الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سؤال عالماشي "فتح" ..والمبضع المثلوم بقلم : موفق مطر

نشر بتاريخ: 04/12/2005 ( آخر تحديث: 04/12/2005 الساعة: 20:41 )


أتذكرون المثل الشعبي: " إجا ليكحلها قام عماها" ؟! ألا ينطبق هذا على كثير من الذين يقرأون النص بالمقلوب حتى بدت نياتهم رغم حرصهم على مواراتها, كأنهم يقرأون الفاتحة على شاهد قبر حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح", أو لعلهم يتمنون ذلك, إما لأنهم قد "غرقوا ولم يعد بمقدورهم منافسة المندفعين " بخاشوقاتهم" على وليمة السلطة المؤلفة من هبر وسمن المساعات والمنح الدولية ؟! أو لأنهم يدركون تماماً انها-فتح- التعبير الحقيقي عن الوطنية الفلسطينية والهوية العربية المكافحة المناضلة المقاتلة ؟! وأنهم يتساوقون مع ارادة قوى الاستبداد في العالم بأنه لا مكان لها في الخارطة الأمريكية للمنطقة العربية؟!

أليس مستغرباً أنهم يفصلون فتح عن الواقع الفلسطيني والعربي ويحوطونها بخطوط وعلامات تستخدم في الإشارة إلى المناطق الجيولوجية الخطرة لتمييزها.. والغريب يتشاطرون في وضع حركة كفاح وطني عمرها أربعون سنة تحت مجهر البحث والعلاج والدراسة التي يقولون أنها موضوعية فإذا بنا نكتشفهم "يبصرون " انعكاس "ذاتهم" في قاع فنجان قهوة يقولون في " تفله" كلاماً عكراً ؟!

لماذا يتجاهلون أن هذه الحركة بقيت صامدة برغم كل التداخلات والمؤامرات والهجمات والحروب والاغتيالات المبرمجة من حكومات ودول وأجهزة استخبارات دولية, وعالمية, وإن قراءة حالها الآن وما تعانيه من أزمة ليس نتاج "تنافس أو صراع" بين أعضائها ومنتسبيها, بل هو النتيجة الحتمية لما آلت إليه الحالة الفلسطينية برمتها.. فيجب ألا يغيب عن بال باحث أو دارس أو كاتب أو إعلامي يقرأ فتح أنها مرآة الواقعين الفلسطيني والعربي ؟!

أيعتقد الهاربون " بسلة وعينا " أنهم يستطيعون محو آثار لعبتهم وبصمات أفعالهم على بوابة المشروع الوطني ونهجه, إذ لم يتركوا فرصة للإخلال بالنظام والقانون كأولى شروط تأسيس مجتمع الثورة والدولة إلا وفعلوها تحت ذرائع عديدة منها المفاهيم والمصطلحات "المقدسة"!!, وأخرى يتجلى فيها أبشع استغلال للظلم الواقع على الفلسطيني, من النازيين الجدد "الصهاينة" حيث تم استغلال أنبل مشروعية أتيحت للإنسان "المقاومة" لمواجهة فتح " أنبل ظاهرة في الأمة العربية" كما قال عنها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر؟!

كيف يتباكون على فتح وهم الذين قد خططوا وأطلقوا عضلات وبلطات وأسلحة " بلطجياتهم" لتعطيل قدرة فتح على سد الفتحات في قعر سفينة المشروع الوطني الذي خرقوه بأيديهم أولا ,وتركوها عرضة أمام أمواج الاحتلال الصهيوني, بحجة حرية التحكم بنصيبهم في سفينة الوطن, فتسربت جرذان الفوضى والفلتان وانهارت صواري القيم والنظام عند أول "رصيف" جزائر الوطن حيث رست عند صخورها الحادة ؟!

ما هي المبررات الأخلاقية التي تجعلهم يشيرون بإصبع الاتهام ويلقون المسؤولية على الربان وطاقم الحركة, والمتحكمين بالأشرعة وتدويرها الذين تحول بعضهم إلى جوقة القاعدين المتفرجين الناقدين فقط , فانضموا إلى اليائسين المنتحرين بينما هم أحياء ؟!

لماذا لم يسهموا في تنظيم قانون يضبط الحياة وحركة المجتمع في هذه السفينة, بما يضمن استمرار القدرة للوصول إلى بر الأمان..والأنكى من ذلك أنهم شجعوا على العصيان وتقليل هيبة "قائدها", وكأنهم لا يعرفون ولا يدركون أن واحداً منهم لا يمكنه قيادتها في ظل تسونامي وإعصار صهيو-أمريكي لم يهدأ منذ نصف عقد, حتى أن ألسنتهم تنعقد عن ذكره..فلعلهم يرون أنفسهم ورثة الوطن السفينة وما عليها بعد طوفان لا يبقي لهم إلا بشر كالأنعام ؟!ألم يقل القائد الشهيد ياسر عرفات أبو عمار :"أنا لا أقود قطيعا من الخراف" .

ألا يجب أن توضع في الاعتبار حقيقة أن حركة فتح تقدم تجاربها ومشاريعها علانية بكل ما فيها من صواب وأخطاء, وأن هذا الأمر يميزها عن باقي الفصائل والحركات والجبهات" قوى العمل الوطني" الفلسطينية, فمن الطبيعي أن تشهد أي حركة بمستوى فتح وما يمتلكه مناضلوها من حرية الرأي والتعبير وحشد المواقف, مثلما نراه الآن رغم اتجاه البعض فيها إلى حافة الانزلاق في وادِ "الأنا" السحيق, لكن ذلك لا يعني أن حركة فتح قد "هوت" وتكسرت على صخور "الواد"الاإذا كانت هذه الصورة هي التي يتمنون رؤيتها لواقع فتح في مرحلة التعقل والتجربة المواكبة لتطورات الفكر السياسي والنظم والمناهج الديمقراطية في العالم.

لماذا لم يبين لنا الكتابون بأقلام عوراء والمتشاطرون على التشريح والتحليل بمباضع مثلومة, المستعجلون على إصدار" نشرات نعي" فتح على الرغم من عجقة الحركة وحيويتها وعفويتها وشربكتها أيضا.

ألا يعلمون أن فارقاُ ومتغيرات داخلية تحدث حتماً عندما يدير مقاليد الحكم والسلطة حزب أو حركة ما,وأنه شتان بين واقع التنظيم الوطني, وواقع السياسة الوطنية إذ تكبر الأهداف والوسائل وتتعدد البرامج, وتتسع رؤية الوجود والحياة فتشمل الوطن والشعب, فلابد إذن من ظهور التباينات التي يجب أن نعترف أنها تضيق مساحتها كلما كان التنظيم متماسكاً وموحداً ويدور في فلك فكر سياسي يبقى محيط دائرته أضيق من فضاء الوطن بكثير ,ويبقى السؤال..

هل ستصمد أي حركة تنافس حركة فتح على تداول السلطة كما صمدت فتح منذ كلفت بمهمة القيادة في م.ت.ف وحتى السنة الحادية عشر من عمر السلطة الوطنية الفلسطينية. وهل ستبقي على تماسكها الداخلي وجوهر روحها الوطنية أم أنها ستنهزم بالضربة القاضية في أول جولةمن معركة المواجهة مع الواقعية السياسية؟!!!