الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في ظل الحصار.. حامل الهوية وفاقدها وجهان لعملة واحدة

نشر بتاريخ: 25/11/2008 ( آخر تحديث: 25/11/2008 الساعة: 10:31 )
غزة- معا- إصرارها للخروج لملاقاة زوجها جعلها تطرق جميع الأبواب دون تعب، نيروز قرموط متزوجة منذ ثلاث سنوات لكنها فعليا لم تر زوجها منذ تلك المدة وذلك لعدم امتلاكها الهوية التي تسمح لها بحرية التنقل، ورغم محاولاتها للخروج إليه إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل.

لجأت للتحايل للوصول إليه وهو المقيم في الضفة الغربية من خلال عمل تحويله مرضية ولكنها جوبهت برفض السلطات الإسرائيلية، فلجأت الى تصريح عمل من خلال عملها في وزارة شؤون المرأة وأيضا فشلت المحاولة.

"معا" سعت للوصول إلى هؤلاء ممن سمح لهم الاحتلال بالانتماء إلى الوطن بأوراق رسمية في ظل الحصار لتسلط الضوء على معاناة كان يظن أهلها أنهم سيتخلصون منها إذا حصلوا على تلك الأوراق، من بين هؤلاء نيروز قرموط وغيرها الكثير.

وعن قصة زواجها تحدثنا فتقول: "بحكم إني وعائلتي لا نحمل الهويات اضطر زوجي الى القدوم الى غزة عن طريق معبر رفح عندما فتحت الحدود قبل 3 أعوام، أجرينا العرس بسرعة ومكث زوجي أسبوعين ثم رحل لان لديه عمل ينتظره"، مؤكدة انه منذ ذلك الوقت لم تره بتاتا.

بعد معاناة ثلاث سنوات حصلت نيروز على الهوية مؤخراً ولكنها اصطدمت بواقع أن المعابر مغلقة وصعوبة في الحصول على تصريح دخول الى الضفة، وأضافت "عندما حصلت على الهوية وقعت في مشكلة أن المعابر مغلقة ومشكلة هوية غزة وهوية الضفة وكونك تحمل هوية غزة فليس مسموح لك للتنقل داخل الضفة وكأني أعيش في دولة غزة وزوجي في دولة الضفة"، مشددة أن الشعب الفلسطيني رغم تواجده على أرضه لا يزال غير مستقر بفعل الممارسات الإسرائيلية.

"ولدنا خارجا، التقينا أنا وزوجي داخل الوطن واليوم سنعود لنعيش خارج الوطن لأننا فعليا اكتشفنا أننا غرباء عن الوطن"، هكذا تابعت نيروز حديثها وهي تروي قصتها غير مدركة أن ما حصل،حصل بالفعل معها هي وليس سواها.

وأشارت أن زوجها غادر الضفة الى إحدى الدول الأجنبية ليحصل على جنسيتها حتى تتمكن نيروز من ملاقاته هناك وتدخل الضفة بجنسية أجنبية وليس الهوية الفلسطينية.

هو الحصار الذي منع نيروز وغيرها الكثير من أن تستمر حياتهم بشكل طبيعي مثل باقي سكان العالم فالعديد من الأسر الفلسطينية تعاني من تقطيع أوصال أفرادها بين مقيم في الضفة وآخر في غزة.

ولا يختلف الحال كثيرا بالنسبة لوفاء دقماق أم (شادي) مع الهوية، فهذه معاناة من نوع آخر، اشد ألما وقسوة فهي لم تر ابنها الأسير لدى السلطات الإسرائيلية منذ العام 2003 أي ما يقارب الخمس سنوات وذلك بسبب عدم امتلاكها للهوية واليوم بحصولها عليها هي ممنوعة من الزيارة اثر المنع الإسرائيلي المفروض على الزيارات.

وتقول أم شادي: "حصولي على الهوية جاء متأخراً فانا اليوم ممنوعة من زيارة ابني بالرغم من إثبات هويتي ولكن لا فائدة لذلك" موضحة انه مضى على اعتقال ابنها خمس سنوات.

ورغم سنين الانتظار والصبر لم يستفد سكان قطاع غزة من حصولهم على الهوية التي تثبت صفتهم القانونية كباقي المواطنين لان الحصار ساوي بينهم وبين من لم يحصل عليها في ظل إغلاق متواصل.

رنا الشرافي وهي صحفية في صحيفة فلسطين أبدت استيائها من أن حصولها على الهوية جاء بإذن من السلطات الإسرائيلية وقالت: "لم اخذ الهوية وحقي في الانتساب الى الوطن إلا بإذن الاحتلال". معتبرة أن حصولها على الهوية لم يغير في مشاعرها شيئا فهي لا تزال محرومة من التنقل بفعل الحصار الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السنتين تقريباً.

وأضافت الشرافي "أنا في غزة منذ أحد عشر سنة ونصف عائلتي تقطن في الخارج منهم من تزوج وأنجب وأصبح الأولاد في المدارس ونحن لا نعرفهم عن قرب ولا نستطيع رؤيتهم إلا عن طرق التواصل الالكتروني.

وأكدت أن عدم حصولها على الهوية في الفترة السابقة حرمها من فرصة كانت ستغير مجرى حياتها وهي فرصة الالتحاق بدورة من برنامج الجزيرة للتدريب الإعلامي حيث كان اسمها من بين العشرة الأوائل الذين يفترض سفرهم الى قطر ولكن شاءت الظروف أن لا تلتحق لهم الشرافي لأنها لا تحمل ما يثبت شخصيتها.

أما بالنسبة لمريم حامد مذيعة سابقة في إذاعة صوت الشباب فاختلف لديها الشعور، وان كانت لا تستطيع التنقل إلا أنها اعتبرت حصولها على الهوية بمثابة الخروج الى الحياة من جديد.

وتقول حامد: "حصولي على الهوية أراحني من الداخل حيث شعرت إنني تحررت من سجن عدم إثبات الذات، لأنني كنت أعاني من فقدان الهوية والحصار، أما اليوم أصبحت معاناتي واحدة يعاني منها جميع الشعب الفلسطيني وهي الحصار".

وتتابع: "عدم حصولي على الهوية افقدني انتمائي الى الوطن وان كنت اشعر بداخلي أني فلسطينية، حتى أن الوثائق الإماراتية التي كانت بحوزتنا وشهاداتنا المدرسية لم تكن تساعدنا على إثبات شخصيتنا وكنا بمثابة غرباء عن الوطن، "موضحة أنها عادت الى غزة بعمر السادسة عشرة ومنذ ذلك الوقت لم تتح لها فرصة الالتقاء بأخيها الذي يقطن خارجا وقد تزوج وأصبح لديه أطفال لا تعرفهم.

وبين فرح الحصول على الهوية وحزن على عدم الاستفادة منها' يبقى لنا أن نتساءل هلا فعلاً يتساوى في غزة حامل الهوية وفاقدها؟، خاصة وأننا نعيش في حصار لم يفرق بين أحد ليصبح الحصار والإغلاقات المفروضة والمنع لحرية الحركة والتنقل مفروضة على جميع أطياف الشعب الفلسطيني حامل الهوية وفاقدها.