السبت: 21/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير اسرائيلي يرصد العلاقة التجارية والاقتصادية مع الاراضي الفلسطينية بعد اوسلو

نشر بتاريخ: 13/11/2008 ( آخر تحديث: 13/11/2008 الساعة: 22:51 )
بيت لحم- معا - يتعرض تقرير اقتصادي اسرائيلي مبني على دراسات احصائية الى العلاقات التجارية والمردود الاقتصادي الكبير الذي يجنيه الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية. وفيما يلي ابرز ما تضمنه لتقرير من ارقام واحصائيات:

تحدثنا في تقرير منفصل (سويرسكي، 2008)، بأنه خلافا للنظرة الرائجة في إسرائيل، فإن الصراع مع الفلسطينيين هو بمثابة حجر رحى يدور حول عنق إسرائيل: فهو يحد من النمو الاقتصادي، ويشكل عبئا على الميزانية، ويحد من التطور الاجتماعي، ويشوه رؤيتها، وينغص على ضميرها، ويضر بموقفها في المحافل الدولية، ويرهق جيشها، ويشتتها من ناحية سياسية ويهدد مستقبل كيانها كدولة يهودية، إضافة إلى أنه يتسبب بمقتل وجرح آلاف الإسرائيليين. باختصار، فإن إسرائيل تدفع ثمنا باهظا لاستمرار النزاع ولغياب حل عادل، متفق عليه.

الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون أغلى بدرجة تتعذر فيها المقارنة، لكن ذلك لا يعني أن الوضع الحالي يشكل مكسبا لإسرائيل.

في الواقع، إن استمرار الاحتلال للمناطق الفلسطينية، وفقًا لتعبير جون ا. هوبسون في كتابه الكلاسيكي "الامبريالية: دراسة"، لا يعود بالنفع على الأُمة الإسرائيلية.

لكن، وأعود مرة أخرى إلى هوبسون، هل عاد الاحتلال "بالنفع على طبقة محددة وتجارة معينة في داخل الأمة؟"

أية كفة من كفتيّ الميزان تطغى؟ هل "ما يجدي نفعا" يجدي نفعا لدرجة أنه يشكل حافزا لعرقلة المساعي لإنهاء الاحتلال حفاظا على مصالح تلك الفئة من "الطبقات المحددة والتجارة المعينة؟"

نحاول في هذا التقرير الإجابة على هذه الأسئلة.

لا تحتوي الأراضي الفلسطينية على كنوز طبيعية من النوع الذي يجذب الغزاة على مدار العصور.

فليس ثمّة بهارات ثمينة أو ذهب كتلك التي دفعت بالبرتغاليين، والإسبان، والألمان، والفرنسيين والبريطانيين للاحتلال والسيطرة على مساحات شاسعة من أمريكا، وآسيا وأفريقيا منذ أواخر القرن الخامس عشر الميلادي.

كما أنها لا تحتوي على موارد طبيعية كتلك التي أثارت "الهرولة نحو إفريقيا" في نهاية القرن التاسع عشر، ولا تحتوي على النفط الذي دفع بحكومتي بريطانيا والولايات المتحدة والشركات العملاقة لاحتلال أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية وإيران في الماضي وصولا إلى العراق في الحاضر، والسيطرة عليها.

تكمن جاذبية الأراضي الفلسطينية بالأخص في المناطق نفسها التي تشكل مرحلة في بناء إسرائيل الكبرى، وبنفس الوقت سدًّا في وجه قيام دولة فلسطينية مستقلة ومنافسة.

مع هذا، حتى بدون أي موارد طبيعية ثمينة، زود استمرار احتلال المناطق الفلسطينية إسرائيل بمنافع اقتصادية جمة: إذ تحولت هذه المناطق إلى سوق أسيرة للبضائع الإسرائيلية، مما فتح الباب أمام المشاريع الاقتصادية المدرة للأرباح للمتعهدين الإسرائيليين.

أصبحت فلسطين، التي أرغمت على قبول ما يشبه معاهدة "تجارة حرة" مع إسرائيل (ترتيب سيصبح "متفقًا عليه" في اتفاقيات أوسلو)، تشتري الجزء الأكبر مما تستورده من البضائع من إسرائيل - وترسل الجزء الأكبر مما تصدره إلى إسرائيل.

وبسبب الهوة العظيمة بين مستوَيي الاقتصاد في البلدين، كان الفلسطينيون يشترون من الإسرائيليين أكثر بكثير مِما يشتريه الإسرائيليون من الفلسطينيين، الأمر الذي جعل كفة الميزان التجاري بين الجارين ترجح إلى صالح إسرائيل.

سوف نتناول في هذا التقرير العلاقات التجارية: الأرباح التي صبت في مصلحة بعض الشركات الإسرائيلية نتيجة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي للمناطق .

لقد بذلت إسرائيل أقصى جهدها لكبح التطور الاقتصادي في المناطق الفلسطينية في محاولة منها للحفاظ على الميزان التجاري غير المتكافئ وسيطرة الصناعة الإسرائيلية.

العميد شلومو غازيت، المنسق الأول للنشاطات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، سمى هذا الأمر "فشل اللاعمل الإسرائيلي في المناطق"، وأشار إلى مجموعتين من الأدلة: أولا امتناع إسرائيل عن القيام بأي استثمارات في المناطق الفلسطينية (باستثناء المستوطنات الإسرائيلية، طبعا) وعن تشجيع الآخرين للاستثمار في تطوير الاقتصاد المحلي (غازيت، 179:1985). ثانيا، عدم قيام إسرائيل بالاستثمار سواء في البنية التحتية - الطرق، ونظم الاتصال، وتزويد المياه، والخدمات الصحية، والتربية والتعليم وما شابه (غازيت، 179:1985).

لقد اعتمدت إسرائيل هذه السياسة وفقا لغازيت، بهدف "منح الأفضلية المطلقة لقطاعات الأعمال الإسرائيلية" (غازيت، 243:1985). في هذا السياق أشار الكاتب إلى مثال قطاع الزراعة الذي كان يستخدم في العام 1967 ثلث الأيدي العاملة الفلسطينية (كاهان، 3:1987): "منذ اليوم الأول تقريبا، عندما واجهت الحكومة سيلا من البضائع الزراعية [الفلسطينية] في أوج موسم الحصاد الإسرائيلي، وضعت الحكومة نصب عينيها كهدف رئيسي حماية أسعار المزروعات الإسرائيلية.

وكان هذا الدافع الرئيسي لجهود التسويق الجديدة نحو الشرق، باتجاه الأردن (لمنع منافسة السوق الزراعي الإسرائيلي). وكان هذا أيضا ما نزع القوى العاملة من المناطق الفلسطينية وسحبها للعمل في المزارع الإسرائيلية (لتقوية الزراعة الإسرائيلية).

لقد خُطط للزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة بالدرجة الأولى باتجاه تحسين الإنتاج بدلا من منافسة التخطيط الزراعي الإسرائيلي (غازيت، 251:1985، انظر أيضًا كاهان، 70:1987).

وقد انسحب الأمر ذاته كذلك على الأعمال الاقتصادية والصناعة: "... فقد تمثلت السياسة بعدم تشجيع المستثمرين الإسرائيليين على إقامة المصانع في المناطق الفلسطينية (أو حتى الدخول في شراكة في مصانع قائمة).

بدلا من النظر إلى الصورة بأكملها - فرصة تخفيض تكلفة الإنتاج الإسرائيلية من خلال استغلال الأيدي العاملة الرخيصة نسبيا في الضفة الغربية أو قطاع غزة - سعت السياسة إلى منع المحفزات عن المستثمرين الإسرائيليين... لقد كانت الرغبة بحماية البضائع المنتجة في المصانع الإسرائيلية جامحة لدرجة أنهم حاولوا منع بناء أو ترميم المصانع ذات الملكية العربية الخالصة، إذا اعتبروا أن ثمة احتمالا لأن تنافس هذه المصانع البضائع إسرائيلية الصنع" (غازيت، 251:1985).

مثلت المناطق الصناعية، التي بنيت على الخط الأخضر انحرافا واضحا عن هذه السياسة (باستثناء المصانع المبنية في المناطق الصناعية المجاورة للمستوطنات الإسرائيلية) (غازيت، 251:1985).

لقد لاحظ ميرون بينفينستي في كتاباته في بدايات الثمانينيات، وكان على الأغلب المراقب الإسرائيلي الأكثر اطلاعا في وقته، بأنه خلافا لأنماط النمو الاقتصادي المعروفة عالميا، كان الإنتاج الصناعي للمناطق الفلسطينية يتقلص بدلا من أن ينمو، من حيث نسبته في مجموع الناتج الاقتصادي القومي الفلسطيني، فقد انخفض من 9% في العام 1968 إلى 6.5% في العام 1980 (بينفينيستي، 15:1984)

لقد تناولت لجنة إسرائيلية رسمية عينت في العام 1991، عشية مؤتمر مدريد لإنعاش الاقتصاد في قطاع غزة، نتائج سياسة كبح النمو المستقل في قطاع غزة.

ضمت اللجنة أعضاء عديدين من بينهم رجل الاقتصاد عزرا سادان، الذي كان منسق الأنشطة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، والعميد دان روتشيلد، وعاموس روبين المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، وخبراء آخرين.

وقد خلصت اللجنة إلى أن السياسة الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات الإسرائيلية حيال سكان قطاع غزة اقتصرت بالأخص على توفير فرص للعمل في داخل الخط الأخضر.

ومن الناحية الأخرى، "كانت الحكومة تشجع في أحيان نادرة خلق فرص عمل أو بناء مصانع في قطاع غزة (على سبيل المثال في منطقة إيرز الصناعية)، ولكنها لم تمنح أية أفضلية لتشجيع المبادرات المستقلة أو المشروعات الاقتصادية في قطاع في غزة، بل بالعكس، كانت السلطات تسد الطريق في وجه مثل هذه المبادرات خشية منافستها الشركات الإسرائيلية على السوق الإسرائيلي" (مقتبس في أرنون ووينبالت، 2000: 36).

على مدار سنوات عدة، كانت الأعمال الفلسطينية الوحيدة التي شهدت ازدهارا تحت الاحتلال وليدة من الاقتصاد الإسرائيلي المتنامي: المقاولة الثانوية، خاصة في مجال إنتاج الملابس، أو محال تصليح السيارات التي كانت تحاسب أصحاب السيارات الإسرائيليين بكلفة أقل مقابل التصليح (غازيت، 252:1985)

لقد حولت القيود التجارية المفروضة من قبل إسرائيل على المناطق، سوية مع سياسة منع تطور الاقتصاد المحلي، المناطق الفلسطينية إلى سوق كبيرة للتجارة الإسرائيلية. كما سنرى لاحقا، جزء كبير من أصحاب الأعمال الإسرائيليين كانوا وما زالوا مشاركين في هذه التجارة.

حجم التجارة:

لنتناول أولا معطيات التجارة الفلسطينية-الإسرائيلية. يجب أن نقول قبل كل شيء بأن هذه المعطيات والأرقام برغم كونها في متناول اليد ليست بالضرورة شاملة ودقيقة، وذلك لسبب بسيط، إذ بعكس التجارة مع البلدان الأخرى، حيث تفرض الجمارك على الواردات والصادرات وبالتالي يتم توثيقها وتسجيلها، فإن جزءًا كبيرا من التداول التجاري بين إسرائيل والمناطق الفلسطينية كان وما زال يتم من خلال حدود غير موجودة. لطالما عارضت إسرائيل - حتى خلال مفاوضات أوسلو - رسم الحدود وبناء نقاط عبور. تستند الأرقام الواردة في الجدول رقم 1 والجدول رقم 2 في الأسفل على معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، وهي كافية لملاحظة الاتجاه العام.

