الخميس: 26/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أطفال صغار في غزة يشاركون ذويهم في اعتصام الأسرى ويرفعون صور آبائهم مطالبين بإنهاء معاناتهم

نشر بتاريخ: 01/12/2005 ( آخر تحديث: 01/12/2005 الساعة: 12:55 )
غزة- معا- يرفعون علامة النصر أمام أعينهم الملونة والسمراء، وبعضهم يرفع صورة والده أو شقيقه الأكبر، وطفلات يضعن على جباههن الرايات والشعارات التنظيمية المختلفة، وآخرون يبدأون تنسيق صفوفهم بجانب بعضهم البعض بتشكيل دائري يؤكدون فيه تلاحم الفصائل وترابطها ووحدة الشعب الفلسطيني.

الجميع لسان حاله يلعن الاحتلال الذي ضرب الأسرى في سجن عوفر مؤخراً، ويعلن أن الصمت لن يدوم على تواصل الانتهاكات والعدوان الإسرائيلي ضد الأسرى الذين تصدرت صورهم الصفحات الأولى في الصحف المحلية، وهم يدركون جيداً ان هذه ليست أولى الضربات أو الانتهاكات التي يتلقاها الأسرى كما أنها ليست آخرها.

فوالدة سعيد العتبة أقدم أسير فلسطيني خلف قضبان الاحتلال تؤكد ان ابنها تقدم في العمر كثيراً عن ذاك اليوم الذي لم تستطع وداعه فيه عندما اقتحم الاحتلال منزلهم واقتادوه صغيراً إلى غياهب السجون، والآن خط الشيب رأسه بعيداً عن عينها، وليس بين أشقائه بل بين أقرانه بين السجون، وتشير إلى أنه فقد بعض أسنانه نظراً للتقدم في العمر.

بعد يوم واحد فقط من انتشار خبر الاعتداء على الأسرى في سجن عوفر وعلى رأسهم نائب الأمين العام للجبهة الشعبية عبد الرحيم ملوح وتوثيق ذلك بصور في استغلال للتقدم التكنولوجي، أقدم غالبية الأهالي في قطاع غزة على شراء الصحف المحلية، صابين جام غضبهم على الصمت الذي يردع البعض عن استنكار استمرار انتهاكات الاحتلال ضد الأسرى وعلى تواصل اعتقال قرابة ثمانية آلاف وخمسمائة أسير فلسطيني مودعون خلف قضبان 18 سجناً منتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتتفاوت في ممارساتها العدوانية وانتهاكاتها لحقوق الأسرى.

الطفل عبد الكريم الزويدي "3" سنوات جاء برفقة والدته من شمالي قطاع غزة وبالتحديد من بيت حانون إلى وسط مدينة غزة ليشارك من قد جاء من مختلف ارجاء القطاع في الاعتصام أمام مقر الصليب الأحمر والمطالبة بفتح تحقيقي في الاعتداء على الأسرى، وبالقرب من عباءة والدته استمر رافعاً سبابته ووسطاه في علامة النصر التي يتعارف عليها العالم ولم تخذله يده قط، إلى ان عاجلته امه ليريح يده بعض الدقائق ويعاود رفعها عل صورته تصل لمن هم خلف القضيبان.

أما الطفلة فاطمة بركة "11" عاماً فقد تغيبت يومها عن المدرسة وسارعت في القدوم إلى غزة عبر طريق صلاح الدين الواصل بين محافظة غزة ومحافظة الوسطى حيث تقطن، والتفت بالكوفية الفلسطينية مرددة هتافات تنادي بالإفراج العاجل والفوري عن الأسرى كافة ومن بينهم اخيها الأسير خالد فؤاد بركة.

المشهد أصبح مألوفاً للقاصي والداني والمار من شارع الجلاء الطويل في غزة حيث مقر اللجنة الدولية، والجميع يمر داعماً ومسانداً للأسرى وذويهم الصابرين والصامدين دوماً في كل اعتصام بدءوه واتخذوا له يوم الاثنين موعداً مع تلبية سريعة لأي فعالية تطالب بالإفراج عن الأسرى في أي يوم كانت وفي أي زمان ومكان، فجميعهم أصبحوا يعرفون بعض ووجوههم غدت مألوفة فهذه أم أسير وأخرى زوجة خليل أبو علبة وثالثة اخت الأسير محمد ورابعة ابنة الأسير كذا، وخامس والده وسادس أخيه وآخرون مناصرون وداعمون وقادة معروفون وغيرهم وجوه غدت لا بد من تواجدها في المكان وإلا افتقدتها العين وبدأت بعملية البحث والتدقيق في الملامح عل السنين غيرت من كانوا بالأمس شباباً.

أما تواجد الأطفال في المكان فهو ترجمة حية وحيوية للعملية التي تتوارثها الأجيال، ويعلن الأطفال جميعاً رفضهم لما يعرفون معناه من أساليب التعذيب خلف القضبان وما لا يعلمون معناه.