أكاديميون يدعون لتحييد قطاع التعليم التجاذبات السياسية
نشر بتاريخ: 27/11/2008 ( آخر تحديث: 27/11/2008 الساعة: 14:25 )
غزة- معا- طالب أكاديميون ومهتمون تحييد العملية التربوية التعليمية التجاذبات السياسية التي تركت آثاراً سلبية عليها وضمان استقلاليتها من تأثيرات الصراع الفئوي الحزبي والاحتراب الداخلي ووضع خطة وطنية شاملة يشارك فيها كل المسؤولين لإنقاذ، ما يمكن إنقاذه.
كما طالبوا تشكيل لجان في مختلف الأحياء الفلسطينية لدعم النهج الوحدوي في المدارس والجامعات بالتزامن مع ضرورة توجيه الوزارات الأخرى إلى بناء خطة متكاملة لتوكيد هذا النهج الوحدوي ونبذ ظاهرة التعصب الحزبي نظراً للآثار السلبية المترتبة عليها على مستوى الوطن.
ودعوا إلى تبني فلسفة تربوية علمية تقوم على مركزية الفرد والارتقاء وإعلاء قيمة الحوار وصوت العقل وأسبقية الإبداع وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والنمو المتكامل للإنسان الفلسطيني على أسس الانفتاح والايجابية وتعزيز التطلعات للمستقبل.
كما طالبو وسائل الإعلام بجميع أشكالها لنبذ ظاهرة التعصب الحزبي، وتشكيل لجنة لتقييم برامج وسائل الإعلام وفق هذا المنظور، زيادة صلاحيات لجنة المتابعة الفلسطينية، بحيث لا يقتصر دورها على إصلاح ذات البين بين الأحزاب الفلسطينية في أوقات الخلاف أو الاقتتال، بل ينبغي أن ترسم خطة متكاملة بأنشطة وإجراءات محددة لوقاية الشعب الفلسطيني من الآثار السلبية المترتبة على ظاهرة التعصب الحزبي.
ودعوا الى ضرورة السعي الجاد وتوفير الإمكانات المادية اللازمة لتطوير المنهاج الفلسطيني الجديد، وتعزيز الجانب القيمي من خلال إثرائه وتأهيل وتدريب المعلمين على ذلك.
جاءت هذه التوصيات خلال الندوة الحوارية التي نظمها معهد دراسات التنمية IDS بعنوان " التعليم والتعليم بين الواقع والتطلعات"، بحضور نخبة من المتخصصين والأكاديميين والباحثين وذلك في قاعة فندق جراند بلاس في غزة.
وقدم د.خليل حماد مدير دائرة المناهج بوزارة التربية والتعليم ورقة عمل أشار فيها أن الشعب الفلسطيني على مر العقود التالية للنكبة عام 1948م، كان لديه السعي الحثيث نحو التعليم، لأنه شعب مثّقف نسبياً مقارنة بالدول المجاورة ناهيك عن نظرته للتعليم باعتباره أفضل مخرجا لمعاناته حيث نما الشعب الفلسطيني في كافة المواقع بكفاءة عالية، ويمتلك أعلى نسبة متعلمين وخريجين على مستوى معظم دول العالم ، وبلغت نسبة الطلبة الملتحقين بالمدارس الحكومية في فلسطين (73%) ، والباقي موزعون على مدارس الوكالة التابعة للأمم المتحدة (أونروا) بنسبة (24%) والمدارس الخاصة بنسبة ( 6%) . أي أن نسبة الالتحاق بالتعليم (100%).
وقدما عرضا مفصلا للمشاريع التطويرية التي نفذتها الوزارة وأهمها المنهاج الفلسطيني الجديد، المشروع الوطني الأكبر ساعيةً إلى تحقيق الأهداف المنشودة وعلى رأسها توحيد المناهج المستخدمة في جميع مدارس فلسطين وصولا ً إلى توحيد الطلبة الذين تمزقهم ازدواجية المناهج التي كانت مطبقة.