من أجل تحليل قطاعات تجارية معينة، ينصح بمراجعة عدد من المصادر: مثلا، في البحث الذي أعده مركز بيرس للسلام ومركز التجارة الفلسطيني (بال تريد) تم اعتماد عدد من المصادر بما في ذلك دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية التي أوردت معطيات حول ميزان المدفوعات، ومكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني الذي نشر معطيات حول الميزان التجاري، ومعلومات حول تسوية قيمة الضريبة المضافة بين إسرائيل وفلسطين، القائمة منذ العام 1995 (مركز بيرس وبال تريد، 2006). سوف نلجأ إلى معطيات مركز بيرس-بال تريد عندما نتناول قطاعات تجارية معينة.

قبل عام 1967، كانت المناطق الفلسطينية تشكل جزءا من اقتصادين وطنيين منفردين: الأردن - بالنسبة للضفة الغربية - ومصر بالنسبة لقطاع غزة.

مع نهاية حرب 1967، حيث باتت إسرائيل تسيطر على كافة المخارج والمداخل، تم مزج الأراضي الفلسطينية في الاقتصاد الإسرائيلي، لتصبح معظم البضائع التي تصلها واردة من إسرائيل أو عبرها، ومعظم صادراتها تذهب إلى إسرائيل أو عبرها، ما جعل إسرائيل الشريك التجاري الأكبر للفلسطيين.

لقد باعت إسرائيل للفلسطينيين البضائع الصناعية، والمنتجات الزراعية، والإسمنت. زيادة على ذلك، أصبح الفلسطينيون معتمدين على إسرائيل في بعض البنى التحتية الحساسة، فقد أصبحت الشركات الإسرائيلية المزود الرئيسي للكهرباء، والوقود والغاز، والاتصالات العالمية، ولجزء كبير من المياه. كذلك الأمر بالنسبة للبضائع الأساسية مثل الطحين، والرز والسكر (ماس، 2000: 3).

كان الفلسطينيون يشترون قبل اندلاع الانتفاضة الأولى ما يعادل حوالي 10% من مجموع الصادرات الإسرائيلية وكانوا يشكلون سوقاً هي الثانية من ناحية الأهمية بعد السوق الأمريكية، (مركز بيريس وبال تريد، 2006: 27). منذ ذلك الوقت، كما يمكن أن نرى من خلال الجدول رقم 1 أدناه، أخذت السوق بالانخفاض، وبلغت في أوج الانتفاضة الثانية في العام 2002 حدا أدنى بواقع 3.8%. مع انخفاض حدة الانتفاضة الثانية ارتفعت الصادرات الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية قليلا لتبلغ 4.5% في عام 2007 - لكنها لم تعد إلى المستوى الذي كانت عليه في الثمانينيات.

يجب أن نذكر بأن الانتفاضة والعمليات التفجيرية في سنوات التسعينيات لم تكن السبب الوحيد لانخفاض الصادرات الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية. فثمة كذلك زيادة الصادرات الإسرائيلية عامة، وبضمنها صادرات صناعة الهايتك الثمينة التي لا تشكل المناطق الفلسطينية لها سوقا ذا وزن. ففيما زاد حجم الصادرات الإسرائيلية الإجمالي في العشرين سنة الماضية ما بين عام 1988 وعام 2007 بأكثر من خمسة أضعاف، من 11.3 مليار دولار أمريكي إلى 58.7 مليار دولار، فإن الصادرات الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية التي كانت تبلغ 0.8 مليار دولار في عام 1988، ارتفعت في عام 2007 إلى 2.6 مليار دولار فقط (انظر الجدول أدناه).

ثمة عامل إضافي ينبغي أخذه بالحسبأن يتمثل في أن انخفاض الصادرات الإسرائيلية في وقت المواجهة يعود من جملة الأسباب، إلى الانخفاض الحاد في القوة الشرائية للمجتمع الفلسطيني في مثل هذه الفترات.

في نفس الوقت، أصبحت إسرائيل الهدف الرئيسي للصادرات الفلسطينية. ففي سنوات التسعينيات ومطلع القرن الواحد والعشرين، كان يذهب ما يقارب 85% إلى 90% من مجموع الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل (الموسى والجعفري، 1995:جدول 2: مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني، 2006: 50).

ولكن في حين أن وزن الصادرات الإسرائيلية من مجموع المستورد إلى المناطق الفلسطينية مرتفع جدا، فإن وزن الصادرات الفلسطينية، من بين الواردات إلى إسرائيل منخفض جدا: كما يمكن أن نرى في الجدول رقم 2، خلال معظم الفترة التي تلت الانتفاضة الأولى ظل يتراوح حول نسبة أل-1% من مجموع الواردات الإسرائيلية، وارتفع إلى ما يقارب أل-1.65% في السنوات التي تلت اتفاقيات أوسلو، وانخفض مرة أخرى إلى ما دون 1% خلال فترة الانتفاضة الثانية. هذه الفروق كانت أيضا جلية من خلال قيمة المبالغ النقدية المتداولة بين البلدين، فقد بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى الفلسطينيين في عام 2007 على سبيل المثال حوالي 2.6 مليار دولاد بينما بلغت الصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل في نفس السنة 0.5 مليار دولاد فقط (الموسى والجعفري، 1995: جدول 2: مكتب الإحصاء المركزي الفلسطيني، 2006: 50)

الجدول رقم 1: التصدير الإسرائيلي من البضائع والخدمات إلى الفلسطينيين، 1988-2007

بملايين الدولارات الأمريكية:

النسبة المئوية للصادرات الإسرائيلية من البضائع والخدمات إلى الفلسطينيين من مجموع الصادرات الصادرات الإسرائيلية من البضائع والخدمات إلى السلطة الفلسطينية مجموع الصادرات الإسرائيلية من البضائع والخدمات* السنة
7.14% 808 11,318 1988
%6.13 728 11,867 1989
%7.27 946 13,013 1990
%9.25 1,209 13,071 1991
%9.29 1,398 15,047 1992
%7.33 1,209 16,501 1993
%5.71 1,053 18,453 1994
%7.88 1,664 21,110 1995
%8.15 1,846 22,647 1996
%7.83 1,954 24,946 1997
%7.42 1,993 26,856 1998
%6.88 2,068 30,072 1999
%5.22 1,974 37,809 2000
%4.16 1,402 33,680 2001
%3.81 1,200 31,483 2002
%4.64 1,594 34,352 2003
%4.88 2,030 41,609 2004
%5.16 2,334 45,236 2005
%4.37 2,251 51,477 2006
%4.51 2,646 58,698 2007
* باستثناء السفن، الطيارات والجواهر.

المصدر: Adva Center analysis of Israel Central Bureau of Statistics Time Series Data Bank

الجدول رقم 2. الاستيراد الإسرائيلي من البضائع والخدمات من فلسطين، 1988-2007
بملايين الدولارات الأمريكية

السنة مجموع الواردات الإسرائيلية من البضائع والخدمات* الواردات الإسرائيلية من البضائع والخدمات من فلسطين نسبة الواردات الإسرائيلية من البضائع والخدمات من فلسطين من مجموع الواردات
1988 13,344 161 1.21 %
1989 13,047 118 %0.90
1990 15,445 190 %1.23
1991 17,825 199 %1.12
1992 18,964 258 %1.36
1993 21,534 187 %0.88
1994 24,248 214 %0.88
1995 28,218 355 %1.26
1996 30,079 408 %1.36
1997 29,500 487 %1.65
1998 29,859 491 %1.65
1999 32,231 467 %1.45
2000 36,230 466 %1.28
2001 34,397 339 %0.99
2002 32,578 281 %0.86
2003 33,168 296 %0.89
2004 38,752 411 %1.06
2005 41,217 414 %1.00
2006 45,448 375 %0.83
2007 54,122 544 %1.01
* باستثناء السفن، الطيارات والجواهر.

المصدر: Adva Center analysis of Israel Central Bureau of Statistics Time Series Data Bank

تظهر الأرقام في الجدول رقم 1 بشكل واضح بأن نسبة لا بأس بها من رجال الأعمال الإسرائيليين يتمتعون بربح كبير نتيجة عزل الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال العسكري عن الأردنيين والمصريين من ناحية اقتصادية وإلحاقهم بالاقتصاد الإسرائيلي. يمكن تقسيم الأرباح التي يجنيها رجال الأعمال الإسرائيليين من تصدير البضائع إلى المناطق الفلسطينية المحتلة إلى فئتين.

الأولى والأهم تتعلق بالقرب الجغرافي للسوق الفلسطيني: فالتصدير إلى هذا السوق يكاد لا يحتاج إلى أي تكاليف للنقل عبر الجو أو البحر. فعلى هذا الصعيد ليست المناطق الفلسطينية سوى مقاطعة جديدة مجاورة قد تم ضمها.

ينبع النوع الآخر من الربح من كون التصدير إلى السلطة الفلسطينية لا يتطلب استثمارات كبيرة من رجال الأعمال الإسرائيليين: فالسوق الفلسطيني يستوعب في بعض الأحيان منتجات إسرائيلية منخفضة التقنية ومنخفضة القيمة التي قد يكون بيعها في السوق الإسرائيلي الميسور، أو السوق الأوروبي أكثر صعوبة.
ليس المصنعون الإسرائيليون الذين يصدرون منتجاتهم إلى السلطة الفلسطينية رجال الأعمال الإسرائيليين الوحيدين الذين يستفيدون من الاحتلال.

فثمة فئة أخرى تتمثل بالشركات المتعهدة التي تجني ربحا مباشرا من الاحتلال. المثال الأكثر وضوحا هو شركات البناء التي بنت المستوطنات الإسرائيلية، والقواعد العسكرية والطرق، علاوة على تلك التي تبني في الوقت الراهن الجدار العازل حول مناطق السلطة الفلسطينية. ومثال آخر هو شركات التصنيع، والتجارة وشركات الخدمات التي تعمل في المناطق الصناعية التي بنيت في المستوطنات الإسرائيلية.
لاحقا في هذا الفصل سوف نتناول أبرز الأمثلة للصادرات الإسرائيلية، ومن ثم، الشركات التي تعمل في داخل المستوطنات ومن حولها.

سوف نحاول في هذا الفصل أن نقيم مدى املاءمة بين المصالح المختلفة لرجال الأعمال واحتمال التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ما يؤدي إلى نوع من الفصل ما بين اقتصادي الدولتين. يحتل حل الدولتين المنفصلتين الحيّز الأهم على الأجندة الدبلوماسية، ويوصي الخبراء الاقتصاديون من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، الذين يبحثون في حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى اعتماد الفصل بين الاقتصادين (انظر أرنون وباميا، 2007، ومركز بيرس وبال تريد، 2006).

يمكن أن نقول حالا بأن السواد الأعظم من رجال الأعمال الإسرائيليين لا يعتبرون أن الأرباح التي يجنونها من تجارتهم مع السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر هي بالحجم الذي يشكل حافزا لهم لينظموا قواهم من أجل منع تسوية سياسية قد تنهي الوضع الاقتصادي القائم.

يبدو أن الأمر يعود لسببين، فبالنسبة للعديد من الإسرائيليين المصدرين، يشكل السوق الفلسطيني جزءا صغيرا فقط من إجمالي صادراتهم، إضافة إلى أنه وفقا لأكثر السيناريوهات ترجيحا بالنسبة لتطبيق حل الدولتين، لن تتبدل العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وفلسطين بالضرورة، وهي التي صيغت عنوة على مر 40 سنة من الاحتلال، بنمط آخر يختلف كليا. يبدو هذا صائبا بالأخص في مجال تزويد البنى التحتية، مثل الكهرباء والوقود (انظر على سبيل المثال، مركز بيرس للسلام وبال تريد، 2006، وأرنون وباميا، 2007).

