموية في المناطق الريفية والمهمشة والمهددة من خطر المصادرة والاستيطان والجدار، بما فيها منطقة الأغوار، يأتي في سياق توفير الاحتياجات الأساسية في مجالي البنية التحتية والخدمات، وبما يمكن من إعطاء مضمون عملي ملموس لمفهوم تعزيز القدرة على الصمود وحماية الأرض، ومواجهة مشاريع الاستيطان التي تقوض امكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس. انها باختصار تهدف الى توفير واستنهاض القدرة على حماية المشروع الوطني، وتحقيق الاستقلال في دولة فلسطينة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، لتكون عنصراً ايجابياً ليس فقط لأمن واستقرار المنطقة، بل وقادرة أيضاً على الازدهار والتنمية وتوفير الحياة الكريمة لأبنائها.

ان تعميم تجارب النجاح وتوفير مقومات ذلك يأتي في سياق رؤيتنا الشاملة لاستعادة ثقة شعبنا بنفسه، وبسلطته الوطنية وقدرته على تحقيق الانجازات، والنجاحات المتراكمة على طريق تحقيق المشروع الوطني في نيل الحرية والاستقلال، والثقة بالقدرة على انجاز ذلك.

انها رؤية لتمكين شعبنا من دحر ما تراكم عبر سنوات الاحتلال، من الاحباط والاستكانة التي حاول الاحتلال ترسيخها من خلال سياسة القهر والاذلال ومحاولات تحطيم الثقة بالنفس. فاستراتيجية دعم وتنمية الصمود تتطلب توفير الامكانات المادية، وتوزيعها وفق أسس عادلة وفي اطار يضمن احترام المواطنة، واستنهاض الطاقات الجماعية لشعبنا وهيئاته ومؤسساته المختلفة.

السيدات والسادة:

ان ما تتعرض له قضيتنا الوطنية من مخاطر جراء سياسة الاحتلال والاستيطان من ناحية، وحالة الانفصال الكارثية من ناحية اخرى، يستدعي منا جميعاً الارتقاء بمستوى المسؤولية الوطنية لتوفير عناصر النجاح الفعلية للجهود المبذولة لاستعادة وحدة الوطن، وخاصة بشأن التعامل مع ورقة العمل التي تقدمت بها الشقيقة مصر، والمستندة في مرجعياتها كما ورد في الورقة الى كافة الجهود السابقة بما فيها قرار القمة العربية ومبادرة الأخ الرئيس أبومازن، وكخلاصة للجهود والاتصالات المكثفة التي بذلها الأشقاء في مصر مع كافة الأطراف الفلسطينية. وكما تعلمون فقد رحب الأخ الرئيس أبو مازن بهذه الورقة، والتي اعتبرتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أساساً صالحاً لانهاء الانفصال واستعادة وحدة الوطن.

ان الحكومة، إذ ترحب بالورقة المصرية، ترى فيها تعبيراً واضحاً عن حرص أشقائنا في مصر والعالم العربي برمته على استعادة وحدة الوطن، ومكانة قضيتنا وحقوقنا العادلة. وهنا فانني أدعو الى بذل كل جهد ممكن للتعامل الايجابي معها وضمان نجاحها ، وهذا يتطلب في المقام الأول الابتعاد عن كل أشكال المماطلة والتسويف والتردد ووضع الاشتراطات. كما يتطلب ايضاً إيلاء أولوية قصوى لإتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمة في مجالي تشكيل الحكومة والأمن والتي بتنفيذها نضمن تحقيق هدف اعادة الوحدة للوطن فوراً، بما يمهد لاستكمال البحث والحوار في شتى القضايا السياسية المختلف عليها، وصولاً الى توافق بشأنها أوعلى الأقل لاتفاق على آلية للتعايش معها، وبما يمّكن من حماية وحدة وطننا وشعبنا وقضيته العادلة، وصون حقوقه في الحرية والاستقلال والعودة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والبيت الجامع لمختلف فصائله وقواه وأحزابه ومؤسساته.

ان هذا الطريق سيضمن إعادة الوحدة للوطن، ولمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وسيعزز من قدرتنا على حماية المشروع الوطني، والتعامل مع التحدي الأكبر المتمثل في إنهاء الاحتلال، ومواجهة مشاريع الاستيطان، وانجاز قيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967.
السيدات والسادة:
إن تصويب مسار عملية السلام بما يكفل اعادتها الى مرجعياتها يتطلب التمسك بوحدة شعبنا ومؤسساته، وقرارات الاجماع الوطني، وفي مقدمتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988، وبقرارات الاجماع العربي التي مثلتها مبادرة السلام العربية لعام 2002، وكذلك دعوة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية لحماية مستقبل السلام في المنطقة، واتخاذ خطوات ملموسة لإلزام اسرائيل بمرجعية هذه العملية، والتمسك بقررات الشرعية الدولية وأسس العدالة ومبادئ القانون الدولي ومنع الانحراف عنها أو تقويضها.

هذا هو طريقنا أيها الأخوات والاخوة... انه طريق البناء.... طريق الصمود والثبات.... طريق تصويب مسار عملية السلام وصولاً لانجاز أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال وقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.

في الختام، أتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق، وأدعو الجهات المانحة للمشاركة في دعم جدول الأعمال المحلي للتنمية المستدامة في محافظة بيت لحم. كما أدعو الى ضرورة أن يتمخض عن هذا المؤتمر لجنة من كافة الأطراف المعنية لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر وتوصياته.

وشكراً لكم