السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز الميزان يشجب محاولة وزيرة الخارجية الإسرائيلي تبرير الحصار على قطاع غزة

نشر بتاريخ: 19/11/2008 ( آخر تحديث: 19/11/2008 الساعة: 18:08 )
غزة - معا قال مركز الميزان لحقوق الإنسان أن المفوض السامي لحقوق الإنسان دعت أمس إلى الإنهاء الفوري للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وتعقيبا على دعوتها أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً صحافياً عبرت فيه عن صدمة إسرائيل مما أسمته البيان المتحيز الذي صرحت به المفوض السامي لحقوق الإنسان.
و لذلك فان المركز شجب موقف وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي يحاول تسويغ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي بينما تستمر الحالة الإنسانية لمليون ونصف نسمة في قطاع غزة في التدهور بخطى متسارعة.

وجاء تصريح المفوض السامي لحقوق الإنسان بعد عدد من التقارير الخاصة بحقوق الإنسان والآثار الإنسانية للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، حيث إن إسرائيل تفرض هذا الحصار منذ سنوات عدة ولكنها شددته مؤخراً. هذا وتوقف دخول المواد الغذائية والمعدات الطبية والوقود على مر الأربعة عشر يوماً المنصرمة بقرار من وزير الدفاع الإسرائيلي حيث تُصور إسرائيل الحصار كرد فعل طبيعي على قذائف الهاون والهجمات الصاروخية على البلدات الإسرائيلية والمواقع العسكرية المتاخمة لقطاع غزة.

و أشار مركز الميزان لحقوق الإنسان في بيان وصل لوكالة معا انه يشعر ببالغ القلق جراء التدهور السريع للأوضاع الإنسانية، في الوقت الذي تشير الحقائق فيه على الأرض أن سياسة الحصار تشكل نهجاً يسيطر على السياسات الإسرائيلية تجاه قطاع منذ سنوات، حيث فُرض الحصار قبل أن تُطلق الصواريخ المحلية الصنع تجاه إسرائيل أو حتى يعرف الفلسطينيون تصنيعها. هذا بالإضافة إلى أن الحصار كان قائماً على مر الخمسة شهور الماضية حتى بعد الاتفاق على الهدنة بين فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل.

وقد ادعى المسئولون الإسرائيليون دائما وأكدوا أن سياسة الحصار تهدف إلى ممارسة الضغط على السكان لتحقيق مكاسب سياسية. وعلى مر السنوات الأربعة الماضية لم تنجح المواد التي سمحت إسرائيل بإدخالها إلى القطاع في تلبية المستوى الأدنى لاحتياجات السكان، وعليه فقد تسببت هذه السياسة في تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل متصاعد، ودمرت الاقتصاد والبنية التحتية. إن الآثار الإنسانية تنذر بالخطر حيث تتراوح نسبة البطالة من 35% إلى 40% فيما تبلغ نسبة الفقراء حوالي 80% من مجموع سكان القطاع، وتعطلت مجالات الصناعة والإعمار وتأثرت الزراعة تأثراً كبيراً.

واليوم يتسبب الحصار في نقص إمدادات الطاقة الكهربائية والوقود والمحروقات حتى أنه يؤثر تأثيرا كبيراً على قدرة السلطات المحلية على ضخ المياه إلى الأحياء السكنية. ويؤثر الحصار أيضا في قطاعي التعليم والصحة بأكثر من وجه. ويظل قطاع الصحة العامة مصدراً للقلق حيث تتقوض قدرة السلطات المحلية على التعامل مع مياه الصرف الصحي بسبب نقص الطاقة الكهربائية والمعدات اللازمة. وبالإضافة إلى ذلك فإن نقص الحبوب والكهرباء يوثر في عمل المخابز. إن الوضع على الأرض يزداد سوءاً كل لحظة والوكالات الإنسانية، ومن بينها الأونروا، علقت عملياتها بسبب الحصار في وقت سابق وبشكل متكرر.

و أوضح الميزان إن واقع المأساة الإنسانية السائد في غزة ليس نتيجة الظروف التي يتعذر تجنبها، بل على العكس، فهو العاقبة المباشرة للسياسات تتعمد تحقيق هذا الأثر والتسبب في معاناة أكبر لسكان غزة. والمخاوف الأمنية، التي تدعيها وزيرة خارجية دولة الاحتلال، لا يمكنها تبرير ازدراء القانون الدولي أو عدم احترامه.
ويشدد القانون الدولي الإنساني على أن إسرائيل ملزمة بضمان أن تتوافق تصرفات قواتها مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، الأمر الذي يفرض عليها عدم اللجوء إلى الإجراءات التي يحظرها القانون الدولي كلياً كفرض حصار طويل الأجل على مليون ونصف المليون نسمة ليس للسواد الأعظم منهم يد أو أثر في الصراع الحالي. ويجب على دولة الاحتلال إثبات أن ردودها هي ضرورة عسكرية محضة وأنها ردود متناسبة وتتسم بالتمييز لتجنب أي ضرر قد يقع على المدنيين، الأمر الذي تشير نتائج مراقبة مركز الميزان إلى أن قوات الاحتلال تخالفه بل وتتعمد في معظم الأحيان إلحاق الأذى بالمدنيين.

مؤكدا إن بيان المفوض السامي لحقوق الإنسان محق ويذكّر إسرائيل بالالتزامات القانونية أمام المجتمع الدولي تجاه سكان غزة الذين يرزحون تحت السيطرة الإسرائيلية الفعلية على الأرض. فالسماح لنحو 33 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية خلال 14 يوماً فقط كما أشارت وزيرة الخارجية الإسرائيلية لا تسد جزءاً ضئيلا من احتياجات السكان.

وبينما يستمر الحصار يظل مركز الميزان والأطراف الأخرى المعنية بحقوق الإنسان في المنطقة والعالم أجمع قلقين من عواقبه والمنطق المشوش الذي تتبناه إسرائيل بهذا الصدد. إن الحاجة لتطبيق حقوق الإنسان والمعايير الإنسانية تشتد في ظروف الصراع وحالة الطوارئ. ولا يجب التسامح مع التضحية بهذه المعايير لأن هذا النوع من التسامح مهد الطريق أمام ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي وسط صمت دولي متواطئ.

و رجب مركز الميزان ببيان المفوض السامي لحقوق الإنسان الذي يتوافق تماماً مع المعايير التي أوكلت إليها مهمة تعزيزها في العالم. والمركز يدعو المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أوضح وأكثر فعالية أمام سياسة العقاب الجماعي المفروض على غزة. وكما تُظهر تجربة السنوات الماضية فإن التدخلات الجزئية والانتقائية والمتقطعة من طرف المجتمع الدولي أثبتت أنها هزيلة وعاجزة عن استرجاع كرامة وحقوق الإنسان لشعب لا يزال يرزح تحت الاحتلال.