ليس هذا فحسب: ففي حال وجود دولتين قوميتين منفصلتين موحدتين باتفاق تجارة حرة، سيجني المنتجون الإسرائيليون الربح ليس فقط جراء بقاء العديد من الظروف الحالية، بل ومن احتمال الوصول عن طريق الفلسطينيين إلى سوق أوسع بكثير في الدول العربية المجاورة، المنضوية في منطقة تجارية موحدة (انظر مركز بيرس للسلام وبال تريد، 2006).

أما بالنسبة للشركات التي تعمل بما نسميه اقتصاد المستوطنات فالوضع مختلف.

أ‌.الصادرات الإسرائيلية إلى فلسطين:

تشكل الكهرباء، والوقود والغاز اليوم حوالي 35% من مجموع الصادرات الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية. قبل اندلاع الانتفاضة الثانية كان حجم هذه الصادرات من مجموع الصادرات الإسرائيلية أقل بكثير- حيث بلغ 15% -في الفترة بين 1998 و2000، ولكن، الارتفاع الحاد بأسعار النفط ساعد على رفع النسبة إلى ما هي عليه اليوم (مركز بيرس وبال تريد، 2006،: 34-35). في نفس الوقت، فإن تقلص النشاط الاقتصادي وازدياد نسبة الفقر بين السكان الفلسطينيين خلال الانتفاضة سببا انخفاضا في استيراد السلع الاستهلاكية من إسرائيل (مركز بيرس وبال تريد ، 2006،: 35) وقد ساهم هذا أيضا في زيادة وزن الكهرباء، والوقود والغاز من مجموع الاستيراد الفلسطيني.

يعتمد الفلسطينيون في المواد الثلاثة المذكورة أعلاه، اعتمادا كليا تقريبا على إسرائيل والشركات الإسرائيلية، كما سنرى لاحقا.

الكهرباء:

المزود الأكبر للطاقة الكهربائية في إسرائيل هي شركة الكهرباء الإسرائيلية. في أعقاب الحرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية، أصبحت شركة الكهرباء الإسرائيلية المزود الأكبر للكهرباء في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أنها تزود 80% من الاستهلاك هناك (أرنون وباميا، 2007: 164).

يذهب 70% مما تزوده شركة الكهرباء الإسرائيلية في الضفة الغربية إلى شركة كهرباء القدس، التي توزعها مباشرة، على القدس الشرقية، ومن خلال حصص على 165 بلدة وقرية في الضفة الغربية، و30% إضافية تذهب مباشرة إلى 215 بلدة وقرية.
السلطات المحلية في البلدات والقرى مسؤولة عن جمع الرسوم. أما قطاع غزة فيتلقى الكهرباء من شركة الكهرباء الإسرائيلية ومن محطة توليد محلية للطاقة تعود ملكيتها إلى القطاع الخاص والتي يمكنها أن تزود حتى ثلثي الاحتياج المحلي (البنط الدولي، 2007 [أيار]: 14-15، 3).

كانت شركة الكهرباء الإسرائيلية تزود السلطة الفلسطينية والقدس الشرقية في العام 2006 بـ3097 كيلو واط، ما يعادل 6.7% من إجمالي إنتاج شركة الكهرباء الإسرائيلية (شركة الكهرباء الإسرائيلية، 2007: جدول 31أ).

هذه أرقام متدنية جدا، إذا أخذنا بالحسبان أن مجموع سكان السلطة الفلسطينية (يشمل القدس الشرقية) - الذي بلغ في عام 2006 حوالي 4 ملايين نسمة (مركز الإحصاء المركزي الفلسطيني 2006: 15) - يشكّل أكثر من 35% من إجمالي السكان الإسرائيليين والفلسطينيين معا. ثمة فجوة عميقة بين مستوى الاستهلاك الحقيقي للكهرباء القادمة إلى السلطة الفلسطينية من شركة الكهرباء الإسرائيلية، والمستوى المتوقع بناءا على حجم السكان، وهي تعود للمستوى المتدني للتطور الاقتصادي في المناطق الفلسطينية: إذ أن معظم الطاقة الكهربائية المزودة تذهب إلى قطاع الخدمات والاستهلاك المنزلي بسبب غياب النشاط الاقتصادي ذي الشأن (البنك الدولي، 2007 [أيار]: 2). إضافة إلى ذلك، فإن العديد من البلدات الفلسطينية ليست مربوطة بشبكة كهرباء أصلا.

بلغت مردودات شركة الكهرباء الإسرائيلية من بيع الكهرباء إلى السلطة الفلسطينية والقدس الشرقية في عام 2006 نسبة 5.6 % من مدخولها الكلي. قد يكون سبب الفرق ما بين حصة الفلسطينيين من إنتاج الكهرباء في شركة الكهرباء الإسرائيلية، البالغة 6.7%، ومردود شركة الكهرباء الإسرائيلية نتيجة لبيع هذه الحصة، البالغ 5.7 %- عائدا إلى أن شركة الكهرباء الإسرائيلية، طبقا لبياناتها، تبيع الكهرباء للفلسطينيين وفقا لأكثر التسعيرات تدنيا (شركة الكهرباء الإسرائيلية، 2007: جدول 50أ). أما المنشآت الصناعية فيبدو أنه يجبى منها ثلاثة أضعاف متوسط السعر المعتمَد في إسرائيل أو الأردن (أرنون وباميا، 2007: 169).

تؤكد المعطيات إذن، أن السوق الفلسطيني ليس إلا هامشيا في خارطة نشاط شركة الكهرباء الإسرائيلية. زيادة على هذا، لن يزيد استمرار الاحتلال الإسرائيلي من هذا الاستهلاك، خاصة إذا ما ظل مرافقا بالكبت المستمر لتطور الاقتصاد الفلسطيني.

وفي المقابل، فإن حل الدولتين يمنح أملا أكبر، إذ أنه من المرجح سيجلب معه تطورا اقتصاديا سريعا في فلسطين، مما يؤدي إلى ازدياد الطلب على الكهرباء. صحيح أن الفلسطينيين سيرغبون على الأغلب بزيادة طاقاتهم الإنتاجية الذاتية - على سبيل المثال، محطة توليد الكهرباء في غزة، وقد يرغبون بتنويع مصادر التوليد، معتمدين على شركات أردنية أو مصرية، يبدو واضحا بأن شركة الكهرباء الإسرائيلية ستقف بالمرصاد للاستفادة من التطور الفلسطيني، على الأقل خلال الفترة الأولى للانتقال. كما أنها ستربح من الانضمام، من خلال وساطة الفلسطينيين، إلى شبكة كهرباء إقليمية - التي ستفيد الفلسطينيين، وإسرائيل، ومصر والأردن، وربما دولا أخرى، من التجارة بالكهرباء، خاصة في وقت الأزمات أو ازدياد الطلب (أرنون وباميا، 2007: 173-174).

من المفارقة إذن، أن حل الدولتين قد يعود بالفائدة في المدى البعيد على شركة الكهرباء الإسرائيلية أكثر من الاحتلال وأكثر من الوضع الحالي، حيث لا يشكل السوق الفلسطيني سوى ملحق بالغ الصغر للسوق الإسرائيلي. منذ احتلال عام 1967 أصبحت شركة الكهرباء الإسرائيلية المزود الرئيسي للكهرباء بالنسبة للفلسطينيين، ومن هنا قد تشكل لاعبا مهما مستقبليا في الشرق الأوسط.

أما بالنسبة للوقت الحاضر فمن المهم أن نلاحظ أن الاحتلال العسكري يشكل جزءا لا يتجزأ من تشغيل سوق الكهرباء الذي تحتكره إسرائيل. ومن أبرز تجليات ذلك، أولا، تدمير جيش الدفاع الإسرائيلي لمحطة توليد الطاقة في غزة في حزيران من عام 2006، كرد فعل على اختطاف مقاتلين فلسطينيين من قطاع غزة الجندي الإسرائيلي غلعاد شليط. وثانيا، قرار الحكومة الإسرائيلية في أواخر العام 2007 وبدايات العام 2008 بتقليص تزويد الطاقة إلى قطاع غزة، كجزء من حملتها ضد حكومة حماس. يجعل القرار شركة الكهرباء الإسرائيلية، شاءت أم أبت، جزءًا من الأسلحة المستخدمة في المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية.

لذلك ليس من المفاجئ بأن يكون قادة حماس في قطاع غزة معنيين بالحصول على المزيد من الكهرباء التي يحتاجونها من مصر (حصلت غزة في آذار 2008 مثلا، على 17 ميغاواط من مصر، مقارنة ب-124 من إسرائيل). والمفارقة أن إسرائيل قد تكون معنية أيضا بهذه التسوية، حيث أنها قد تؤدي إلى إعادة ربط قطاع غزة بمصر، وفصله عن الضفة الغربية، وإضعاف السلطة الفلسطينية مقابل إسرائيل أكثر مما هي عليه اليوم (يِسساخروف وهَرئيل، هآرتس، 20 آذار، 2008).

ثمة تجلٍّ آخر للارتباط المعقد ما بين الجبروت العسكرية والأسواق الاقتصادية يتمثل في جباية شركة الكهرباء الإسرائيلية لاستحقاقاتها من المستهلكين الفلسطينيين. كما رأينا سابقا، تقوم شركة الكهرباء الإسرائيلية ببيع الكهرباء مباشرة إلى سلطات محلية فلسطينية والى شركة القدس للكهرباء التي توزع إلى القدس والسلطات المحلية. وتقوم السلطات المحلية بجمع الرسوم من السكان المحليين المستهلكين وتحولها إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية. غير أن الجباية تواجه صعوبات جمة تعود لأسباب عدة من بينها الفقر واسع الانتشار، بالأخص في مخيمات اللاجئين. مع هذا فإن مدخولات شركة الكهرباء الإسرائيلية ليست معرضة للخطر لأن وزارة المالية الإسرائيلية تسمح لشركة الكهرباء باستعادة جزء من الفواتير التي لم تدفع من خلال الضرائب التي تجمعها الحكومة الإسرائيلية عوضا عن السلطة الفلسطينية (البنك الدولي، 2007 [أيار:3] )، في عام 2005، بلغ هذا المبلغ حوالي 100 مليون دولار (البنك الدولي، أيار 2007 5).

أخيرا، فإن السياسة التي تنتهجها شركة الكهرباء تتأثر بشكل كبير من حقيقة كونها أولا وآخرا شركة إسرائيلية حكومية، وعليه فإن الأولوية في الخدمة تمنح للمستهلك الإسرائيلي. قد يتجلى هذا التفضيل من خلال الاستجابة البطيئة لطلب الفلسطينيين زيادة حصة الكهرباء المزودة لهم، أو بوجود التوتر المنخفض في خطوط نقل الكهرباء (أرنون وباميا، 2007: 166).

الوقود:

تعتمد السلطة الفلسطينية بشكل مطلق على تزويد الوقود من قبل إسرائيل. حتى محطة الطاقة في غزة، المزود الفلسطيني الرئيسي للكهرباء، تعتمد على الوقود الإسرائيلي من أجل تشغيلها. يزداد هذا الارتباط شدة بالنظر إلى أن الضفة الغربية وقطاع غزة خاليتان من أي مخازن للوقود، مما يؤجج الحاجة اليومية للوقود من الشركات الإسرائيلية (البنك الدولي، 2007 [أيار]: 12).

حتى سنة 1994، كان يتم تزويد الفلسطينيين بالوقود من قبل "باديسكو" وهي شركة كانت تعود ملكيتها إلى شركات الوقود الثلاث الكبرى في إسرائيل - باز، وديليك وصونول. في عام 1994، منحت السلطة الفلسطينية جديدة العهد عقد تزويد الوقود إلى شركة دور ألون حديثة العهد آنئذ. تم بناء 3 محطات نقل للوقود، واحدة في قطاع غزة واثنتين في الضفة الغربية. تقوم شركة الوقود الإسرائيلية بنقل منتجاتها إلى هذه المحطات، ومن هناك، تتولى هيئة البترول الفلسطينية التوزيع إلى المستهلكين الفلسطينيين (البنك الدولي، 2007 [أيار]: 12).

