دراسة لباحثة فلسطيينة حول التحضر في قطاع غزة - رفح نموذجا
نشر بتاريخ: 18/11/2008 ( آخر تحديث: 18/11/2008 الساعة: 22:51 )
غزة- معا- اكدت باحثة فلسطينية، انه وخلال جيلٍ واحدٍ سيكون التحضر هو السمة الأساسية في العالم النامي، وانه وبحلول العام 2020 سيكون أكثر السكان في الحضر، وفي كل إقليم عدا جنوب آسيا وربما إفريقيا شبه الصحراوية، كما ستتحول الدول النامية في القرن القادم بصورة قوية من انتشار القرى الريفية إلى السُّكنة في المدن ويتصف هذا التحدي بتوجهين متميزين هما التحضر المتسارع وانتشار الفقر في المدن.
وقالت الباحثة ميادة احمد زعرب في دراسة لها بعنوان (التحضر في المدن الفلسطينية قطاع غزة دراسة ميدانية عن مدينة رفح) ونالت عليها درجة الماجستير من معهد البحوث التابع لجامعة الدول العربية ان تحضر في الدول النامية هو ليس ذلك التحضر الذي يسود الدول المتقدمة، والذي غالبا ما يكون تحضرًا متدرجًا وخاضعًا لتوجهات وتأثيرات ونسب من النمو المترادف مع الحاجات المطلوبة للأيدي العاملة، فالنمو الاقتصادي وتركز النشاطات الاقتصادية في الدول المتقدمة مرده إلى وجود حاجة لجذب الأيدي العاملة القادرة والماهرة على أداء تلك الأعمال والنشاطات. إذن هو يبحث في جانبه التنموي التكنيكي في سرعة وتطور الفعالية دون الإضرار بالمعايير الموضوعة لحصة الفرد من السكان أو من المهاجرين من الخدمات وغيرها.
أما بالنسبة للدول النامية فإن مسألة التحضر لم تكن بذلك التدرج، وإنما جاءت بشكل قفزات سريعة وذات إيقاع غير متناغم مع استيعاب المراكز الحضرية لتلك الهجمات السكانية المتلاحقة وذلك لارتباطها بدخول الاستعمار واستيلائه على الأراضي الزراعية الخصبة إضافةً إلى استعمال الميكنة وهجرة الفلاحين نحو المدن وظهور مدن كبرى أو عملاقة.
واضافت الباحثة زعرب ان الهدف الأساسي الذي تسعى إليه هذه الدراسة في تناول ظاهرة التحضر في مدينة رفح كإحدى مدن قطاع غزة بفلسطين في محاولة للوقوف على أهم ملامح هذه الظاهرة وعواملها ونمطها الخاص وأهم مشكلاتها.
فقد قامت الباحثة بملاحظة الأوضاع المعيشية، الاجتماعية والاقتصادية لأفراد مجتمع الدراسة ووصف هذه الأوضاع بشكلٍ موضوعي.
كما تتبعت الظروف التاريخية، السكانية، الاقتصادية والعمرانية عبر تاريخ قطاع غزة ومدينة رفح علي وجه التحديد.
وتتضمن الدراسة مقدمة وخاتمة وسبعة فصول حيث اشارت الباحثة في مقدمة الدراسة إلى ظاهرة التحضر التي تعد في الوقت الحاضر بحق من أهم معالم التغير الاجتماعي وتكاد تمثل الآن سمة متكررة في كل أقطار العالم وإن كانت أشد أثرًا وأبرز وضوحًا في المجتمعات النامية عنها في المجتمعات الأكثر تقدمًا ورقيًا.
وأما الفصل الأول فقد جاء بعنوان "علم الاجتماع الحضري وظاهرة التحضر تأصيل نظري لأهم المفاهيم " وفيه تناولت الباحثة موضوع علم الاجتماع الحضري ونشأته وتعريفه ثم انتقلت الباحثة إلى تناول ماهية ظاهرة التحضر وأهم المفاهيم المرتبطة بها مثل مفهوم الحضرية والنمو الحضري والنمو العمراني.
