السبت: 04/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

خلال ندوة- خبراء اقتصاديون: نحن مقبلون على ركود وكساد اقتصادي صعب لن تفلح معه خطط الإنقاذ

نشر بتاريخ: 05/11/2008 ( آخر تحديث: 05/11/2008 الساعة: 23:01 )
غزة - معا- اعتبر خبراء ومحللون اقتصاديون، أن ألازمة المالية العالمية الحالية نابعة من صميم النظام الرأسمالي الذي حمل بذورها في قواعده وأسسه، مبينين أنها ستقود إلى أزمة اقتصادية طويلة الأجل ستكون لها تبعات خطيرة على الاقتصاديات الأقل نموا في العالم .

وأوضح المختصون أن حل هذه الأزمة يكمن في تطبيق تعاليم الاسلام الاقتصادية التي يمكنها أن تحقق العدالة لشعوب العالم، داعين الدول العربية والإسلامية إلى تغيير سياساتها الاقتصادية وبنائها على أساس تحقيق المصلحة المشتركة .

جاء ذلك خلال ندوة نظمتها صحيفة فلسطين بعنوان "الاعصار المالي العالمي أسبابه وتداعياته وانعكاساته على المنطقة العربية وفلسطين" بمشاركة عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين.

فمن جانبه اعتبر د.محمد مقداد أستاذ الاقتصاد المشارك بالجامعة الإسلامية ومدير المعهد الفلسطيني لحل النزاعات وشؤون الحكم أن الولايات المتحدة استطاعت أن تصدر الأزمة الى الدول الأخرى بل هناك سعي لتحميل الطرف الأضعف آثارها من خلال الجولات المكوكية التي يقوم بها رئيس الحكومة البريطانية جولدن براون إلى دول الخليج "، شارحا ذلك بالقول :" الأمريكان أو الأوروبيون ينظرون للعرب وكأنهم ينهبون العالم ويحسدونهم على نفط هم رغم انه حق لهم ومن ثم هم يلاحقون هذه الفوائض التي لا يحسن العرب استخدامها أصلا ".

وذكر مقداد أن أرباب المال والسياسية الأمريكيين يصدرون قوائم مالية غير شفافة تظهر أن لديهم أصول فائقة الجودة في بنوكهم وهي في الحقيقة ديون ميتة معدومة ليستمر استغلال الجهلة من العرب عن طريق شراء الأسهم فيها ثم يعلن الإفلاس ويخسر هؤلاء المستثمرين .

وأضاف د.مقداد :" استطاعت أمريكا أن تصدر الأزمة للدول العربية والإسلامية وهي تسعى الآن إلى امتصاص ما تبقى لدى هذه الدول من فوائض البترول".

وأشار إلى مقال لكاتب أجنبي قبل عشر سنوات يتوقع فيه أن العالم كله سوف يتحمل نتيجة البذخ الذي يعيشه المستهلك الأمريكي الذي يستهلك أضعاف راتبه على حساب الإنسان في الشرق ، داعيا العرب إلى الحفاظ على أموالهم عن طريق استثمارها في بلادهم بدلا من ان تمن علينا الدول الأوروبية بأموال لها أثمان سياسية .

ولفت إلى أن المطلوب من العرب لتفادي الأزمة هو الالتزام بتعاليم الإسلام، مشيرا إلى أن المصارف الإسلامية التي كانت تعمل بشكل صحيح لم تتأثر إلا بشكل ضئيل ، لأن تعاملاتها اقتصادية عينية مباشرة.

أما أستاذ المحاسبة والمصارف المشارك بالجامعة الإسلامية، الدكتور علي شاهين فاعتبر أن الأزمة المالية العالمية الحالية "أمريكية حقيقية " نابعة من قلب الاقتصاد الرأس مالي الأمريكي ، مبينا أن تأثيرات هذه الأزمة ستتفاوت بين دولة وأخرى بحجم ارتباطها بالاقتصاد الأمريكي.

ولفت إلى أن الأزمة بينت وجود مواطن ضعف كثيرة في النظام المصرفي الأمريكي والنظام المالي بشكل عام، فأمريكا قامت بإصدار نقد متداول في العالم لا يقل عن 60 تريليون دولار، مبينا أن سبب تداول الدولار كعملة رئيسية في العالم يعود إلى تمسك أمريكا بنظام الصرف العالمي على قاعدة الذهب، فأي دولة تحمي عملتها بما يتواجد لديها من ذهب، فأصبحت كل دول العالم تترجم قيمة عملاتها بقيمة العملة الأمريكية، وربطت كثير من الدول عملتها بها ودعم هذا الوضع المؤسسات المالية العالمية وأوكلت مهمة حمايته لدول العالم وخاصة دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية.

وأضاف إذا انتعش الاقتصاد الأمريكي انتعش اقتصاد الدول الأوروبية، وبالتالي أصبحت هذه الدول معنية بالدفاع عن الدولار بدلا من أمريكا.