كانت شركة دور ألون المزود الوحيد من عام 1994 حتى عام 2006. منذ كانون الثاني 2007، تم تقسيم اتفاق التزويد بين دور ألون، التي احتفظت بقطاع غزة (حوالي 35% من مجموع الصادرات إلى السلطة الفلسطينية)، وشركة نفط باز، التي حصلت على السوق الأكبر في الضفة الغربية. شركة باز هي شركة الوقود الكبرى في إسرائيل، والرابحة في مناقصة بيع منشآت تكرير النفط في أشدود، التي تم خصخصتها مؤخرا.

في عام 2005، صدرت إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية منتجات نفطية بحجم يتراوح بين 650-700 مليون دولار، ما يمثل حوالي 26% من حجم الصادرات الإسرائيلية إلى السلطة الفلسطينية (مركز بيريس وبال تريد، 2006: 38-39).
بالنسبة لدور ألون، كان العمل مع السلطة الفلسطينية مهما جدا، إذ بلغ مجموع المبيعات لدى السلطة الفلسطينية في العام 2006 (عندما كانت دور ألون المزود الوحيد)، 2.15 مليار شيكل (حوالي 480 مليون دولار)، ما شكل حوالي 35% من مجمل مبيعات شركة دور ألون (دور ألون، 2006: 39). بعد أن أخذت شركة باز من شركة دور الحصة الكبرى من السوق الفلسطيني، أعلنت شركة دور ألون عن انخفاض حاد في المبيعات (دور ألون، 2006: ب-4). فيما بلغ حجم مدخولات شركة باز من السوق الفلسطيني حوالي 11% من مجموع المدخولات في عام 2007 - ما لا يمكن اعتباره طبعا حجما كبيرا (روم، غلوبس، 10 آب 2008)

ترى شركة باز للنفط، هي الأخرى، أهمية للعلاقة بالفلسطينيين: فقد أعلنت عن استعدادها لتخصيص حتى 30% من قدرة تكرير النفط في منشآتها في أشدود، التي خصخصتها مؤخرا الحكومة الإسرائيلية وباعتها إلى شركة باز للنفط، إذا ما طلبت ذلك السلطة الفلسطينية وحصلت على النفط الخام من الدول العربية، مثل هذا الترتيب سيفيد السلطة الفلسطينية إذ يخفض من سعر منتجات النفط والوقود (البنك الدولي، 2007 [أيار]: 70)، لكن سيشكل أيضا منفعة على المدى البعيد بالنسبة لشركة باز للنفط، حيث سيربطها بشكل مباشر مع مزودي النفط العرب.

في حال التوصل إلى حل الدولتين، يرجح أن يصبح سوق النفط الفلسطيني، الذي تحتكره حاليا دور ألون وشركة باز للنفط، أكثر تنافسا حتى من سوق الكهرباء.
على الرغم من الاحتكار الحالي الذي تتمتع به شركات الوقود الإسرائيلية، لا يبدو أن لهذه الشركات مصلحة على المدى البعيد في إبقاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، حيث أن حل الدولتين لن يؤدي حتما إلى فك ارتباط كلي للوضع القائم حاليا.

الاتصالات:

قبل اتفاقيات أوسلو، كانت الشركات الإسرائيلية تحتكر تزويد خدمات الهاتف الثابت والنقال، إضافة إلى خدمات الإنترنيت، في الضفة الغربية وقطاع غزة (لوكسنير، 2000). في عام 1995، منحت السلطة الفلسطينية شركة "بالتيل" وهي شركة فلسطينية خاصة، رخصة لتزويد كافة خدمات الاتصال (عين دور، غودمان وولكوت، 2000).

وقد منحت شركة "بالتيل" احتكارا لمدة 10 سنوات على خدمات الخط الثابت، انتهت مدته في العام 2007، واحتكارا لمدة خمس سنوات على خدمات الهاتف الخليوي، انتهت مدته في 2004 (لوكسنير، 2000).

في عام 2007، تم منح رخصة إضافية لشركة فلسطينية أخرى - الوطنية، بينما بقيت "بالتيل" المزود الوحيد لخدمات الخط الثابت (البنك الدولي، 2008: 3-2).
تقوم شركتا الوطنية وبالتيل بتقديم الخدمات في المنطقة "أ"، الخاضعة لمسؤولية السلطة الفلسطينية المدنية والعسكرية الكاملة، والمنطقة "ب" حيث للسلطة الفلسطينية سيطرة مدنية فقط. أما في المنطقة "ج"، التي تشمل غالبية المناطق الفلسطينية (إضافة إلى غالبية المستوطنات الإسرائيلية)، فيتم تزويد خدمات الاتصال من قبل مشغلين إسرائيليين، ولا يسمح للمشغلين الفلسطينيين بوضع هوائيات هناك. ولأن المنطقة "ج" تمتد في كافة أنحاء المناطق الفلسطينية، فإن تغطية المشغلين الإسرائيليين تصل معظم الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك المدن الفلسطينية الكبيرة، ما حوّل المشغلين الإسرائيليين إلى منافسين غير قانونيين للمشغلين الفلسطينيين. ويقدر حجم حصة الشركات الإسرائيلية من سوق الخطوط الفلسطينية الخليوية ما بين 20% و45% (البنك الدولي، 2008 : 6). حيث أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين - حوالي 90% - تستعمل هواتف خليوية مع بطاقات ذكية (SIM) مسبقة الدفع (زيف، هآرتس، 13 أيار، 2008)، يحرص المشغلون الإسرائيليون على وجود مثل هذه البطاقات في متناول اليد في البلدات والقرى الفلسطينية.
لم نتمكن من العثور على أي معطيات حول حجم مدخولات المشغلين الإسرائيليين من الزبائن الفلسطينيين. ولكن، بما أن معظم الفلسطينيين لا يشترون الاشتراكات الشهرية ويفضلون بطاقات الهاتف ذات التكلفة الأقل، وبما أن استهلاكهم هو في حدود ثلث استهلاك الإسرائيليين (زيف، هآرتس، 13 أيار، 2008)، يشير إلى أن هذا المدخول لا يمكن أن يكون مرتفعا جدا. مع ذلك، فمن وجهة النظر الفلسطينية، الخسارة كبيرة: إذ نتيجة ذلك، على سبيل المثال، تخسر السلطة الفلسطينية ما يقارب الـ60 مليون دولار من مدخول الضرائب السنوية لعدم تمكنها من فرض الضريبة على المشغلين الإسرائيليين (البنك الدولي، 2008 : 2). وهكذا، تحصل إسرائيل على مدخول إضافي، إذ أن المكالمات الدولية من وإلى فلسطين تمر عبر إسرائيل، علاوة على أن الاتصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة يستخدم البنية التحتية الإسرائيلية (البنك الدولي، 2008 : 3). زيادة على ذلك، يجبر المشغلون الفلسطينوين على شراء الهواتف الخليوية من شركة إسرائيلية، لأن جيش الدفاع الإسرائيلي لا يسمح لهم باستيراد أجهزة خاصة بهم (زيف، هآرتس، 13 أيار، 2008).

الإسمنت:

إسرائيل هي المزود الأهم للإسمنت إلى السلطة الفلسطينية. المنتج الرئيسي للإسمنت في إسرائيل هي شركة نيشر، التابعة لمجموعة "كْلال"، وهي إحدى أكبر الشركات المالكة في إسرائيل. تقوم نيشر بتزويد ما بين 70% إلى 90% من الطلب في إسرائيل (نيشر، 2006: 15)، والباقي يتم استيراده. في عام 1994، وقعت شركة نيشر على اتفاق مع شركة تسويق فلسطينية التي تشتري الإسمنت وتوزعه في السوق الفلسطيني (تيكفا، 2005: 7).

تولي شركة نيشر السوق الفلسطيني اعتماما خاصا ففي ذروة الانتفاضة الثانية، شكل ما مجموعه 19% من مبيعات نيشر. في عام 2003 وعام 2004، مع انخفاض حدة الانتفاضة، ارتفع هذا الرقم ليصل إلى 26% و28% على التوالي، (نيشر، 2006 : 15). في الواقع، تدرك نيشر أهمية الزبائن الفلسطينيين: فقد جاء في تقريرها الفصلي الأخير، الذي نشر في عام 2006، أن من شأن تغيّر الظروف السياسية تغيير السوق الفلسطيني. ويضيف التقرير أن حل الدولتين لن يؤدي إلى فقدان هذا السوق، رغم أن هذا قد يحتاج إلى زيادة الاستثمار في التسويق (نيشر: 15).

إن ثقة نيشر من أن زوال الاحتلال الإسرائيلي عن المناطق الفلسطينية لن يؤدي إلى خسارة تامة للسوق الفلسطيني يبدو مدعوما بشكل جيد، حيث أن إنتاج الإسمنت يحتاج إلى استثمارات ومعدات تخزين ضخمة. لكن، قد تواجه نيشر المنافسة من الدول العربية، لكن تكاليف النقل ستكون على الأرجح في صالح نيشر.

الزراعة:

يتركز التصدير إلى السلطة الفلسطينية في مجالات الكهرباء، والوقود والإسمنت بأيدي مجموعة ضئيلة من الأيادي: شركة الكهرباء الإسرائيلية، شركة نيشر للإسمنت، دور ألون وباز للنفط. أما في مجال الزراعة، فالمنتجون كثار.

حتى الانتفاضة الثانية، كانت إسرائيل تصدر إلى المناطق الفلسطينية حوالي ربع صادراتها الزراعية، التي كانت الفواكه تحتل القسم الأكبر منها. فالمناطق الفلسطينية، وبالأخص قطاع غزة، يشكلان منطقتي التسويق الأكثر أهمية بالنسبة للفاكهة الإسرائيلية، حيث تحتل حجم 20% من مجموع إنتاج الفاكهة في إسرائيل. العديد من مزارعي الفاكهة في إسرائيل قاموا بتعديل قدرتهم الإنتاجية وفقا للسوق في غزة، نتيجة لذلك، عندما تكون خطوط التصدير إلى المناطق الفلسطينية مغلقة، يواجه السوق الإسرائيلي فيضا من البضائع بأسعار متدنية. وقد وصف وزير الزراعة الإسرائيلي، شالوم سمحون هذه الإغلاقات بدراماتيكية حين صرح في شهر نيسان من عام 2008، معلقا على الحصار الذي فرض قطاع غزة الخاضع لسيطرة حماس بأن "الزراعة الإسرائيلية تعتمد على التصدير إلى غزة" (غرينبريغ، هآرتس، 2 نيسان 2008). أسفر الضغط الذي مارسه سمحون، ممثلا المصالح الزراعية الإسرائيلية، عن فتح الأبواب على قطاع غزة، على نقيض كامل لسياسة وزارة الدفاع وجيش الدفاع الإسرائيلي (غرينبريغ، هآرتس، 2 نيسان 2008). بالمقابل، فإن تصدير الخضروات هامشي، حوالي 1% من مجموع الإنتاج (مركز بيرس وبال تريد، 2006 : 47)

لكن المصالح الزراعية الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية تتعدى مسألة بيع المنتجات الزراعية إلى السلطة الفلسطينية. حيث تقوم إسرائيل ببيع الفلسطينيين المعدات الزراعية والبذور، والنباتات والمخصبات. كما، أن المصدر الرئيسي للبضائع الزراعية في إسرائيل "أغرِكسكو"، يحتكر تصدير قطاع غزة إلى أوروبا لبعض أكثر المنتجات الفلسطينية ربحًا، كالتوت الأرضي.

