ابو عمار في الذكرى 4 لرحيله: كان غذاؤه الحليب والعسل وشوربة الخضار والتفاح احب الفواكه اليه
نشر بتاريخ: 14/11/2008 ( آخر تحديث: 14/11/2008 الساعة: 09:20 )
الحلقة الرابعة:
رام الله - معا - الرسالات العظيمة تنتج أنبياءها والقضايا العظيمة تنتج إبطالها كان ياسر عرفات بطلا من إنتاج القضية العبقرية والمعقدة القضية الفلسطينية المثقلة بالحزن والنبل والفواجع وحجم العدالة والخذلان و كان أبو عمار من إنتاجها علي هيئة بطل أو زعيم علي هيئة رمز يشكل نوعا من الطمأنينة الشخصية لكل من يعرفه علي حده مثلما شكل الطمأنينة للشعب بأكمله.
لقد كان عرفات هو الفلسطيني الشامل للقضية الفلسطينية يحمل كافة خصائصها على مستوى تجربته الإنسانية و يه شئ من كل.. نموذج من نماذج المعاناة الفلسطينية ففيه معاناة المواطن، و معاناة اللاجئ، كان مقدسيا وغزاويا و ضفاويا وهو من فلسطيني المنفي خاض كل هذه التجارب بشكل عميق و ليس بشكل سطحيا.
تواصل "معا" في سلسلة حلقات بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل القائد الرمز والإنسان إلقاء الضوء على جوانب من سجايا وعادات الرجل لذي أحب الناس وأحبوه، حتى قضى شهيدا قبل ان يرى الحلم يتحقق، وذلك من خلال عدة لقاءات مع رفاق وأصدقاء الراحل الكبير.
يحب الهدايا :
كان الرئيس الراحل ابو عمار محبا للهدايا بشكل كبير، فكان يقدم الهدايا للآخرين، ويتلقى الكثير منها من كل محبيه ومؤيديه.
كان أبو عمار في هداياه يخص فلسطين وبهدف فلسطين، فكانت معظم الهدايا التي يقوم بتقديمها عبارة عن هدايا تدل على تراث فلسطين ومنها الصدف وخشب الزيتون المحفور عليه والمطرزات بأنواعها والتي كان يأتي بمعظم هذه الهدايا من مدينة بيت لحم، كان هدفه الوحيد من هذه الهدايا إيصال رسالة للعالم كله بأن فلسطين عربية، ولنشر تراثها والحفاظ عليه وعدم ضياعه.
أما الهدايا التي كان يتلقاها الرئيس فكانت ترمز الى شجاعة الرئيس وثباته، ومن هذه الهدايا التي كان يضعها على مكتبه كان هناك قبة الصخرة، حمامة السلام، تمثال المحارب الشجاع، الحصان، الصقر، فانوس يحمل الصليب، وغيره.
ومن بين الهدايا المؤثرة التي قد تلقاها الرئيس كانت عبارة عن رسالة من طفلة صغيرة أجنبية، قامت بكتابة رسالة للرئيس ابو عمار على قصاصة ورق صغيرة ومن ثم وضعتها في علبة فيلم كاميرا وقامت بتزينها من الخارج، كانت عبارة عن رسالة مؤثرة جدا ببساطتها وبحجم المعاني التي حملتها حب طفلة صغيرة.
أما خلال الحصار فقد قام جنود الاحتلال بسرقة معظم الهدايا التي كان الرئيس قد تلقاها من محبيه.
طعام وشرابه:
حافظ القائد الراحل خلال حياته على نوعية طعامه، فكان يتناول الطعام الصحي ولا يتناول أي طعام دسم، ويتسم بقلة الطعام، وكباقي الناس كان الرئيس يتناول ثلاث وجبات رئيسية وجبة الافطار عند الساعة الثامنه صباحا، وطعام الغداء بعد الظهر، والعشاء بعد انتهاء اجتماعاته.
لم يكن يتناول طعامه الا من المطبخ الرئيسي في المقاطعة، وتحت اشرافنا نحن، لم يكن يتناول الطعام من مطاعم خارجية.
فكان طعام الافطار عبارة عن كورن فلكس مع الحليب والعسل، وكان يرغب بالفطير المشلتت المصري ولم يكن يتناوله الا عند سفره الى هناك او أي شخص منا كان يحضر بعض هذه الفطائر معه.
وبما يخص طعام الغداء كان يتناول صحنا من شوربة الخضار، وصحن من الخضار المشوية او المسلوقة، وبعض القطع الصغيرة من صدر الدجاج او السمك، صنوبر مقلي.
وكنا نحضر له صحنا من الفواكه، كان يفضل التفاح والحمضيات منها، وكانت بين وجبة الغداء ووجبة العشاء، وكان يفضل شرب البابونج أيضا ولم يحب القهوة والشاي أي المنبهات، أو المشروبات الغازية والعصائر.
