الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"ملك المتسللين" من غزة يروي تفاصيل محاولة تخدير وخطف جنود اسرائيليين باشراف محمد ضيف شخصياً

نشر بتاريخ: 03/11/2008 ( آخر تحديث: 03/11/2008 الساعة: 09:40 )
بيت لحم- معا- يعتبر جمال بو دوابة البالغ من العمر (21 عاماً) وفقا لتوصيف ملحق "مغازين" الصادر عن صحيفة "معاريف" الاسرائيلية ملك المتسللين من قطاع غزة الى اسرائيل بحيث تجاوز عدد المرات التي تسللها المئات، لدرجة انه عمل ولعدة اشهر في مصنع "عوف النقب" مستغلاً بطاقة هوية اسرائيلية مزيفة تعود لأحد الشبان البدو، وحين كان يتم اعتقاله وابعاده الى القطاع كان يجد في اليوم التالي لابعاده طريقا للتسلل مجددا والعودة لاسرائيل.

وادرك جمال ابو دوابة ابن مدينة رفح ان عمله كصياد لن يحقق له الكثير من المال، لذلك انتقل للعمل في مجال تهريب المخدرات من سيناء الى قطاع غزة خاصة الحشيش والمارغوانا لكنه لم يستمر بهذا العمل فترة طويلة بعد ان اجتاح الجنود ورجال الشرطة المصريين حقول المارغوانا وجففوها، وقطعوا مصدر رزق جمال الذي عاد الى غزة، وامتهن حفر الانفاق الواصلة بين رفح ومصر، وعمل مع شركائه على تطوير هذا القطاع مستعينين باجهزة توجيه تعمل بواسطة الاقمار الصناعية وفقا لاقوال الصحيفة التي اوردت النبأ.

وعرف جمال نتيجة عمله وقدرته المتوصلة على التسلل الى اسرائيل بانه يرتبط بعلاقات معينة مع مواطنين اسرائيليين كثيرة، حيث عرف الكثير من سواقي سيارات الاجرة الذين استعان بهم، اضافة الى اصدقاء عمل معهم او سكن واياهم في مدينة راهط البدوية، وحتى ارتبط بصداقات مع جنود يسكنون في وسط اسرائيل وبمعنى اخر راكم لنفسه شبكة علاقات كبيرة وواسعة مكنته من دخول اسرائيل والعودة الى غزة بكل سهولة متى اراد ذلك، وذات الشبكة من العلاقات كانت ستساعده في مهمته الاخيرة التي كلف بها وهي تخدير واختطاف جنود والعودة بهم الى غزة لكنه فشل في اتمام المهمة.

الاشاعات وصلت الى مسامع حماس

بدأت القصة التي اكتشفت قبل اسبوعين حين وصلت انباء قدرات جمال على التسلل الى مسامع حماس، التي ادركت سريعاً انه بامكان جمال ابو دوابة ان يشكل العنصر الرئيسي والاساسي في خطة خطف الجنود التي طالما اعلنت حماس عزمها تنفيذها بهدف اطلاق سراح اسرى فلسطينيين.

واضافت الصحيفة بان العملية جرت بسرية تامة حيث استدعى جهاز الامن الداخلي التابع لحماس جمال ابو دوابة لمقابلة بحجة انه مطلوب للتحقيق والمح محققو الامن الداخلي لجمال، بانه من الافضل له ان يتعاون معهم والا سيجد نفسه داخل السجن حيث قال له شخص يدعى "ابو انس" وهو من كبار جهاز الامن التابع لحماس "عليك الكثير من القصص ومن الافضل لك ان تتعاون معنا" الامر الذي لم يبق امام جمال اي مجال لرفض التعاون.

وادعت الصحيفة ان بروتوكول التحقيق الذي جرى مع جمال ابو دوابة داخل معتقل "شكما" الاسرائيلي، وتحت اشراف المحقق "حاييم الشامي" قد وصل اليها فقررت نشره لاول مرة وتتبع عملية الاختطاف المفترضة خطوة بخطوة من وحي اعتراف ابو دوابه ذاته.

ويوضح بروتوكول التحقيق المخطط الدقيق والذكي الذي وضعته حماس لاختطاف جنود بعد تخديرهم ونقلهم لقطاع غزة وهو ما يفسر خوف المؤسسة الامنية الاسرائيلية الدائم من شبح تكرار قضية شاليط.

المحقق: حدثني عن عمليات تسللك الى اسرائيل؟.