عدا عن المصالح في بعض قطاعات الزراعة الإسرائيلية، يتيح الاحتلال المستمر للمناطق الفلسطينية لإسرائيل التلاعب بالزراعة الفلسطينية، إذ أن "الزراعة في المناطق الفلسطينية تشهد نموًا في أحسن الأحوال، لكنها لا تنافس التخطيط الزراعي الإسرائيلي" (غازيت، 1985: 251. انظر أيضا كاهن، 1987 : 70). هذا يعني، في الواقع، عدم تشجيع السلطات الإسرائيلية للفلسطينيين على زراعة الفواكه أو الخضروات التي يقوم الإسرائيليون بزراعتها. إضافة إلى ذلك، بينما تتمتع البضائع الإسرائيلية بحرية الدخول والحركة في السوق الفلسطيني، فإن المصدرين الفلسطينيين إلى السوق الإسرائيلي مقيدون (منظمة الغذاء والزراعة الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، 2007: 12). وعليه، فإن مصالح الزراعة الإسرائيلية سوف تتكبد الخسارة من حل الدولتين، إلا إذا عمل الطرفإن بمجهود مشترك لوضع خطة تسمح بتقدم وتحسين الزراعة الفلسطينية، لا سيما عبر إنشاء نظام مستقل لاتخاذ القرارات، وفي نفس الوقت وضع خطة عمل بمشاركة إسرائيلية (انظر أرنون وباميا، 2007 : 47-55). أما في قطاع غزة، فيبدو أن إسرائيل سوف تستمر بدورها كمزود حتى بعد إحراز الاستقلال الفلسطيني الفعلي، لأنه مع ازدياد الطلب على السكن والصناعة، سوف تتقلص المناطق الزراعية مقارنة لما هي عليه في الوقت الحاضر (غرينبرغ، هآرتس، 2 نيسان 2008).

هناك خسارة إسرائيلية محتملة أخرى تتعلق بالسيطرة على موارد المياه، التي كانت منذ العام 1967 بشكل حصري بيد الإسرائيليين. تستهلك الزراعة الفلسطينية حوالي 60% من مجموع استهلاك المياه في الضفة الغربية وقطاع غزة (منظمة الغذاء والزراعة الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، 2007: 6). لقد لعبت السيطرة الإسرائيلية دورا مهما وسلبيا في تطور الزراعة الفلسطينية - بينما سمحت في نفس الوقت للزراعة الإسرائيلية بالاستفادة من حصة وافرة من المياه.

صناعة الغذاء:

لا يزود الإنتاج المحلي الفلسطيني ما يكفي من السلع الغذائية للسكان المحليين، ولذلك، فإن الاستيراد مهم جدا (منظمة الغذاء والزراعة الأوروبية التابعة للأمم المتحدة، 2007: 2). تشكل إسرائيل المصدر الرئيسي لاستيراد السلع الغذائية.

يكمن الوجه الآخر للعملة في أن التصدير إلى السلطة الفلسطينية كان على مدار وقت طويل جزءا مهما من مجموع تصدير المنتجات الغذائية الإسرائيلية. وفقا لاستبيان أجري في عام 2005، فإن 81% من شركات الغذاء الإسرائيلية كانت حتى الانتفاضة الثانية ناشطة في السوق الفلسطيني. بعض شركات الغذاء الكبيرة صرحت بأن السوق الفلسطيني كان يغطي ما يتراوح بين 10% حتى 30% من مبيعاتها قبل الانتفاضة (مركز بيريس وبال تريد، 2006: 60). ولكن، الصادرات الغذائية تشهد انحدارا مستمرا منذ اندلاع الانتفاضة الأولى، فيما أسفرت الانتفاضة الثانية عن توقف نشاط بعض هذه الشركات في مناطق السلطة الفلسطينية. ولكن انخفاض حدة الانتفاضة الثانية، جعل 69% من الشركات الإسرائيلية التي كانت تسوق في السلطة الفلسطينية من قبل، تستأنف نشاطها هناك (مركز بيريس وبال تريد، 2006: 60).

تنقسم الصادرات الغذائية، كما هو الوضع في الصادرات الزراعية، بين مجموعة كبيرة من المنتجين الإسرائيليين. لا توجد معلومات متوفرة عن الصادرات من قبل شركات فردية.

بالنسبة لجزء كبير من صناعة الغذاء الإسرائيلية، فإن التصدير إلى مناطق السلطة الفلسطينية يشكل جزءا مهما من إنتاجها. هؤلاء المنتجون سيخسرون نتيجة لحل الدولتين، حيث يتوقع أن يدخل المنتجون الفلسطينيون إلى هذه المناطق، بعد أن تتخلى الدولتان عن اتفاق الضرائب الموحد وتقيمان منظومة أخرى، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه الخطوط الإنتاجية مبنية على تقنيات منخفضة وقوى عاملة رخيصة.

ب‌.الشركات الإسرائيلية التي تستفيد مباشرة من الاحتلال الإسرائيلي

بناء مباني السكن:

يرجح أن شركات البناء التي تبني المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية هي الشركات صاحبة المصلحة المباشرة من استمرار الاحتلال الإسرائيلي. والسبب الرئيسي لذلك طبعا، هو أن المستوطنات ما كانت لتبنى لولا قدرة إسرائيل على الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية، والسماح للبنائين في البناء والسماح للمواطنين من إسرائيل بالانتقال من داخل الخط الأخضر والاستيطان في البيوت الجديدة، واستخدام جيش الدفاع الإسرائيلي لتزويد الحماية المطلوبة للمستوطنات.

مع هذا، فإذا تناولنا القضية من وجهة نظر اقتصادية بحتة، لا يبدو الربح الاقتصادي واضحا تماما، فعائلات المستوطنين بحاجة إلى إسكان حتى لو لم يكن هناك احتلال، الفرق هو أن البيوت ستكون في داخل مناطق الحدود كما كانت قبل 1967. باختصار، العديد من العمران المتعلق بالمستوطنات كان سيحدث حتى بدون الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة على الأراضي الفلسطينية.

مع ذلك، يصبح التحليل الاقتصادي ذا علاقة، لأن البناء في المستوطنات كان وما زال يحدد ليس فقط وفقا للعوامل الاقتصادية البحتة التي تعتمد قاعدة العرض والطلب، لكن أيضا طبقا للأجندة السياسية للأحزاب المختلفة التي تسيطر على زمام الأمور في الدولة. ففي التسعينيات، دفعت الحكومة اليمينية بقيادة يتسحاق شمير (وبالأحرى، وزير الإسكان في حكومته أرييل شارون) وبنيامين نتنياهو نحو توسيع رقعة الاستيطان، بينما ارتأت حكومة المركز برئاسة يتسحاق رابين أن تقيد من حجمه. يظهر الجدول التالي التوجهات بشكل واضح: ففي عام 1991 وعام 1992، خلال فترة حكم شمير، شكل البناء في المستوطنات الإسرائيلية 9.1% و13.4% على التوالي من مجموع البناء للإسكان في إسرائيل. خلال فترة رابين، انخفضت الأرقام إلى 3%. من ثم، في ظل حكومة نتنياهو، ارتفعت نسبة البناء في المستوطنات في عام 1998 إلى 9.9%. لم تتغير الأمور بعد استلام إيهود باراك زمام الحكم من نتنياهو، برغم أن باراك أتى من نفس حزب رابين- حزب العمل. في الواقع، فإن عدد البيوت الجديدة التي بنيت في عهد حكومة باراك ، كان الأعلى منذ فترة شمير.

شارك العديد من شركات البناء الإسرائيلية على مدار السنوات في بناء المستوطنات. لا تتوفر المعلومات، بالنسبة لكل شركة وشركة، حول عدد الوحدات السكنية التي بنتها، أو مجموع الاستثمار، والمردود والربح الذي جنته. كما أنه من الصعب الفصل بين شركات البناء الإسرائيلية الكبيرة، التي كانت وما زالت تبني في المستوطنات وبالنسبة لها هذا البناء هو مجرد جزء من نشاطها العام، وبين الشركات الصغيرة التي يمثل بناء المستوطنات بالنسبة لها، فرصة استثنائية للربح رغم المخاطر الأمنية المحفوفة به.

في نهاية 2007، بدأ العمل بأحد أكبر المشاريع الإسكانية في ضاحية تابعة لموديعين عيليت. لقد بنيت ضاحية متتياهو مزراح على الجانب الفلسطيني للخط الأخضر، على أراضٍ تابعة لقرية بلعين الفلسطينية. المشروع، الذي لم يحصل أبدا على موافقة ملائمة من سلطات التخطيط الإسرائيلية، جذب الانتباه العام، فقد تحول المكان إلى ساحة للمواجهة المواصلة بين القرويين الفلسطينيين ومن يدعمهم من الإسرائيليين، من ناحية وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي من الناحية الأخرى. الشركتان الرئيسيتان اللتين أقامتا ضاحية متتياهو مزراح هما دانيا سيبوس وحفتسيبا.

تعمل دانيا سيبوس في بناء مشروع "المتنزه الأخضر" في ضاحية متتياهو مزراح. يمتلك الشركة ليف لفايف وشايَع بويملغرين وهي تابعة للشركة الأم آفريقا-يسرائيل للاستثمارات الخاضعة لليف لفايف. تبني شركة دانيا سيبوس في إسرائيل، وروسيا وكندا. ليف لفايف هو أحد أغنى رجال الأعمال في إسرائيل: فهو مؤسس ومالك شركة آفريقا-يسرائيل، وهي شركة ضالعة في العديد من المشاريع في أنحاء العالم، بدءًا بتجارة الجواهر في إفريقيا وحتى مشاريع العقارات في أوروبا الشرقية. كما أن شركة آفريقا-يسرائيل هي شريك رئيسي في شركة ديرخ يسرائيل، الشركة التي تبني الطريق السريع عابر إسرائيل الممتد من الشمال إلى الجنوب. وكان ليفايف يعتبر في مرحلة معينة أغنى أغنياء إسرائيل (Nfc.co.il، نشر بتاريخ 5 ايار 2007).
أما حفتسيبا، الضالعة في بناء مشروع "نحلات حفتسيبا"، فتابعة لعائلة يونا المقدسية، وكانت مدرجة في العام 2006 في مقياس دَن آند برادْستريت "دَنْز 100".

يشغل الأب مُردُخاي يونا، رئيس الشركة، منصب الرئيس الفخري لاتحاد المقاولين الإسرائيليين والبنائين. تبني حفتسيبا خلف الخط الأخضر ليس في ضاحية مزراحي متاتياهو فحسب لكن أيضا في معلي أدوميم، إضافة إلى هار حوما (جبل أبو غنيم) في مناطق فلسطينية تم ضمها إلى القدس. أعلن مؤخرا عن إفلاس شركة حفتسيبا وقام رئيسها بوعز يونا بالفرار إلى خارج إسرائيل تاركا خلفه المئات من العائلات الإسرائيلية بدون الشقق التي دفعوا ثمنها.

يجب أن نلاحظ بأن شركات البناء الكبيرة، شأنها شأن الشركات الصغيرة، تربح من كون العمل الفعلي اليدوي كان وما زال يتم من قبل العمال الفلسطينيين، الذين يتلقون أجرا بخسا قياسا بالعمال الإسرائيليين، بل وأقل من العمال الفلسطينيين الذين يعملون في داخل إسرائيل.

جدول 3: بدايات بناء وحدات السكن في داخل إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية، البناء العام والبناء الخاص. 1990-2006

السنة بدايات البناء في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية بدايات البناء الإسكاني في المستوطنات الإسرائيلية نسبة بدايات البناء الإسكاني في المستوطنات من مجموع بدايات البناء
1990 42,380 1,870 4.4 %
1991 85,510 7,750 9.1 %
1992 46,030 6,180 13.4 %
1993 35,800 2,240 6.3 %
1994 43,620 1,320 3.0 %
1995 68,900 2,520 3.7 %
1996 55,940 1,680 3.0 %
1997 52,030 2,280 4.4 %
1998 43,911 4,350 9.9 %
1999 38,950 3,147 8.1 %
2000 45,809 4,754 10.4 %
2001 32,034 1,691 5.3 %
2002 33,290 1,560 4.7 %
2003 31,531 2,056 6.5 %
2004 29,784 2,016 6.8 %
2005 31,346 1,891 6.0 %
2006 30,229 1,520 5.0 %
Israel Central Bureau of Statistics, Construction in Israel, various yearsالمصدر: .

