الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اللاجئون الفلسطينيون .. أماني وأحلام يحملونها من أجل العودة للأرض والديار

نشر بتاريخ: 30/11/2005 ( آخر تحديث: 30/11/2005 الساعة: 17:52 )
غزة - معا- حنين إلى الوطن والقرى التي هجروا منها عام 1947 ووثائق تؤكد حقهم في ملكية أراضيهم وآبار المياه هو كل ما تبقي للاجئين الفلسطينيين الذين تشتتوا في كافة بقاع الأرض.

يدان ترجفان وعينان تحلقان في السماء لمجرد سماعه بأول سؤال يذكره بقريته التي عاش فيها 18 عام قضاها إلى جانب والديه يزرع ويحصد محصول القمح من أرضهم البالغ مساحتها 200 دونم..إبراهيم غانم (73)عاماً أحد الفلسطينيين المهجرين من قرية "حتا " قضاء المجدل, يصر على ارتداء الحطة والعقال الفلسطيني ليؤكد بهما على فلسطينيته التي تحاول تغيرات العصر أن تستبدلهما باللباس الرسمي من البدلة وربطة العنق.

غانم يسرد "لمعاً" رواية تهجيره هو وعائلته من القرية فيقول:" حوصرت حتا بالمستعمرات الإسرائيلية فكانت مستعمرة نقبة تحاصرها من الغرب ومستعمرة كريات جت تحاصرها من الشرق, واخذ المستعربون في وضع الألغام في الطرقات, إلى أن هاجموا القرية ليلاً بالدبابات لأول مرة في شهر مايو/آيار من العام 1947 من الجهة الشرقية, فبدأنا حينها بتكوين فرق تضم 400 مقاتل من القرية ومن القرى المجاورة حيث كانوا يبيعون مصاغ زوجاتهم من أجل شراء البنادق والرصاص إلى أن استطعنا التصدي لهم وإرجاعهم", متابعاً:" وبعد أسبوع واحد عاودوا الهجوم من الجهة الشمالية الشرقية وبدأ حينها بعض أهالي القرية بمغادرتها جراء ما تعرضت له القرية من إطلاق للرصاص والقذائف على أمل أن تنجح الجيوش العربية في إرجاعهم في وقت لاحق, وكان الهجوم الأخير التي تعرضت له "حتا" ليلاً بأعداد كبيرة من الدبابات والجنود من ثلاث جهات في 17 رمضان شهر يوليو هو بداية للهجرة الفعلية لأهل" حتا" إذ أبقت إسرائيل على الجهة المتبقية من القرية دون سيطرة من أجل إفساح الطرق لمغادرتهم وقد أصيب في عملية مقاومة الدبابات الإسرائيلية 10 فلسطينيين اضافة الى عدد كبير من النساء والأطفال والمقاتلين منهم عبد الجليل غانم الأخ الأكبر لإبراهيم".

ومن هنا بدأت قصة نضال الشعب الفلسطيني ضد إسرائيل, فهاجر الأهالي إلى قرية هربيا شمال بيت حانون والى قرية الدويمة قضاء الخليل.

ويتوقف غانم عن الحديث ليعود متنهداً :" ليل نهار أحلم ببلدي.. والى اليوم احفظ معالمها ", موضحاً أنه زار "حتا "حوالي 50 مرة بعد الهجرة كي لا ينسى ولو جزءا بسيطا منها, مؤكداً على أن أساسات البيوت التي هجروها موجودة حتى الآن غير أن مستعمرة واحدة تقام على أرضها وهي مستعمرة رباحة تضم يهود من كردستان العراق.

ويتابع غانم معلقاً على حاله بعد أن هجر من بلدته قائلاً :" نحن في وضع لا نحسد عليه, سلبت أرضنا ونعيش في أوقات كل منا يدعي لنفسه الوطنية ناسين القضية الفلسطينية التي تحمل هموم آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني الذين هجروا من أراضيهم رغماً عنهم".

يذكر أن قرية "حتا "تقع شرق المجدل على بعد 13 كيلو، وتبلغ مساحتها قرابة 7 آلاف دونم ويبلغ عدد سكانها 1125 نسمة, ومن كبار العائلات التي كانت متواجدة بها عائلة جمعة وعائلة حمدان ومن أشهر رجالها الشيخ عبد الرحمن جمعة، أحد المشاركين في ثورة 1936 ومؤسس لجنة المؤتمر الفلسطيني الذي ضم كافة القرى والمدن الفلسطينية من جنين وحتى رفح, وتشتهر بزراعة الحبوب بكافة أنواعها إضافة إلى زراعة التين والزيتون.

كما التقت -معاً- المسن أبو عبد الكحلوت اللاجئ من مدينة المجدل المحتلة والذي انطلق ناطقاً بالأبيات الشعرية:
بلادي وأن جارت علي عزيزة وأهلي وان ضنوا علي كرام والله لو وثنوا لي مـوطناً لـهممت أن أعبد ذلك الوثنا.

ولا يفتأ الكحلوت ذاكراً بلدته المجدل التي احتضنته لثمانية أعوام قضاها في اللعب والتنقل بين منازلها التي طالما تذكر سكانها وهم يساعدون بعضهم البعض في عملية ترميمها بعد أن كانت مياه الأمطار قد جرفت الطين التي بنيت بها.

واستطرد قائلاً :" خرج سكان المجدل هاربين ليلاً إلى غزة للاحتماء من نار القذائف والرصاص الذي طال القرى المجاورة" متابعاً:" لقد نجحت إسرائيل في بث دعايتها حول إعدام الفلسطينيين في مذبحة قرية دير ياسين قضاء يافا ومن ثم إخراج أهالي من قرى متعددة من فلسطين منها بيت دراس, الجورة, الجية, بربرة, وبرير إلى أن تمت السيطرة الإسرائيلية عليها جمعياً".

يشار إلى أن المجدل تشتهر بصناعة النسيج ومن أكبر عائلاتها المدهون وأبو شرخ.