الجمعة: 29/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث ذو شجون *** الحصانة الدفاعية ! بقلم : فايز نصار

نشر بتاريخ: 02/11/2008 ( آخر تحديث: 02/11/2008 الساعة: 21:08 )
بيت لحم - معا - بحساب الأعراف الكروية لم تكن النتيجة ، التي خرج بها منتخبنا الكروي ، أمام نشامى الأردن ، في افتتاح ستاد الحسيني جيدة ، لأن الأصل أن يستفيد الفريق المضيف من عامل الجمهور ، الذي يمثل اللاعب الثاني عشر والثالث عشر ، ومن الأرض التي طالما حاربت مع أهلها ... ولأن المنطق الرياضي يشير إلى أن الأردن فرضت التعادل الايجابي على المضيف الفلسطيني ، وبنتيجة هدف مقابل هدف ، ما يعني أن المنتخب الأردني يكفيه التعادل سلبيا على أرضه للتأهل ، لو أن المباراة اندرجت ضمن تصفيات تأهيلية ، لأن هدف الأردنيين على ملعب القدس يسجل هدفين في الحسابات الأخيرة .

وبحسابات الوضع الصعب ، الذي مرت به كرتنا الفلسطينية ، على خلفية الظروف الموضوعية والذاتية ، التي حددها اللواء الرجوب في خطته الإنقاذية ... وبالنظر للفترة القصيرة ، التي مرت منذ انطلق العمل الجدي لوضع الكرة الفلسطينية على المسار الصحيح ، فان النتيجة التي خرج بها فرساننا في موقعة الرام الكبرى مثلت نصرا رياضيا ، تختفي أمامه حسابات هز الشباك ، وإشارات السبورة الالكترونية ، عند صافرة الحكم .

ليس مهما أن فرساننا قد خرجوا متعادلين .. وحتى لو خسروا المباراة ، لأن المباراة هدفت إلى غاية نبيلة ، تتصل بمستقبل الشعب الفلسطيني على هذه الأرض ، فإقامة المباراة على ملعب يحمل اسم الشهيد المقدسي فيصل ، ابن الشهيد المقدسي عبد القادر الحسيني له أكثر من دلالة .

وإقامة المباراة على ملعب الرام ، المحاذي لجدار الفصل العنصري ، على مشارف عاصمتنا القدس ، يعطي المناسبة بعدا مكانيا ، يؤكد أن القدس ستبقى العاصمة التي لن يتخلى عنها الفلسطينيون ، وقد تحقق الهدف السياسي من خلال الرياضة ، التي طالما منحت الشرعيات ، بحضور كبير الفيفا جوزيف بلاتر !

المهم أن المباراة انتهت بالتعادل السلبي ، ولكن النتيجة السياسية كانت نصرا غير مسبوق للفلسطينيين ، الذين استقبلوا قيصر الفيفا استقبال كبار الزعماء ، على عكس قادة الدولة العبرية ، الذين تناسوا وجود بلاتر ، وهذا يؤكد أن الرسالة البلاترية قد وصلت .

التعادل السلبي كان في خلد مدير المنتخب الفني عزت حمزة قبل المباراة ، لأن الرجل يقدر قيمة المنتخب الأردني ، ويعلم المرتبة التي أصبح النشامى يحتلونها على خارطة الكرة العالمية ، بعد الثورة الكروية التي فجرها الجوهري ، ويكمل فينغادا عناقيدها ، من أجل ذلك انتهج الحمزة خطة دفاعية محكمة ، أوقفت زحف نجوم الأردن .

فريق واد النيص ، الذي واجه الخميس الماضي عميد الكرة الأردنية الفيصلي ، عزف على كمنوال المنتخب الوطني ، وعرف مدربه سيمون خير أن المجازفة أمام النسر الفيصلاوي تشكل مغامرة لا تؤمن عواقبها ، لذلك حصن "الخير" خطه الخلفي ، بقيادة الحارس حاتم الذي يستحق الإشادة والثناء ، فذهبت محاولات ألفيصلي أدراج الرياح ، بل أن مرتدات النيص كادت تحدث المفاجأة ، لو أن مهاجمي الأزرق الفلسطيني كانوا يؤمنون بحظوظهم ، لان مهاجمي النيص ، وحكم المباراة وقفوا دون ضمان واد النيص التأهل مبكرا ، ولا مجال هنا للحديث عن مستوى المباراة ، والطريقة التي لعب بها واد النيص ، لأن ممثلنا أحسن مقارعة وصيف العرب في الموسم قبل الماضي ، حين خسر بصعوبة أمام النسر الجزائري الأسود وفاق سطيف !

لم يتحدث المحللون عن مستوى أداء منتخبنا أمام الأردن ، لأن منتخبنا لعب مدافعا ، ولم يتحدث المحللون عن الطريقة التي انتزع فيها النيصة تعادلا غاليا من عرين الفيصلي ، لأن واد النيص خطط لانتزاع نصف تذكرة التأهل في عمان ، في انتظار الإطاحة بالسماوي الأردني على ارض فلسطين ، كما فعل العميد شباب الخليل قبل تسع سنوات على ستاد أريحا !

لا عيب في أن المنتخب لعب مدافعا ، ولا عيب في أن واد النيص لعب مدافعا ، ولا عيب في أن المتصدر الامعري لعب معظم فترات لقائه الأصعب أمام الشباب مدافعا ، تماما كما أنه لا عيب في الطريقة التي لعب فيها الشباب في أربع مباريات انتزع خلالها عشر نقاط ، ولم يسجل في مرماه إلا هدف واحد ، لان النتيجة تتقدم على كل الحسابات الأخرى ، ولان حسابات التصنيف تؤخر استحقاق العروض الفنية ، وتجعل الفنانون يتريثون في أمرها حتى حين .

نجاح الإستراتيجية الدفاعية للمنتخب ولواد النيص ، وللامعري ولشباب الخليل ، يؤكد ما أوردناه أكثر من مرة على لسان الخبير الفلسطيني الدكتور منصور الحاج سعيد ، والتي تبطل مقولة : إن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ، وتصحح الأمر بكون ثبات الحالة الدفاعية تولد طاقات هجومية فعالة .

الخطط الدفاعية في إستراتيجية كرة القدم ، طالما كانت مفاتيح النصر للعديد من المدارس الكروية ، وخاصة المدرسة الايطالية ، واللعب غير المحسوب لم يجلب لمدرسة الهجوم الشامل الهولندية إلا بطولة أوروبية واحدة ، ولم ينجح البرازيليون في خططهم العصرية إلا عندما أصبحتوا يزاوجون بين العمل الدفاعي والهجومي ، فيما خرج الأصفر البرازيلي بخفي حنين من مونديالي اسبانيا والمكسيك ، رغم العروض الشقية لرفاق زيكو ، فهل اقتنع القائمون على كرتنا بضرورة التركيز على الخطط الدفاعية !

والحديث ذو شجون

[email protected]