أزواج غزة.. بين مطرقة الحصار وسندان تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية
نشر بتاريخ: 09/11/2008 ( آخر تحديث: 09/11/2008 الساعة: 12:31 )
غزة- معا- "لم يشتر زوجي مستلزمات البيت كافة لأنه لم يستطع دفع ثمنها في ظل غلاء الأسعار غير المسبوق"، هكذا بدأت سامية إسماعيل حديثها وعلامات الحزن بادية على وجهها، تشتكي الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها معظم الشباب المقبل على الزواج.
وأوضحت إسماعيل (22سنة) وهي المتزوجة منذ الشهر تقريبا لـ "معا" أن زوجها واجه صعوبة في دفع المهر حيث اضطر للاستدانة لاستكمال المهر، خصوصاً انه لم يتوقع المبلغ المطلوب فكانت هذه أولى الصعوبات التي واجهها الثنائي، منوهة انه كان يعرف الاسعار مسبقاً وتفاجأ بغلائها فتردد في الشراء.
سامية واحدة ممن عانوا من الغلاء "الفاحش" الذي يعصف بالأسواق، فمع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ السنتين تقريبا بدأت معها معاناة آلاف الشباب المقبلين على الزواج من حيث دفع المهور المرتفعة وغلاء الذهب بالإضافة الى انقطاع مفروشات البيت التي قد يقضي الشاب منهم أشهر وهو يبحث عما يزين به بيته.
وإذا ما تغلبوا على واقع الحصار فإنهم يصطدمون بكثرة المناسبات التي تزيد الأعباء عليهم، وهنا تزداد مصاريف لم تكن متوقعة كما حدث مع سامية، حيث أضافت "حتى ان كثرة مراسم الزواج شكلت عبئاً على زوجي في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية والغلاء الفاحش لذلك لم يفرح لذلك لانه دفع اضعاف ما توقع".
واشارت الى أن انخفاض قيمة الدينار أثّر على التجهيز للزواج حيث اضطرت الى شراء بعض المستلزمات بضعف ثمنها عما كان قبل الحصار' مبينة أن مراسم الزواج تتم بشكل سلس وجميل ولكن أثارها الاقتصادية تبقى لسنين.
ودرجت العادة في المجتمع الفلسطيني ان يأخذ الذهب نصيب كبير من المهر واذا لزم الأمر قد تضطر العروس الى استعارته من إحدى قريباتها لتتزين به يوم عرسها.
سامية اعتبرت أن شراء الذهب تقليد أساسي في الاعراس الفلسطينية ولا يمكن الاستغناء عنه حتى لو كان مرتفع الثمن لانه بمثابة استثمار للمال ويبقى مدى الحياة، موضحة انها اشترت ذهبها بضعف الثمن في ظل انخفاض قيمة الدينار وارتفاع اسعار الذهب "لقد دفعت مبلغاً كبيراً مقابل ذهب قليل".
في ظل الازمة الاقتصادية التي حلت والحصار المفروض تراجعت قيمة العملات وارتفعت اسعار البضائع لتصل الى الضعف، وتصبح العملات لا قيمة لها، وهنا يوضح الشاب أمين القصير (26سنة) أن أكثر العقبات التي واجهته وهو مقبل على الزواج هي الأوضاع الاقتصادية التي كان سببها الحصار الإسرائيلي مشيراً انه عندما قرر الزواج كان في حسابه مبلغ 7 آلاف دينار ليتم بها كل مقتضيات الزواج لكن مع الظروف الاقتصادية الصعبة اصبحت متطلبات الزواج الضعف وكل شيء تضاعف سعره بشكل غير معقول.
ووحول اهم العقبات الاقتصادية تحدث أمين: "بقي لعرسي أسبوعين تقريبا ومنذ عدة أشهر وأنا أجهز للعرس فأهم العقبات كانت في طقم النوم حيث أصبح سعره ثلاثة أضعاف، فبعد أن كان سعره من 600 -1000 دينار أصبح الآن أكثر من 2000 دينار".
ان الحديث عن الصعوبات التي تواجه هؤلاء الشباب لا تنتهي، فان استطاعوا التغلب على احداها ظهرت لهم اخرى ليبدأ مسلسل جديد من المعاناة لا يمكن التكهن كيف ينتهي.
وأضاف القصير "كذلك كان هناك مشكلة (فرشة النوم) اذ انها غير متوفرة بتاتا بفعل الحصار، وبعد أن وجدتها تفاجأت عندما علمت ان سعرها ارتفع الى 2000 شيكل بعد أن كانت 500 شيكل قبل الحصار الاسرائيلي".
بالنسبة لغلاء الأسعار أوضح أيمن ان اسبابه الرئيسية التجار والحصار، متهما التجار باستغلال الاوضاع السيئة لرفع الاسعار كما يحلو لهم، "رغم ان الحصار لعب دوراً كبيراً الا أن التجار لا يخافوا الله ويرفعوا الاسعار بدون حسيب ولا رقيب وكله على رأسنا نحن العرسان".
وبين أمين أن مسألة الذهب لم يعاني منها بعكس خطيبته لأن سعر الذهب مرتفع، موضحاً أن كمية الذهب التي كانت سابقا بـ 2000 دينار الآن لا يمكن أخذها بأربعة آلاف "وخطيبتي بدل أن تشتري بألف وخمسمائة دينار اشترت بألفين حتى لا يظهر الذهب أنه قليل".
كان للذهب نصيبه من الازمة خاصة أنه أحد أهم الوسائل التي يلجأ إليها الناس لادخار أموالهم إذ يعتبرونه بمثابة "تحويشة العمر" التي يسعون للحفاظ عليها، الا أن اسعار الذهب ارتفعت واصبحت اضعاف ما كانت عليه سابقاً.
صالح خالد البنا أحد أشهر تجار الذهب في غزة بيّن أن الأزمة الإقتصادية أثرت بشكل غير مباشر على الإقبال على شراء الذهب' وذلك نتيجة الغلاء "الفاحش" في أسعار الذهب في ظل إرتفاع أسعار البترول في الآونة الأخيرة، موضحاً أن كل المواد الأولية المترتبة على البترول إرتفعت أثمانها.
وأشار البنا إلى أن نسبة المبيعات من الذهب ضعيفة جداً خاصة في ظل الحصار المفروض على غزة، حيث لا يوجد إقبال على شراء الذهب لأن الناس تسعى إلى توفير المستلزمات الأساسية للحياة.
وحول عدد العرائس التي قد تدخل عليه في اليوم الواحد أوضح أن العدد مرتبط بمواسم الزواج حيث يكون العدد مرتفع في فصل الصيف وينتعش معه الإقبال على شراء الذهب، أما في فصل الشتاء فيدخل الناس في حالة بيات ليصبح الإقبال على الشراء ضعيفاً جداً.
ومهما تكن الأزمة الاقتصادية شديدة التأثير الا أنها لا تحول دون اتمام الاعراس وإن تطلب ذلك الاستدانة لاتمام المراسم المختلفة أو استعارة الذهب لتتزين به العروس، وفي ظل الأزمة أو بدونها تستمر مسيرة الحياة.