بناء الطرق:

يمكن النظر إلى بناء الطرق على أنها مسألة إضافية ومتعلقة ببناء الوحدات السكنية. عندما نتحدث عن بناء الطرق فإننا نتحدث عن الطرق التي تربط المستوطنات الإسرائيلية الواحدة بالأخرى، من جهة، وبإسرائيل من جهة أخرى.

مع أن المساحة الكلية للضفة الغربية صغيرة ومساحتها مليئة بالتلال وتحتوي على عدد قليل من الطرق الرئيسية، إلا أن المستوطنات موزعة بشكل كبير. حتى بداية الانتفاضة الأولى، كان المستوطنون الإسرائيليون يستعملون في معظم الأحيان الطرق الموجودة القائمة، التي شقتها سلطات الانتداب البريطاني والأردن، وتخدم السكان الفلسطينيين أيضا. لم يستثمر الحاكم العسكري الإسرائيلي الكثير في تحسين أو توسيع شبكة الطرق القائمة. بعد اندلاع الانتفاضة الأولى، عندما بدأ الفلسطينيون بمهاجمة المركبات الإسرائيلية، ضغط المستوطنون من أجل بناء طرق تلتف على البلدات الفلسطينية. توقيع معاهدات أوسلو، الذي قسم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق حكم، حيث تخضع المنطقة "أ" لسيطرة فلسطينية كاملة، والمنطقة "ج" لسيطرة إسرائيلية كاملة، والمنطقة "ب" تحت لمسؤولية مشتركة، زاد من الضغط من أجل بناء طرق التفافية، حيث أسرعت الحكومة الإسرائيلية لبناء مجموعة جديدة من الطرق التي تحيد عن المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية (إلدار وزِرتال، 2004 : 398-399). في عام 1995، بعد العام الأول من التوقيع على معادة أوسلو، بلغ حجم الطرق المبنية حديثا في المناطق المحتلة 102 كيلومتر، ما يشكل 21.3% من مجموع بناء الطرق الجديدة التي شرع في شقها في تلك السنة في كل إسرائيل (سويرسكي، كانور-آتياس وشورتز، 2006 : 58). في عام 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية، ارتفع حجم بناء الطرق مرة أخرى، ليبلغ 18% من مجموع الطرق المبنية حديثا، حيث حاولت الحكومة الإسرائيلية أن تزود المستوطنين بطرق آمنة (سويرسكي، كانور-اتياس وشورتز، 2006 : 58). يقتصر استعمال العديد من الطرق الحديثة، سابقا وفي الوقت الراهن كذلك، على المستوطنين حصريا.

الجدار العازل:

منذ العام 2002، كان الجدار العازل هو مشروع البناء الفردي الأكبر في المناطق الفلسطينية المحتلة.

في الواقع، فإن الجدار يعد أكبر مشروع بنية تحتية في إسرائيل. تقدر الكلفة الكلية للمشروع بما يقارب 13 مليار شيكل جديد (3.3 ملياردولار) (بروديت، 2007 : 15). يهدف هذا المشروع، الذي صادقت الحكومة الإسرائيلية عليه في حزيران 2002، في ذروة الانتفاضة الثانية، إلى منع التنقل الحر نسبيا من فلسطين إلى إسرائيل، وبهذه الطريقة - إيقاف، أو التقليل على الأقل، من عبور الانتحاريين الفلسطينيين الى داخل إسرائيل. لقد أثار الجدار جدلا كثيرا. وتكمن نقطة الخلاف الأساسية في مسار الجدار: فالمسار الوحيد المقبول دوليا هو الخط الأخضر. ولو بني الجدار على هذا الخط، لكان بطول 313 كيلومترا. غير أن مسار الجدار رسم بحيث يضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات الإسرائيلية في الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي يعنى ضم أجزاء كبيرة - في حال تطبيق حل الدولتين - من الأراضي الفلسطينية بشكل فعلي إلى إسرائيل، بما فيهم سكانهم الفلسطينيين. يضاعف هذا الأمر طول الجدار ليبلغ ما يقارب 790 كيلومترا، مما يجعل المشروع أكثر ضخامة وأكثر كلفة. (أريلي وسْفارْد، 2008: 129).

عملية البناء وصيانة الجدار تتضمن مصالح اقتصادية كبيرة. وفقا للموقع الرسمي للمشروع، يتكون الجدار من جدار اسمنتي، وطرق لدوريات المراقبة على الجانبين، أسلاك شائكة، قناة على الجانب الفلسطيني، أبراج مراقبة ومعدات مراقبة إلكترونية. شارك في إقامة المشروع (حتى كانون الثاني 2007) 700 مقاول: حوالي 60 مكتب هندسة، 53 شركة بناء كبيرة، 5 شركات تسييج بالأسلاك، 11 شركة حراسة مدنية وحوالي 34 منتجا من شركات المراقبة والاتصالات.

يسمي موقع الإنترنيت الخاص بالجدار (www.securityfence.mod.gov.il) أسماء العديد من المقاولين.

الشركتان المسؤولتان عن معدات المراقبة هما شركة "إِلبيت للنظم" (بالتعاون مع الشركة الأمريكية ديتِكشِن)، وشركة "مَعْغال". إلبيت هي إحدى أكبر الشركات الإسرائيلية الخاصة في مجال نظم الدفاع الإلكترونية، فيما تصف معغال نفسها على أنها مصنع رائد في مجال أجهزة الحراسة الخارجية على مستوى العالم. (http://www.magal-ssl.com).

جل العمل في الجدار العازل كان عملا لفترة محدودة فقط. لكن بعض الشركات ستستمر في العمل، حيث أن الجدار والأجهزة الكهربائية الموصلة به تحتاج إلى التشغيل والصيانة الثابتين. ثمة مصدر دخل مستقبلي للشركات يتمثل في وضع القوى البشرية على بوابات الجدار، حيث ستنصب المعابر ما بين إسرائيل وفلسطين.

الأمن: سد الطرقات، المستوطنات، البوابات ونقاط العبور:

فرع آخر للمشروعات الاقتصادية الذي يستفيد من استمرار الاحتلال للمناطق الفلسطينية هو الأمن وخدمات الحراسة. حتى فترة غير بعيدة، كانت القوى البشرية التي تشغل حواجز الطرق في المناطق الفلسطينية ونقاط العبور بين فلسطين وإسرائيل خاضعة لجيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الشرطة فقط. في الآونة الأخيرة تجري عملية بطيئة من خصخصة هذه الوظائف.

وفقا لمراسل صحيفة هآرتس ميرون رابابورت (هآرتس، 28 أيلول 2007)، فقد تمت خصخصة خمسة معابر في الضفة الغربية، ويخطط لخصخصة عدة نقاط عبور أخرى في القدس ونقلها لشركات حراسة خاصة، حتى منتصف عام 2008. لقد شوهدت "موديعن مزراحي"، إحدى كبريات شركات الحراسة في إسرائيل، تعمل في نقاط عبور في منطقة القدس.

المناطق الصناعية في المستوطنات:

يتمثل أحد تجليات الاحتلال التي لا يسمع عنها الجمهور في إسرائيل كثيرا، وكم بالحري الجمهور من خارج إسرائيل، بالنشاطات الاقتصادية الإسرائيلية في المناطق الصناعية المقامة في المستوطنات الإسرائيلية داخل المناطق الفلسطينية .

(لمشاهدة قائمة بأسماء بعد هذه المشاريع ادخل موقع http://www.whoprofits.org).

في بداية عام 2003، كان هناك 17 منطقة صناعية كهذه (تسابان، 2003: 27). معظمها كانت قد بنيت في التسعينيات، بمساعدة وزارة الصناعة والتجارة والتشغيل الإسرائيلية. وفقا لمنظمة بتسيلم، بلغ الاستثمار الحكومي الأولي في كل من هذه المناطق الصناعية حوالي 20 مليون شيكل (بتسيلم، 2002: 63). وقد أجرى تسابان حسابا بين بأنه خلال الخمس سنوات ما بين 1997 وعام 2001، خصص للمناطق الصناعية السبع عشرة حوالي ربع مليون شيكل - 22% من مجموع المخصصات الحكومية للمناطق الصناعية (تسابان، 2003: 27).

معظم هذه المناطق الصناعية صغير الحجم، لكن بعضها كبير بما يكفي لتشغيل آلاف العمال. المنطقتان الصناعيتين الكبريان هما، أولا، منطقة بَرقان، الواقعة بالقرب من مستوطنة برقان، غربي المدينة الفلسطينية نابلس، قرب أكبر تجمع استيطاني إسرائيلي - آريئيل. تحيط بمنطقة برقان الصناعية والمنطقة الصناعية آريئيل، المجاورة والأصغر حجما، بعض المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على أراضي فلسطين والتي يعتقد الكثيرون بأنها ستعطى إلى إسرائيل، بدل أراضٍ إسرائيلية في مكان آخر، حينما يتم تطبيق حل الدولتين.

المنطقة الصناعية الكبيرة الأخرى هي أدوميم، الواقعة بالقرب من معاليه أدوميم، إحدى أكبر التجمعات السكنية الاستيطانية في الضفة الغربية، شرقي القدس.

يمكننا أن نستشف لمحة عن النشاط الاقتصادي الجاري في المناطق الصناعية من خلال التقرير السنوي الذي أصدرته سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية في العام 2006.

اشتمل هذا التقرير، لأول مرة على معلومات عن كافة الشركات الإسرائيلية بموجب تقسيم إداري.

كان الهدف من هذا التحليل مساعدة تقييم تأثير حرب لبنان الثانية في العام 2006 على النشاط الاقتصادي في منطقة الشمال في إسرائيل، القريبة إلى الحدود مع لبنان.

يتطرق التقرير لحسن الحظ الضفة الغربية كإحدى المناطق التي يورد البيانات حولها، مستثنيا قطاع غزة.

المعلومات المقدمة تتناول السنوات 1999-2003. برغم أن المعلومات تتحدث عن كافة الشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها تلك غير الموجودة في المناطق الصناعية، يمكن أن نكون متيقنين بأن المناطق الصناعية تحتل معظم النشاط الاقتصادي.

وفقا للمعطيات المعروضة في تقرير سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، في عام 2003 كان هناك 1414 شركة إسرائيلية تعمل في الضفة الغربية. هذا الرقم مكون من 1.3% من كافة الشركات الإسرائيلية المسجلة في سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 174).

يجري هذا في وقت كان يشكل فيه الإسرائيليون المقيمون في الضفة الغربية 3.3% من السكان الإسرائيليين (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 174).

في عام 1999 بلغ عدد الشركات 1170، ما يعني بأن الفترة بين 1999 وسنة 2003 شهدت زيادة بنسبة 21% في عدد الشركات الإسرائيلية في داخل الضفة الغربية (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 177)، ما يمثل معدل زيادة أعلى من نظيره لعموم إسرائيل -14% (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 177).

عندما ننظر إلى عدد الشركات من خلال حجم القوى العاملة، فان عدد الشركات العاملة في الضفة الغربية يمثل أقل نسبة كثافة عمل من بين كافة مقاطعات إسرائيل (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 177).

ويعود الفرق الظاهر إلى كون العديد من المستوطنين يعتمدون في معيشتهم على وظائف في داخل إسرائيل، وليس في المستوطنات نفسها.

إذا عاينّا مجالات نشاط هذه الشركات، تظهر أرقام ضريبة الدخل أن نسبة شركات الصناعة والتجارة والبناء في الضفة الغربية، كانت أكبر من المعدل الإسرائيلي، بينما نسبة الشركات في المجال المالي وخدمات المصالح كانت أقل من المعدل الإسرائيلي (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 184).

