الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

" لا بد من وقفه " / بقلم: الأسير ثائر عصام نصار / سجن النقب الصحراوي

نشر بتاريخ: 22/11/2008 ( آخر تحديث: 22/11/2008 الساعة: 16:10 )
( سنوات الضياع , نور , لا مكان ولا وطن , دموع الورد ) , الأجنحة المتكسرة .... الخ ) أسماء مختلفة لمسلسلات تركية أسرت قلوب وعقول الملايين من المشاهدين العرب , ( يحي أمين , مهند , نزار , عمار , كوسوفي ) .. الخ أسماء أبطال هذه المسلسلات الذين تربعوا على عرش قلوب المشاهدين وتملكوا عواطفهم وأحاسيسهم , ( لميس , نور , منى , فرح , سحر , نرمين , ... الخ ) . أسماء فاتنات تركيات كن بطلات هذه الأعمال الدرامية وتسلقن سلم الاهتمام والمتابعة العربية خلال الأشهر السابقة , كل هذا غيض من فيض وشركات الإنتاج ما تزال تعكف على ترجمة المزيد من الأعمال التركية فما أن يقترب المسلسل من نهايته حتى تبدأ الترويج للتالي , تختلف الشخصيات والأسماء والأذواق ولكن الثابت الوحيد هو موضوع هذه الأعمال والرسالة التي تود إيصالها , باختصار وبدون أي تجميل الفكرة الوحيدة لكل هذه الأعمال هو تسويغ فكرة ( الحمل خارج مؤسسة الزواج ) وإظهارها كحتمية طبيعة للتطور والحياة المنفتحة الغربية التي تصل لعالمنا العربي عبر بوابته الأوسع تركيا القريبة والمشتركة بالتراث والتاريخ والدين والعادات.

وهنا أتساءل لماذا هذه الموجة العارمة من المسلسلات التركية الموجهة إلى العالم العربي ؟ ومن هو المسؤول عن ترويجها في هذا الوقت بالذات ؟ لماذا تتطابق كلها بالهدف والمضمون المغلف بقصص الحب الوردية ؟ ومن هو المستفيد منها؟ وأين الشارع العربي المحافظ من كل هذا ؟

كل هذه الأسئلة مشروعة لان الواقع تعدى كل التخيلات فترى الكل شيبا وشبابا في كل أقطار هذا الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج , تتناسى كل همومها وأوجاعها وحتى قضايا المصيرية وتسير وكأنها مخدرة خلف هذه الأعمال التي لم تحظ بكل هذه الجماهيريه في وطنها الأم تركيا.

وإننا كشعب فلسطيني ما زال يرزح تحت نير الاحتلال من المستهجن أن نصل إلى هذه الدرجة من الهوس بهذه الأعمال , فانك ترى الشباب والشابات لا يخلوا لهم حديث من تطورات هذا المسلسل التركي او ذاك وتحليل ما تلي من أحداث ولا يخلو جهاز موبايل من صورة هذا العمل التركي , او تلك الفاتنة التركية , حتى العائلة الفلسطينية أصبحت لا تجتمع بكافة أفرادها إلا أمام شاشة التلفاز في أوقات عرضها , أن هذه الظاهرة أضرتنا من حيث لا نحتسب وزادت من همومنا هما إضافيا أتانا من باب خلفي دس لنا كالسم بالدسم , فوقعنا فريسة هذه الظاهرة التي تضرنا أكثر من أي مجتمع آخر لأننا ناهيك عن البطالة وارتفاع الأسعار الذي نشترك به مع جميع الأقطار العربية , يضاف إلينا الاحتلال الإسرائيلي الذي يجب أن نحشد جميع قوانا وهمم شبابنا للتحرر منه , وإيجاد مقومات صمود واستمرار لهذه المقاومة بجميع أشكالها وتفعيل البرامج والخطط التثقيفية التي ترشد الشباب إلى طريقهم وتكون بديلا عن هذه الأعمال ذات النية المبيتة والخبيثة والبعيدة عن واقعنا الأليم أن المسؤولية تقع على عاتقنا جميعا بداية بالعائلة والأصدقاء والمنتديات والملتقيات الشبابية وصولا للفصائل الفلسطينية التي انشغلت بالمناكفات السياسة والانقسامات الفئوية عن عمودها الفقري الذي لم تعد هذه الفصائل تلامس وجدانه ولا تسد احتياجاته بالمفاهيم الثورية والوطنية التي انصرفوا عنها ووقعوا فريسة الأفكار المستوردة التي تستهدف قلب الأمة النابض وتعمل على تحييد جيل كامل وإبعاده عن قضيتة الأمم.

علينا حالا الوقوق أمام مسؤولياتنا الوطنية والأخلاقية وان تتضافر الجهود حتى نستطيع وأد هذه الآفة في مهدها قبل أن تنتشر كالسرطان في الجسد الفلسطيني وحينها لن ينفع الندم ولا وقت لإستخلاص العبرة.

تاريخنا زاخر وثقافتنا راقية وطاقاتنا لم تنضب ولا نحتاج لاستيراد ثقافة الغير المشوهة والتي لا تعبر حتى عن واقعه وعاداته ,و إيجاد مفاهيم لسلبية في عقول شباب هذا الشعب المقاوم الذي يقع على عاتقه الكثير من المهام الجسام والذي ينعقد عليه الأمل للخروج من المأزق الحالي والتقدم نحو الدولة الفلسطينية المنشودة التي لن تشيد إلا بسواعد وأفكار هذه الشريحة التي تشكل الساعد الأعظم من مجتمعنا.