وجاء الفصل الثاني بعنوان " الاتجاهات النظرية المعاصرة لدراسة ظاهرة التحضر والحضرية " فقد تناولت فيه الباحثة أولا مفهوم التنمية الحضرية وعواملها, ثم انتقلت الباحثة إلى عرض الاتجاهات النظرية الرائدة والمفسرة لظاهرة التحضر والتنمية الحضرية, ثم انتقلت الباحثة إلى تناول أبرز الاتجاهات المعاصرة, وأنهت الباحثة هذا الفصل بذكر أهداف استراتيجية التنمية الحضرية.
أما الفصل الثالث فقد جاء بعنوان "عرض تصنيفي لبعض الدراسات والبحوث الميدانية التي أُجريت حول ظاهرة التحضر.
أما الفصل الرابع فجاء بعنوان " أثر التحولات الديموغرافية والصناعية والتجارية والسياسية في فلسطين على التحضر في قطاع غزة " فقد تناولت فيه الباحثة الأوضاع الديموغرافية وأثرها على التحضر في قطاع غزة، ثم انتقلت الباحثة إلى تناول أنماط المدن الفلسطينية ونشأة المدن في قطاع غزة وخصائص المجتمع الحضري في فلسطين.
الفصل الخامس فقد جاء بعنوان " التحضر وأنماط العمران الجديدة في المدن الفلسطينية لقطاع غزة " وفيه تناولت الباحثة أنماط العمران في قطاع غزة والتطور العمراني وأشكاله عبر تاريخ القطاع حتى وقتنا الحاضر، ثم انتقلت الباحثة لتناول أنماط الوحدات السكنية في قطاع غزة وعلاقة بعض نظريات التحضر بالبيئة العمرانية للقطاع، ثم أنهت الباحثة هذا الفصل بعرض للخدمات العامة المتوفرة في قطاع غزة.
أما الفصل السادس وهو بعنوان " النمط الخاص للتحضر في المدن الفلسطينية في قطاع غزة المخيمات نموذجًا " فقد خصصته الباحثة لتناول ذلك النمط الجديد للتحضر المتمثل في المخيمات؛ ولذلك تناولت الباحثة نشأة هذه المخيمات وعرض هذه المخيمات وحصرها في قطاع غزة، ثم انتقلت الباحثة لتناول أيكولوجية هذه المخيمات وظروف المعيشة فيها والاسواق داخلها.. ثم أنهت الباحثة الفصل بإبراز أهم مشكلات التحضر في مخيمات قطاع غزة.
أما الفصل السابع فجاء بعنوان " التحضر في مدينة رفح دراسة ميدانية " وفيه تناولت الباحثة أيكولوجية مدينة رفح. ثم تناولت أهم خصائص سكان مدينة رفح الاجتماعية وأصولهم، ثم انتقلت الباحثة لتناول الأنشطة الاقتصادية للسكان ومشكلات مدينة رفح كما يراها سكانها، ثم أنهت الباحثة الفصل بعرض وتحليل تصورات سكان مدينة رفح عن مدينتهم ومستقبلها.
وقد خلصت الدراسة التى اعدتها الباحثة ميادة زعرب الى عدة نتائج وفى مقدمتها
أن أنسب اتجاه نظري لدراسة ظاهرة التحضر هو دراسة واقع المدينة أولاً ثم تحديد اتجاه أو طريق منهجي واحد أو أكثر يتسق مع هذا الواقع ثانيًا.
وان هناك عوامل أساسية للتحضر عملت وتعمل لتحقيق نمط حضري في مدينة رفح ذات خصائص معينة ومن أهم هذه العوامل:
-العامل الديموغرافي:
والذي يتمثل في زيادة عدد السكان وانخفاض الوفيات والإقامة في الحضر والهجرة من الريف للحضر والكثافة السكانية العالية.
فمثلاً لقد بلغت الكثافة السكانية للأراضي الفلسطينية 651.2 فردًا / كيلو مترًا مربعًا في عام 2005. وبذلك تضع هذه الكثافة السكانية فلسطين في مرتبة قريبة من أعلى البلدان كثافة في العالم. وإذا زاد عدد السكان في فلسطين عن ذلك خلال السنوات الـ 15 التالية، فستبلغ كثافتها السكانية 900 شخصًا في 1 كيلو متر المربع لتتخطى كثافة السكان في بنغلاديش وهي 850 شخصًا في الكيلو متر المربع.
