الأحد: 22/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات التمهيدية لحركة فتح / بقلم :هاني المصري

نشر بتاريخ: 01/12/2005 ( آخر تحديث: 01/12/2005 الساعة: 16:25 )

اجرت حركة فتح الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحيها لانتخابات المجلس التشريعي في عدة محافظات يوم الجمعة الماضي، وكان من المفترض ان تكون معظم المحافظات الباقية قد اجرت انتخاباتها، امس، لولا وقفها في محافظات غزة ، ومن المفترض ان تستكمل الانتخابات خلال ايام، وذلك قبل فتح باب الترشيح رسميا، لكي يتوفر الوقت الكافي لقيادة فتح لاختيار قوائم مرشحي فتح في الدوائر على صعيد الوطن، حيث تعتبر هذه المسألة على درجة كبيرة من الاهمية والتعقيد. فليس كل من يفوز في داخل الفصيل او الحزب قادراً بالضرورة على الفوز على صعيد الدائرة.

على فتح قيادة ومرشحين فائزين في التمهيديات أم خاسرين، ان يدركوا اهمية خوض الانتخابات بصورة تظهر فيها فتح موحدة، او على الاقل وهي في ادنى درجة من درجات الانقسام. والخطأ في حساب هذه المسألة بدقة، يعني خسارة لفتح ولمعظم مرشحيها. فلا تخاض المعارك الانتخابية على قاعدة شمشون "عليّ وعلى أعدائي يا رب"، أو "أنا ومن بعدي الطوفان".

اللجوء الى اجراء الانتخابات التمهيدية لم يكن سهلاً وانما هو محاولة ديمقراطية كبرى لإصلاح وتنظيم حركة فتح. ولكن هذا القرار واجه ولا يزال يواجه عقبات كبرى، وتم وضع ألغام كثيرة في طريقه على أمل أن تنفجر وتطيح في طريقها بهذه التجربة الديمقراطية وهي بكر.

أهم العقبات والألغام، تتمثل بعدم حصر العضوية، بل وتعويمها، وذلك من خلال السماح لكل من هب ودب، ولكل من يرغب، ومن يعلن نفسه انه فتح او مؤازر لها، ان يشارك في الانتخابات، وهذا ادى الى استياء كبير في صفوف اعضاء فتح، الذين وجدوا ان سعرهم وهم اعضاء فتح منذ عام او أعوام او عشرات السنين، بسعر كل من يعلن نفسه فتح، حتى لو كان خصماً لها.

ان فتح باب العضوية ادى الى حالة من هستيريا التنسيب وتعبئة الاستمارات لدرجة حشد أعداد كبيرة من أبناء العائلات والعشائر ومن المحسوبين على الفصائل الاخرى المنافسة لفتح، بحيث تمتعوا بحق اختيار مرشحي فتح.

واللغم الثاني الذي زرع في تجربة الانتخابات التمهيدية هو عدم إعداد المراقبين وأشكال الرقابة وصناديق الاقتراع ومراكز الاقتراع بشكل مهني وبصورة جيدة تقفل ابواب التزوير، ما سمح بحدوث التزوير، وسمح للأحاديث التي تفيد بحدوث مستويات كبيرة من التزوير يظهر من خلال عدم اعلان النتائج بصورة رسمية، ومن خلال الطعون التي قدمت والتي شارك فيها العشرات من المرشحين الخاسرين، والذين يعتقدون بأنهم فازوا او يمكن ان يفوزوا لو جرت الانتخابات بحرية ونزاهة.

وحتى نعلم بدقة لماذا لم ترحب اوساط عديدة في حركة فتح باختيار اسلوب الانتخابات التمهيدية يجب ان نضيف الى ما تقدم، ان النتائج التي حملتها الانتخابات التمهيدية عكست ميلاً كاسحاً لدى قواعد حركة فتح للتغيير والتجديد والاصلاح، ظهر ذلك من خلال السقوط المدوي لبعض اعضاء القيادة التاريخية ومعظم اعضاء المجلس التشريعي الحالي.
ان هذه المسألة بالتحديد دفعت البعض للجزم بأن اوساطاً قيادية حرصت على وضع ألغام في طريق الانتخابات التمهيدية حتى تفشلها بما يسمح للجنة المركزية ان تعود لسياسة التعيينات الفوقية التي تضمن بالمحصلة بقاء القديم على قدمه، ولكن العجلة بدأت بالدوران، ورغم الثغرات القاتلة في بعض المحافظات لا يمكن وقفها، فالقاعدة الفتحاوية تريد التغيير، ولن يوقف ارادتها اي شيء.

وأخيراً، على "فتح "ان تدرك انها لم تعد وحدها في الساحة وأن هناك منافسين اقوياء لها سواء في الفصائل وعلى رأسها "حماس"، او في صفوف المستقلين.

ويتوقف على كيفية تعامل فتح مع اختيار ممثليها تحديد دورها في الخارطة السياسية المقبلة، وذلك لجهة تلبية كافة الاحتياجات والمواصفات والشروط الضرورية للمرشح للمجلس التشريعي، بما فيها من فازوا عن جدارة بالانتخابات وتتوفر فيهم الصفات المطلوبة، وما يمثل الاتجاهات والمواقع المختلفة، لأن فتح خاضت الانتخابات على اساس نظام المحاصصة الجغرافية وهذا ادى لفوز مناطق على حساب اخرى، واذا لم تعالج فتح هذا الامر ستدفع الثمن غالياً. فلا يمكن اطلاق الدب من سجنه والتساؤل بعد ذلك لماذا يهاجم الغنم.