وقدم المشارك زياد الجرجاوي مدير منطقة غزة التعليمية في جامعة القدس المفتوحة ورقة عمل نحو سياسية تربوية وتعليمية تخدم التنمية وقضايا المجتمع.
وقال أن التربية هي الحياة وإعداد الإنسان لها والتنمية تلازم هذا الإعداد فالعلاقة وطيدة بينهما باعتبار أن الإنسان هدفها، حيث أن التنمية والتربية تجتمعان على تناول كل ما يتصل بحياة الفرد والمجتمع وحاجاتهما المختلفة فمن الصعب فصلهما ولا تجاهلهما أو الحديث عن إحداهما بمعزل عن الأخرى ولا بد من النظر إليهما من منظور متكامل متمركز حول خصائص الإنسان وحاجاته.
وأشار الجرجاوي أن مصير المجتمعات في القرن الحادي والعشرين يعتمد على الكيفية التي يعد بها الأفراد تربوياً وتعليماً، وقد تنبهت دول العالم المتقدم وعدد من دول العالم النامية لهذه الحقيقة منذ بداية الثمانينات والجديد في السنوات الأخيرة من القرن العشرين تزايد الإدراك في أن الأمر ليس أي تعليم وإنما التعليم الذي يهيئ الفرد والمجتمع لحقائق وديناميات عصر الثورة التكنولوجية الثالثة التي تعتمد على المعرفة العلمية المتقدمة واستخدام المعلومات المتدفقة.
وقال أن العقل البشري هو الأساس والعماد الأول للثورة المعلوماتية ولأنه يمثل طاقة متجددة فإن الثورة التكنولوجية لن تكون حكراً على المجتمعات القوية أو الفنية بل إنها ثورة يمكن لجميع المجتمعات أن تخوض غمارها إذا ما أحسنت إعداد أبنائها تربوياً .
وتابع أن السياسيين يرون أن التعليم وثيق الصلة بالأمن القومي وله دور كبير في إحداث التغيير السياسي وترسيخ الديمقراطية والتحول الاجتماعي والمحافظة على الهوية ومسئولية المشاركة، لذا زادت نبرة الحديث عن التعليم وضرورة تطويره في الخطاب السياسي الرسمي.
وقال الجرجاوي " تعد الفجوة بين العالم المتقدم والعالم النامي فجوة تعليمية وفجوة معرفية وتكنولوجية بالدرجة الأولى إلا أن سد هذه الفجوة ليس بالأمر السهل نظراً لظروف الدول النامية والعوامل الحاكمة لحركة التنمية به".
وحث على ضرورة توظيف نظام التعليم توظيفاً اجتماعياً يؤثر في المستقبل والفرد والمجتمع من خلال اختيار معارف بعينها ومقومات بذاتها في تكوين شخصية الفرد وتفحص أنواع القيم والدوافع لمختلف المهارات التي يزود بها النظام التربوي الطلاب على اختلافهم وتمتد أبعاد التوظيف الاجتماعي إلى من يلفظهم التعليم بعد فترة، وكذلك إلى التمايز في أنواع المعارف، وأساليب التفكير وعلاقة التعليم بفرص العمل والإبداع في نتاج العمل والفكر إلى غير ذلك من الوظائف التي يؤديها نظام التعليم في نطاق نظم المجتمع الأخرى سياسية واجتماعية وثقافية.
وأوصى الجرجاوي بضرورة التركيز على الاستراتيجيات لصياغة مشروع حضاري جديد يستعد لوثبة كبيرة في مجال الاقتصاد والمعلومات والتأثير العالمي الفاعل.
وكان منسق وحدة الأبحاث والتكوين علاء أبو طه الذي أدار الندوة قد قدم عرضا مفصلا للإشكاليات التي تواجه قطاع التعليم ومنها ما يرتبط بنوعية التعليم والمناهج، تسيس التعليم، أزمة الإضراب وتداعياتها المختلفة، العنف داخل المدارس والجامعات.