جمال : قبل شهرين استدعاني جهاز الامن الداخلي التابع لحماس في غزة حيث ارسلوا لي ولشقيقي طلبا يأمرنا بالمثول في مقرهم، وحضر الى منزلي ناشط حماس المدعو عطالله ابو الجديان وقال لي "لا تخف سوف اغلق القضية مع حماس " وسألني ان كنت اعرف منطقة الحدود الاسرائيلية الشرقية مع قطاع غزة بشكل جيد فأجبته بنعم، وحينها سألني ان كنت مستعدا لمساعدة حماس فقلت له نعم استطيع المساعدة، وبعد يومين او ثلاثة التقيت مرة اخرى مع عطالله الذي قال لي بان يجب علي ان اتسلل الى اسرائيل، وان اسرق سيارة جيب واحضاره الى غزة اضافة لشراء شريحة هاتف خلوي "اورنج" والاتصال بعدد من الاشخاص في غزة وبعد ذلك سيرسلون لي رسالة قصيرة تقول "تعال استلم العشب" وتعني كلمة " العشب" ناشطين من حماس خططا لدخول اسرائيل عبر مصر بهدف خطف جنديين وكانت مهمتي هي السفر بسيارة الجيب نحو الحدود المصرية الاسرائيلية وتسليم ناشطي حماس حبات مخدرة سنستخدمها بخطف الجنديين.

بعد يوميين من مقابلتي الثانية مع عطالله جاء عندي شاب يركب دراجة نارية وسلمني مبلغ 500 دولار كمصاريف في منطقة سيناء، وقال لي "اليوم ستخرج الى مصر عن طريق النفق التابع لشخص يدعى صبحي ابو شوشه الذي كان في المكان حين وصلته وساعدني على دخول النفق وبعد فترة بسيطة خرجت الى مصر من نهاية النفق على الجانب المصري وهناك قابلت ثلاثة اشخاص لا اعرفهم".

ويتضح من التحقيق ان ما سبق ذكره ليس الا جزءاً بسيطاً من الخطة الذكية حيث مكث جمال ابو دوابه 18 يوما في منزل حسين السواركة في سيناء الذي يعتبر هو الاخر خبيرا في عمليات تهريب الاشخاص الى اسرائيل، وكانت الخطة تقضي بتسلل جمال ومعه الحبوب المخدرة الى اسرائيل حيث يلتقي هناك بعضوين اخرين في الخلية ليتعاون معهما على تخدير وخطف الجنديين ونقلهم الى غزة عبر احد الانفاق.

المحقق : ماذا وعدك ابو انس في حال نجحت في خطف الجنود ؟
جمال: وعد بان يعطيني 500 الف دولار، وواضح لي بان هدف الخطف هو اطلاق سراح اسرى فلسطينيين، وقالي لي بان مهمتي تنحصر في نقل نشطاء الحركة من مصر الى اسرائيل عبر الحدود المشتركة، وبعد ان يتم تنفيذ العملية اعود معهم الى قطاع غزة وسألني ماذا ستفعل بعد الانتهاء من عملية الخطف ؟ فقلت له بانني سأسافر الى الخارج لانه اكثر امنا بالنسبة لي وحينها طلب مني عدم اخبار اي شخص بخصوص عملية الخطف، وشرح اهمية اطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين واعطاني ستة حبات " منوم" وطلب مني تجريبها على كل من يحضر الى منزلي عن طريق دسها لهم في كأس الشاي او القهوة حتى نعرف مفعولها، فتناولت انا حبتيين لكنني لم انم وحينها وعدني احد المشاركين في الخطة المدعو ابو حمزة احضار حبوب ذات مفعول اقوى، وجربت الحبات المنومة على احد المدمنين في غزة لكنه لم يتأثر بها وكذلك جربت الامر على بعض اصدقائي ولكن الحبات لم تأثر فيهم وابلغت ابو حمزة بفشل التجربة وطلبت حبات منومة اقوى واشد مفعولاً.

قبل ايام من تسلل جمال الى اسرائيل التقى باحد نشطاء فتح يدعى فايز الدهني " ابو سليم " وهو من نشطاء كتائب الاقصى، الذي ابلغ جمال بدوره في عملية حدثت على حاجز ايرز حيث تسلل مسلحان عبر نفق الى المنطقة وقتلوا ضابطا اسرائيليا وجرحوا عدة جنود اخرين، وطلب مني في النهاية الحفاظ على سرية عملية الخطف التي اتضح بانه كان متورطا فيها ويعلم بأمرها رغم كونه رجل فتحاوي وليس من حماس.

وقال الدهني لجمال حسب الافادة المسجلة لدى التحقيق الاسرائيلي بان الجنود بضاعه غالية الثمن وتساوي الملايين فقال جمال للدهني بانه مستعد لخطف الجنود والقيام باي شيء اذا كان هناك ارباح كبيرة خاصة، وان الدهني كان مستعدا لدفع اي ثمن مقابل جندي اسرائيلي فطلب جمال منه ان يعطيه مبلغ 10000 دولار كدفعه اولى.

تاخر خروج جمال عبر النفق عدة اسابيع بسبب "الدواء" وهو الاسم السري الذي اطلقوه على الحبوب المخدرة وانتظر المبادرون للعملية حتى وصول الحبوب.