إذا نظرنا تحديدا على الشركات الصناعية (في عام 2003، 220 من بين 1414 شركة)، تظهر أرقام ضريبة الدخل بأنه في الضفة الغربية، نسبة الشركات في التقنيات العالية والتقنيات العالية المتوسطة (17%) كانت أقل من المعدل في إسرائيل ككل (25%)، بينما نسبة الشركات في التقنيات المتوسطة والتقنيات المنخفضة (83%) كانت أعلى من المعدل في إسرائيل (75%). نسبة شركات التقنيات العالية-8% كانت الأقل من بين كافة ألوية إسرائيل، باستثناء لواء الجنوب (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 185).

الشركات الإسرائيلية التي تعمل في الضفة الغربية ليست مربحة بشكل خاص: فإذا نظرنا إلى الشركات التي قدمت تقاريرا تفيد بالربح (قبل دفع الرواتب)، يتبين أن معدل ومتوسط أرباح الشركات الإسرائيلية في الضفة الغربية كانت الأقل من بين كافة ألوية إسرائيل (وهي الشمال، حيفا، المركز، تل أبيب والجنوب، سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 195، 197، 198).

وفي المقابل، كان معدل ومتوسط الرواتب في الضفة الغربية أقل منه في أي لواء إسرائيلي آخر (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 202)

مزايا الاقتصاد الاستيطاني:

لا شك أن إن المشروعات الاقتصادية الإسرائيلية العاملة خارج هذه المناطق الصناعية في الضفة الغربية هي من أكبر المستفيدين من الاحتلال الإسرائيلي. إذا أنها لن تخسر فقط كثيرا جراء إنهاء الاحتلال، فبعضها سيخسر حتما كل شيء.

فالاحتلال يمنحهم ميزتين لا تتمتع بهما المشروعات الاقتصادية داخل الخط الأخضر: فهي تشغل أيدي فلسطينية عاملة بظروف استغلال شديد، ثانيا، على مدار سنوات عدة بالكاد كانت تدفع الضرائب إلى سلطات الضريبة الإسرائيلية.

يعود هذا بالأخص لكون مشروع الاستيطان بشكل عام واقتصاد الاستيطان بشكل خاص، يعملان ضمن ما يمكن أن نصفه بشريعة "الغرب المتوحش" القانوني.

هناك أسباب عدة لهذا الوضع، من بينها وجود نظم قانونية متعددة تعمل في نفس الوقت في المناطق الفلسطينية المحتلة. فمن ناحية، سمح الإسرائيليون للفلسطينيين بالتوجه إلى المحاكم الإسرائيلية، بما في ذلك محكمة العدل العليا، في قضايا تتعلق بأعمال اقترفها الحاكم العسكري، مثل مصادرة الأراضي أو تأشيرات الدخول للفلسطينيين الراغبين بإعادة لم الشمل مع أقاربهم في المناطق المحتلة.

وقد قدمت إسرائيل هذا الأمر على أنه مكرمة منها تتعدى ما يقتضيه القانون الدولي. أما منتقدو هذا الإجراء فقد أشاروا إلى أنه ينطوي على ضم فعلي قانوني للمناطق الفلسطينية، مما يحول كل المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط إلى منطقة نفوذ قانوني واحد.

يجب أن نذكر بأن المنافع العائدة على الفلسطينيين من هذا الضم مشكوك فيها، إذ أن معظم التماساتهم تلقى الرفض (إلدار وزيرتال، 2004: 451-452).

أما بالنسبة للقانون المدني والجنائي، فإن النظام القانوني في المناطق المحتلة ذو شقين: إذ يخضع الفلسطينيون لمحاكم محلية تحكم وفقا للقانون الأردني (وفي قطاع غزة، حتى 2005، وفقا للقانون المصري) ولمحاكم عسكرية تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي تحكم وفقا لقوانين وأحكام وضعها الحاكم العسكري. وعليه، لا يتمتع العمال الفلسطينيون العاملون لدى المستوطنين الإسرائيليين، بأي حماية من قبل قوانين العمل الإسرائيلية المتقدمة. فيما يخضع المستوطنون الإسرائيليون، من حيث المبدأ، للقانون الإسرائيلي والقانون العسكري. أما على أرض الواقع، فقد كانوا دائما يمثلون أمام المحاكم الإسرائيلية ويقاضون وفقا للقانون الإسرائيلي (إلدار وزيرتال، 2004: 481-482). انظر أيضا تقرير بتسيلم، 2002: 55، محكمة العدل العليا، 5666/03، 10 تشرين الأول، 2007، روبنشتاين ومِدينا، 1996: 1881).

عودة إلى العمال الفلسطينيين في الاقتصاد الاستيطاني. تختلف الأرقام عن العمال الفلسطينيين العاملين في المناطق الصناعية. وتتأثر هذه الأرقام بالمواجهات العنيفة المتفرقة في المنطقة، كما تتأثر بالمد والجزر في الأعمال الاقتصادية نفسها، وبإمكانيات العمل المتاحة أمام الفلسطينيين أنفسهم، بما في ذلك العمل في داخل الخط الأخضر في إسرائيل.

وفقا للكولونيل باروخ بيرسكي من وزارة الدفاع الإسرائيلية، عمل ما يقارب العشرين ألف فلسطيني في 2007 في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

كانوا يعملون كعمال في خط تجميع في المناطق الصناعية وكذلك في أعمال البناء (كنيست، 3 تموز، 2007). هذه الأرقام تشير بشكل مبدئي، إلى العمال المسجلين في الإدارة المدنية التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي. (على الأغلب، كان هناك العديدون غيرهم يعملون بدون تسجيل، خاصة في المزارع الإسرائيلية التابعة للمستوطنين الإسرائيليين في غور الأردن).

تتمتع إسرائيل بنظام حماية متطور نسبيا لحقوق العمال. نقطة الضعف في هذه التشريعات هي ضعف التطبيق، لأسباب عدة من بينها، ضعف نقابة العمال (الهستدروت) والتي كانت في الماضي نقابة ذات أنياب. مع هذا، حتى عندما كانت الهستدروت في أوج عظمتها، فإنها فشلت في بسط حمايتها على الفلسطينيين الذين كانوا يعملون داخل الخط الأخضر.

في المقابل، يعاني الفلسطينيون العاملون في المستوطنات من وضع أضعف بكثير. ما هو وضعهم القانوني؟ هل يجب، على سبيل المثال، أن يكونوا محميين من قبل قانون الحد الأدنى للأجور المطبق في إسرائيل؟ وفقا لخط كاف لعوفيد، وهي منظمة إسرائيلية للدفاع عن العمال وترصد انتهاك حقوقهم داخل الخط الأخضر سوية بالمستوطنات - أصدر الحاكم العسكري في عام 1982 أمرا ببسط القانون الإسرائيلي حول الحد الأدنى من الأجور على المناطق المحتلة. مع ذلك، فقد صرح ممثل عن وزارة الدفاع الإسرائيلية في تموز 2007، في جلسة استماع عقدت في للكنيست، أن هذا الأمر يطبق على مناطق المستوطنات الإسرائيلية فقط.

أما بخصوص الفلسطينيين الذين يعملون خارج المستوطنات، مثلا في محطات الوقود أو الكسارات، فقد أعلن المندوب بأن الحاكم العسكري بصدد تعميم التوجيهات لتشمل كافة الفلسطينيين العاملين لدى إسرائيليين في المناطق المحتلة (الكنيست الإسرائيلي، 3 تموز، 2006: 6).

حكمت محكمة العدل العليا في إسرائيل مؤخرا، في تاريخ 10 تشرين الأول من عام 2007- بعد أربعة عقود من احتلال إسرائيل للضفة الغربية- بأن العمال الفلسطينيين المشغلين لدى إسرائيليين في المناطق المحتلة يستحقون الحد الأدنى من الأجور والشروط الاجتماعية المتبعة في إسرائيل (محكمة العدل العليا، 5666/03).

لا شك بأن قرار محكمة العدل العليا هو خطوة مهمة نحو الأمام، مع هذا فإن التطبيق كان وما زال مشكلة كبيرة. فقد تبين خلال جلسة الاستماع في الكنيست المذكورة سابقا، أن أرباب العمل الإسرائيليين في المناطق الصناعية التابعة للمستوطنات، ينكرون أن قانون الحد الأدنى للأجور ينص على حد أدنى لبدل ساعة العمل إلى جانب الحد الأدنى للراتب الشهري. وقد تمخض عن هذا أن العديد من العمال كانوا يتلقون أجرا شهريا بقيمة الحد الأدنى مقابل 186 ساعة عمل رغم أنهم كانوا يعملون في الواقع مدة 200 ساعة أو أكثر من ذلك حتى.

وقد اعترف ممثل وزارة الدفاع بأنه لم يكن ضليعا بتفاصيل القانون (الكنيست الإسرائيلي، 3 تموز، 2007: 15).

لا يحرم العمال الفلسطينيون من الحد الأدنى من الأجور فحسب، بل أيضا لا يمنحون الإجازات المرضية، والعطل وسواها من الحقوق الأساسية (رابابورت، هآرتس، 14 أيار 2007). زيادة على ذلك، لا يتم شملهم بتأمين حوادث العمل (سيناي، هآرتس، 3 تموز، 2007).

عندما قام عمال فلسطينيون يعملون في محجر في المنطقة الصناعية معليه أدوميم بتنظيم أول مظاهرة لعمال فلسطينيين يعملون في داخل المستوطنات الإسرائيلية- مطالبين بالحقوق الاجتماعية وأن يدفع لهم ما يستحقونه من مال تأخر دفعه، قام المشغل من طرف عائلة يونا المذكورة سابقا والتي تبني في عدد من المستوطنات، بمصادرة تصاريح العمل الخاصة بالعمال، مما يمنعهم من العبور عن طريق حواجز التفتيش ونقاط العبور التابعة للجيش الإسرائيلي وبهذه الطريقة يمنعونهم من العودة إلى المحجر ثانية والمطالبة بحقوقهم (رابابورت، هآرتس، 21 نيسان، 2008).

لم تكن المشروعات الاقتصادية وحدها وراء الالتفاف على القوانين الإسرائيلية الخاصة بالعمل، بل والسلطات البلدية العاملة في المستوطنات التي تستغل الازدواجية القانونية المتاحة لها: الاعتماد على القانون الإسرائيلي حينا وعلى القانون الأردني حينا آخر، وفقا لما يحقق مصالحها بأفضل شكل. ونذكر هنا قضية أصدر فيها قرار من المحكمة في تاريخ 13 كانون الأول من عام 2007، ضد بلدية أريئيل: حيث طالبت سلطات بلدية أريئيل، من خلال المحكمة، بأن تعيد لها سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية مبالغ دفعت كضريبة عن قسائم الأجور للعمال الفلسطينيين المشغلين من قبل بلدية أريئيل بين السنوات 1994 وسنة 1998.

فقد ادعت بلدية أريئيل بأنها قامت بدفع هذه الضرائب من باب الخطأ وبأن قوانين ضريبة الدخل الإسرائيلية تطبق فقط على مدخول يكتسب، أو ينتج أو يستلم في داخل إسرائيل. إلا أن المحكمة رفضت الادعاء (مجلس محلي أريئيل ضد مكتب الضريبة الإسرائيلية في بيتاح تكفا).

جدير بأن نلاحظ، بأنه حتى عام 1999، كانت سلطة الضريبة تعفي مشغلي الفلسطينيين من دفع الضريبة من خلال قسيمة المعاش (مجلس محلي أريئيل ضد مكتب الضريبة الإسرائيلية في بيتاح تكفا). ما يعني على أقل تقدير بأنه على مدار معظم سنوات الاحتلال الإسرائيلي، لم يكن العمال الفلسطينيون الذين عملوا لدى مشغلين إسرائيليين في المناطق المحتلة يتمتعون بحماية مظلة قوانين العمل الإسرائيلية.