وحسب أخر تعداد سكاني في رفح عام 1997 فقد كان متوسط معدل النمو السكاني فيها 4.23 % وهي أعلى نسبة زيادة سكانية في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.
-العامل الاجتماعي والثقافي:
الذي يتمثل في انتشار التعليم وحجمه في مدينة رفح فعلى سبيل المثال اتضح من الدراسة الميدانية أن نسبة 33.8% من عينة الدراسة من أصحاب الشهادات الجامعي والتعليم العالي وأيضا 32.7 % من عينة الدراسة لم يقتصروا علي التعليم العالي وإنما التحقوا بالدراسات العليا بحصولهم علي درجات الماجستير والدكتوراه.
أما العوامل الأخرى مثل الصناعة والزراعة والتجارة فبالرغم من انتشار الكثير من الصناعات في رفح وعمل عدد غير قليل من السكان في الزراعة والتجارة وقطاع الخدمات إلا أن هذه العوامل غير مؤثرة في ظاهرة التحضر نظرًا للقصور الشديد في هذه القطاعات ومستواها غير المتطور.
كما ان هناك نمط خاص للتحضر في قطاع غزة ظهر نتيجة العامل السياسي والمشكلات السياسية في قطاع غزة وقد أدت هذه المشكلات إلى هجرات قسرية اضطر من خلالها السكان إلى النزوح عن موطنهم الأصلي فظهر نمط وفكرة وجود المخيمات لإسكان اللاجئين المُشَرَدِين.
وقالت ان مدينة رفح تتميز بالخصائص التالية:
ان مدينة رفح هي عبارة عن مجموعة من الأحياء العشوائية وشبه المخططة التي يسكنها أعدادًا كبيرة من السكان، وتفتقر هذه الأحياء ولاجئيها للحياة الكريمة.
ثانيًا: مدينة رفح هي مدينة حضرية لا يمكن القول بأنها تجارية أو صناعية أو خدمية.
انها مدينة سكنية في المقام الأول حيث يكثر بها السكان وتسود العلاقات غير المترابطة بين سكانها وقلة الأمن الاجتماعي وارتفاع معدلات الجريمة.
وعلى أساس هذا التصور فإن سكان مدينة رفح يتوقعون ويرون مستقبل مدينتهم في صورة أسوأ مما هي عليه الآن.
واشارت الى ان ظاهرة التحضر في مدينة رفح تترتب عليها مشكلات عديدة تتشكل وتتطور مع مرور الزمن وتتضح هذه المشكلات في أغلب مجالات الحياة ومنها
-مشكلات في المجال التعليمي:
مثل النقص في عدد المدارس وكثافة الفصول الدراسية وتعدد الفترات الدراسية وارتفاع نسبة التسرب في التعليم.
-مشكلات في المجال الصحي:
مثل عدم كفاية العيادات والمستشفيات وعدم توفر الكفاءات الطبية المتخصصة وعدم توفر الأدوية اللازمة.
-مشكلات في مجال المرور والطرق والمواصلات:
مثل وقوع الحوادث ونُدرَة وجود وحدات لشرطة المرور وندرة وجود الشوارع المسفلتة.
-مشكلات في مجال الكهرباء والإضاءة.
مثل انقطاع الكهرباء باستمرار وضعف التيار.
-مشكلات في مجال المياه:
مثل تلوث المياه وإهلاك شبكات المياه وتجاوز عمرها الافتراضي.
-مشكلات في مجال العمل والتجارة:
مثل عدم وجود فرص كافية للعمل وغلاء الأسعار.
والجدير بالذكر أن من أكثر الأسباب وراء هذه المشكلات هي زيادة عدد السكان.
وتقدمت الطالبة والباحثة ميادة احمد زعرب بالشكر الى الدكتور أحمد عبدالله زايد
و الدكتور ثروت اسحق والأستاذ الدكتور علي المكاوي .