وخضع جمال ابو دوابه للتحقيق المستمر والمتواصل على يد اربعة محققين من جهاز الشاباك حاولوا فهم كيفية طرح خطة الخطف بوسائل لم يعهدها الجهاز حتى الان وفي محاولة من جمال للنزول الى جذور، اخبر جمال المحققين عن دوره في حفر النفق الذي كان سيستخدم في التسلل الى اسرائيل، وقال " كان دوري يتمثل باخراج الرمل من النفق وكنت انام بجانب النفق خاصة وان صاحب النفق اشترط نقلي لمصر بمساعدتي له بالحفر فوافقت وانا لا انتمي لحماس واردت تنفيذ العملية من اجل المال فقط.

وكشف جمال لمحقيقيه بعض القصص التعلقة باختطاف شاليط وقال "سمعت من احدهم بان الشخص الذي عمل في حفر النفق الذي استخدم بعملية الاسر قد حصل على مئات الاف الدولارات اضافة الى الكثير من التسهيلات والامتيازات واخبرني ابو حمزة عن شاب من عائلة ابو دباري الذي كان يحضر العمال للعمل في النفق تلقى الكثير من الاموال من حماس اضافة الى منزل ومشغل ووعدني بان يعطيني مثله اذا ساعدتهم.

وادعى جمال خلال التحقيق ان محمد ضيف المطلوب رقم واحد اعطى مباركته شخصيا لعملية الاسر الجديدة وهو من يقف خلفها وقال للمحققين " محمد ضيف هو من اتخذ القرار بتنفيذ العملية انا لا اعرفه شخصيا ولكني سألت الدهيني عن الشخص الذي اصدر الاوامر فأجابني بانه محمد ضيف، وابو حمزة ايضا اكد العلاقة بين حماس والعمليات المذكورة حيث قال لي يوجد لحماس جناح عسكري واحد وهو المسؤول عن هذه العملية التي قد تنهي التهدئة ورغم ذلك هناك عدد صغير من عناصر الجناح العسكري مطلعون على خطة الخطف خوفا من تسريب امرها للاسرائيليين.

وخضع جمال لتدريبات عسكرية استعدادا لتنفيذ العملية اشرف عليها رجال حماس تضمنت التدريب على الطلاق النار من بندقية ام 16 وذلك ليكون مستعدا لاستخدام بنادق الجنود المخدرين وقت الضرورة في حال استفاقوا وحاولوا الهرب، وقال جمال لمحقيقيه "ابلغني الدهني بانه وفي حال لم تأثر الحبوب المنومه بالجنود فأنت ملزم بالتدرب على استخدام بنادقهم وفعلا دربني على استخدام البندقية وتفكيكها.

وابلغ جمال ابو دوابه المحققين عن السيناريوهات التي وضعها لتنفيذ العملية وقال " احد الخطط كانت ان انصب خيمة بالقرب من الحدود الاسرائيلية واغري الجنديين بدخولها وان اقدم لهم كأس شاي او فنجان قهوة وبعد ان يناموا يتم نقلهم الى غزة من خلال النفق".

وتركزت الخطة البديلة التي وضعها جمال على خداع الجنود حتى يتجاوزا هم بانفسهم الحدود الى سيناء وقال "اقترحت ان اقوم باغراء الجنديين على الحضور بانفسهم لسيناء خلال اجازتهم من الجيش، وذلك عن طريق ايهامهم بوجود صفقات مخدرات تتضمن ارباح عالية ومن هناك اقوم بخطفهم وتسليمهم لحماس وكان من السهل علي تنفيذ هذا المخطط كون اسرائيليين كثر يصلون الى هذا المكان لكن الدهني عارض الخطة وقال لي : اولا خدر الجنود ومن ثم اسحبهم الى سيناء خلال اقل من ساعه فوافقت على طلب الدهني الذي طلب مني الاتصال به هاتفيا فور وصول الجنود الى سيناء وحينها سيتحدث هو مع حماس حول المال الذي سأناله واذا رفضوا دفع المال سننقل الجنود الى غزة عبر نفق شخص يدعى مشهور الذي يمتلك عدة انفاق.

واضافة الى ما سبق وضع جمال سيناريو آخر في حال لم تلتزم حماس بما وعدته به من اموال " 500 الف دولار" حيث قرر احتجاز الجنود داخل نفق يربط غزة بمصر الى حين تسوية الامر.

وكشف جمال امام محققيه عن عروض بديلة عن عرض حماس لكنها اقل سخاء حيث عرضت عليه الجبهة الشعبية 10000 دولار مقابل تهريبه انتحاريين داخل اسرائيل لكنه رفض لان الثمن قليل.

واعرب جمال في نهاية التحقيق عن ندمه وقال "متأسف على كل ما خططت له وكل شيئ كان بهدف الحصول على المال ليس الا".