ولفت شاهين إلى أن انهيار مؤسسات مالية أمريكية كان على رأسها بنك ليمان براذرز -رابع أكبر بنك أمريكي وحجم أصوله يعادل 11 تريليون دولار- بسبب أزمة الرهن العقاري جاء نتيجة لقيامه بتحويل القروض العقارية إلى سندات، ا صنفها البنك المركزي الأمريكي -بإيعاز من ليمان براذرز- بأنها من الدرجة الأولى فأقبل المستثمرون على شرائها -بما فيهم مستثمرون عرب -وحصل بعضهم على قروض من البنك بضمانة هذه السندات، فتضاعف حجم الديون وعندما ارتفع سعر الفائدة أصبح المواطن الأميركي غير قادر على سداد هذا القرض، وأصبح يسدد الفائدة فقط.

وبين أن هذا البنك لم يستطع مواجهة الأزمة فطلب الحماية من البنك المركزي الأمريكي، الذي لم يوفرها له بسبب ضخامة المشكلة الموجودة، فأعلن إفلاسه ، مشيرا إلى أن سواق العربية ستتأثر بالأزمة لان هناك دول ومستثمرين اشتروا سندات من الخزانة الأمريكية التي هبط سعرها في السوق مما سينعكس مباشرة على المستثمرين والمصارف العربية التي لها حجم كبير من الإيداعات في أوروبا وأمريكا.

وبالنسبة لتأثير الأزمة على الاقتصاد الفلسطيني قال :" التحويلات الفلسطينية في الخارج ستتقلص، وسيكون هناك إحجام عن الاستثمار الخارجي بسبب غموض الأزمة وعدم وجود حل لها في الأفق، كما أن العرب في حال قيامهم بالمساهمة في إنقاذ الاقتصاد الأمريكي والأوروبي، ستتقلص مساعداتهم لنا مما سيلقي بظلال سلبية علينا ".

بدوره ، أوضح عضو مجلس إدارة شركة المدينة للمشروبات الغازية صبحي الخروبي الذي حضر الندوة وجود خلط بين النظام الرأسمالي والفكر الرأسمالي فهناك من يقول أن النظام قد ينهار وهناك من يقول أن الفكر الرأسمالي نفسه هو سينتهي مثل الفكر الشيوعي ، معربا عن اعتقاده بأن وجود الأزمة لا يعني بالضرورة انهيار الاقتصاد العالمي الموجود بل هو انهيار للفكر الرأسمالي .

ولفت إلى أن المطلوب الآن هو تغيير للفكر الرأسمالي من عدة نواحي، كعدم إعطاء الحرية الكاملة للقطاع الخاص والسماح بتدخل الحكومة في بعض الأمور .

وقال :"النظام الرأسمالي قائم على تصدير الأزمات فهم يشغلون المواطن الأمريكي والأوروبي دائما بالتطورات المادية مما يسهم في تشغيل شركاتهم التي بحاجة لمواد خام تأتي من الدول النامية وخلق بؤر توتر فيها حتى تظل بحاجة إلى أمريكا ".

ودعا الخروبي إلى إعادة الاستثمار المحلي في الدول العربية وإعادة صياغة القوانين المنظمة للاستثمار والوضع السياسي والاقتصادي لتشجيع الاستثمار، معبرا عن اعتقاده بأن أمريكا لم تفتعل الأزمة لضرب اقتصادات دول أخرى وهناك اقتصادات تكبر وتنمو حاليا لأنها انفصلت قليلاً عن النظام الأمريكي الرأسمالي .

وفي مداخلة له ، أوضح مدير الندوة والمحلل والباحث في مجال الأسواق المالية أحمد القيشاوي أن مجال الأسهم والأسواق المالية ليس بعيدا عن القطاع المصرفي فهي كلها عبارة عن شبكة تصب في داخل الاقتصاد، عبر منظومة تكاملية ملفتا إلى أن سوق فلسطين للأوراق المالية والشركات المدرجة لم تتأثر بشكل مباشر بالأزمة المالية العالمية بل تأثرت بشكل غير مباشر ناتج عن أن الشركات المدرجة في السوق تستثمر جزءا من أموالها في الخارج كدول الخليج وبالمقابل هناك محافظ خارجية مستثمرة في سوق فلسطين .

وبين أن الحالة النفسية ومشاعر الخلف والقلق للمستثمرين وحملة الاسهم أدت إلى انخفاض الأسهم في سوق فلسطين للأوراق المالية متوقعا أن لا يتأثر سوق فلسطين بالأزمة كثيرا في ظل قيام الشركتين الكبيرتين في السوق "باديكو والاتصالات "ابتداء من الشهر الماضي بضخ 20 مليون دولار لشراء أسهم شركات مدرجة في سوق فلسطين مما أدى الى استقرار السوق المالي وإعادة الثقة للمستثمرين وحملة الاسهم وتبديد مشاعر الخوف لديهم ..