الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة عمل في جامعة بيرزيت حول دور الشباب والمشاركة السياسية

نشر بتاريخ: 27/10/2008 ( آخر تحديث: 27/10/2008 الساعة: 19:14 )
بيرزيت-معا- عقد معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية في جامعة بيرزيت، اليوم، ورشة عمل لمناقشة دراسة اعدها أستاذ العلوم السياسية في الجامعة عماد غياظة بعنوان: "دور الشباب والمشاركة السياسية".

وتناولت الدراسة تقييماً للعمل الشبابي ومجالاته، وتبعات الهزات العامة على الشباب، ورؤية الشباب للواقع ما بعد السلطة، وتأثير أحداث حزيران 2007 ونتائجها على العمل الشبابي السياسي ومستوى المشاركة لهم.

وأوضح غياظة ان العمل السياسي الفلسطيني لطالما تميز بمشاركة نشطة شبابياً منذ أن تفعلت الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، وكان للشباب دوراً بارزاً في ذلك على عدة مستويات سواء كان الوطني العام كمقاومة الإحتلال، والعمل من أجل القضية الفلسطينية في المحافل الدولية والعالمية والإقليمية، وكذلك على المستوى الداخلي الفلسطيني من حركات السياسية الفلسطينية والاحزاب والقوى السياسية. ولكن سرعان ما تراجع هذا الدور بعد أوسلو وتعزز بعد الإنتخابات التشريعية عام 2006 وتكرس بعد حزيران 2007.

وأشار غياظة الى أنه بعد أوسلو ومع قدوم السلطة الوطنية اعتقد الشباب ان المرحلة الجديدة ستكون أكثر ايجابية لمستوى مشاركتهم ومساهمتهم في مرحلة بناء الوطن والسلطة الفلسطينية، ولم يكن متوقعا لدى الغالبية أن التحول في مسار القضية الفلسطينية سيكون في الغالب خلاف هذا التوقع. فعلى الرغم من المشاركة الفاعلة والمساهمة الكبيرة من الشباب في المراحل النضالية، التي أدت لقيام السلطة الوطنية، إلا ان مشاركتهم في ادوار بناء المؤسسات الوطنية كان هامشيا وسلبيا ولم يتجاوز ما هو متعارف عليه في المجتمعات النامية. وتكرس ذلك من خلال عودة القيادات من الخارج، وغياب عدد من القيادات الشابة في المعتقلات، واستغلال الشباب في الوظيفة الإدارية لمؤسسات السلطة وخاصة أجهزة الأمن، دون إشراكهم في قيادة وصناعة العمل السياسي الفلسطيني الجديد، تعزز ذلك بوجود قيادة فلسطينية كرزمية، استطاعت أن تحييد الشباب، وتستوعب تطلعاته من خلال مقولات ذات أبعاد رمزية خالية من المضمون العملي والفعلي. فشكل الشباب الجهاز الاداري للمؤسسات، بأليات قد تكون ولائية غير مهنية، فرغت طاقات الشباب في وظائف لا تؤثر في القرار، مع تغييب عن المؤسسات السياسية كالحكومة والمجلس التشريعي وقيادة السلطة، وبقاء القيادات من الجيل الاكبر، وبذلك خلت مؤسسات السلطة العليا من تأثير شبابي فعلي، وتعززت سلطات وصلاحيات القيادات التي عززت مكانتها ودورها في السلطة بعد المنظمة والفصائل السياسية، مع غياب فعل مؤثر للقوى المعارضة وخاصة قوى منظمة التحرير.

وأضاف غياظة: "ان السلطة الفلسطينية والقوى السياسية التي عاشت حالة السلطة الجديدة لم توفر برامج جديدة تتفاعل وتتعاطى مع الشباب وقضاياهم وتطلعاتهم، فبرامج الأحزاب والقوى السياسية لم تأخذ بعين الاعتبار التغيير الكبير، ولا مجريات الأحداث الناشئة والتحول في مطالب ورغبات شرائح الشباب المختلفة، مما عزز تراجع رؤية الشباب للعمل السياسي، والتخلي عن برامج المقاومة والنضال بوسائل تتجاوب والواقع الجديد، وترك الساحة التقليدية لقوى سياسية جديدة احتلت المساحة المتروكة، واستقطبت الجيل الشاب الذي حيد وهمش في برامج ومؤسسات السلطة الجديدة. ومع بروز وسائل ولاء جديدة وأنماط علائق مختلفة بين القيادة والقاعدة الشبابية، ازداد نفور الشباب وازدرائهم للمشروع الجديد، واعتباره لهذا المشروع مقدمة لتفريغ القضية الفلسطينية وتهميشها، خاصة مع شيوع ظاهرة الفساد والرشوة الإدارية والوظيفية، والبعد عن المهنية والمنافسة المتساوية على الوظائف العامة. وازدادت رغبة الشباب في إقصاء نفسه عن العمل العام والطوعي والوطني، وبدأت تسود أفكاره توجهين، الأول تمثل في الرغبة في تحييد نفسه والبحث عن مخارج غير عامة وجلها شخصية، والثاني في عدمية غير متفائلة، رافضة ومشككة ومتوجسة من مشروع مشوه غير مجدي شخصيا ووطنيا.

وأكد أن الإنقسام الذي حصل كان سيد الموقف سياسياً وشبابياً، فلم يكن هناك برامج ونشاطات وسطية تعزز لغة الحوار والتفاعل وتقبل الرأي الآخر أو وجود رأي آخر سياسيا وثقافيا وقيميا، حتى كان حزيران بكافة إسقاطاته على كافة مستويات المجتمع والقضية خاصة بعد فشل اتفاق مكة الذي عزز ثقافة (كل شيء أو لا شيء)، وكان الشباب وقود وضحايا المعركة وجنودها وقتلتها.

وقال:"لم تتوفر للشباب فرص حقيقة أو مجالات إبداع تفتح مجالا لهم للمشاركة السياسية الفاعلة، سوى تعزيز سياق التنافس والتحارب والاقتتال، وهذه ليست مسؤولية جهة واحدة، أو فصيل واحد، بل مسؤولية جماعية مجتمعية، وقد تكون بالدرجة الأولى شبابية، مع انحسار لدور منظمات المجتمع المدني، وقصور في رجال الثقافة والفكر والعلم أمام حالة سائدة طاغية لم يتجرأ احد على مواجهته".

وخلص غياظة إلى ان تراجع المشاركة الشبابية هي تعزيز للواقع ، وأن الشباب خارج نظاق الفعل المباشر او البرامج المؤثرة، مؤكداً أنه وفي ظل غياب رؤية وطنية عامة وبرامج رسمية وغير رسمية فإن الشباب سيصبحون عبئاَ على الوطن وليس لصالحه، وبذلك فإن الشباب بحاجة لنهضة فعلية ترتكز على أنهم أداة التغيير وهدفه، والمستقبل لهم دون غيرهم، ولا مخرج لهم من المبادرة للتغيير.