وعند انتهاء اجتماعاته كان يطلب العشاء والذي كان عبارة عن صحن شوربة خضار، نصف بيضة، وقليل من الخبز المحمص، والكزحة والعسل.
نصيب الرئيس خلال الحصار لم يكن يتجاوز في بعض الأحيان إلى نصف تفاحه، أو كأسا من الحليب، أو نصف كعب ماجي مذاب في كأس خلال اليوم الواحد، وكان رافضا بشدة أن يتناول من الطعام الذي أحضره المتضامنون الأجانب وكان يقول" لا يجب عليهم أن يتحملوا أعباء قضيتنا نحن من يجب تحملها فقط"، وكان حريصا ان يبقى هذا الطعام للمتضامنين.
أما نومه:
قلة النوم ما كان يتصف به رئيسنا الراحل، فكان يسهر حتى آذان الفجر، ويقوم بأداء الصلاة، ومن ثم يخلد الى النوم هذا ان استطاع النوم، وعند الساعة الثامنة كان القائد يكون قد استيقظ وجاهز لقضاء نهار جديد.
وكان ابو عمار يأخذ قيلولته بعد تناول طعام الغداء كل يوم ولمدة ساعة ونصف وان لم يستطيع النوم فقط كان يريح جسمه، ومن ثم يقوم بمتابعة اجتماعاته حتى ساعات متأخرة من الوقت.
وخلال سني الحصار، كان الرئيس ينام على فرشة على الأرض في المكتب واستمر على هذا الوضع 34 يوما متتاليا، فلم يكن لديه الكبرياء التي توجد لدى الزعماء الآخرين، فكان يتوضأ بالتيمم لقلة المياه.
ملابس الشهيد :
ثروة زعيم الشعب وممتلكاته من البدل والملابس لم تتجاوز عشر بدل عسكرية ، وكانت هذه البدل تفصل في مخيطة فضل ومحمد في شارع عمر المخطار في قطاع غزة، ولم نكن نفصل هذه البدل التي يبلغ عددها 10 بدل الا عند الحاجة.
وزعت هذه البدل بين منزل الرئيس في قطاع غزة وفي المقاطعة بالضفة الغربية، وكنا نقوم بتنظيف هذه البدل في محلات تنظيف الملابس ولم يكن هناك مكان معين نقوم بالتردد عليه لتنظيف بدل الرئيس، كان ذلك من أجل ضمان الأمن مع ان بدلة الرئيس أبو عمار معروفة لدى كل الناس، فكان العسكري يذهب للمغسلة ويبقى هناك حتى انتهاء غسل البدلة ويعود إلى المقاطعة.
أما عن باقي ملابسه الاخرى فلم يكن لديه سوى كبوت شتوي واحد، وجكيت واحد خفيف للاستعمال اليومي، وعقال واحد فقط، بجامة نوم واحدة، ونظارة واحدة كان يضعها في جيبته وأخرى في مكتبه للاحتياط، وملابس داخلية قليلة.
كانت حياته كرئيس مرتبطة بالسفر كثيرا، فكنا نصطحب نحن له معنا خلال السفر بدلتين للاستخدام اليومي وبدلة رسمية واحدة كان يستخدمها للزيارات الرسمية في الدول الخارجية، حتى لم يكن يمتلك الرئيس العطر حتى عند سفره للخارج، فكان مرافقوه يضعون له الروائح من أمتعتهم الخاصة،وعندما حوصر الرئيس في مقر المقاطعة برام الله لم يكن لديه سوى البدلتين التيين كان يرتديهما دائما، والبدلة الرسمية فقط.
وعندما تعرض رئيسنا للحصار في المقاطعة برام الله لم تكن لديه سوى هاتين البدلتين اللتين كان يحبهما كثيرا وكان يقول" انها تفصيل غزة" فمن 2001حتى 2004 لم يكن لديه سوى هاتين فكان يبدل بهما، ولكنهما تعرضا للاهتراء الشديد وبأماكن متعددة فيهما "كان حاله كعمر بن الخطاب يعيش حياة بسيطة" وكنت انا وبيدي أقوم بتخييط أماكن الاهتراء في ملابسه والتي لا استطيع ان احصيها، حتى الكلسات التي كان يرتديها هي أيضا تعرضت للاهتراء والترقيع.
وبقيت هذه البدل موجودة حاليا في غرفته التي حوصر بها مع أغراضه الشخصية، ننتظر حتى اقامة المتحف الخاص به، حيث ستقوم لجنة مختصة بفرز ما يمكن عرضه من أغراضه الشخصية والهدايا التي كان يتلقاها، ويحتمل ان يوضع حجر الاساس لهذا المتحف خلال اليومين القادمين، حيث سيقوم الرئيس ابو مازن بوضع حجر الاساس والذي سيقام بين الضريح وغرفته في مبنى المقاطعة برام الله.
عماد" كنا نتمنى لو أن الرئيس الراحل ابو عمار كانت له اية طلبات سوى الحاجيات الاساسية،-يا ريت كان يطلب أي شي - كان رجل بسيط جدا ومتواضع"