تنبع الميزة العظيمة الثانية التي يمتع بها أرباب العمل الإسرائيليون العاملون في المناطق الفلسطينية من الإعفاءات الضريبية.

فعلى امتداد فترة طويلة، بعيد بدء الاستيطان الإسرائيلي في المناطق الفلسطينية، لم يكن أصحاب المشروعات الاقتصادية الإسرائيلية هناك يدفعون الضرائب أيا كانت.

جاء في تقرير مراقب الدولة لعام 1985 بأنه حتى العام 1983، لم يتوجه ضابط الضرائب التابع للحاكم العسكري إلى المشروعات الاقتصادية الإسرائيلية العاملة في المناطق المحتلة. أما منذ العام 1983، فقد قامت 18 شركة فقط من بين 180، كانت تعمل حينها في المنطقة، بتقديم تقارير مالية إلى ضابط الضريبة التابع لإدارة الحكم المدني في المناطق المحتلة. فيما لم تحتفظ معظم الأعمال بسجلات ضريبية أو لم تقدم أبدا أي تقرير إلى الضريبة في إسرائيل.

كما رأينا سابقا، كانت قوانين ضريبة الدخل على امتداد معظم الفترة منذ العام 1967، تطبق فقط على الدخل الذي ينتج أو يعمل أو يستلم في إسرائيل. ولكن القانون الذي سن منذ العام 1978 سمح لسلطات ضريبة الدخل الإسرائيلية بجباية الضريبة من أفراد إسرائيليين أو شركات إسرائيلية تعيش أو تعمل في المناطق المحتلة (بعد خصم قيمة الضريبة المدفوعة إلى ضابط الضريبة الملحق بالحاكم العسكري).

بكلمات أخرى، يبدو أن كلا الطرفين، ضابط الضريبة التابع للحاكم العسكري، وسلطات الضريبة الإسرائيلية، كانا يغمضان أعينهما على ما تكسبه الشركات الإسرائيلية في المناطق المحتلة (تقرير مراقب الدولة في إسرائيل، 1990: 857).

ابتداءا من العام 2002 فقط، أوضحت سلطات الضريبة بأن مدخول المواطن الإسرائيلي المكتسب في المناطق المحتلة ملزم بالضريبة كما لو أنه ربح أو جني في داخل إسرائيل (أمر ضريبة الدخل الإسرائيلية، تصحيح 132، 2002).

كان هذا التصحيح جزءا من إصلاح أكبر لنظام الضرائب في إسرائيل، وكان أحد أهداف الإصلاح هو تغطية نشاطات رجال الأعمال الإسرائيليين في عملهم خارج حدود الدولة.

بلغ مجموع الضريبة التي تمت جبايتها من الشركات الإسرائيلية العاملة في المناطق المحتلة ما بين العام 1982 والعام 1985، مبلغا زهيدا بواقع 6 مليون شيكل.

مع ذلك، لم يتخذ ضابط الضريبة أي خطوات لمعاقبة المشروعات الاقتصادية التي لم تقدم تقريرا ماليا أو لم تدفع الضرائب (تقرير مراقب الدولة، 1985: 1222-1235).

لم تشهد السنوات الخمس التالية تحسنا كبيرا في جباية الضرائب، فوفقا لتقرير مراقب الدولة من تلك السنة يتبين بأنه من بين 386 مشروعا اقتصاديا إسرائيليا كانت تعمل في المناطق الفلسطينية في العام 1990، 25 فقط أرسلت تقارير مالية عن العام 1987، و5 فقط قدمت تقاريرا حتى الآن عن السنوات 1987 و1989 (مراقب الدولة في إسرائيل، 1990: 857).

فقط خلال سنوات التسعينيات، مع إقامة المناطق الصناعية بدعم من الحكومة الإسرائيلية، وبعد فرض الكنيست والحاكم العسكري نظم القوانين الإسرائيلية على المناطق الإسرائيلية والإفراد الإسرائيليين في داخل المناطق المحتلة، تم ترويض "الغرب المتوحش" الاقتصادي. وكما أوردنا أعلاه، وفقا لتقرير عن العام 2003 الصادر عن سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، ثمة ما يقارب 1400 مشروع اقتصادي إسرائيلي تعمل في الضفة الغربية.

ومع ذلك، لا تزال قيمة الضريبة المدفوعة أقل مما تدفعه المشروعات الاقتصادية في داخل الخط الأخضر. تعتمد الحكومات الإسرائيلية منذ عدة سنوات، معاملة خاصة لمناطق معينة وسلطات محلية معينة على امتداد البلاد.

وتغيرت مناطق التفضيل الوطني على مدار السنوات، إذ كانت حكومات حزب العمل تخصص بالتفضيل الكيبوتسات والموشافيم (البلدات التعاونية)، فيما كانت حكومات حزب الليكود تولي المستوطنات الاهتمام الأكبر.

مع ذلك، فقد تم شمل معظم المستوطنات في القائمة، بغض النظر عن الحزب الذي يتولى سدة الحكم. إدراج اسم سلطة محلية ما يمنحها العديد من التفضيلات، مثل التخفيض في قيمة الضريبة المحلية (الأرنونا) والضريبة الوطنية.

وقد قام رئيس بلدية مستوطنة أريئيل بالتفاخر بقيمة الضريبة المحلية المنخفضة التي تدفعها المشروعات الاقتصادية والمصانع التي تعمل من خلال المنطقة الصناعية أريئيل، حين قال: هم يدفعون 41 شيكل لكل مربع، أما المشروعات العاملة في بلدة "روش هعاين"، الواقعة داخل الخط الأخضر، على مسافة سفر 10 دقائق بالسيارة باتجاه الغرب، فتدفع مبلغ 87 شيكل للمتر المربع (غولدشتاين، موقع واينيت (ynet)، 24 كانون الأول).

يعطينا التقرير السنوي لسلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية معلومات شاملة عن جباية الضرائب من الشركات العاملة في المناطق الإسرائيلية في داخل الضفة الغربية.

نرى هنا أنه بالرغم من أن هذه كانت تشكل نسبة 1.3% من الشركات الإسرائيلية، فإن مساهمتها في إجمالي الضرائب بلغ 0.4% فقط (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 2004 واتصال شخصي من سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية 24 كانون الأول، 2007).

وفقا للتفسير الذي تسوقه سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، يعود هذا الفرق إلى كون الشركات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية، مثل العديد من الشركات العاملة في مناطق الريف في داخل إسرائيل والخط الأخضر، تتمتع بإعفاءات ضريبية (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية: 176). في عام 2003، بلغ معدل الديون الضريبية للشركات الإسرائيلية العاملة في الضفة الغربية مبلغ 46 ألف شيكل جديد - ما يعادل 21% فقط من معدل الديون الضريبية للشركات العاملة في لواء تل-أبيب (سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، 2006: 204).

مستقبل الاقتصاد الاستيطاني:

هل يشكل الاقتصاد الذي نما حول المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة عقبة في وجه السلام؟

لا نعرف الأبعاد الكاملة لمثل هذا الاقتصاد. فالدائرة المركزية للإحصاء في إسرائيل لا تنشر إحصائيات حول الناتج القومي تتناول كل لواء على حدة، لذلك نحن لا نعرف حجم الاقتصاد الاستيطاني بالضبط.

لكن بالرغم من هذا، واعتمادا على أرقام تنشرها سلطة ضريبة الدخل الإسرائيلية، يمكن أن نقول بكل ثقة بأن الاقتصاد الاستيطاني ليس بالحجم الكبير.

فخلافا لمعظم الشركات الاستعمارية، لم تزدهر المستوطنات في المناطق الفلسطينية حول موارد محلية فريدة من نوعها أو ثروة نباتية أو حتى حيوانية، بل يكمن الاعتماد الاقتصادي للمستوطنين على إسرائيل، أي على سوق العمل الإسرائيلي. فأكثر من ثلث الذكور العاملين، الذين كانوا يسكنون في المستوطنات في العام 2006، كانوا يعملون في داخل الخط الأخضر ويسافرون يوميا من بيوتهم في المستوطنات إلى مراكز المدن الكبيرة - القدس ومنطقة الساحل.

لقد كانت هذه النسبة أعلى مما هو في مناطق إسرائيلية أخرى، باستثناء منطقة تل-أبيب، حيث يعمل العديد من سكانها في الألوية الرئيسية المجاورة (الدائرة المركزية للإحصاء، مسح القوى العاملة 2006: الجدول 2: 38). على النقيض من المستوطنين في قطاع غزة (الذين تم إخلاؤهم بقرار أحادي الجانب في عام 2005)، الذي كانوا قد طوروا صناعة زراعية محلية ذات قيمة تعتمد على منتجات الدفيئات، فإن معظم مستوطني الضفة الغربية لم يطوروا اقتصادا محليا.

الاستثناء الوحيد هو غور الأردن، حيث نجحت بعض المستوطنات المتفرقة من تطوير منتجات زراعية خاصة.

معظم المناطق الصناعية المبنية في المستوطنات صغيرة الحجم نسبيا، ومعظم المشروعات الاقتصادية الصناعية والتجارية التي تعمل فيها هي صغيرة أيضا. معظم العاملين هناك هم من الفلسطينيين، وليسوا من الإسرائيليين.

إذن، لا يبدو أن الاقتصاد الاستيطاني يشكل عقبة اقتصادية كبيرة في وجه اتفاق إسرائيلي فلسطيني لإنهاء النزاع.

تملك أكثر المشروعات الاقتصادية نجاحا العاملة في المناطق الصناعية فروعا داخل الخط الأخضر، ما يتيح لها بتصدير منتجاتها إلى خارج البلاد بالرغم من أنها تنتج في المستوطنات، دون أن تعرض نفسها لخطر المقاطعة الدولية أو فروض ضريبية أعلى.

أسوة بما جرى في قطاع غزة، سوف يسفر إخلاء المناطق الصناعية في المستوطنات عن العديد من الضحايا ومن بينهم عمال فلسطينيون أيضا - وقد رأينا أن عددهم حوالي 20000. مع ذلك، قد يستفيدون أيضا، على الأقل بشكل غير مباشر، إذا تم تسليم البنية التحتية للمناطق الصناعية إلى السلطة الفلسطينية - كما تم في الدفيئات الزراعية في قطاع غزة.

مستقبل الروابط الاقتصادية بين الإسرائيليين والفلسطينيين:
.
أظهر استعراضنا للقوى الإسرائيلية المختلفة الضالعة في التجارة الفلسطينية مدى غلغلة السيطرة الإسرائيلية. فباستثناء الصناعات عالية التقنية والخدمات، تقيم كافة الفروع الأخرى من الاقتصاد الإسرائيلي علاقة تجارية مع الفلسطينيين.

مع ذلك، فإن هذه العلاقة بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي ككل، متواضعة نوعا ما وبعيدة عن أن تكون علاقة مفصلية أو غير قابلة للفصل.

زيادة على ذلك، يشهد السوق الفلسطيني انخفاضا مستمرا من حيث أهميته النسبية منذ اندلاع الانتفاضة الأولى.

فمنذ العام 2000، لم تتعد الصادرات إلى السلطة الفلسطينية واقع 3-4% من مجموع الصادرات الإسرائيلية.

لقد جعل تنامي الصناعات عالية التقنية وفرع الخدمات الفروع الرائدة في الاقتصاد الإسرائيلي أقل اعتمادا على التجارة مع الفلسطينيين.

إذ فيما زادت الصادرات الإسرائيلية في العشرين سنة ما بين 1988 وعام 2007 أكثر من خمسة أضعاف، من 11.3 مليار دولار إلى 58.7 مليار دولار، فقد ارتفعت الصادرات الإسرائيلية إلى المناطق الفلسطينية، التي كانت بحجم 0.8 ملياردولار في العام 1988، إلى 2.6 مليار دولار فقط في عام 2007 (انظر الجدول 1 أعلاه).